مقالات الأعداد السابقة

الفوضى تنحر هیاكل الاحتلال

بينما الشاحنات المحملة بالوقود تعبر عن شعاب أفغانستان، والطائرات تتحلق في السماء تراقب تحت الصقور، والجنود يواصلون خطف كثير من الأبرياء واقتيادهم إلى جهة مجهولة محتجزين قيد التحقيق، وينهب أموالهم ويحكم عليهم بتهمة الإرهاب وينهالون عليهم بالضرب المبرح رغم تمعن القتل والتدمير وبعث أحداث القمعية العنيفة والمخططات المشبوهة، وقتل الأبرياء قبل المقصودين، وتنفيذ جرائم وانتهاكات أمام أنظار العالم والقيام بأشد معاني القمع والاستنكار للأعمال البربرية التي يقوم بها الاحتلال تارةً، وبمرتزقيها تارةً أخری وشدة البحث والتحرّي في البلاد لإخضاع حركة الجهاد القائمة فيها لكنها بكل الكوارث التي تنفذها تجد ما لا تشتهي ، وتشتهي ما لا تجد؛ لأنها أخطأت في الاختيارات وأخطأت في الأولويات وأخطأت في الاتجاه الذي تسير به في أفغانستان فإن الأساليب القاسية التي تتمسك بها أدت إلى خسائر جمة في أفغانستان للشعب الأفغاني المضطهد أولاً والبوء بالفشل والقلق والانهيار الاقتصادي للولايات المتحدة وحلفائها ثانیاً.

 

أما من النكسات الملمة للشعب: المعاناة الشديدة من الهجمة المريرة من قوات الاحتلال التي شهدها الشعب لاسيما العالم الإسلامي ولا يزال أثرها السلبي في مجرى التاريخ الإسلامي وتحصل خلالها ممارسات عنيفة ضد العزّل من الناس.

إن الغرب بقيادة أميركا شكلت ممارسات قمعية بأبشع صورها وأسوأ أنواع الإرهاب ومظاهره، بدعوى نجدة أفغانستان من الإرهاب من دون تفريق بين ضعيف وقوي فابتدروا بالقتل والنهب وتمثيل الجثث واغتصاب الثروات والموارد الطبيعة والتنكر لكل قيم الإنسانية وشحن عقول العملاء بأفكار بالية محشوة بالأساطير الفارغة كي يكونوا

بمثابة الداعم الأساسي للاحتلال واستمرار سيطرتها وقوتها في اقتراف أبشع جرائم الحرب.

إنها تدوس القوانين الدولية والإنسانية مرارا بحجج واهية مثل الخطأ في التصويب والاعتذارات التي تتجاوز معناها عن العذر إلی معنى السخرية والخداع كلما تنتهك الحرمات وتقتل الأطفال على مسمع العالم وممارسة عمليات التعذيب للمعتقلين حتى بعد اندلاع فضيحتها في بعض السجون التابعة للاحتلال والقيام بإحداث مجازر مختلفة في أفغانستان بحق المستضعفين في جنح الليل الحالك وإطراء وابل الثناء على القائمين بهذه الاجرامات الوحشية حتى توجيه المساعدات العسكرية إليهم، وقد تعودوا بتبرير أعمالهم بأعذار واهيةٍ مما لا تستطيع أي فصاحة جدلية أن تدافع عن هذا الوضع الاستعماري مهما أوتيت من مهارة وخبرة حيث ان اعتبر قواعد الحرب وتقاليد القتال فإنه من الصعب علينا أن نجعلهم في مصاف الجيوش بل في مصاف الوحوش؛.

إن من مخططات الاحتلال في أفغانستان التركيز علی قضايا الاقتصادية فبما أن الاقتصاد من العوامل المهمة في حياة الإنسان فإيجاد طقس لانخفاض مستوى المعيشة تبعث مشاكل اقتصادية متفاقمة كدرة ربما لصالح الاحتلال وقد أدت القتل والدمار والاعتقال إلى انتشار البطالة الشاملة المودية إلی احتواء شعب الأفغان بالفقر القارس والحرمان الشديد من أبسط الحقوق والخدمات للمواطنین وقد شكل الفقر ضغطا معنويا فضيعا علی أوضاعهم وأعصابهم وهذه الأزمة تولد طبقات متباينة (وقد ولدت ) فتوجد أفرادا يلعبون بالملايين وتموج خزائنهم بما امتصوه من الفقراء وأرصدتهم في البنوك بأرقامها السرية لا يعلم مقدارها إلا الله.

كما سمعنا وسمع العالم بأجمعه سرقة عجيبة متشابكة

حدثت في بانك (كابول بانك) حيث سحب19شخصا -كان محمود كرزاى شقيق حامد كرزاى منهم- 900 مليون دولار من ودائع الناس والحال هناك جماهير لا يجدون ما يحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء، وليس لهم خزائن إلا الجيوب التي كثيراً ما تشكو الإفلاس والنهب والارتشاء. 

ومن جانب آخر إن النفقات الباهظة التي تنفقها الاحتلال لدحر المسلمين ألحقت باقتصاد العدو أضراراً بالغة، وجعلته يعاني من الضغط المرير.

إن خبراء الاحتلال كانوا تنبئوا بأن هذه الأحداث لا ترأب الصدع ولا تروي الغليل بل تجعل الشكوك والمخاوف تحلان مكان الأمل ولكن هناك حقيقة قد عموا عنها أو تعاموا وهي أن أرض الأفغان أرض الإسلام والجهاد والبطولة ستسموا رغم التحديات والمصائب الكبيرة التي تواجهها ولن تتأثر بأي أذى لأنها مزودة بالإيمان الذي ينجيها من الأزمات وإن دارت بها الضربات .

إن المأساة لا تزال موجودة مادام الاحتلال موجود وإن أفغانستان لا تجد نفعا بأن تتعامى أو تغلق أبصارها عن الحقائق الفظيعة وان تريد العزة والسيادة والبراءة من الكافرين .

إن أرض الأفغان تؤمن أن بقائها بجهادها، فعضته بنواجذها ولذلك اتفقت عليها الديانات الباطلة الصليبية واليهودية والوثنية والشيوعية رغم اختلاف بعضها ببعض لكنها اتفقت حينما تشهد ريح الإسلام تهب في أفغانستان فأرادت أن توقف الجهاد بالتنكيل والإبادة الجماعية لكنها باءت بالفشل لأن حركة الجهاد لا تفرغ ولا تنتهي؛ لأن إعجاب أرض الأفغان بالجهاد لا يفرغ ولا ينتهي.  

لأنها تفهمت باحتياجها الشديد بالجهاد كى تفسر به حقائق حياتها وتجعله وسيلة من وسائل تغييرها لتكون أعز مما هي في العزة وأكرم مما هي في الكرامة ذلك الذي لا تطمئن النفس إلا به ولا يكمل معنى الاستقلال إلا به.

وإن حركة الطالبان التي تقوم بالجهاد بعيدة عن التطرف والتشدد والتعصب؛ بل تدعو إلی الوسطية التي تحمل العدل والعزة وإعلاء كلمة الله والتخلص من الكفر البواح الغاشم الذي لا يعرف للإسلام معنىً والتخلص من العملاء والخونة المنتمين ببلاد المسلمين الذين جعلوا تركيزهم علی المظاهر والشكليات وأخذوا من الدين شكله ومن القرآن رسمه بدل التركيز على الجوهر وهو الأهم ومن يعبدون الأمريكا كإله يأمر وينهى .

هم من يعبدون الله علی حرف فأغلقوا علی أنفسهم أبواب الكرامة والتطور من خلال تقاعس ظنوه تدينا وبصبصةً سموها التزاما بما أمر الله به هم من يقول الله فيهم (ومن الناس من يعبد الله علي حرف فإن أصابه خيرا اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب علی وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين). 

إذن شن الكفر حرباً عنيفاً في أفغانستان بكل معاني الحرب من إهراق دم المسلمين ودموعهم، وما أعز تلك الدماء وما أعز تلك الدموع كان ذلك دليلاً علی أن المسلمين تفلّتوا من أوهام الاحتلال السياسية وخرافاتها، وعرفوا مؤامرة الكفر بمقدار ما ابتلوا بها و كذبوها بأضعاف ما صدَقوها. 

إن محنة أفغانستان إنما هي محنة الإسلام يجب الحفاظ علی شخصيتها العزيزة وأن المساعي التي تبذلها الاحتلال لتغيير نمط الإسلام فيها بنمط غربي فاسد لتسرق الإسلام من قلوب تحبه و تعشقه.

لا تزيل هذه المؤامرات إلا مواصلة الجهاد فإن الجهاد جعل من أميركا جيفة يجب كنسها من أفغانستان، وان الجهاد قوة روحیة تقود التاریخ مرة أخری بقوی النصر لا بعوامل الهزیمة، وقد اعترف أعلام الاحتلال مرارا وتكراراً بأنّ حركة الجهاد سجّل نصراً كبیراً في قطاع كذا وكذا.

إن المسلمین قد تنبهوا بأنّ حركة الجهادية (الإمارة الإسلامية) هی السبیل الوحید لدحر الاحتلال فناصروا الجهاد وأهله بما استطاعوا.

إن المجاهدين یریدون المقاومة بالروح الجهادیة لا بأحلام الفلاسفة، إنهم انتزعوا من أنفسهم تلك الخرافة التی تعتقدها فئة سخیفةً بأنّ أمیركا لا تفشل، ثم اظهروا بنصر من الله وعونه فشل العدو في جميع مشاريعه الاستعمارية وسیزیدون نطاق هجماتهم الحاسمة علی الاحتلال عن مستواها العالي الحالي، وأن كل قطرةٍ من دمائهم لا تنحدر إلا وتذهب لتوقض جیلاً یجاهدون لله ویموتون في سبیله. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى