مقالات الأعداد السابقة

الفساد المتغلغل في إدارة كابول

أبو غلام الله

 

إنّ الفساد الإداري من أثمار ونتائج الغزو الأمريكي على بلاد أفغانستان المحتلة. فعندما دخلت أمريكا والناتو لأفغانستان دخلت معهما مقادير كثيرة من الأموال، دون وجود أي برنامج رقابي لإدارة هذه الأموال؛ ولذلك انتشر الفساد الإداري في جميع قطاعات البلد. وتكمن عوامل الفساد الأخرى في قلة الرواتب الحكومية، وعدم المحاسبة، ووجود الفساد في المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد، والمتاجرة بالمناصب الحكومية.

تنشط أكثر من 10 إدارات لمكافحة الفساد حاليا، منها أربعة أنشئت في عهد ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية: المدعي العام، مجلس الشورى، ومجلس الشيوخ، المركز العدلي لمكافحة الفساد الإداري، المجلس الأعلى للتفتيش، المجلس الأعلى لحاكمية القانون ومكافحة الفساد الإداري، اللجنة المستقلة للتموين الوطني،…

مع إصدار القوانين المتعددة لمكافحة الفساد الإداري وفعالية الإدارات المختلفة، لم يؤثر ذلك في تقليص الفساد الإداري وإنما تزايد حجم الفساد يوما بعد يوم، وكانت حكومة الوحدة الوطنية هي نفسها سببا في ازدياد الفساد، وبسببها اتهم الرئيس التنفيذي أيضا العام الماضي بالفساد من قبل رئيس الجمهورية.

أما (جون سبوكو) المفتش العام لشؤون إعادة بناء أفغانستان، فأشار إلى الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في أفغانستان لعدة سنوات، وعلى رأسها الفساد الذي ساعدت هي على تعزيزه. ويقول إن حجم الأموال التي أنفقت لإعادة الإعمار في أفغانستان تجاوزت 132 مليار دولار. وهو أكثر مما أنفقته أمريكا على خطة مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

لكن تلك الأموال لم يستفد منها المدنيون الذين يدفعون ثمن الحرب المأساوية، كما لم يستفد منها مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وقلة المدارس.

وأضاف: الفساد الذي لا رادع له في أفغانستان، قوّض هدفنا هناك، وقد رعينا نحن ذلك الفساد.

وكشف المفتش العام في البنتاغون لإعادة إعمار أفغانستان، جون سـوبكو، أن كلفة حرب أفغانستان منذ عام 2001 هي الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية. وبلغ الإنفاق على هذه الحرب، حتى نهاية سبتمبر الماضي، 776 مليار دولار، مقارنة بـ 771.1 مليار دولار دفعتها واشنطن في إدارة حرب العراق منذ عام 2003.

واعترف تقرير سوبكو بأن الوكالات الفيديرالية الأميركية رصدت منذ بدء حرب أفغانستان نحو 137 مليار دولار لإعادة بناء وتأهيل مرافق عامة داخل الأراضي الأفغانية.

للفساد الإداري في أفغانستان أوجه متعددة، يبدأ من أخذ الإتاوات والرشاوى وينتهي ببناء المشاريع الكبيرة التي تحصل على عقودها شركات أجنبية، ثم تباع هذه العقود لشركات محلية، والنتيجة مشاريع قيمتها الأصلية ملايين الدولارات، لكنها في الواقع لم يصرف عليها إلا القليل. وهذا ما يؤدي إلى خرابها في وقت قصير. ولا يقتصر وجود الفساد بين الأفغان، بل يرى مراقبون أن الوجود الأجنبي في أفغانستان ساهم بشكل كبير في ترويج الفساد الإداري في دوائر الحكومة والمؤسسات غير الحكومية.

إن مشكلة الفساد في أفغانستان متجذرة وعميقة ولا يمكن لبرنامج واحد أن يجد لها حلًا، بل بالعكس إن محاولات الولايات المتحدة لمحاربة الفساد والتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان باءت بالفشل وأصبحت مكلفة للغاية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى