مقالات الأعداد السابقة

العقل الأخير لا يكون مقدما

59).



الأحد، ۰٥ ذوالحجة ۱٤۳۳

الأحد, 21 أكتوبر 2012 11:54

لو راجعنا صفحات تاريخ العالملوجدناها مليئة بالنماذج والحقائق الثابتة ولو أخذت بعين الاعتبار وقررت فيالمناهج الدراسية واستفادت منها في الحياة اليومية لعاش العالم حكومة وشعبافي أمن وعزة وسلام ولانتهت مآسي هذا العصر الحاضر والمعارك والحروب والقصف، ولتركت البربرية والوحشية الدائرة حاليا مكانها للكرامة الإنسانية.

ولكن من المؤسف أن حكامأمريكا والدول الغربية بدلا من أن أخذ العبرة من مصير الظالمين السابقين وفضائحهم، سموا إجراءاتهم البربرية بالمساعدة والعون، وسفكوا في أفغانستان وحدها دماء عدد كبير من الأبرياء من أبناء هذا الشعب المناضل دون أي مبرر وبتهم لا أساس لها حتى تكاد الآن أن تغرق أمواج هذه الدماء الطاهرة الغالية إمبراطورية أمريكا وتمحوها من وجه الأرض كليا مثل فرعون مصر. (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجلعنا لمهلكهم موعدا) سورة الكهف (59).

وتنشر وكالاتالأنباء والقنوات الفضائية بأمريكا والدول الغربية يوميا تقارير حول هذه المعركةالمخزية والتي بدأت من دون مبرر، وتصفها بالمعركة الطويلة، الخاسرة، الفاشلة، والمعركة التي ليست من وراءها أي خير وفائدة، وبمثل هذه الصفات القبيحة تستنكر كل يوم هذه الحرب الدائرة، وكمثال على ذلك ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقدمتها بتاريخ 13/ 10/ 2012 م الآثار السلبية لهذه المعركة الغير مطلوبة على أمريكا.

وقد عان أبناء الشعب الأمريكي – الذين أصبحوا كبش فداء لحكامهم المغرورين –  في هذه المعركة الغير مفيدة، خسائر وويلات كثيرة حيث قتل الآلاف من شبابهموجرح عشرات الآلاف، وعدد أكبر من ذلك أصيبوا بأمراض نفسية، كما أنفقت مليارات الدولارات على هذه الحرب الضائعة ودمرت معدات حربية  لا تحصىوعلاوة على هذا، انهار اعتبار وهيمنة أمريكا على المستوى الدولي ولم يبقى أي أمريكي في مأمن في جميع أرجاء العالم،  كما استوجه الشعب الأمريكي بمشاكل اقتصادية وبطالة وجوع لا مثيل له، حتى أن أمريكا الآن مواجهة لخطر الزوال الدائم لأنه لم يبقى بوسع جنودها المنهارين معنويا همة الدفاع عن أمريكا أيضا.
ومن ناحية أخرى،بفضل الله سبحانه وتعالى لم تصل أمريكا وحلفائها إلى هدفهم الأساسي الذي لأجله بدأوا هذه الحرب الوحشية، وهو محو المجاهدين الأبطال واستبدال النظام الإسلامي في أفغانستان المسلمة بنظام كفري، وبعد إحساسهم بالفشل غير أوباما هدفهموجعله تشكيل حكومة منظمة في أفغانستان حسب معاييرهم، لكنهم فشلوا في ذلك أيضا وأصبح هدفهم الأخير حاليا الانسحاب الآمن من أفغانستان وإخراج قواتهم بطريقة تحفظ ماء وجوههم الخبيثة لكن الوصول إلى هذا الهدف أيضا ليس أمرايسيرا.

لو كان بإمكان كبار مسئولي حكومةأمريكا المغرورين ومجرمي الحرب درك ما سيؤول إليه الحالات، وأن حربهم سوف تعطيهم نتيجة سلبية عكس توقعهم، وأن مرشحي رئاسة أمريكا في عام 2012م لن يستطيعوا ذكر اسم الحرب على أفغانستان في حملاتهم الانتخابية من شدة الخجل،  أو كانواعلى علم أن فشلهم سيصل إلى الحد الذي يفقد عنهم طريق الهروب والفرار وإخراج قواتهم من أفغانستان، لما تصورواولا فكروا أبدا في غزو أفغانستان المسلمة.
ومن مأثور كلام العقلاء: العقلالأخير لا يكون مقدما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى