مقالات الأعداد السابقة

العملاء كمنديل الورق يُلقى في القاذورات بعد الإنتهاء منه

بقلم: صلاح الدين

لاشك أن الحكومة العمیلة تشق طریقها وفق ما تمليه عليها أمریكا وحلفائها، فهذه الحكومة أُسست علی بنیان الكذب والزور والثورة علی الدین ومحو الجهاد وما یمتّ إلیه. وقد غر المحتلون رجالاً من بني جلدتنا من الذین لهم تاریخ حافل في الجهاد ضد الشیوعیین، فوعدوهم بسراب بقیعة یحسبه الظمآن ماءً. وقد ضحى هؤلاء بالبلد من أجل مطامع تافهة، ونسوا بطولاتهم وتضحیاتهم في سبیل تحریرها وصیانتها من المحتلین. فهم یرجون الخیر من أمریكا، داهیة العصر التي تمتص دماء الضعفاء في العالم، وتحتل البلاد، وتدمر البیوت، وتشرد المدنیین؛ للحصول علی مطامعها الشیطانیة.

فكان التصفیق للاحتلال والإقبال عليه خطأً تاریخیاً تقع مسؤولیته علی عواتق المنتسبین إلی الجهاد والذین تربعوا حالیاً علی عرش الحكم الأفغاني.

إن هؤلاء لم یصغوا لنصح الناصحین وإنذار المنذرین، ولم يتمعّنوا في النصیحة الربانیة الغراء: (ولن ترضی عنك الیهود ولا النصاری حتی تتبع ملتهم). فالاتباع التام للكافرين والتولي عن دین الله الحق، هو سبيل رضى الكفار. وإن لم يتبع المسلم ملتهم فإنهم سيستمرّون في المكر والتخطیط علیه وسیستخدمون في ذلك جمیع الأشخاص والطرق والأسالیب لقتله وتشریده.

إن التاریخ يبسط أمامنا صفحات أولئك السذج الذين جنحوا للكفار، فاستفاد الكفار من خيانتهم برهة من الزمن ثم قتلوهم أو شردوهم أو ألقوهم في السجن لیموتوا تدریجياً في غیاهب السجون. فهذا “شریف حسین” حاكم مكة المكرمة، الذي اغتر بشعارات ووعود الإنجلیز فحشد قوّته للإنفصال عن الامبراطوریة العثمانیة ظناً منه أن الإنجلیز سوف يساعدونه في تأسیس امبراطوریة عربیة كبری. ولكنه بعدما حقق أهداف الإنجلیز، وتسبب بانفصال العرب عن الدولة العثمانیة، تركه الإنجلیز يواجه حقيقة الخيانة لوحده. ثم مات شریف حسین وهو متحسر ومتأسف علی ما فعل.

ولیس ربائب الشیوعیة في أفغانستان ببعید عنا. فهذا حفیظ الله أمین، وذاك كارمل والآخرون قتلوا بعدما حققوا أهداف أسيادهم.

وفي تاریخ الأندلس دروس وعبر لكل متعظ، حيث فقد المسلمون فیها شوكتهم بوقوف بعض الرؤساء والوزراء والحكام إلی جانب الكفار اغترارا منهم بوعود المحتلین. ففتحوا أبواب طلیطلة وإشبیلیة وغرناطه أمام المحتلین. ولكن لما أحكم الغزاة الصلیبیون سلطتهم فیها لم یرحموا الخونة، ونسوا خدماتهم ومساعداتهم، فقتلوهم وشردوهم. فهذا أبو القاسم وزیر أبي عبدالله حاكم غرناطه، خان الملك المسلم، وسلّم المدینة إلی الصلیبین، ولكن لما فرغ الصلیبیون من أبي عبدالله، قتلوا أبا القاسم شر قتلة لیكون عبرة لكل من یعتبر.

فالقاعدة الذهبیة التي لا یجوز نسیانها هي أن الأعداء یستخدمون رجالنا في تحقیق أهدافهم. ثم إذا ما تحققت الأهداف أبادوا العملاء شر إبادة.

وقد تكررت هذه التجربة في أفغانستان، فجاء المحتلون بمساعدة من العملاء. والیوم بعد ۱۵ عاماً بدأ المحتلون یخططون في إبادة وتحقیر من ساعدهم في تحقیق أهدافهم الشیطانیة.

و من دأب المحتلین أنهم إذا أرادوا محو شخص أو أشخاص من ساحة المعركة فإنهم یقومون بتشويه شخصیتهم وتحقیرهم بعملائهم الآخرین، تمهیدا لتطبیق مخططاتهم الأخری.

وكلمة رولا غني، زوجة أشرف غني، خير مثال على هذا. حيث قالت رولا في أحد المؤتمرات الإعلامیة: “إن الدولة ینبغي لها أن تسمح لرؤساء الجهاد بشروط أن یمضوا أواخر حیاتهم في أفغانستان. فإنهم قد شاخوا وسقطوا من أعین الناس”. وأثارت هذه الكلمة غضب بعض المنتسبین إلی الجهاد. فنشرت شوری الحراسة بیاناً تنتقد فيه كلمة رولا، وأعلنت أنها فاقدة الصلاحیة في إبداء الرأي إزاء قضایا الدولة الكبرى.

إن هذه الكلمة النتنة تحمل في طياتها رسائل لكل ذي عقل وفكر. منها: أن الدولة دولة علمانیة ولیست للمجاهدین، وهي تمنُّ علی المجاهدین بالسماح لهم للعیش في أفغانستان. والرسالة الثانیة: أننا لا یجوز لنا أن نثق بوعود الكفار.

فالذین ساعدوا الكفار علی احتلال أفغانستان، يتحسّرون اليوم ويندمون علی ما ارتكبوا من الخیانة والجنوح للكفار. إن التاریخ سوف یتكرر، وسوف یتعامل المحتلون مع الخونة مثلما تعاملوا مع نور تراقي، وحفیظ الله أمین، وببرك وغيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى