
(الصمود ) في حوار شامل مع المتحدّث الرسمي للإمارة الإسلامیة
لقد كان العام المیلادي 2012 حافلاً بأحداث وتحوّلات كبیرة في الساحة الجهادیة في أفغانستان، وبما أنّنا نودّع هذا العام المیلادي مع حوادثه الجسیمة أجرت مجلّة (الصمود) الإسلامیة حواراً شاملاً مع الناطق الرسمي للإمارة الإسلامیة الأخ (ذبیح الله المجاهد) حول أهمّ القضایا المرتبطة بالجهاد والمجاهدین في هذا البلد، وبذلك تحاول (الصمود) أن تضع الصورة الشاملة لأوضاع الجهاد والمجاهدین في أفغانستان أمام القارئ العربي، وهذا هو نصّ الحوار.
الصمود: حبّذا لو تحدّثتم في البدایة عن أهمّ عملیات المجاهدین وعن المكتسبات والانتصارات الكبیرة لهم في عملیات (الفاروق) في هذا العام .
ذبیح الله المجاهد: الحمد لله وكفی، والصلاة والسلام علی عباده الذین اصطفی، أما بعد: إنّ عملیات المجاهدین باسم الفاروق في هذه السنة تتمیّز بمیزات بالنسبة لعملیات المجاهدین في السنوات الماضیة، ومن أكبر هذه المیزات هي أن المجاهدین استطاعوا في هذا العام أن یصلوا إلی أهم أهداف العدوّ. ومن أمثلة هذه الأهداف ما یلی :
1 – استهداف وتحطیم الطائرة الخاصة لرئیس قیادة الأركان الأمریكیة الجنرال (مارتین دیمبسي) في مطار (بغرام) حین كان المذكور قد جاء في زیارة سرّیة لأفغانستان، ولكنّ المجاهدین علموا بمجیئه واستهدفوا طائرته.
2 – استهداف القاعدة البریطانیة والأمريكية المشتركة في ولایة هلمند بهجوم فدائي نوعي، وقد حطّم المجاهدون في هذه القاعدة 12 طائرة حربیة من أرقی أنواع الطائرات الحربیة إلی جانب قتل وجرح عدد كبیر من الجنود الأمریكیین والبریطانیین
فیها. وكانت هي المرّة الأولی التي یتمّ فیها تحطیم هذا العدد الكبیر من الطائرات الحربیة للعدوّ في وقت واحد.
3ـ استهداف القاعدة الأمريكية الكبیرة في مطار (خوست) من خلال عملیة فدائیة جماعیة.
4ـ والهجوم الكبیر علی مركز (سي آی إیه)الواقع في المطار القدیم في(خوست).
5ـ والهجمات المؤثّرة في (كابل) ضدّ الأهداف الهامّة علی الرغم من كونها في الأمنیات المشدّدة.
6ـ تدمیر القاعدة الأمریكیة الكبیرة في ولایة (میدان وردگ) بالقرب من العاصمة (كابل)، والهجمات القویّة علی مراكز العدوّ في هذه الولایة.
7ـ الهجوم الكبیر علی قاعدة العدوّ في (زرمت) من ولایة (بكتیا)الذي دمّر القاعدة بالكامل.
8ـ تدمیر القاعدتین الأمريكيتين في ولایة (لوگر).
9ـ تدمير المركز اللوجستي الكبیر التابع لشركة(سوپریم گروپ)الأمریكیة في شمال كابل عند قاعدة (بغرام) الجوّیة.
10ـ الحملة الواسعة علی المطار والقاعدة الأمریكیة الكبیرة في (جلال آباد) (مرّتین).
11ـ والهجمات المستمرّة في شمال أفغانستان،والسیطرة علی المناطق الكثیرة فیه.
والمعارك المیدانیة التي تحدث وجهاً لوجهٍ في (قندهار) و(هلمند) وغیرها من الولایات التي تتحطّم فیها مئات من وسائط العدوّ العسكریة.
وعلاوة علی هذه الهجمات المدمّرة فقد قام المجاهدون بعشرات الهجمات المماثلة الأخرى علی العدوّ في عرض أفغانستان وطولها، وألحق فیها المجاهدون بالعدوّ الخسائر العظیمة في الأرواح والعتاد، وجعلت العدوّ یعیش في حالة الذعر والقلق. إنّ هذه العملیات الناجحة والمدمّرة زلزلت كیان العدوّ، وجعلت العالم في حیرة من أمر المجاهدین ومن أسالیب عملیاتهم الخطیرة.
وإلی جانب هذه العملیات فقد استهدف المجاهدون في عملیاتهم في هذا العام شخصیات هامّة للعدوّ والتي استُهدِف في الأخیرة منها رئیس إدارة الاستخبارات في الحكومة العمیلة (أسد الله خالد).
ومن جانب أخر فإنّ عدد العملیات الیومیة للمجاهدین ضدّ العدوّ في هذا العام كان كبیراً إلی حدّ أنّ الإخوة في القسم الإخباري من لجنة الإعلام كادوا یعجزون عن احتواء أخبار جمیع العملیات، ولعلّكم اطّلعتم علی اعتراف العدوّ بأن عملیات المجاهدین كانت قد فاقت (3000) عملیة في بعض الأشهر، وكذلك أظهر العمیل (كرزی) قلقة علی كثرة القتلی في صفوف جنود إداراته العمیلة .
وكذلك كان من میزات العمل الجهادي في هذه السنة اختراق المجاهدین لصفوف العدوّ، وكان هذا من التكتیكات الناجحة والمعقّدة. وبهذا التكتیك استطاع المجاهدون من جانب أن یقوموا بمئات الهجمات علی العدوّ بواسطة جنود النظام من داخل صفوفه، ومن جانب آخر حصل المجاهدون بواسطة العناصر المزروعة في صفوف العدوّ علی معلومات استخباراتیة واسعة التي استغلّها المجاهدون في تنظیم الهجمات الدقیقة والصائبة علی الأهداف الهامّة لدی العدوّ.
ومن المیزات الأخرى للعمل الجهادي في هذه السنة في الجانب المعنوي إدخال الرعب والخوف في نفوس جنود العدوّ، وبسبب هذا الرعب كان جنود العدوّ من الصلیبیین وعملائهم قلّلوا من خروجهم إلی خارج قواعدهم العسكریة، وفي حالة تجرّؤهم علی الخروج كان همّهم الأول هو الحفاظ علی أرواحهم وعدم تعرّضهم للمخاطر ومظانّ تواجد المجاهدین مما یدلّ علی الهزیمة النفسیة وخسارة الروح القتالیة لدی جنود العدوّ.
ومن میزات العمل الجهادي لهذه السنة أیضا هي أنّ العدوّ اعترف عملیاً بهزیمته، وباشر انسحابه من كثیر من مراكزه وقواعده. فعلی سبیل المثال خرج العدوّ الصلیبي بشكل كامل من ولایتي (فاریاب) و(سمنگان) و من بعض المناطق الأخرى في الولایات مثل خروجه من جمیع مناطق (بادغیس) سوی مدیریة (مقُر) لأنه لازالت فیها له بعض القوات.
وقد اعترف العدوّ الصلیبي بخروجه من (400) قاعدة ومركز له في عرض أفغانستان وطولها، ولا زالت سلسلة انسحاباته من المراكز العسكریة في الولایات مستمرّة، والمناطق التي فرّ منها العدوّ هي في الحقیقة أضعاف ما یعترف به، فیمكننا أن نقول أنّ العدوّ. وبالنظر إلی هذه الأوضاع یبدو جلیّاً أن العدوّ قد اعترف عملیاً بهزیمته. وبدأ یباشر هروبه التدریجي من هذا البلد.
الصمود: ادّعی العدوّ قبل فترة أنّ هجمات المجاهدین ضدّه قد تناقصت عمّا كانت علیها من قبل، فیكف تنظرون إلی هذا الإدّعاء؟
ذبیح الله المجاهد: یدّعي العدوّ مثل هذه الإدّعاءات منذ أحد عشر عاماً، وسوف یواصل مثل هذه الإدّعاءات في المستقبل أیضا، إلّا أنّ هجمات المجاهدین لها توقیت خاص لبدأها وتصاعد عددها، لأنّ حالة الطقس والأجواء الموسمیة لها تأثیرها في هذا البلد علی سیر العملیات، ویحدث أحیاناً أنّ یقلّ عدد العملیات بسبب الشتاء ونزول الثلوج واشتداد البرد، ولكنّ هذه القلّة لا تدلّ أبداً علی ضعف المجاهدین، ولا ینبغي أن تُستغلّ هذه القلّة في حرب الإشاعة، إلّا أنّ المجاهدین علی الرغم من كلّ هذه الصعوبات أثبتوا أنّهم یواصلون قتالهم للعدوّ في جمیع مواسم السنة. والحقیقة في هذا الأمر هي أنّ العدوّ هو الذي واجه الضعف في حربه ضدّ للمجاهدین وانسحب من أكثر من (400) قاعدة ومركز عسكري له، وقلّل كثیراً من تحركاته في مناطق تواجده، ولذلك لایجد المجاهدون كثیراً من أهداف العدوّ لیواجهوها ویهجموا علیها، لأنّ الهجمات إنّما تكون علی جنود العدوّ ووسائله وسائطه، فإذا لم یكن هناك تواجد للعدوّ لا تكون هناك حاجة للعملیات، وبالتالي یقلّ عدد الهجمات بشكل طبیعي، وتصبح السیطرة علی تلك المناطق للمجاهدین، فلا تكون هناك في تلك المناطق حرب. وقد قال لي المجاهدون في قندهار أنّهم یطلقون النیران عالی مراكز العدوّ بقصد إخراجهم من الأنفاق ولكنّهم لا یخرجون منها، وهذا أیضاً من أسباب قلّة المعارك. فالسبب في قلّة العملیات هو هروب العدوّ، ولیس ضعف المجاهدین.
أمّا إدّعاءات الانتصار علی المجاهدین التي یطلقها العدوّ عن طریق وسائل الإعلام فما هي إلّا محاولات فاشلة لرفع المعنويات المنهارة لجنوده المنهزمین في هذه المعركة. وبما أنّ معظم وسائل الإعلام یملكها الأعداء فهُم یقومون عن طریقها بإطلاق حملة إعلامیة لرفع معنویات جنودهم المنهارة. إنّهم كانوا في بدایة أیام المقاومة الجهادیة ضدّ القوات الغربیة في أفغانستان یعلنون یومیاً في إدّعاءات كاذبة عن مقتل مئات المجاهدین، وكانوا یقولون في كل سنة مع هذا الإدّعاءات بأنّ قوة المجاهدین قد ضعُفَت، وأنهم غیر قادرین علی مقاومة القوات الغربیة، ولكنهّم لم یكتسبوا من تلك الإدّعاءات إلّا العار وسخریة الناس منهم، لأنّ الناس علموا كذبهم، وبعد ذلك عمد العدوّ إلی نوع آخر من الكذب، فعلی سبیل المثال كانوا یقولون في العام الماضي بأن المجاهدین لا یقدرون علی مواجهة القوّات الغربیة ولذلك یواصلون حربهم ضدّ القوّات الغربیة عن طریق الألغام والتفجیرات. وكان السبب لمثل هذه الإشاعة هو تضررهم الكبیر من ألغام المجاهدین التي لازالوا یتضررّون منها. وفي هذه السنة أیضا أطلقوا حملة إعلامیة ضدّ المجاهدین وزعموا فیها مزاعم مماثلة للتي كانت في السنوات الماضیة في حین أنّ عملیات المجاهدین في هذه السنة كانت أقوی وأكثر بالنسبة للسنوات الماضیة بمعدّل 20% إلی جانب بعض …….. التي لم یُشاهد لها مثیل في السنوات الماضیة .
الصمود: لقد حاول العدوّ في هذا العام في بعض الولایات أن یُنشئ الملیشیات المحلیّة باسم (الانتفاضات الشعبیة) ضدّ المجاهدین، وقد ركز الإعلام الغربي وحلیفه المحلّي علی هذا الموضوع، ولكن بعد مرور فترات قصیرة علی تلك الانتفاضات المدفوعة الأجر خَفَتَ صوتها، وتلاشت جماعاتها، ولم یظهر منها علی أرض الواقع شيء. فكیف تقیّمون وضعها الآن؟ وهل قُضِي علیها، أم ماذا؟
ذبیح الله المجاهد: من المؤسف أنّ المحتلّین وعملاؤهم المحلّیون استغلّوا بعض تسمیاتنا ومصطلحاتنا الدینیة والتاریخیة بشكل سیّئ، وأساءوا إلیها حین استخدموها بشكل مزیّف لخداع عامّه أفراد الشعب، وكان من هذه المصطلحات مصطلح ( لویا جرگه) أي (المجلس الأعظم) المتوارث الذي كان یُعقد تاریخیاً في الأمور الهامّة كاتخاذ قرار الاستقلال وغیره من القرارات المصیریة. ولكنّ المحتلّین وعملاؤهم جمعوا بعض العملاء وبائعي الضمائر للموافقة علی قرار بیع أفغانستان إلی أمریكا وسمّوا مجلسهم باسم (لویه جرگه) العظیم، وهكذا أساؤوا إلی هذا المصطلح المتوارث التاریخي العظیم، وبهذا الترتیب أساؤوا إلی مصطلح (مجلس علماء الدین)، وكذلك إلی تسمیة(أربكي) التي كانت تُطلق علی الجنود المتطوعین الوطنیین الذین كانوا یقومون بالخدمة العسكریة تطوّعاً للدفاع عن البلد وحراسة الثغور، إلّا أنّ محتلّین وعملاؤهم أطلقوا هذه التسمیة علی الأوباش والملیشیات المحلّیة التي كوّنها المحتلّون من السرّاق، وقطّاع الطرق، ومدمني المخدّرات، والبلطجیة الذین یقاتلون المجاهدین لصالح المحتلّین ولصالح حكومتهم العمیلة للحصول علی الأموال والملذّات، ولا یراعون في الحصول علیها لا الدین، ولا العرف، ولا كرامة الشعب. وحین فقدت تسمیة (الأربكي) حیثیتها التاریخیة، وتحوّلت إلی تسمیة سیّئة ومشینة بسبب سوء صنائع من أُطلِقَت علیهم، وصار الناس یكرهونها كرهاً شدیداً فاستبدل المحتلّون وعملاؤهم هذه التسمیة الكریهة للملیشیات المرتزقة بتسمية شریفة أخری وهی تسمیة (ولسي پاڅون) أي (الانتفاضة الشعبیة)، وهكذا أساؤوا إلی هذه التسمیة الشریفة أیضاً باستخدامهم لها لشرار الخلق في هذا البلد. وبإنشاء هذه الملیشیات أعادوا إلی أذهان الناس الذكریات الألیمة والأیام السوداء التي لجأ منها شعبنا المظلوم آنذاك إلی (حركة الطالبان الإسلامیة) التي كانت قد ظهرت كردّ فعل لذلك (التوحش) الخطیر، وها هو الآن للمرّة الأخرى یُقبِل شعبنا علی الإمارة الإسلامیة، ویوسّع لها صدره للتخلّص من شرّ هؤلاء الأوباش الظَلَمَة، وللخروج من هذا التوحش الذي یهدّد مستقبلهم.
والإمارة الإسلامیة أیضا جعلت القضاء علی هذه الجراثیم الاجتماعیة في أولویات فعّالیاتها العسكریة، ولذلك ركزت ضرباتها علی هذه العناصر المنفورة سواءً كانت تحت تسمیة (الأربكیة) أو تحت أیّة تسمیة أخری. ولا تزال تُوقِع ضرباتها الممیتة علیها ، لأنّ الإمارة الإسلامیة تعتبر الحفاظ علی أرواح الناس وأموالهم والدفاع عن أعراضهم من مسؤولیاتها الأساسیة، ولن تسمح لهؤلاء العابثین بأرواح الناس وأموالهم وأعراضهم أن یرفعوا رؤوسهم من جدید في هذا البلد.
إنّكم تعلمون أنّ الملیشیات الأربكیة التي كانت قد تجمّعت في مدیریة (شلگر) من ولایة (غزنی) قد قُضِيَ علی فتنتها بفضل حسن تدبیر قیادة المجاهدین في ولایة (غزني)، وقُتِلت الشخصیات المهمّة منها، وغُنمت منهم أسلحة ووسائل كثیرة.
وأمّا بقیة أفرادها من الأوباش ومدمنيّ المخدّرات هرب البعض منهم إلی إیران للعمل وكسب المعاش، والبعض الأخر منهم تابوا عن جرائمهم وعادوا إلی الحیاة العادیة، أو استسلموا للمجاهدین، وهكذا انتهت النواة الأساسیة لهذه الفتنة، وبهذا الترتیب قُضي علی هذه الملیشیات في ولایة (لغمان) أیضاً، وقُتِلَ رؤساء الفتنة منهم في یوم واحدٍ، وتكرّرت هذه العمیلة ضدّهم في ولایتي(ننگرهار) و(بكتیا) أیضاً. وعلی العموم فإنّهم الآن علی وشك الانقراض ولم یعودوا یشكلون تهدیداً للمجاهدین وعامة الناس .
الصمود: ولكن علی الرغم من كلّ ما حدث أعلنت إدارة (كابل) أن هناك انتفاضات شعبیة ضدّ المجاهدین في ولایات(لغمان) و(ننگرهار) وفي مدیریة غوربند من ولایة (بروان)، أو ستنبعث هذه الانتفاضات في هذه المناطق في القریب العاجل؛ فهل ترید إدارة(كابل) من هذه الإعلانات مواصلة مشروع إیجاد الملیشیات بشكل علني تحت تسمیة (الانتفاضات الشعبیة) وترغیب الناس للشمول فیها، أم ماذا؟
ذبیح الله المجاهد:إنّ العدوّ في وضع مضطرب وقد فقَدَ طریق الخروج من المأزق، فهو كالغریق یتعلّق بكلِّ ما یتراءی له، إنّه ینفق الملایین ولكن لا یجني منها أیّة نتیجة عملیة علی أرض الواقع، ولا یملك في میدان العمل سوی هذه الإعلانات والإدّعاءات الجوفاء. وبمثل هذه الإعلانات الكاذبة والإدعاءات الجوفاء یحاول إقناع الغربیین للبقاء في هذا البلد، ویُطمئن بها نفوس جنوده المنهزمین وأتباعه المخدوعين، والحقیقة في هذا المجال هي أنّ الإعلام الغربي أیضا یعتبر مشروع إنشاء الملیشیات مشروعاً فاشلاً وذا سمعة سیّئة، والشعب أیضا یَلقَی من هذه الملیشیات المعاملة السیّئة التي لا یتحمّلها ولو للحظة واحدة، وجرائمها من القتل والاختطاف والاعتداءات علی الأعراض، ونهب أموال الناس لا تخفی علی أحدٍ، و حتى الإعلام الغربي و المحلّي أیضا ینشر عنها الأخبار والتقاریر، وقد انكشف حالها علی جمیع الناس.
في البدایة كان الأمريكيون وعملاؤهم في الحكومة العمیلة متّفقین علی إحداث هذه الملیشیات بإسم (الأربكیة) وباسم الصحوات أو الانتفاضات الشعبیة، وبالفعل قاموا بإنشائها، ولكن حین رأت الحكومة العمیلة النتیجة السیّئة لهذا العمل یَئست منها، ونتح من هذا الیأس عدم التوافق بینها وبین الأمریكیین. لأنّ هذا المشروع قد جلب سخط الناس علی الحكومة وأفقدتها مصداقیتها لدی الشعب، فلذلك أمسی مشروع هذه الملیشیات منحصراً في حدود الإشاعة والحرب الإعلامیة فقط .
وعلاوة علی ما ذُكر فإنكم تعلمون أنّ عملیات المجاهدین في هذا العام في مدیریة (غوربند) من ولایة (بروان) كانت في تصاعد، وقد اكتسبت قوّة كبیرة في تلك المنطقة، ولذلك یسعی العدوّ الآن عن طریق الإعلام أن یُظهر للناس بأنّه لازال یسیطر علی تلك المنطقة، وأنّ له تواجد وقوّة فیها. ولأنّ الحكومة العمیلة عجزت عن ارسال قوّاتها النظامیة من الجیش والشرطة لمقاومة الناس إیّاها فترید الآن أن تجّرب فیها مشروع المليشيات المحلّیة، وتسمّیها(الانتفاضة الشعبیة) ضدّ المجاهدین. إلّا أنّ هذه الإعلانات المسبقة والإدّعاءات الجوفاء كلّها تدلّ علی ضعف وهزیمة الإدارات الأمنیة والعسكریة للحكومة العمیلة.
إنّ مثل هذه الإعلانات المسبقة والإدّعاءات الجوفاء هي مما یجب أن تخجل عنها هذه الإدارة، وأن تُحسّ بالخزي والعار إن كان في رجالها شيء من الغیرة، لأنّها تدلّ علی ضعفهم وعدم قدرتهم للسیطرة علی المنطقة بواسطة قوّاتهم النظامیة من الجیش والشرطة وغیرها. ونحن نطمئن شعبنا المسلم بأنّ هذه المؤامرة أیضا سوف تفشل قبل التطبیق كما فشلت مؤامرات العدوّ الأخرى إن شاء الله تعالی، ولن یكون للعدوّ أي مكسب من وراء التخطیط لمثل هذه المؤامرات.
الصمود: یبدو من الأخبار والتقاریر الواردة من خنادق القتال أنّ عدد هجمات المجاهدین وحجمها أصبح كبیراً ضدّ العدوّ في هذا العام، ففیهم ترون علّة هذه الزیادة؟
ذبیح الله المجاهد: إنّ الإمكانيات الحربیة والمهارة القتالیة للمجاهدین الآن أكثر قوّة وتحدیثاً مما كانت علیها سابقاً، والعدوّ الآن أكثر خوفاً وقلقاً من عملیات المجاهدین، ومن جانب أخر فإنّ تضامن الشعب للمجاهدین وعونه لهم أصبح الآن علنیاً، والسبب في هذا العلن والقوّة هو ظلم الملیشیات والمعاملة السیّئة التي یلقاها عامّة الشعب منها، فهذه العوامل كلها تسبّبت بعد نصر الله تعالی في قوّة عملیات المجاهدین وازدیادها. ولاشك أنّ هذا العام كان عام الانتصارات للمجاهدین وقد بسط المجاهدون عملیاتهم العسكریة إلی جمیع مناطق أفغانستان، وفتحوا جبهات جدیدة، وصار الشعب الآن یقف بكلّ جدّیة مؤیّداً للجهاد والمجاهدین، فمن الطبیعي أن تزداد هجمات المجاهدین أیضا ضدّ العدوّ، وهذا الوضع یُجبر العدوّ علی الفرار من هذا البلد، وسیجعله مضطرا للاعتراف علی استقلال أفغانستان. ومن جانب آخر فإن شعبنا الآن عَلِمَ أهمیة الجهاد وتأكد من إفادیة العمل الجهادي ضدّ العدوّ، فلذلك یقف الآن بكلّ قناعة إلی جانب المجاهدین. فهذه العوامل كلّها سبب في ازدیاد هجمات المجاهدین واكتسابها قوّة زائدة ضدّ العدوّ.
الصمود: لقد شوهدت فی هذا العام زیادة فائقة في عدد المجاهدین وعملیاتهم ضدّ العدوّ في ولایتي (كاپیسا) و(بروان) الواقعتین في شمال (كابل)، وقد ألحقوا بالعدوّ خسائر كبیرة علی الرغم من أنّ المجاهدین یعیشون في مدیریة(غوربند) من (بروان) في وضع یشبه الحصار، ففیم ترون سبب هذا التصعید؟
ذبیح الله المجاهد: المقاومة الجهادیة الآن بفضل الله تعالی قد شملت البلد كلّه . في البدایة كانت المقاومة الجهادیة ضعیفة في بعض المناطق، ولكن الآن أدرك الناس حقیقة إشاعات العدوّ، وشاهدوا الحقائق علی أرض الوقع بأمّ أعینهم، وفهموا عزائم العدوّ السیّئة في هذا البلد، وكذلك شاهدوا أعمالهم وتصرّفاتهم العدوانیة بعد أن كانت إشاعات العدوّ قد أثّرت في أذهان بعض الناس في بعض المناطق، وبما أنّ الأفغان شعب متدین ویعشق الحرّیّة فأصبحوا الآن یوحّدون موقفهم تجاه العدوّ المعتدي بالوقوف مع المجاهدین. ثمّ إنّ ولایتيّ (كاپیسا) و(بروان) تحظیان بالأهمّیة البالغة لدی المجاهدین مثل ولایتيّ (میدان وردك) و(لوگر)، لأنّ قوّة المجاهدین فیهما تُكمل حصار العاصمة (كابل) من جمیع الجهات، ومن جانب آخر یستهدف المجاهدون قاعدة(بغرام) الأمریكیة من هاتین الولایتین وقد وجّه إلیها المجاهدون في العام ضربات قوّیة ومدمّرة. وإنّنا نأمل أن یتقوّي حضور المجاهدین وعملیاتهم في جمیع المناطق القریبة من قواعد العدو ومراكزه العسكریة،ولعلّكم رأیتم تقاریر عملیات المجاهدين عن ولایة بامیان أیضاً والتي أقلقت الأعداء المحتلّین إلی جانب الأعداء المحلّیین.
الصمود: لقد قام المجاهدون في هذا العام بهجمات كبیرة ضدّ قواعد العدوّ في(خوست) و(لوگر) و(میدان وردگ) و(هلمند) و(بكتیا) وعلی المستودع العسكري الأمریكي في (بغرام) التابع شركة ( Supreme Group) وغیرها من المراكز،فما هي رسالة هذه الهجمات الكبیرة ضدّ القواعد الأمریكیة لأمریكا التي تفكر في امتلاك القواعد العسكریة للمدی الطویل ؟
ذبیح الله المجاهد: إنّ الرسالة الواضحة لهذه العملیات للجانب الأمریكي هي أنّ الأمریكیین لو أرادوا أن تكون لهم القواعد العسكریة في هذا البلد، أو أرادوا أن یطیلوا بقاءهم فیه، أو أن یوجدوا المشاكل لهذا البلد والمنطقة فإنّنا لن نجلس حیالهم حیاری. إنّنا بهذه الهجمات القویة والكبیرة قد أبلغنا رسالتنا لأمریكیین لنقول لهم بأن أفغانستان لیست مثل بعض البلاد التي رضیت بوجود القواعد علی أراضیها، إنّ شعبنا سیلّقن المعتدین الذي یفكرون في البقاء للأمد الطویل نفس الدروس التي لقّنها المحتلّین خلال أحد عشر سنة الماضیة، وهذه العملیات تترجم للعدوّ عزمنا للتعامل معه في المستقبل. وإنّنا سنقاتل الأمریكیین وبقیة المحتلّین وإن طال بنا القتال لمائة عام، وسنبطل بإذن الله تعالی جمیع مؤامراتهم وأهدافهم بحدّ السیف. فالرسالة الواضحة من هذه العملیات للأمریكیین هي أنّهم لن يؤمنوا من ضربات المجاهدین في أقوی معاقلهم وحصونهم، وإنّنا سنستهدفهم بإذن الله تعالی ولو دخلوا في الأنفاق تحت الأرض، فطریق الخروج للأمریكیین من هذا المأزق هو الخروج الكامل من هذا البلد وإنهاء احتلالهم له .
الصمود: لقد شوهد في هذا العام أنّ المجاهدین زادوا من اهتمام بالقضایا الاجتماعیة، فأصبحوا الآن یشتركون فی مناسبات الناس وأفراحهم ومآتمهم، ویبذلون جهودهم في حلّ مشاكل الناس العدلیة والحقوقیة، ویقومون بالصلح بین الأقوام والقبائل التي عاشت دهوراً في العداءات والاختلافات التي تسببت في الحروب وإراقة الدماء، وخیر مثال لهذه المصالحات المصالحة التي تمّت بین قبیلتین متحاربتین في ولایة(لغمان) في شرق أفغانستان، فكیف تنظرون إلی هذه المساعي، وما تأثیرها علی سیر الحركة الجهادیة في البلد؟
ذبیح الله المجاهد: إنّ مجاهدي الإمارة الإسلامیة مطالبون بناءً علی مسؤولیتهم الدینیة بأن یتخلّقوا بالأخلاق الحسنة، وأن یتعاملوا مع الناس تعاملاً إسلامیاً، وأن يتعاونوا مع الناس في رفع آلامهم ودفع مصائبهم، إلّا أنّ العدوّ كان یسعی دوماً في إیجاد المشاكل بین عامة الناس والمجاهدین بقصد الإساءة إلی سمعة المجاهدین. وبما أنّ معظم المناطق الآن قد تحرّرت بفضل الله تعالی من سیطرة العدوّ في هذا العام واستطاع المجاهدون بأن یعاشروا الناس في حیاتهم، وأن یشتركوا معهم في آلامهم وأفراحهم، فعرف الناس حقیقة المجاهدین، وتمكن المجاهدون أیضا من توطید العلاقات الطبیعیة والمناسبة بسكان المناطق المحرّرة. وبما أنّهم یتحمّلون مسؤولية إدارة المناطق المحرّرة فمن واجبهم أن یقوموا بأداء مسؤوليتهم تجاه الناس بشكل طیب.
ومن جانب آخر فقد أقامت الإمارة لجمیع مسئوليها وقادتها المیدانیین في الشتاء الماضي الدورات الشرعیة التي تلقّوا فیها أسالیب التعامل الاجتماعي الأمثل مع الرعایا، ، فكان لتلك الدورات الشرعیة تأثیر إیجابي طیب في تعامل المجاهدین مع الناس، وكذلك أكد أمیر المؤمنین أیضاً في بیانات العید علی ضرورة حُسن التعامل مع الناس، والإمارة الإسلامیة تعتبر تقدیم الخدمات العدلیة والقضائیة للناس بالقدر المستطاع من وظائفها الأساسیة، وحین یجد الناس قناعتهم في القضایا العدلیة والقضائیة یرفعونها إلی محاكم المجاهدین وینقادون لأحكامها ویسعون لحل القضایا العدلیة العالقة لدیهم. وقد كانت الإمارة الإسلامیة قد قدّمت خدمات عدلیة وقضائیة مثالیة للناس أیام حكمها لأفغانستان. إنّكم تعلمون أنّ الإمارة الإسلامیة عیّنت قضاةً شرعیین لجمیع الولایات ، وهناك لجان لسمع شكاوي الناس ولها أرقام للهواتف معروفة بین الناس ، وهذه كلّها بهدف خدمة عامة الناس .
وقد كان العدوّ یقوم بالإشاعة ضدّ المجاهدین ویقول بأنّهم یتسبّبون في مقتل المدنیین، فاهتمّ الشوری القیادي للإمارة بهذا الأمر ، ووظّف لجنةً خاصة للتقصّي والنظر في هذا الأمر، وستكون هناك نتائج إیجابیة في هذا المجال. وبما أنّ المجاهدین یشاركون الناس بشكل فطري وروحي في أفراح الناس وأحزانهم فیسعون للعُشرة الطیبة معهم في حیاتهم العملیة أیضاً.
الصمود: لقد اهتمّت الإمارة الإسلامیة في هذا العام إلی جانب العمل العسكري بأمر توعیة الناس ودعوة المخالفین إلی التخلّي عن الوقوف إلی جانب العدوّ أیضاً، فكیف وجدتم تأثیر هذه الفعّالیات بین الشعب الأفغاني؟
ذبیح الله المجاهد: الإمارة الإسلامیة تعتبر من مسؤوليتها أن تعرض رأیها وأفكارها حول الأوضاع الراهنة والمستقبلیة مع شعبها، لأنّ مصیر أفغانستان یرتبط بقرارات وأعمال الأفغان الأحرار. ومن جانب آخر إنّنا لا نرید أن نضغط علی الأفغان الواقفین إلی جانب العدوّ عن طریق الحرب فقط، بل نفتح أمامهم فرصة الإصلاح أیضاً، ووضعنا لدعوة أولئك الناس آلیة مناسبة للعمل، وقد شوهدت بفضل الله تعالی لهذه الدعوة نتائج إیجابیة طیّبة، فكثیر من الأفغان المخدوعین الذین كانوا قد وقفوا مع العدوّ عادوا إلی رشدهم، وانضمّوا إلی الإمارة الإسلامیة بعد أن أدركوا الحقائق، وسلّموا للمجاهدین ما معهم من الأسلحة والذخائر والوسائل الحربیة الأخرى.
وعلی العموم فإنّ عملیة الدعوة قد وفّرت فرصاً كثیرة لأفراد الشعب الأفغاني للخروج من صفوف العدوّ. إنّ الشعب الأفغاني الیوم یعیش في ظروف الحرب والعدوان الخارجي، فإن لم تكن هناك آلیة مؤثّرة للدعوة، ولم نبذل الجهود لإصلاح الناس عن طریق الدعوة والتوعیة الإسلامیة ، فلا شك أن كثیراً من الناس سیقعون في فخّ العدوّ، وسوف یستغلّهم العدوّ لتحقیق أهدافه من حیث یشعرون أو لا یشعرون. ومن هذا المنطلق وبناء علی المسؤولیة الشرعیة توفِّر الإمارة الإسلامیة جمیع الفُرَص والظروف التي یُقبِلُ إلیها الناس للاهتداء والإصلاح، والتي تسبُب في قوّة الصفّ الجهادي وإحراز الانتصارات أیضا.
الصمود: ما هي المكتسبات الأوّلیة لمشروع دعوة المخالفین، وكیف تُقیّمون تأثیرها في الناس .
ذبیح الله المجاهد:إنّ هذه العملیة التي لازالت في مراحلها الأولی قد أوجدت في الناس روح التضامن مع المجاهدین وقضت علی تأثیرات إشاعات العدوّ، وجعلت كبار الشخصیات الحكومیة تتصل بالمجاهدین،ویقول مسئولو هذه اللجنة بأنّ 1300شخص إلی الآن قد انفصلوا من صفوف العدوّ بجهود هذه اللجنة. وكذلك فتحت هذه العملیة الطریق أمام مئات من جنود العدوّ وشرطته وملیشیاته لیخرجوا من صفوف العدو ولیقدّموا خدماتهم للمجاهدین، وفتح هؤلاء المنضمون الجدد فرصة الفعّالیات للمجاهدین في مناطقهم، علاوةً علی تسلیمهم مقادیر كبیرة من الأسلحة والذخیرة للمجاهدین، ولا زالت هذه السلسلة مستمرّة.
الصمود: لقد ركز المجاهدون جهودهم في هذا العام علی اختراق صفّ العدوّ إلی جوار مواصلة الحرب ضدّه في بقیة المیادین، وقد استطاعوا أن یزعزعوا عزائم العدوّ وأن یلجؤوه إلی الخروج المبكر، فما هي الأهمیة الحربیة لهذا الأسلوب من الحرب؟
ذبیح الله المجاهد: لقد أوصی أمیر المؤمنین في بدایة هذه السنة جمیع المسئولين العسكریین ومسئولي (لجنة دعوة المخالفین) أن یجعلوا موضوع اختراق صفوف العدوّ في رأس قائمة أعمالهم، وكذلك كان قد طلب من الأفغان الواقفین في صفوف العدوّ أن يوجهوا فوهات بنادقهم نحو الأعداء المعتدین، فكان هذا العمل من الأعمال الضروریة والمؤثّرة، وأولینا هذا العمل اهتماماً كبیراً في جمیع الولایات، وكان الباعث علی هذا العمل هو ضرب العدوّ من الداخل، وتحطیم معنویاته وجعله یشعر بالخوف والقلق حتى في داخل معاقله وخنادق قتاله.
وقد استطعنا بفضل الله تعالی أن ندخل عدداً كبیراً من المجاهدین في داخل صفوف العدوّ، وكان تأثیر هذا العمل علی جانب العدوّ كبیراً وخطیراً. وقد ألجأت الهجمات الداخلیة للمجاهدین ضدّ العدوّ بعض الدول الأعضاء في التحالف العسكري تحت قیادة أمریكا إلی الخروج العملي من التحالف في أفغانستان، وكذلك أقلقت هذه الهجمات أمریكا أیضا، وجعلتها تواجه الاضطراب في وضع السیاسات وتنفیدها في أرض المعركة، وكان من قوّة تأثیر الهجمات الداخلیة ضدّ المحتلّین أن أحسّت أمریكا بفشل جمیع خُططها وسیاستها فهرع الرئیس الأمریكي(بارك أوباما) وأعضاء الكونجرس الأمریكي، والجنرالات الكبار في وزارة الدفاع الأمریكیة، ورؤساء قیادة أركان حرب الأمريكيون والقادة العسكریون الأمريكيون الكبار إلی أفغانستان لتسلیة الجنود الأمریكیین ورفع معنویاتهم، وطمأنتهم من الأوضاع القلقة التي یعیشونها في أرض المعركة في أفغانستان. هذا الوضع السیّئ في صفوف العدوّ هو نتیجة العملیات الناجحة للمجاهدین.
إنّ الإمارة الإسلامیة كانت في هذا المجال في طور التجربة، وستهتمّ أكثر في المستقبل بأمر اختراق صفوف العدوّ، وستجعل هذا العمل من أولویات العمل الجهادي إن شاء الله تعالی. وهناك كثیر من المجاهدین قد تمكنوا من الوصول إلی المواقع الهامّة في صفّ العدوّ وینتظرون القیام بأدوارهم بفارغ الصبر.
الصمود: كیف تمكن المجاهدون من إقامة العلاقة بالجنود المنتظمین في صفوف العدوّ وإعدادهم للفدائیة ضدّ المحتلّین وهو أمر في بالغ الدقّة والخطورة ؟
ذبیح الله المجاهد: لاشك أنّ القیام بمثل هذا العمل أمر صعب، إلّا أنّ المجاهدین عزموا علی أن یقوموا بكل ما یلزم في هذا الطریق. إنّ الجنود المنتظمین في صفوف العدوّ من الأفغان هم في الحقیقة أبناء هذا البلد، ولهم أیضا مسؤولیات تجاه الشعب والبلد ویجب أن یدركوها. وإنّنا بإتباع أسالیب خاصّة استطعنا أن نوصل رسالتنا إلی هؤلاء الجنود الذین یُتوقع منهم الخیر. وقد تمّ الاتصال بالمخدوعین من الجنود بشكل انفرادي وسرّي، وتمّت دعوتهم للعمل الجهادي ضدّ العدوّ، وكذلك قمنا بدراسة كیفیات تعاونهم وقُدُراتهم، وبعد ذلك قمنا بتنفیذ العملیات.
إنّ عملیة اختراقنا لصفوف العدوّ معقّدة وواسعة جداً، وهي تسیر بفضل الله تعالی طبق الخطّة المرسومة، ونظراً لخطورتها الأمنیة لا یمكننا أن نذكر لكم جمیع تفاصلیها.
الصمود: لاشك أنّ العدوّ یحاول أن یستر هزیمة العسكریة بالحرب الإعلامیة والإشاعة، فما هو الحجم الحقیقي لهجمات المجاهدین من داخل صفوف العدوّ ضدّه؟
ذبیح الله المجاهد: لقد ذكرت لكم آنفاً بأن هجمات المجاهدین جعلت العدوّ في حالة الترنّح ولا یكاد یتمالك نفسه من السقوط. إنّهم علموا أنّ الأوضاع في أفغانستان لیست كما توقّعوها، إنّهم یمكن أن یُستَهدَفوا من الداخل أیضا. إنّ هذه الحرب لیست مثل الحروب التي كان ینتصر فیها الأمريكيون في المناطق الأخرى من العالم، إنّ الشعب الأفغاني یختلف عن الشعوب الأخری، وإرادته أیضاً تختلف عن إرادتها، وإنّ تأثیرات هذه الهجمات علی العدوّ أكبر بكثیر مما نسمع عنها عن طریق إعلام العدوّ أو عن طریق الإعلام العالمي. وبسبب هذه الهجمات یواجه العدوّ حالة القلق والارتباك، ولا یدري كیف یخرج من الحرب التي بدأها. وإنّ الجنرالات الأمریكیین بسبب خسارتهم المبادرة والجرأة القتالیة ضدّ المجاهدین عاجزون عن اتّخاذ المواقف المناسبة تجاه الأحداث، كما لا یملكون جواباً لیُقنِعوا به الشعب الأمریكي بما یجري في هذا البلد. إنّه یبعث العجب أن یقوم الجنود والشرطة الذین قام الأمريكيون بتشكیلهم وتمویلهم وإعدادهم وقد علّقوا بهم آمالهم بتوجیه فوهات بنادقهم التي سلّمهم إیّاها الأمريكيون إلی صدور الأمریكیین أنفسهم، إنها حالة مرعبة بالفعل، والأمريكيون الآن يواجهون هذه الحالة المرعبة في أفغانستان .
وإنّ تأثیر هذه الهجمات ستزداد مع ازدیاد عددها، وهذا التكتیك لازال في مراحل التطوّر، وقد علمتم مؤخّراً أنّ مجنّدةً في صفوف شرطة العدوّ قتلت مستشاراً أمریكیّاً رفیع المستوی بمسدّسها.
إنّنا سنصعّد من هذه العملیات إلی جانب بقیّة الأسالیب القتالیة المؤثّرة ضدّ العدوّ وإلی أن یرحل بالكامل من هذا البلد بإذن الله تعالی .
الصمود: إنّ العدوّ یصرّح بتصریحات متناقضة حول خروج قواته من أفغانستان، وقد أقلقت هذه التصریحات رجال الحكومة العمیلة أیضاً، فكیف تنظرون إلی هذا الاضطراب لدی العدوّ؟
ذبیح الله المجاهد: إنّنا نتوقّع للعدوّ حالة أسواً مما یعیشها الآن، ولدینا معلومات دقیقة تؤكد ما نقوله. إنّ خروجهم من هذا البلد سیكون ذلیلاً ومخزیا بقدر ما كان مجیهم إلیه متكبراً ومعربداً، إنّه لیس أمراً هیّناً أن تنهزم أكبر قوّة متكبرة علی مستوی العالم مثل أمریكا أمام أضعف قوّة مادیة في العالم. إنّ الوضع في حرب (فیتنام) لم یكن مثل الوضع في أفغانستان. لأنّ المقاومة الفیتنامیة آنذاك كانت تتمتّع بالمساعدات العسكریة والمالیة السوفيتية السخیّة، وكانت أسلحة المقاومة الفیتنامیة شبیهة بأسلحة الجنود الأمریكیین، إلّا أن هزیمة أمریكا في أفغانستان تُعتبر مفاجئة وغریبة للأمریكیین . إنهم الیوم یواجهون الهزیمة مقابل العدوّ الذي لا یُحسّون له الوجود العسكري التقلیدي، ولا یملك جنوداً وجیوشاً نظامیة، وأفراده عبارة عن عدد قلیل من المجاهدین الذین لا یملكون من وسائل الحرب الحدیثة شیئاً، ولكنّ أهدافهم سامیة ونزیهة ، ویقاتلون الجنود الأمریكیین بوسائل حربیة بدائیة، وینتصرون علیهم بفضل الله تعالی.
إنّ تحمّل مثل هذه الحالة لیس سهلاً للأمریكیین، ولذلك یعیشون في ظروف من الفزع والقلق، لأنّ كبرياءهم تحطّمت، وریحهم قد ذهبت، واقتصادهم علی وشك الانهیار، وشعبهم في ضَجَر ٍمن الحرب في أفغانستان، وقد تراكم علیهم 16تریلیون دولاراً من القروض. وبلغت البطالة إلی ذروتها حیث هناك 12 میلوناً من العاطلین. وقد خرجت مظاهرات غاضبة ضدّ النظام الرأسمالي في (وال ستریت)، فهذه الأوضاع كلّها نتیجة للحرب الأمریكیة في أفغانستان، ومن الطبیعي أن یُبدي الخبراء والمسئولون في أمریكا قلقهم حول الأوضاع، وأن یفكروا في وقف هذه الحرب.
إنّ هذه الأوضاع تحمل للأمریكیین الذین تقوم معیشتهم علی أسس النظام الرأسمالي نتائج كارثیة، وستعصر الأمریكیین روحیاً .
إنّ الأمریكیین كانوا قد دخلوا إلی أفغانستان مع استراتیجیة عمیقة ولكنهم لم یأخذوا في حسبانهم مواجهتهم لمثل هذه الحرب المعقّدة، لأنّهم كانوا یعتدون في تنفیذ استراتجیاتهم وتطبیق سیاساتهم علی تقنیتهم الحربیة المتطوّرة، إلّا أنّ هذه الحرب الآن لیست أعجزتهم عن تحقیق أهدافهم فقط، بل جعلتهم یتحمّلون الخسائر الكبیرة المذهلة التي لم یكونوا یتوقّعونها. فأمریكا الآن لا تقدر علی تحمّل نفقات هذه الحرب، وستوقّفها علی رغم أنفها، مع أنها ترید أن تتخلّص من هذه الحرب بشرط أن تبقی سلطتها وهیمنتها في هذا البلد، ولذلك تبذل جهودها الحثیثة لإبقاء قواعدها العسكریة للأمد الطویل. ولكن إذ واصل المجاهدون قتالهم للأمریكیین فإنّ حُلم الأمریكیین في إبقاء القواعد العسكریة سوف لن یجد تعبیراً علی أرض الواقع، ولن تثبت الإدارة العمیلة في السلطة، لأنّها في الحقیقة ظلّ للقوات الغربیة في أفغانستان، ویتوقّف وجودها علی وجود القوات المحتلّة في هذا البلد.
الصمود: كانت القوات المحتلّة تقوم في الأعوام الماضیة بالعملیات الكبیرة والواسعة بأسماء مختلفة ضدّ المجاهدین في الولایات الأفغانیة، وكانت تزعم لها الانتصارات والاحرازات في میادین القتال، ولكنّها في هذا العام كانت في حالة الدفاع عن نفسها فقط، فنظراً إلی هذا الوضع هل یمنّي العدوّ نفسه بكسب المعركة بعد هذا أیضا؟
ذبیح الله المجاهد: نعم إنّهم كانوا في الأعوام الماضیة یسعون لبسط سیطرتهم إلّا أن حالتهم الآن قد تغیّرت، أنهم آنذاك كانوا یظنون أنهم سیكسبون هذه المعركة، وأنّ المجاهدین سینهزمون أو سیتسلمون لهم، وأن عامّة الشعب سیمتنع عن معاونة المجاهدین، ولكنّهم الآن أدركوا أنّ الریاح لا تجري علی ما تشتهیها سفنهم، وانقلبت تقدّماتهم إلی الهزائم بشكل متكرر ومستمرّ، ولم تنفعهم الحرب الإعلامیة ولا استعمال التقنیة الحربیة المدهشة وتدمیر القری وإحراق البساتین، فمن الطبیعي ألا یعودوا إلی تكرار ما جرّبوه.
إنّ العملیات التي كانت تقوم بها القوات الأمریكیة كانت تجلب للأمریكیین من الخسائر ما لم یكن یتوقعه القادة الأمريكيون. فلذلك یَئسوا من السیاسة الهجومیة، وبدؤوا یفكرون في الدفاع عن أنفسهم وفي الرجوع السالم إلی بلادهم. إنّ الله تعالی بفصله وكرمه وفّق المجاهدین بأن یجعلوا القوّة العظمی مثل أمریكا مسخرة للعالم، وأن یوصلوها إلی هذه الحالة المزریة. ففي الأعوام الماضیة كان الأمريكيون یظنّون أنهم سیقدرون علی القضاء علی المقاومة بالضغط علی أناس محدودین، ولكنّهم علموا فیما بعد بأنهم یواجهون مقاومة شعبیة، وأنّ البلد كله خنادق للقتال ضدّهم، فلذلك تراجعوا عن العملیات الهجومیة، واكتفوا بالدفاع عن أنفسهم فقط.
الصمود: یواجه المسؤولون الغربیّون وبخاصة الأمريكيون سؤالاً وهو: هل اكتسب الغرب المعركة في أفغانستان أم خسرها؟ وممن واجه هذا السؤال نائب الرئیس الأمریكي(جوبایدن) وقائد القوات الأمریكیة في أفغانستان الجنرال (جان آلن) الذي ووجّهت إلیه أسئلة شدید من أعضاء الكونجرس الأمریكي. فهل الإجابة الواقعیة لسؤال الشعوب الغربیة هي خسارة أمریكا لهذه الحرب أم انتصارها فیها؟
ذبیح الله المجاهد: الموضوع الآن لیس موضوع انتصار أمریكا أو هزیمتها في هذه الحرب، بل المسألة الآن هي الاعتراف بالهزیمة أو عدم الاعتراف بها. وینقسم المسئولون الكبار في الإدارة الأمریكیة حیال هذا الأمر إلی قسمین: قِسم ینتقد التحدّث عن هزیمة أمریكا في الإعلام ، بینما یقول القسم الآخر بأنّهم إن لم یعترفوا بهذه الهزیمة فإنّ التاریخ لن یسكت عن هذه الهزیمة، وسیُسجّلهم التاریخ في عداد من كذبوا علی الشعب الأمریكي. ویبدو أنّ الشعب الأمریكي الآن قد فَقَدَ الثقة في المسؤولین الأمریكیین، لأنّه جرّب الكذب منهم بشكل متكرّر، ولأنّ وعودهم للشعب الأمریكي بالانتصار في الحرب في أفغانستان كلها كانت كذباً متكرّراً، وقد واجهت أمریكا بسبب هذه الحرب أزمة من كلّ نوع في داخلها، وخسر الشعب الأمریكي في هذه الحرب أبناءه وأمواله بلا فائدة. فالأمريكيون الآن لا یمتلكون أيّ خیارٍ لإیقاف لحوق الهزیمة بهم ، ولكنّهم الآن یفكرون في أن یجعلوا هذه الهزیمة الحتمیّة هزیمة (شریفة!!) للحفاظ علی سمعة أمریكا في العالم. وینقسم المسئولون الآن في: هل ینبغي أن یعترفوا بهذه الهزیمة بشكل رسمي أم لا؟ وبسبب هذه الاختلافات یستقیل كبار الجنرلات الأمريكيون، أو یغیرّون عن وظائفهم الحربیة في أفغانستان، وكلّ منهم یحاول أن لا تكون هذه الهزیمة في زمن قیادته للحرب في هذا البلد. ومن ناحیة أخری یرید الجمهوریون أن تكون الهزیمة في حكومة الديمقراطيين. والبیض منهم یریدون أن یتمّ الإعلان عن هذه الهزیمة في زمن قائد من السود. ولذلك تعمّد قادة الحرب الأمریكیون في ارتكاب ما یدعوا إلی إقالتهم، وما تسبّب في إقالة الجنرال (دیفیدبترایوس) أو الجنرال (جان آلن) كان من هذا القبیل. والقائد الحالي للقوات الأمریكیة هو من السود، وقد اختاره الأمریكیون كقائد للقوات الأمریكیة في مرحلة الانسحاب لیُلقَی بلائمة الهزیمة علی من یُعتَبَرُ في المجتمع الأمریكي من البشر من الدرجة الثانیة !!! فالهزیمة في حق أمریكا متحتمة إن شاء الله تعالی سواء رضي بها الأمريكيون أو لم یرضوا بها.