
اللاجئون الأفغان یحطمون الرقم القياسي بعد السوريين
منذ احتلال بلدنا بأیدي الاتحاد السوفییتي وعدوانه السافر ضد شعبنا الأبي الباسل، اضطر أبناء هذا الشعب للهجرة إلی البلدان المجاورة. وبعدما خرجت قوات المحتلین السوفییتية من بلدنا خائبة خاسرة، وجاء دور حكومة المجاهدین، اندلعت بين الأحزاب الحروب الداخلیة الطاحنة التي قضت علی موارد العیش وسببت الهلاك والدمار وخربت البیوت والمباني، وبدّلت أفغانستان جحیماً لا يُطاق، وأجبرت الشعب على مغادرة البلد واللجوء إلی البلدان الغریبة. وقد تحمّل الشعب مشاق الهجرة حفاظاً على دینه وتحرزاً من الوقوع في الاقتتال الداخلي، وللحصول علی الرزق الحلال.
وعندما أخذت الإمارة الإسلامیة دفة الحكم، وطبقت قوانین الشریعة وأقصت العاضّين علی كراسي الحكم بالنواجذ، عاد النشاط والأمن إلی البلد. وعاد كثیرٌ من المهاجرین إلی أفغانستان، فعاد من عاد وبقي من بقي في تلك البلاد.
حتی إذا جاء دور النظام الحالي الذي نشأ وترعرع في أحضان البلاد الأروبیة والأمریكیة، أدار حملة دعائیة عبر وسائل الإعلام لحث المواطنین المهاجرین للعودة إلی البلد. فكانت وسائل الإعلام من قنوات فضائیة وإذاعات حكومیة وخاصة تصوّر أفغانستان كجنة آمنة تحظی بأمن شامل واقتصاد سالم، وطمأنت المهاجرین أن الحكومة سیطرت علی البلد تماماً وهي تسعی سعیاً حثیثاً لإرساء قواعد الأمن والاقتصاد، والتعلیم والتربیة الصحیحة في البلد.
فاغتر كثیرٌ من المهاجرین الباقین وعادوا إلی البلد، ودخل المهاجرون إلى البلد أفواجاً، فارتفعت الأسعار، خاصة سعر الأراضي والبیوت السكنیة والمباني. وعاد النّشاط إلی أفغانستان مرة ثانیة. وكانت المساعدات الدولیة التي تلقی في أفواه الشعب المسكین قد أصمتهم وأعمتهم عن رؤیة الواقع المریر والمستقبل الحالك. وقد علقوا آمالهم الطیبة النبیلة في الحصول علی الرفاهیة ورغد العیش والنجاة الأبدیة من الهجرة واللجوء إلی البلاد الأخری. ولكن بعد مدة لا بأس بها بدت ملامح الفشل في جبین الدولة العمیلة إذ لم تستطع تحقیق عشر معشار ما وعدت به الشعب في وسائل الإعلام، وبمرور الأیام ازدادت فشلاً وخذلاناً. ولكن الشعب صبر لعل الوضع یتغیر على يد الحكومة التالیة بعد الانتخابات. وعُقدت الانتخابات وظهرت النتائج بعد جدال كبیر ومدة طویلة، فتسلمت حكومة الوحدة الوطنیة ذات الرأسین زمام الحكم، ولكنها -كسابقتها- لم تستطع تحقیق الوعود وتحقيق آمال الشعب؛ بل ازداد الطین بلة وكثرت المشاكل وتورط الشعب في مزالق الفقر والبطالة وعدم الحصول علی موارد العیش.
عندئذٍ بدأت الاعتراضات والصرخات ضد الدولة، وبدأت الهجرة من جدید، لكن هذه المرة غادر البلد المهاجرون العائدون الذین یئسوا من الدولة العمیلة. أما البقیة الباقیة التي لم تهاجر قط وتحملت جمیع المشاكل وفضّلتها علی الهجرة؛ أُجبرت هي الأخرى علی الهجرة واللجوء إلی الخارج، بعد تنامي أزمة الفقر وتفشي البطالة والرشوة وتغلغل الفساد في الإدارات والمراكز الحكومیة.
وقد أظهرت الأرقام الرسمیة هجرة عدد مهول من المواطنین إلی الخارج فراراً من الفقر وتحریاً لمأمن یعیشون فیه. ووفقاً للأرقام الرسمیة التي أعلنتها وزارة شؤون المهاجرین عن الهجرة في الأشهر الستة الأولی من العام 2015م، فقد هاجر أكثر من 150000 أفغاني، ولكن الأرقام غیر الرسمیة أكثر بكثیر ممّا أعلنته الوزارة.
وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن أفغانستان تحتل المكانة الثانیة بعد سوریا في الهجرة.
وقد صرّح وزیر شؤون المهاجرین أن السبب یرجع إلی الفقر والبطالة ویأسهم من الحكومة وعدم الثقة بها.
ومن جانب آخر، قال رئیس مكتب منظمة الأمم المتحدة العلیا لشؤون المهاجرین: في العام الماضي رجع 57000 مهاجر أفغاني إلی بلدهم، وفي المقابل هاجر من الوطن ثلثي هذا الرقم ولجأوا إلی البلاد الأروبیة. بالإضافة إلى أن أكثر من سبعة ملايين أفغاني هاجروا إلى البلدان المجاورة مثل باكستان وإیران. كما أن آلاف من المهاجرین الأفغان یعیشون الآن في استرالیا. ( المصدر: موقع صدای آمریكا؛ 24 قوس 1394).
و قد اضطرت أزمات البلد الحكومة الحالية إلى إلقاء اللائمة علی عاتق حكومة كرزاي، حيث قال عبدالله: إن سبب الأزمات والمشاكل هي السیاسات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة السابقة.
ومؤخراً، بعد أن تفاقمت أزمة الهجرة، شنّت الصحف والمجلات حملة شرسة ضد برامج الدولة الخاطئة خاصة أنها لم تستطع تحقيق ما وعدت به أبناء الشعب الأفغاني.
إن سیاسة الحكومة الخطیرة تكمن في أنها لا تبالي باتخاذ خطوات عملية نحو إنشاء المصانع والمعامل لتشغيل أبناء الشعب الأمیین، لأجل أن تضطرهم إلى الالتحاق بالجیش والقیام ضد إخوانهم المجاهدین. ورغم ذلك اختار الشعب الهجرة وفضّلها علی الالتحاق بالجیش وقتال أبنائه المجاهدین.
إنّ مستقبل أفغانستان في ظل النّظام الحالي مظلم جداً، فإما أن هذا النظام لا يرید فعل شيء لصالح المهاجرین وإما أنه لا يستطیع، وهذه حكایة طويلة لا ندري إلی متی ستدوم!؟
لاشك أن ملف قضیة الهجرة سيُحل بعد إیجاد اقتصاد قوي یشمل جمیع أطیاف الشعب. ومن المعلوم لدی الجمیع أن الحرب الظالمة على أفغانستان أثرت بشكل كبير على الاقتصاد في البلد، الأمر الذي تسبب بدوره في خلق أزمة مالية خطيرة لأمريكا وللدول الأوروبية.
نرجو الله سبحانه وتعالی أن يرزق شعبنا الأمن والسعادة في ظل النّظام الإسلامي العادل. وما ذلك علی الله بعزیز.