مقالات الأعداد السابقة

القرار الصائب لكندا وأستراليا بعد الهولندا!

بعد إنهيار الحكومة الهولندية بسبب الحرب الأمريكية في أفغانستان، هاهما كندا وأستراليا تتبعان نفس الخطوات واتخذتا قراراً بإخراج جنودهما من أفغانستان دون أي قيد أو شرط إحتراماً لإرادة شعبيهما.
لقد إستخدم الأمريكيون طوال السنوات التسع الماضية جميع أنواع الحيل والخداع لإظهار حرب أفغانستان على أنها حرب دولية ، وبالأخص حرب مشتركة للغرب كله. وأن فوائدها وأضرارها مشتركة لهم جميعاً . وبهذه الحيل والدسائس جرت أمريكا بعض الدول إلی الحرب في أفغانستان. لكن بمرور الوقت ليس فقط انكشف الوجه الخبيث لأمريكا الأنانية لدی الأفغان؛ بل إفتضحت أمام دول تحالفها العدواني أيضا ، وعرف الجميع بأنها لاتعرف إلا مصالحها ومنافعها ولاتحترم مصالح ومنافع غيرها.
إعتقدت أكثرية الدول الغربية المتورطة في حرب أفغانستان أن لها مصالح خاصة في هذا البلد منفصلة عن الأمريكيين، حيث أوعزت أمريكا لها بأن لأفغانستان موقع عسكري وإقتصادي حساس، وعلی المدی القريب والبعيد يمكن أن يكون لتلك الدول نفوذ، وتأثير علی المنطقة برمتها.
وعلی إثر ذلك قامت الدول الغربية في نفير جماعي بإحتلال مناطق وولايات أفغانستان ووزعتها فيما بينها وقدمت وعوداً بالحفاظ على أمنها وإعادة إعمارها، وتشجعت للقتال وشن المعارك ضد المجاهدين.
لكن خلال السنوات التسعة الماضية إزدادت قوة المجاهدين يوما بعد يوم، واشتد تنافر الأفغان تجاه القوات الأجنبية، وتكبدت قوات الإحتلال خسائر فادحة خلافاً لتوقعاتها.
وعلاوة علی ماذكر بلغت الديكتاتورية الأمريكية وتدخلها السافر مرحلة لا حود لها.
كل هذه العوامل صارت سبباً بأن يفتر ويضعف التحالف الأمريكي لقضم وهضم أفغانستان، وبدأت تنكسر حلق سلسلته وتنفك واحدة تلو أخری.
یری كثير من المراقبين بأن الأمريكيين غير مستعدين بأي ثمن لأن تلعب باقى دول العالم أي دور في أفغانستان، أوأن تكون أفعالها سبباً فی كسب ود الأفغان.
يقول السياسي الفرنسي”مورك سين” : هناك حوادث كثيرة خلال السنوات الثماني الماضية تدل على أن الأنانية الأمريكية تضع العراقيل والموانع علناً وخفية أمام الدول الأخری. ثم يضيف قائلا: تقوم القوات الفرنسية أو الألمانية أو الكندية أو غيرها بمساعي إعادة الإعمار، وخدمات إنسانية وفق رضی وميل الأهالي في بعض المناطق في أفغانستان، لكن حين يعلم الأمريكيون بأن تلك الدول أثرت هنالك ومدت جزور المساعدة فيها، فيقومون بأعمال إستفزازية فيها كالغارات الجوية، وتعذيب الناس، ومداهمة منازلهم وهلم جرا، وینسفون كل ما بنته تلك الدول. لهذا السبب وما شابه من السياسات الأمريكية التوسعية، وثمانون في المائة بسبب الحضور العلني للمجاهدين ، حدثت الشقوق والإنقسامات في التحالف العدواني المتشكل بالوسوسة الشيطانية الأمريكية. وبدأت دول التحالف تفر من حرب أفغانستان واحدة تلو أخری لأنها أدركت بأن هذه الحرب مبنية علی أساس السياسة والمصالح الأمريكية والبريطانية بشكل مطلق، ويستفاد من بقية الدول المشاركة فيها كحطب لإيقاد النار.
بعد إنهيار الحكومة في هولندا بسبب المهمة العسكرية لهذه البلاد في أفغانستان حيث عارض البرلمان بشكل قاطع ذلك التواجد العسكري ، هاهو الشعب الأسترالي والشعب الكندي ضغطا بأكثرية كبيرة علی حكام بلديهما بسحب القوات العسكرية من أفغانستان، وقد إنقاد حكام البلدين رسمياً للمطالبة الشعبية، وأخبروا حلف الناتو وأمريكا بموقفهم وقرارهم .
بحسب المراقبين فإن قرار إنسحاب كندا وأستراليا ليدل علی حقيقة لأن العد التنازلي لزوال الأمبراطورية الأمريكية وسيادتها قد بدأ ، كما بدأت شمسها تغيب. إن أمريكا لا تنهزم فقط فى الميدان العسكرى ، بل تنهار أسس نظامها الإجتماعي أيضا.
وإن لم تغير مسيرها عن الطريق المار من فوق الحفرة، فلا مفر لها مهما تحايلت ، من أن تسقط فيها إن شاء الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى