الضرائب المنهكة للشعب الأفغاني
بقلم: عبدالرحمن خوشحال
في الأشهر الثلاثة الماضیة، شهدت جمیع ولایات أفغانستان حضور وفود من وزارة المالیة الأفغانیة لمراقبة تطبیق قوانین الضرائب علی الشركات والتجار والموسسات المالیة. هذا دأب الوزارة المالیة خلال الأعوام الماضیة. ولكن الذي دفعنا لنلقي الضوء علی هذه البادرة، هي مطالبة الشعب بضرائب مالیة غیر مسجلة من قبل هذه الوفود. الأمر الذي دفع بكثیر من الشعب لیرفعوا أصواتهم ضد النظام الجبائي الأفغاني.
علی مدی السنوات الـ ۱۵ الماضیة، كان الاقتصاد الأفغاني یعتمد بشكل كلي تقریباً علی المساعدات الخارجیة، فوفقاً لوزارة المالیة، كانت المساعدات الخارجیة تعمل علی تمویل 100% من میزانیة الوزارة التنمویة، و45% من میزانیة وزارة العمل، وكانت الولایات المتحدة هي الجهة المانحة الرئیسیة لهذه المساعدات.
وعلی الرغم من أن أفغانستان تلقت مساعدات مالیة ضخمة خلال العقد الماضي، إلا أن الجزء الأكبر من هذه الأموال انتهی في أیدي القطاع الخاص علی شكل رشاوي أو عمولات. وهذه الأموال تظهر الآن بشكل مباني شاهقة وأرصدة ضخمة في البنوك الأجنبیة وشركات خاصة رابحة یملكها قلة من السكان، سواء داخل البلد أو خارجها.
وبمرور الوقت بدأت الدول الخارجیة قطع مساعداتها عن أفغانستان، ومن جانب آخر ازدادت مصارف الدولة على مظاهر الرفاهیة لعمالها في القصر الرئاسي. هذان العملان دفعا بالدولة لوضع ضرائب قاسیة تثقل كاهل الشعب.
لاشك أن أكثر من ۷۰% من شعبنا یعیش تحت وطأة الفقر والبطالة. وهناك قلة قلیلة أُتيحت لها الفرصة للعمل بالتجارة وفي الشركات والمؤسسات المالیة. وفي السنوات الأخیرة أغلق كثیر من التجار متاجرهم لقلة المشترين. والبقیة الباقیة تعاني من دفع الضرائب المثقلة للكواهل.
بعد تولي دولة الوحدة الوطنیة، دفة الحكم، قام الشعب بالخروج في احتجاجات واسعة ضد فرض هذه الضرائب. لكنها لم تحظ بعنایة الإعلام الموالي للدولة الفاسدة. وأشهرها احتجاج سكان كابل في شهر مارس من العام الماضي. إذ أضرب كثیر من التجار اعتراضاً لما تقوم به الدولة من الفرض الظالم للضرائب. كما قامت احتجاجات من سكان الولایات الأخری، لكنها لم تحظَ بعناية وسائل الإعلام.
ولكن مالذي دفع بالشعب إلى أن یقوم بالاعتراض على دفع هذه الضرائب الثقیلة؟
ولأن غني من متخصصي النظام الرأس مالي، فهو یعرف جیداً أنه نظام یتحری جمیع الطرق والأسالیب لفرض الضرائب علی أبناء الشعب. وهذا الإطلاع الواسع على هذا النظام دفعه لأن يُحدث ضرائب جدیدة لم یعهدها شعبنا من ذي قبل. وقد كرّس غني جهوده في هذا المجال على ثلاث نقاط أساسیة، وهي:
الأول: زيادة الضرائب في جمیع المجالات التي كانت تستلم الضرائب طیلة الـ۱۵ الماضیة.
الثاني: إحداث ضرائب في مجالات جدیدة، مثل وضع ضریبة علی بطاقات الائتمان للهواتف المحمولة.
الثالث: إجبار المراكز المستلمة للجواز في السنوات الماضیة علی تجدید جوازاتها كل 4 سنوات.
وفود الوزارة المالیة، التي تتولى مهمة مراقبة الضرائب، أعلنت في قوانین غیر مسجلة بزیادة الضرائب علی الدكاكین والشركات والمراكز التعلیمیة، منها: فرض ضریبة ۷% على كل مصنع تقدم إلی وزارة المالیة. قانون حیر الجمیع. قانون لم یعهد من قبل. زد على ذلك ضرائب البلدیة العمیاء، إذ یأتي عامل البلدیة ويفرض أكبر مبلغ من المال علی صاحب الدكان أو الدار حتى ولو كان متضرراً.
أما الغایة المزعومة من وضع الضریبة علی هاتف الائتمان، هي صرف المبلغ المجموع علی إصلاح الطرق وتنمیة العمران وبناء الجسور. لكنها كانت موضع اعتراض لدی الشعب؛ لأنهم لم یشاهدوا تغییرا في الطرق والجسور وغیرها. ووفقا لما كتبه أحد المحللین في إحدی جرائد كابل، فإن المبلغ يُنفق في توفیر المصارف الباهضة للقصر الرئاسي. كما أن هذه الضرائب تعد ظلما في حق أصحاب الموسسات التعلیمیة الاقتصادیة وذلك بالنظر إلی قلة مرتاديها.
إن التجربة الحاصلة عبر العقد الماضي تكشف لنا الستار عن ظلم النظام الجبائي الأفغاني. فبدلاً أن تقل الضرائب وتُرفع عن كواهل الشعب المسكین، تزداد یوماُ بعد یوم. ولذلك یتكهن المحللون بوقوع احتجاجات واسعة في المستقبل؛ لأن الشعب لا یستطیع تحمل هذه الضرائب الثقیلة.
إننا لا نشك في أهمیة الضرائب في تنمیة وانعاش البلد. إلا أن وضع الضرائب الثقیلة علی شعب أفغانستان ظلم لا یُغفر؛ لأن هذا الشعب يفتقر إلى التجارة المربحة والسوق الرائج. لذلك فإن مسؤولیة التوعیة وتعبئة الشعب للدفاع عن حقه والقیام ضد الظلم والقوانین الجائرة، هي من واجبات العلماء والناشطین في المجتمع الأفغاني.
ونسأل الله التوفیق والسداد.