الفـــــــرار
قد يجد الجبان ألف حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو .. الفرار !
في هذه الأيام عند ما يربط الاحتلال أحزمة الحقائب للانسحاب يقوم العملاء والخونة والمرتزقة في طوابير طويلة لكسب تأشيرة بلاد أسيادهم لأنهم يرون أنهم في مهب الريح عند غياب الأسياد لأنهم ارتكبوا ما يندمون عليه الآن فالغزاة راحلون بإذن الله تعالى والنصر للمؤمنين آت لا محالة .
أحيانا يقع أناس في ابتلاء المال والجاه والمنصب فيصيرون عملاء للأجانب فيفعلون ما يندى له الجبين وهكذا أصبحت طغمة من الخونة عملاء للاحتلال في بلدنا فإنهم لعبوا دور العمالة والخيانة والعبوديّة للغزاة والمعتدين بمعنى الكلمة ارتكبوا انتهاكات ثابتة وموثقة لحقوق عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من الأفغان وسجلوا في التاريخ بهذا الاسم.
فالاحتلال أتى بهم و لم يأت بالأمن والاستقرار إلى البلد ولن يأتي بها كما أنه لم يقم بسيادة القانون ومكافحة الفساد وتوفير التعليم بل إنه جعل الفساد يتأصل ويتفاقم في الحكومة وتنتشر انتهاكات حقوق الإنسان وإن نعراتهم التي كانوا ينادون بها من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتعليم المرأة وتثقيفها وتوفير فرص العمل ذهبت أدراج الرياح حيث تحولت الديمقراطية الجوفاء إلى حكم جوقة من الفاسدين والمرتشين العملاء ما فعلوا فعل شيء تجاه البلاد والعباد.
إن الجميع يعرفون أن العملاء منفورون في كل المجتمعات ولاسيما في مجتمعنا المسلم الغيور على دينه وبلده ولذلك هاجم المجاهدون على عميل الاحتلال رقم واحد حامد كرزاي مرارا أولا في 5 سبتمبر 2002 في قندهار مما أدى إلى إصابة كول آغا شيرزاي ضابط العمليات الخاصة الأميركية.
وفي 16 سبتمبر 2004 نجا عن صاروخ على طائرة هليكوبتر التي تقله وكانت في طريقها إلى غارديز وفي يونيو 2007 حاول المجاهدون لاغتياله في غزني وفي 27 نيسان 2008 هاجم المجاهدون عليه أثناء عرض عسكري وهرب كرزاي تاركا ورائه العباءة والطربوش كما خطط المقاومون لاغتياله في أكتوبر 2011 بينما كان كرزاي يزور الهند لتوقيع اتفاق استراتيجي هام مع مانموهان سينغ لكن في جميع هذه المحاولات نجا كرزي ليكمل سجله الإجرامي الذي لا يعلم مداه إلا الله.
فهذا هو رئيس الدولة فما ظنك بالعملاء الآخرين؟
نقول إن حياتهم بلاشك حتى في ظل أسيادهم في خطر فما بالهم عقب رحيل الأسياد وسيكون مصيرهم مثل مصير عملاء أمريكا في فيتنام حيث كان العملاء الفيتناميون يتعلقون بالأجزاء البارزة من بدن آخر طائرة هليكوبتر أمريكية التي تغادر فيتنام من أمام مقر سفارتها في العاصمة سايجون وكان منظرا عجيبا للغاية وان هزيمة أمريكا في أفغانستان تشابه هزيمتها في فيتنام تماما ويستحضر في الذهن كيف هرب سفيرهم من ساحة السفارة من سايغون تاركا حذائه كم كانت فرحة المستضعفين كبيرة بالسفير الهارب والراكض كي يلحق بطائرة الهليوكوبتر التي أوشكت ان تقلع من فوق سطح السفارة واضطر من فرط هلعه أن يترك حذائه فحياته أغلى من الحذاء رغم كل شيء مع انه حذاء فاخر ونفيس فالتقطت الكاميرات صورة الحذاء مثل حذاء منتظر الزيدي بفارق ان حذاء الزيدي كان حذاء الحريّة والتخلص من الاحتلال وحذاء السفير الهارب حذاء المعتدي والغاصب لأرض الغير وبثتها القنوات للعالم فكان هذا مشهد نهاية الغطرسة الأمريكية في الفيتنام واليوم دورها في أفغانستان لأن شعبنا الأبي اغرق الأمريكان وقادتها الحمقى في الوحل وأدخلهم في متاهات لانهاية لها وكما يقال في الأمثال وقع في الهوّة تترامى به أرجاؤها فلابد من الهزيمة والهروب .
لاشك إن العملاء لديهم قلق كبير علي مصيرهم ولا يعرفون هل سيمنحون حق اللجوء إلي أمريكا، بريطانيا، استراليا، سويد، المانيا، كانادا والدول الغربية أم سيتركون ليتلقوا “جزاء سنمار” بعد رحيل قوات الاحتلال؟
نحن نرى ونعتقد أن الكفار يقفون مع حلفاء هم إلى حين انتهاء المصلحة التي يرونها فيهم وسوف يأتي يوم أن هؤلاء الغزاة سينقلبون عليهم واحداً تلو الآخر عندما يكتشفون أنهم أصبحوا بضاعة فاسدة وعندها سيبيعونهم بثمن بخس وسيكونون فيهم من الزاهدين.
واليوم وفي وقت يقوم فيه الجيش الأمريكي بالانسحاب التدريجي لقواته يسعى أكثر من 6 آلاف فقط من المترجمين الأفغان للحصول على تأشيرات غربية الذين جازفوا بحياتهم لخدمة الاحتلال مقابل أنهم يتقاضون راتبا عندما يسافرون بصفة دائمة مع القوات الأمريكية المعتدية حوالي 900 دولار أمريكي شهريا بينما يتقاضي الذين يساعدون المحققين حوالي 650 دولارا شهريا.
وقد أورد وكالات الأنباء أن احد المترجمين باسم طارق الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل خوفاً من تهديدات “المقاومة الإسلامية” عمل إلى جانب بعض من أعلى القادة العسكريين الأمريكيين في جنوب أفغانستان منذ عام 2006عندما كان في السابعة عشرة من عمره فإنه كان ينظر إلى التأشيرة الأميركية باعتبارها سبيله الوحيد للخلاص والهروب من المهلكة.
وقد تقدم طارق بطلب الحصول على التأشيرة لأول مرة في عام 2008 وقدم ضمن ملف طلبه كومة من التوصيات التي كتبها له ضباط أميركيون يشيدون فيها بخصاله وتفانيه في العمل حيث وصفه أحدهم بأنه “نموذج يحتذى بالنسبة لمواطنيه” وقال آخر إن التزامه “عرضه وعائلته للخطر” ثم أضاف ثالث أنه “ممن يدعمون بشدة الوجود الأميركي في أفغانستان”.
وعلى مدى سنوات كان طارق يتحقق من وضع طلبه على الإنترنت ويضيف مزيداً من التوصيات المشيدة إلى ملفه ولكن في سبتمبر الماضي تلقى طارق رسالة عبر البريد الإلكتروني من وزارة الخارجية الأميركية تقول إن طلبه قد رُفض لأنه “قد يكون إرهابياً أو ربما يكون قدم دعماً مادياً لمنظمة إرهابية” ولكن الرسالة لم توضح أي منظمة وعلى رغم الاتهام إلا أن عمله مع الجيش الأميركي في قاعدة قندهار الجوية لم يتم إنهاؤه.
وأخيرا أعلن مصدر فى مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن حوالي 600 مترجم أفغاني الذين “يخدمون” مع القوات البريطانية في أفغانستان سوف يحصلون قريبا على حق الإقامة في بريطانيا.
وكان ثلاثة أفغان قد عملوا مترجمين مع الجيش البريطاني في بلادهم ويخشون على حياتهم من المقاومة الإسلامية في حال انسحب الجيش البريطاني من أفغانستان.
يذكر أن ما لا يقل عن 21 مترجما أفغانيا ذاقوا وبال أمرهم وقتلوا في السنوات الخمس الماضية وجرح عدد كثير منهم وقد تقدم الثلاثة المذكورون مطلع مايو في لندن بمراجعة قضائية بهذا الخصوص.
ووقع 78 ألف شخص عريضة طالبوا فيها بحق اللجوء السياسي للمترجمين الأفغان وقد سلمت نسخة منها أيضا لوزارة الخارجية.
لكن بخلاف رئيس الوزراء البريطاني رفض في هذا الصدد كلاوس بلومنتريت مفوض حكومة المستشار جيرهارد شرودر لقضايا اللاجئين الاعتراف بلجوء الأفغان وقال في رسالة وجهها الى منظمة «برو ازول» المدافعة عن حقوق اللاجئين ان حركة طالبان الأفغانية «لا تشكل خطرا على الحياة الشخصية للعائدين إلى أفغانستان» وجاء في الرسالة انه «عدا عن التفرقة بين الجنسين والتعليمات المتعلقة بطول الشعر واللحى فان طالبان لا تشكل خطرا على سلامة الأشخاص العائدين من الخارج».
كما اعتبرت قيادة القوات المسلحة السويدية أن المترجمين الأفغان العاملين مع القوات السويدية في أفغانستان يمكن أن يتعرضوا لعمليات انتقامية وعبر العديد من المترجمين البالغ عددهم 30 مترجماً العاملين هناك عن مخاوفهم مما يمكن أن يحدث لهم بعد أن تغادر القطاعات السويدية أفغانستان العام المقبل وسلم هؤلاء مكتب السفارة السويدية طلبات لجوء إلى السويد.
ويذكر أن حوالي 525 مترجما أفغانيا عملوا مع القوات الأجنبية في دوريات قتالية وفى أماكن خطيرة أخرى منهم نحو 30 مترجما استقالوا من عملهم العام الماضي بسبب تهديدات من المجاهدين كما تقدم ثلاثة من الأفغان الذين عملوا مترجمين فوريين لدى الجيش البريطاني في بلدهم في لندن بطلب إلى القضاء للحصول على حق الإقامة في بريطانيا الذي ترفض الحكومة منحه لهم وكان هؤلاء قد حصلوا على مساعدة مالية وتأشيرة دخول مفتوحة واستثنائية لبريطانيا ولكن هذا هو رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أوصاهم أخيرا أن المترجمين الأفغان يجب ان يبقوا في بلدهم للمشاركة في إعادة الاعمار (على حد قوله).
حقا إن مصير العملاء سواء كانوا من الرؤساء والضباط والمرتزقة والمترجمين بعد رحيل الأسياد ان لم يكن في خطر فيكون مشؤما ونحسا للغاية لأنهم ارتكبوا أعمالا بشعة بحق بني جلدتهم وإخوانهم في فترة الاحتلال .
وقديما سمعنا في الجزائر إن الفرنسيين شكلوا ما أطلق عليه “الحركيون” وهم الجزائريون الذين ساندوا الجيش الفرنسي ضد المقاومة الجزائرية وقد ألحقوا الكثير من الأذى بالمقاومة الجزائرية ويتعامل الفرنسيون مع أحفاد هؤلاء داخل فرنسا بكثير من الإهانة والاحتقار كما أن الحكومات الجزائرية المتلاحقة رفضت عودة هؤلاء إلى الجزائر رغم مرور عشرات السنين على هروبهم إلى فرنسا.
ويذكرنا ههنا قصة نابليون بونابرت فقد أسس مليشيات مسلحة لخدمة قوات الاحتلال الفرنسي في مصر وقاد تلك المليشيات ضد أبناء مصر (يعقوب المصري) الذي نبذه المصريون واحتقروه فطلب من نابليون أن يأخذه معه حتى لو كان جثة هامدة ولبى نابليون رغبة العميل المصري ووضع جثته القذرة داخل برميل وأخذه معه إلى فرنسا ليدفن مع العملاء الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم للمحتل هناك.
كما يصف مؤلف كتاب عدالة السماء احد هؤلاء الخونة عميل
الاحتلال، المؤلف يذكر انه زار احد المرضى طريح المستشفى وكان يسمي نفسه الكولونيل وكذلك يسمونه الأهل والأطباء والممرضات ايضا ، يقول اللواء ركن محمود شيت خطاب إن المريض:” كان ضابطا قديما عمل في شرطة الفرنسيين يوم كانوا يحتلون لبنان ولم تكن المصطلحات قد عرّبت كان عقله حاضرا وكان منطقه سليما وذاكرته واعية وقلبه ينبض وهذا كل ما بقي له في الحياة وأمراضه التي ابتلي بها كثيرة: الضغط والسكر والصلب في الشرايين وتسمم الدم و تلف الكبد والكلي تهري لحم الرجلين والجسم كان يصحو نهارا ولكنه ينهار ليلا وحين زرته أجهش بالبكاء وحدثني بقصته فقال: كنت في شرطة الفرنسيين وكنت برتبة الكولونيل أقود الشرطة المحلية وكان اسمي يخيف أشجع الشجعان .
الفرنسيون يعتمدون عليّ وكنت اخلص لهم كل الإخلاص وكنت أؤدي واجبي على أحسن ما يرام فإذا عجز الفرنسيون عن اكتشاف جريمة من الجرائم احضروا المتهم إلي فكنت استخلص منه الاعترافات بالقوّة.
كنت لا أرحم أحدا وكنت أمارس أنواع التعذيب وكان المجرمون ينهارون فيعترفون بما أريد أو يريدون الفرنسيون فيساقون إلى المحاكم لينالوا ما يستحقونه من العذاب.
مضى يسرد على مسامعي أربعة وثمانين نوعا من العذاب كان يمارسها مع المتهمين فاقشعّر بدني من هول سرده وتعذيبه ثم قال وما أعانيه اليوم عذاب من الله.
فقد سقت إلى المحاكم كثيرا من الأبرياء وعذبت كثيرا من الصالحين إرضاء لأسيادي الفرنسيين، نعم، مضى الفرنسيين إلى غير رجعة وبقى الكولونيل تلاحقه اللعنات حتى من زوجته وأولاده وذوي قرباه، ويتمنون على الله أن يموت ولكنه يعذب نفسه أكثر مما يعذب الآخرين، رحل أسياده وبقى مكروها من الناس مكروها من أهله، أبقى الله لسانه ليحدث الناس من أعماله الإجرامية وأبقى ذاكرته واعية ليعدد على الناس ما اقترف من آثامه وأبقى عقله حاضرا ليتذكر ويندم، ولات ساعة مندم أبقى الله قلبه ينبض حتى يتحمل عذاب الدنيا ولعذاب الآخرة اشدّ وأقسى فهل من معتبر! ؟