مقالات الأعداد السابقة

المتحدث الرسمي باسم الإمارة الإسلامية ذبيح الله المجاهد يكتب عن ذكريات الشهيد الملا عبد السلام تقبله الله

رحل الشهيد الملا عبدالسلام للأبد، إنه لن يعود إلى هذه الحياة الفانية مرة أخرى، لكنه ترك وراءه دروساً في البطولة والفداء، والحنان والرحمة وحسن الخلق.

إن القتل في سبيل الله فوزٌ عظيم وفلاحٌ نهائي، لأنه ربح التجارة مع الله والتي لا تقبل الخسارة أبداً.

إن قادتنا الشهداء والأحياء كلهم لهم مواقف عظيمة في نصرة الإسلام والمسلمين، وصفات حسنة طاهرة؛ كالغيرة والإباء والبطولة، ولكن بعضهم أٌكرِموا بخصائص لا يملكها الآخرون، ومن هؤلاء بطلنا الراحل الملا عبد السلام تقبله الله.

لقد أفنى البطل حياته كلها في الجهاد في سبيل الله ونصرة دينه وأبلى بلاءً حسناً إلى أن ارتقى شهيداً مضرجاً بدمائه الزكية الطاهرة بصاروخ صليبي أمريكي نحسبه كذلك والله حسيبه. وقد كتب الإخوة الآخرون عن جهاده وبطولاته، وصولاته وجولاته، وأنا سأشارككم بعضاً من ذكرياته من تواضعه وحسن خلقه وطاعته لولاة أمره، ورد المظالم وإرجاع الحقوق إلى أصحابها.

 

السرعة في تلبية حاجات الأهالي:

كان الشهيد الملا عبد السلام حنوناً عطوفاً على الشعب المسلم. وذات مرة شكا لي أحد الشيوخ من مدينة قندوز، أن مسجد القرية الذي يدرس فيه قرابة 60 طفلاً، نزلت فيه مجموعة من المجاهدين، وقد تعطلت بسبب ذلك دروس أطفالهم، وبما أن المسجد وسط القرية؛ فلم تعد النساء تستطيع الخروج لإحضار الماء.

رفعتُ هذه الشكوى إلى الملا عبد السلام تقبله الله، فأجابني بأن أحداً لن يرى هؤلاء المجاهدين في هذه القرية إلى العصر.

ولما اتصلت بأهالي القرية غداً، قالوا لي بأن المجاهدين ارتحلوا عن مسجد قريتنا.

 

عدم الاهتمام بالقومية والعصبية:

ولاية كندوز تعتبر “أفغانستان صغيرة”؛ حيث يقطن فيها قبائل وعرقيات مختلفة من التاجك والأوزبك والبشتون والعرب والتركمان وغيرهم، وينبغي لمثل هذه المنطقة أن يكون المسؤول عليها نزيها من العصبيات القومية والقبلية. كان الملا عبد السلام تقبله الله لا يعرف أحداً بالعرقية والقومية، وكان إنسانا صالحاً ومخلصاً، متحلياً بالتقوى (المعيار الإلهي للتفوق والفضل).

اتصل بي مواطن من مديرية علي آباد، وقال أنه منذ مدة نشبت خلافات بينهم وبين إمام القرية، والأكثرون لا يريدون الصلاة خلفه، وعدة مرات أرادوا ترحيل الإمام، وبما أنه ينتمي لقبيلة البشتون والمؤتمون أكثرهم من قوميات أخرى، والإمام يروعهم باسم المجاهدين ويواصل إمامته للناس وهم له كارهون.

اتصلت بالملا عبد السلام عاجلا فطمأنني بأنه سيجري تحقيقات شاملة حول الأمر، وفي اليوم الثاني اتصلت بأهالي القرية فأخبروني، بأن الإمام طلبه والي ولاية كندوز الملا عبد السلام، وقام بترحيله من المسجد إلى مساء اليوم.

 

كندوز في المركز الأول:

في عام 2009 الميلادي كانت إدارة كابول العميلة تجري انتخابات، وقد تم شن سبعمائة هجوم على العدو في جميع أنحاء البلد، 90 منها كانت في ولاية قندوز، وفي المساء رتبنا تقريراً ونشرناه، ومما جاء فيه أن ولاية قندوز حازت على المركز الأول في الهجمات الجهادية.

ولما رأى الحاج الملا عبد السلام آخند تقرير تقدم ولاية قندوز في العمليات الجهادية، اتصل بي، وقال: لماذا قلتم هذا؟ فلقد قام المجاهدون في الولايات الأخرى أيضاً بعمليات جهادية نوعية، أصابهم الظمأ والنصب وتحملوا المشقات والتعب وقدموا تضحيات جسام في سبيل الله، فلا قدر الله لا يتسبب هذا التقرير ليأس المجاهدين واستياءهم.

فطمنته وقلت له بأننا إنما قمنا بهذا العمل للتنافس والمسابقة في الخيرات، ولم نبخس حق أحد من المجاهدين، ولكن تبيّن لي من كلامه أنه قد استثقل عليه هذا التقرير تواضعا واستكانة منه لإخوانه المجاهدين.

 

طاعة ولاة الأمر:

واجه الحاج الملا عبد السلام تقبله الله حادثاً في ولاية قندوز، حيث قام المجاهدون بعمل ما دون استئذان واستشارة المسؤول الجهادي الملا عبد السلام تقبله الله، على الرغم من أن العمل كان جائزاً شرعاً إلا أنه تم قبل استشارة قيادة الإمارة الإسلامية.

فاتصل بي الملا عبد السلام بسرعة وطلب المشورة حول الأمر، وقال لي: بأني حزنت لهذا الأمر كثيراً، ولم يجيء حتى الآن علي مثل هذا اليوم الحزين، وكان يستغفر الله عز وجل ويقول وقعنا في معصية بيّنة بسبب عصيان القيادة.

فطمنته وقلت له أنه لن تكون مشكلة إن شاء الله، وأنا سأوصل الموضوع لأمير المؤمنين أو نائبه و أخبرهم بأنك لم تكن على علم به.

وباختصار فقد كان الملا عبد السلام تقبله الله رمزاً للتقوى والإخلاص والشجاعة والطاعة، وكان القتل في سبيل الله من أغلى وأسمى أمانيه، كان يلقب بـ (بريالي) “الفائز” ففاز بالشهادة في سبيل الله. ولقد خلق الله الإنسان وعمّره ليبتليه، فمن ينجح في مراحل من حياته يكرمه الله بالقتل في سبيله، وأظن أن الملا عبد السلام تقبله الله نجح في اختبار حياته، وفاز وتفوق فيه، فأكرمه الله بالشهادة في سبيله ورفعه إلى الفردوس الأعلى ونعيم جنان الخلد من الدنيا الفانية المتعبة، نحسبه كذلك والله حسيبه

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ سائر قادتنا وأمراءنا، وأن يتقبل الحاج الملا عبد السلام في عداد الشهداء وأن يعوض الإمارة الإسلامية خيراً منه. اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك والإخلاص والشجاعة والبطولة والفداء لدينك. وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. آمين ياربَ العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى