المرحوم حقاني، الطريق السليم نحو الحق!!
الكاتب: ذبيح الله مجاهد
تعريب: أحمد قندوزي
غزت الشيوعية السوفيتية أفغانستان في البداية فكرياً ثمّ عكسرياً، وواجه شعبنا طغياناً كالنهر الجارف و السيول، فبدأ علماء الدين المتعاطفون الصادقون مع الشعب، بدؤوا بالنضال والجهاد للدفاع عن عقيدة هذا الشعب وعزته وشرفه و حريته، العلماء الذين أنقذوا هذا الشعب مرارا من الأزمات والشدائد على مدى التاريخ، وتوجوا بعمامة الشرف والكرامة على رأسه دوماً.
فكان أحد أولئك الأبطال و المقاومين الصادقين المولوي جلال الدين حقاني الذي حمل السلاح لقتال السوفيت بعد تحصيله للعلم الشرعي، و سلك طريق الجبل الوعر والشائك بعد أن كان يسلك الطريق إلى المسجد والمدرسة والزاوية.
لقد استمر الشيخ حقاني في الجهاد 14 عاما ضد الغزاة السوفيت وعملائهم، مواجها الكثير من المصاعب والمشقات، و كابد الجوع والعطش، والغربة والهجرة وسهر الليالي والمخاطر المحدقة الكثيرة في هذا السبيل، و تحمل كل هذا لهدف واحد؛ ألا و هو إرضاء الله تعالى و أداء فريضة الجهاد.
عندما انتصر المجاهدون ضد السوفييت، لم يحاول حقاني رحمه الله يوماً أن يسعى للسلطة واكتساب القوة والنفوذ ولم يتبع هواه، ورجع إلى وطنه في خوست يائسا و ساخطا من جراء النزاعات الفصائلية وفوضى الأحزاب، واختار العمل هناك كعالم ووجيه و شيخ قبلي سائر حياته.
جاءت حركة طالبان الإسلامية، فما كان من حقاني الذي كانت قد تحطمت أمانيه و تطلعاته في الثورة الماضية، إلا أن تجددت آماله مرة أخرى و رأى في هذه المرة تحقيق أمانيه من إحياء النظام الإسلامي في ظل طالبان فانضم إليها كمجاهد.
كان أيضاً يقاتل ضد الشر و الفساد في عهد الإمارة الإسلامية بقيادة أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد رحمه الله، كما أنه كان يخدم في مجلس الشورى للإمارة دون أي طلب منه لذلك أو مطمع شخصي.
وحين وقع الغزو الأمريكي، ساهم حقاني بداية في جهاد الكلمة بالتحريض ضد الأمريكيين بكل فخر، و إعداد الناس فكريا و حثهم على القتال و رفع معنوياتهم.
ساءت الأوضاع و اشتدت الأمور، ودخلت القوات الأمريكية إلى البلاد، فانسحبت الإمارة الإسلامية من كابول و عواصم الولايات، وكان المرحوم حقاني وقتها لا مكان له ليأوي إليه آنذاك، و كان تحت مراقبة الأمريكان المكثفة و قصفهم المستمر، ومع ذلك بقي في طريق الجهاد، فلم يتآمر مؤامرة ما لخيانة رفاق دربه، و لم يحمله حب الأهل والمال على ترك الجهاد، و لم يرض بالذل والهوان.
جاهد حقاني الاحتلال الأمريكي إلى آخر يوم من حياته، و كان في طليعة التضحية مع أسرته و أولاده، لأنه كان يدري أن السبيل الوحيد للنجاة والعزة والشرف هو المقاومة والجهاد لإرضاء الله وتحكيم شرعه.
لم يطمع حقاني أبدا بنيل الشهرة والمعرفة، أو أن يطمع بالبقاء في وظيفة ما أو تولي ذاك المنصب أو ذاك، أو توظيف أحدا من أقربائه في الحكم، أو نيل مكاسب دنيوية، مع الخلود للراحة والتمتع بطيبات الحياة. فحمدا لله
أنه كان يعلم أن أداء فريضة الجهاد، وتقديم التضحيات و مواجهة المخاطر وكل هذه المتاعب والمصاعب لم تكن لأجل الحصول على الأموال و الامتيازات والعلو والمجد.
إنما كان يجاهد و يعاني من مشاق الحياة لإرضاء الرب، وهذا ما جعل له في قلوب الصالحين والمخلصين منزلة كبيرة.
بينما نحتفل بذكرى وفاة الراحل حقاني، أود أن ألفت انتباه جميع المجاهدين والمؤمنين إلى أمر.
فالمرحوم حقاني أظهر بنضاله وكفاحه لكل مجاهد كيف يكون هدفه الرئيسي و علَّمَنا ألا نطلب من أحد عوضا عن جهادنا و خدمتنا وتعبنا في الدنيا، و أن نخدم الناس لو احتاجوا لنا و نساعدهم لله،
وإذا لم يحتاجوا لنا فيجب ألا نحاول أبداً الحصول على نعيم الدنيا الفانية بحجة الخدمة، وإن تحمل أي مسؤولية في الحياة لها حساب؛ لأن المسؤولية تعني أن يسألك عنها في الدنيا من هو أعلى منك، و أن يحاسبك الله مالك الملوك يوم القيامة على ما فعلته، و ستجيب عن كل ما فعلته، وما أشد هذا الأمر وأخطره!!
فلماذا يجب أن نعرض أنفسنا للهلاك، بهذا الامتحان العظيم و الخطر المحدق؟
وكيف لنا أن نجعل جهادنا و عبادتنا وسيلة للحصول على متاع الدنيا؟!
وكيف لنا أن نتوق إلى المناصب والقوة والسلطة؟!
لماذا يجب أن نسخط و نغضب ربنا الذي هدانا إلى الصراط السوي ووفقنا للجهاد ويسر لنا فرصة كل هذه العبادات والخدمات و المزايا والأجور ؟
ألا تتطلب منا الشكر هذه الآلاء ونعم الله علينا من الحياة والصحة والعزة والعلم والجهاد…!؟
فتعالوا!! لنتبع جميعنا المنهج الصائب للمرحوم حقاني، ونراقب سيرنا وعملنا، ونجاهد أنفسنا و نوايانا ونراقبها، و نلقى الله وهو راض عنا بأداء الواجب، ونبرأ من أي غش وتهمة، مقتدين بحقاني.
“الله المستعان و هو ولي التوفيق”