مقالات الأعداد السابقة

الطائفة المنصورة في عصرنا

سيف الله الهروي

 

عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك».

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة».

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله».

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخـرهم المسيح الدجال».

قال الإمام البخاري في مصاديق هذه الطائفة التي اشتهرت على ألسنة العلماء والمحدثين بالطائفة المنصورة: «هم أهل العلم». وذكر كثير من العلماء أن المقصود بالطائفة المنصورة هم: «أهل الحديث»، وقال النووي: «ويحتمل أن هذه الطائفة مفرّقة بين أنواع المؤمنين: منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فـقـهـاء، ومنهم محدّثون، ومنهم زهّاد، وآمرون بالمعروف وناهـون عن المنكر ومنهم أنواع أخرى من الخير»، وقال أيضا: «يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدّث ومفسّر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد»، وقال ابن حجر رحمه الله – مفصّلاً القول في المسألة «ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله».

 

تبين من كلام العلماء أنّ الطائفة المنصورة ليست محصورة في فئة معيّنة من الناس، كما أنـها ليست محددة ببلد معيّن، وإن كان آخرُها يكون بالشام، وتقاتل الدجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن كانت هناك طائفة تستحق أن تسمى بالطائفة المنصورة في عصرنا، فنحسب أنها تلك التي ظهرت في شرق أفغانستان، ثمّ امتدت شمالا وغربا، وسيطرت على معظم البلاد، طائفةٌ كان لها خصوم كثر، وكانت تُوجه إليها اتهامات عديدة، فأراد الله أن يطهرها، ويزكيها، ويفضح خصومها؛ فدفع إليها الأمريكان محتلين لبلادهم، فانضمّ خصومها جميعاً إلى الأمريكان، لكن هذه الطائفة ثبتت واستقامت، وقاتلت الأمريكان وصمدتْ في وجهها بكل قوة، فلم تهن ولم تستكن إلى أن هرب الأمريكان، وعادت هذه الطائفة إلى الحُكم من جديد، واستردّت ما اغتصب منها بقوّة السلاح، والآن لا ينازعها أحد من الخصوم السابقين لأن الله فضحهم في أعين الشعب والعالم فضيحة واضحة ليس فوقها فضيحة.

ونحسب هذه الطائفة هي الطائفة الوحيدة في عصرنا التي وُجد فيها غالبُ ما ورد من صفات الطائفة المنصورة من مجموع الأحاديث المتقدّمة والروايات الأخرى:

1- بأنّها على حق: فجاء الحديث بأنهم «على حق»، وبأنهم «على أمر الله»، وبأنهم «على هذا الأمر». وبأنهم «على الدين»، وهذه الألفاظ تجتمع في الدلالة على استـقامتهم على الدين الصحيح الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم.

2 – وبأنها قائمة بأمر الله: وقيامهم بأمر الله يعني:

أ ــ بأنهم تميزوا عن سائر الناس بحمل راية التوحيد.

ب ــ وبأنهم قائمون بمهمة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

3 – بأنها ظاهرة إلى قيام الساعة: وقد وصفت الأحاديث هذه الطائـفة بكونهم: «لا يزالون ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون»، وبكونهم «ظاهرين على الحق»، أو «على الحق ظاهرين»، أو «ظاهرين إلى يوم القيامة»، أو « ظاهرين على من ناوأهم». وهذا الظهور يشمل:

– الوضوح والبيان وعدم الاستتار فهم معرفون بارزون مستعلون.

– ثباتهم على ما هم عليه من الحق والدين والاستـقامة والقيام بأمر الله وجهاد أعدائه، والظهور بمعنى الغلبة.

4 – وبأنها صابرة مصابرة.

 

رحم الله مؤسس هذه الطائفة، وثبّت أمرائها الجدد، وحفظهم من كلّ شرّ وفتنة. آمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى