الصمود تحاور والي ولاية (کونر)
أجری الحوار: حبيب مجاهد
ولاية (کونر) هي إحدی الولايات الشرقية لأفغانستان، تقع في شرقها المناطق الحدودية لباکستان، وتقع في جنوبها ولاية (ننجرهار)، وتحدّها من الشمال ولاية (نورستان) کما تتصل في الغرب ببعض مناطق ولايتي (نورستان) و(لغمان).
تبلغ مساحة ولاية (کونر) 4942 کيلومتراً مربعاً. مرکز هذه الولاية هو مدينة (أسعدآباد)، ومديرياتها هي (چپه دره) و(مانوگی) و(وته پور) و(شيگل) و(غازي آباد) و(أسمار) و(دانگام) و( مره وره) و(ناري) و( سرکاني) و(نرنگ) و(چوکي) و( نورگل) و(کونر خاص). ولاية کونر ذات طبيعة جبلية وتغطي الغابات معظم جبالها. وقد أکسب نهر کونر الشهير والشعاب الخضراء الخلاّبة هذه الولاية جمالاً طبيعياً ساحراً وأهمية استراتيجية کبيرة. وتعتبر هذه الولاية مسقط رأس السيد جمال الدين الأفغاني أيضاً.
أجرت مجلة الصمود حواراً حول أوضاع ولاية کونر الجهادية مع والي هذه الولاية الشيخ محمد إسماعيل الذي هو في الأصل من سکان ولاية غزني وقد عمل سابقاً والياً لولايتي (غزني) و(زابل). وإليکم نص الحوار:
الصمود: فضيلة الشيخ محمد إسماعيل نرحب بکم علی صفحات مجلة (الصمود)، وفي البداية نودّ أن تلقوا ضوءاً علی الأوضاع الجهادية لهذه الولاية.
الشيخ محمد إسماعيل: نحمد الله ونصلي علی رسوله الکریم، أما بعد: ولاية کونر هي من الولايات التي لها تاريخ مجيد في الجهاد ضد الروس والشيوعيين، وهي من المعاقل الجهادية القوية في الجهاد الجاري ضدّ الأمريکيين أيضاً. والأوضاع الجهادية في هذه الولاية التي تتمتع بالموقع الإستراتيجي الهام في حالة جيدة وتبعث علی الأمل والحمد لله رب العالمين.
يتواجد المجاهدون في جميع مديريات هذه الولاية بشکل قوي بجميع تشکيلاتهم العسکرية والمدنية. وينحصر تواجد قوات العدو في مراکز المديريات فقط، وبقية ساحاتها تخضع لسيطرة المجاهدين سوی مديرية (کونر خاص) التي لازالت القوات الحکومية تسيطر علی بعض مناطق ريفها أيضاً. والمجاهدون بفضل الله تعالی يحکمون جميع الساحات المحرّرة بالشريعة الإسلامية.
الصمود: في عام 2014م أعلن الرئيس الأمريکي إنهاء الحرب في أفغانستان ولکن ظهر فيما بعد أنّ ذلک الإعلان في الواقع لم يکن سوی خداع وذرّ الرماد في أعين الناس، وظلّت القوات الأمريکية تواصل الاحتلال والحرب في هذا البلد، فهل القوات الأمريکية لازالت تتواجد في ولاية (کونر) أيضاً وتشترک في الحرب؟
الشيخ محمد إسماعيل: في السابق کانت للقوات الأمريکية قواعد عسکرية قوية في (کونر)، ولکنهم فيما بعد خرجوا منها بسبب هجمات المجاهدين المستمرّة عليها. أما الآن فحسب معلوماتنا لا تتواجد القوات الأمريکية بشکل دائم في هذه الولاية، إلا أنهم يأتون إليها بشکل مؤقّت کما حدث في معرکة فتح طريق (برگمتال) و(کامديش) التي کانت قد أغلقها المجاهدون في مديرية (أسمار) لمدة شهرين، ولم تقدر القوات الحکومية علی فتحها إلا بعد أن استقرّ الأمريکيون في قاعدة (سرکانو) واشترکوا مع القوات الحکومية في المعركة.
وکذلک يشارک الأمريکيون في الحرب عن طريق طائراتهم المسيّرة التي يقصفون بها عوام الناس ووسائل نقلهم بشکل متکرر، ويرتکبون فيهم المجازر. ومن المؤسف أنّ وسائل الإعلام الغربية لا تتحدّث عن تلک الجرائم، وتبقيها بعيدة عن أنظار الناس وأسماعهم. وأما تأثير القصف الجوّي فقليل علی المجاهدين بفضل التدابير الاحتياطية التي يتخذونها حيال تلک الطائرات.
الصمود: قبل عدّة سنوات حين ارتفعت الخسائر في صفوف القوات الأمريکية؛ لجأت القيادة الأمريکية في أفغانستان إلی إنشاء المليشيات المحلية لمقاومة المجاهدين، فهل نجح ذلک المشروع الأمريکي في ولاية (کونر)؟
الشيخ محمد إسماعيل: بذلت الحکومة العميلة والأمريکيون جهوداً کبيرة لتطبيق وإنجاح هذا المشروع، إلا أنّ أبناء الشعب بصحوتهم الدينية وببصيرهم الإيمانية رفضوا هذا المشروع الأمريکي في القری والأرياف، وبقي منحصراً في مراکز المديريات فقط، ولم يتعدّی إلی الريف إلا في منطقة (دانگام) التي سرعان ما قضی عليه المجاهدون، وقُتِل القائدان الذين کانا یعملان لإنجاح ذلک المشروع. ولا تشکل الآن تلک المليشيات أيّ خطر علی المجاهدين.
الصمود: حدثت في الفترة الماضية عدة حوادث کبيرة للإمارة الإسلامية حيث کان فيها إعلان وفاة أميرالمؤمنين الملا (محمد عمر المجاهد)، واستشهاد أمير المؤمنين الملا (أختر محمد منصور)، وبعد استشهاده کان تعيين الشيخ (هبة الله آخوندزاده) أميراً للمؤمنين، فکيف مرّت هذه الحوادث علی المجاهدين في (کونر)؟ وکيف کانت تأثيراتها علی وحدة صف المجاهدين؟
الشيخ محمد إسماعيل: جميع هذه المراحل مرّت بفضل الله تعالی بخير علی المجاهدين، ولم يکن لها أيّ تأثير سلبي علی وحدة صف المجاهدين. المجاهدون وبخاصة قادتهم في هذه الولاية حباهم الله تعالی بالدراية والبصيرة الإيمانية، ويعلمون أنّ معظم مشاکل الأمة الإسلامية والجماعات الجهادية هي من التفرّق بسبب الاختلافات الصغيرة، وهذا ما قد ذهب بقوتهم وجعلهم ضعفاء أمام عدوّهم. فالمجاهدون الآن يعلمون أنّهم لا ينتصرون إلا بنصر الله تعالی، وأنّ الوحدة هي رمز قوتهم. وحين عُيّن الشيخ (هبة الله آخوندزاده) أميراً للمؤمنين بايعني جميع المجاهدين مندوباً للشيخ، وأنا بايعت الشيخ نيابة عنهم، ولم يکن هناک أيّ اختلاف بين المجاهدين. إنّ الناس في هذه الولاية يتبعون مختلف المسالک الفقهية ولکنهم متحدون في الجهاد ضد الکفر، ويواصلون جهادهم ضدّ العدوّ کإخوة متحابين.
الصمود: کيف تجدون تضامن عامة أفراد الشعب مع المجاهدين؟
الشيخ محمد إسماعيل: إنّ عامة أفراد الشعب في جميع مديريات ومناطق هذه الولاية يقفون بعزم قوي إلی جانب المجاهدين. وما يميّز عامة أفراد الشعب في هذه الولاية عن غيرهم هو أنّ أفراد الشعب في بقية الولايات يقومون بدور المتضامنين والمتعاونين فقط مع المجاهدين، أما سکان ولاية کنر فلا يکتفون بهذا القدر من الوقوف، بل يشترکون مع المجاهدين في المعارک، ويرابطون في خنادق القتال. ولقد رأيت مئآت شباب الشعب انضموا إلی المجاهدين في وقت المعارک، لأنّ معظم الناس في هذه الولاية يمتلکون الأسلحة. وذات مرّة رتّب المجاهدون للعمليات ضدّ العدوّ في مديرية (ناري) فخرج قرابة 800 شاب مجاهد مع أسلحتهم وکان معظمهم من عامة شباب الشعب. فالشعب في ولاية کونر واقف بکل قوّة وعزم إلی جانب المجاهدين، ولا يتأخّر عن تقديم أيّ نوع من التضحية في سبيل الله تعالی تحت راية الإمارة الإسلامية.
الصمود: لقد أعلن الرئيس الأمريکي (باراک أوباما) قبل أشهر أنّه خوّل قادته صلاحيات قتالية جديدة في ميدان الحرب في أفغانستان، کما أعلن مؤخراً أنّه سيرسل 800 جندي جديد إلی هذا البلد مزوّدين بالمروحيات الحربية للمشارکة في الحرب ضدّ طالبان، فما هو ردّکم بصفتکم أحد المجاهدين علی ذلک الإعلان؟
الشيخ محمد إسماعيل: إنّ مثل هذه الإعلانات هي جزء من حرب العدوّ الإعلامية يريد أن يخوّف بها المجاهدين بعد هزيمته في ميدان الحرب العسکرية، وهذا ما أشار إليه بيان الإمارة الإسلامية الرسمي، ولکن المجاهدين أثبتوا من خلال جهادهم لخمس عشرة سنة الماضية بأنهم لا يخافون من أمريکا ولا من أي طاغوت آخر.
إن الأمريکيين حين أعلنوا عن وقف عملياتهم العسکرية قبل سنتين لم يکونوا صادقين فيما قالوه، بل کانوا مستمرّين في عملياتهم القتالية بتغيير في شکل العمليات، حيث فوّضوا الحرب الميدانية إلی عملائهم وهم غيّروا نوعية مشارکتهم في القتال من الحرب الميدانية إلی المداهمات الليلية والقصف الجوّي عن طريق الطائرات المسيّرة. أما الآن وقد عاد الأمريکيون مرّة أخری إلی ساحات القتال فإن تأثير هذه العودة إيجابي علی معنويات المجاهدين، لأنّ الأمريکيين هم أصل الشرّ، والآن سيتمکّن المجاهدون مرّة أخری من توجيه ضرباهتم إلی أصل الشرّ، ومرّة أخری سيتکبّد الجنود الأمريکيون الخسائر في ميدان المعرکة.
وليعلم الرئيس الأمريکي بأنه لم يکسب هذه المعرکة حين کان عدد جنوده وجنود حلفائه أکثر من مئة وخمسين ألف جندي في ميدان المعرکة، فکيف سيکسبها بإرسال 800 جندي جديد لينضموا إلی ثمانية آلاف من فلول جنده المنهزمين.
إن المجاهدين في (کونر) وغيرها مستعدّون بفضل الله تعالی لمقاومة الکفار. إنهم لم يسأموا من الجهاد، لأنّ الجهاد عندهم هو من أسمی أنواع العبادات، ويعتبرون أنفسهم مکلّفين شرعا بهذه العبادة، ولذلک هم علی أتمّ الاستعداد لمواصلة هذه العبادة.
الصمود: في نهاية هذا الحوار هل لکم من رسالة خاصة إلی قراء الصمود؟
الشيخ محمد إسماعيل: رسالتي للمجاهدين وهي أنه يجب علی المجاهدين أن ينظروا إلی الحوادث الهامة في التاريخ الإسلامي ومصائر الحرکات الجهادية المعاصرة بعين الاعتبار، وأن يستفيدوا من دروس تلک الحوادث في تعيين طريقهم.
ولقد رأينا حرکات جهادية کبيرة تصدّعت وتشتّتت من الداخل بسبب الخلافات التافهة، فحرمها الله تعالی من نصره، وواجهت أحوالاً سيّئة، ووقعت في فتن کبيرة. فلننتبه بکل دقة وجدّية إلی قوله تعالی: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحکم…)، ولنعمل بمفاد هذه الآية الکريمة.
فإذا کنّا نريد أن ننتصر في جهادنا، وأن تتحقّق آمال الشهداء، والجرحی، والمعاقين، والمسجونين، والمهاجرين الذين ضحّوا بأنفسهم وأموالهم في هذا الجهاد فيجب أن نحافظ علی وحدة صفّنا، وأن نعتبر الإمارة الإسلامية التي عُرفت بين الحرکات الجهادية کرمز للثبات، والاستقامة، والدراية، والاتحاد، والبصيرة الإسلامية من نعم الله تعالی الکبيرة، وأن نقدّرها ونحترمها، ونطيع قيادتها. وأمّا إذا کفرنا بهذه النعمة أو نظرنا إليها بعين الاحتقار- لا سمح الله تعالی – فإننا سنواجه مِحَناً ومصائب.
فرسالتي للمجاهدين هي أن يحافظوا علی وحدة صفهم، وأن يطيعوا قيادتهم. وأن يتجنّبوا المخالفات والإنحرافات. وما علينا إلا البلاغ. وصلّی الله علی نبيّنا محمد وعلی آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلی يوم الدين.