مقالات الأعداد السابقة

المأساة السورية في عيني عمران دقنيش

بقلم: أسد الله

شهد العالم صمت بريء ونظرات تائهة من هول ما لا يمكن لطفل إدراك مغزاه. هذه الصورة توجز للعالم ردة فعل الطفل عمران دنقيش ذي الستة أعوام، بعدما انتشلته فرق الدفاع المدني من تحت أنقاض بناية تعرضت لقصف جوي يعتقد أنه روسي أو “سوري”.

كان “عمران” مصدوماً على ما يبدو، لكن المؤكد أنه صدم العالم الذي شاهد لقطة فيديو وصوراً له بوجهٍ لم تُخفِ ملامحه الغضة دماء اختلطت بتراب الأنقاض وغبارها، جراء القصف.

عمران الخارج تواً من تحت أنقاض منزله، كأنما خرج من تحت أنقاض سورية كلها، صارخا بصمت: أما حان الوقت لتنتهي هذه المأساة؟

أبكى عمران دقنيش، الطفل السوري ذو الخمسة أعوام، الكثيرين حينما ظهرت صورته وهو جالس مذهولاً داخل سيارة إسعاف، وهو مغطى بالغبار، والدماء تسيل من وجهه، بعد دقائق على إنقاذه من تحت الأنقاض جراء غارة استهدفت منزله بمدينة حلب.

وتشير المعلومات الواردة عن قصة عمران، إلى أنه  كان مع أمه وأبيه وشقيقه وشقيقته أثناء تعرض منزلهم للقصف، ومنزلهم يقع في حي القاطرجي بمدينة حلب في سوريا، وقد قُصف مساء الأربعاء بقنبلة خلال غارة جوية لا يُعرف على وجه الدقة من المسؤول عنها لحد الآن، واتهمت روسيا بشنها، وسُحب هو وعائلته أحياءً من تحت ما تبقى من منزلهم بعدما دفنوا تحتها.

بدأ عمران يتحسس وجهه الغارق بالدم والغبار، يتأكد أنه ما زال حياً، ويحاول أن يجد طريقا لينظف به “الطين” الذي حل بأذنه ورأسه، على إثر دوي الانفجار الهائل الذي وقع بمنزله.

عمران تُرِك داخل سيارة الإسعاف وحيداً تغطيه الدماء، بينما عاد المنقذون إلى الركام من أجل البحث عن آخرين ربما يكونوا أحياء، وهذا يأتي بعد أسبوع فقط من رسالة مناشدة من آخر الأطباء المتبقين في حلب إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما من أجل المساعدة لوضع حد للحرب. وهل تجدي الاستغاثة بمن يأمر بقصفهم وتشريدهم وقتلهم ويتلذذ بذلك؟

خلال خمس سنوات من الحرب فقد الآلاف حياتهم، بينهم مئات من الأطفال، بينما فقد الملايين منازلهم من بينهم عمران، حيث وثّقت الشبكة السورية مقتل أكثر من 19.700 طفل سوري لحد الآن. والمأساة مستمرة ولا حل يلوح في الأفق.

بملامح تعبّر عن عدم إدراك هول الصدمة، جلس عمران دقنيش والدم يغطي وجهه، آثار الركام وغبار الدمار على شعره وجسده، على كرسي برتقالي بانتظار المساعدة الطبية في أحد مراكز حلب الطبية، بعد انتشاله من تحت الأنقاض، ليكون شهادة جديدة على جرائم النظام السوري وحلفائه بحق من كانوا يوماً رعاياه.

ينظر عمران إلى الكاميرا التي تنقل مأساته إلى العالم أجمع، ليضاف إلى سجل جرائم النظام السوري وحلفائه بحقهم، وهم أكثر من مليون سوري، وهو شهادة أخرى أيضاً على الملحمة التي تسطرها حلب في وجه الطاغية.

ومن هنا واجب المسلمين في شتى بقاع الأرض أن يوقفوا هذا النزيف، وإلا سيكتوون بهذه النار التي اكتوى بها الشعب السوري منذ أكثر من نصف عقدٍ من قبل طاغوت مجرم لا يبقي ولا يذر، ولا يرحم والصغير ولا الكبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى