مقالات الأعداد السابقة

المسلمون الأفغان نسيج واحد لن يمزَّق

أبو فلاح

 

ماذا استفدنا خلال الـ20 سنة الماضية من ديموقراطية الغرب التي فُرضتْ على شعبنا بقوة النار والحديد؟ وهل كانت لها رسالةٌ غير الدعوة إلى إحياء القومية؟ وهل استفدنا منها سوى التفرق والتشتت والخلاف والتحزب، وسوى العصبية القومية التي حرّمها ونهانا عنها دينُنا؟ وهل كانت لها مهمّة سوى تمزيق شعبنا وتمزيق وطننا؟ وهل قطفنا منها إلا هذه الحناظل المرة التي لا تستساغ؟ فالديمقراطية الغربية التي ولّت (بحمد الله) من غير رجعة كادت تحيي العصبية القومية والقبلية في مجتمعنا، وتمزّق وحدتنا وتدفع بنا نحو حافة الهلاك لولا أن منّ الله علينا وسلّمنا ونصر الإمارة الإسلامية وأعادها إلى سدة الحكم من جديد.

يتألف بلدنا أفغانستان من تركيبة سكانية متعددة الأعراق؛ تعيش هنا عرقيات مختلفة، ومن أبرزها البشتون والطاجيك والأوزبك والبلوش والتركمان، كلهم مواطنون من الدرجة الأولى، هم لا شك عرقيات مختلفة، ولكنهم يدينون جميعًا بدين واحد، وهو الإسلام، يعبدون جميعًا إلهًا واحدًا لا شريك له، يؤمنون برسول واحد، تفرّقهم القوميات، ويجمعهم الإيمان بدينٍ واحدٍ، والإيمان بدين واحدٍ من أعظم المشتركات بين البشر، ويجمعهم الإسلام والقرآن، يجمعهم ولاؤهم للإسلام، وحبهم للقرآن، وتفرّقهم الألسن، ثم تجمعهم المبادئ والقيم والمقدسات والقناعات، وتجمعهم ثقافة واحدة وتقاليد واحدة، ويجمعهم الوطن الحبيب، وتجمعهم الأخوّة الإيمانية التي تفوق -عندهم- أخوّةَ الدم والنسب. وهذا الشعب لا يهتم بالعرق واللسان بقدر ما يهتم بالدين والعقيدة، يضحي بكل ما يملك لدينه ووطنه، وهل تستطيع تلك الديمقراطية الشيطانية أن تخدعه وتصرفه عن دينه ووطنه وإخوته في الدين؟ كلا! هذا لن يكون أبدا! إن دواعي وحدتهم أكبر بكثير من دواعي فرقتهم.

الشعب الأفغاني شعب واحد، لا تمزقه تعدد العرقيات، ولا تفرقه خطط الأعداء التي حيكت ضده في الظلام الحالك، ولا يفسده إغراءات المفسدين، إنه يعرف جيّدًا بأن سرّ قوته وسرّ تماسكه في وحدته، ويعرف بأنه إن انقلب إلى مِزَق متصارعة متنافرة لا يساوي شيئا، ويفشل وتذهب حينئذ ريحه، لا سمح الله.

إن الإمارة الإسلامية لن تسمح أن يمزِّق أحد وحدة الشعب، إنها ستجعل بإذن الله من أفغانستان  بلداً نموذجيًا في الوحدة والتآلف والمحبة، وتعمل بكل جد واجتهاد من أجل بناء غد مشرق ومستقبل زاهر لأفغانستان. وفي ظل هذه القيادة الرشيدة الحكيمة سيجد العالَم جميعَ الأفغان المسلمين على قلب رجل واحد. وفي ظل هذه القيادة ستعود أفغانستان شامخة رافعة راية الإسلام وراية السلام والحب والإخاء والرخاء. ورسالة الإمارة الإسلامية رسالة الأخوة والسلام، رسالة تجمع شمل الشعب، وتوحد كلمته، وتوجه جهوده إلى ما يحقق عزه ومجده وسيادته وريادته. إن الإمارة ستقود الشعب نحو وحدة مثالية، وحدة ينظر إليها العالم بدهشة واستغراب بإذن الله.

ففي دولتها جميع الأفغان متساوون، لا يمكن تصنيفهم وتقسيمهم أبدًا، متساوون في الحقوق والواجبات، جميعهم مسلمون أولًا وأفغان ثانيًا وكفى! وإن كل يد تحاول حرف هذا التوجه يجب أن تُقطع، متساوون أمام القانون دون تمييز، ليس هناك تمييز بين المواطنين، والجميع يتمتعون بكل حقوقهم ويمارسون جميع واجباتهم، يعيش الجميع هنا حياة كريمة عزيزة، حياة مفعمة بالنشاط والحيوية (وهذه ميزة الأفغان رغم الفقر والألم)، حياة فيها الحب والإخاء والصدق والإيثار.

إن أعداءنا خططوا عشرين سنة لإيقاع العداوة والبغضاء والفرقة بيننا، فإنهم كانوا يعرفون أن وحدتنا تقويض لعروشهم، وتبديد لأحلامهم، وقضاء على مصالحهم، فخططوا لإثارة النعرات والقوميات في شعب واحد، سلكوا كل سبيل لإيجاد الفرقة بين الإخوة الذين جمعتهم أخوّة الدين عبر ترسيخ مشاعر قومية، أنفقوا الملايين خلال هذه الفترة من أجل زرع البغضاء والعداوة بين جوانحهم، ولكن جوانحهم أبت إلا تكون مليئة بنور الإيمان وضياء الأخوّة الإيمانية.

إن الشعب خيّب ظنهم، وجميع المساعي الجبارة التي بذلها العدو والقناطير المقنطرة التي أنفقها ذهبت كلها هباءً منثورًا، وبقيت له الحسرة واللعنة، “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ” (الأنفال 36).

إن الأعداء يظنون بأن تعدد القوميات يمكن أن يهدد الشعب الأفغاني في كل حين، فيتنازع ثم يفشل وتذهب ريحه، ثم يكون لقمة لهم سائغة، ولكن خاب ظنهم وباءت كافة محاولاتهم ومساعيهم بالفشل، وذهبت أموالهم التي أنفقوها هدرًا، فخابوا وخسروا. وأثبت الشعب للعالم أنه ما زال شعبًا واحدًا، اجتمع تحت راية واحدة وقيادة واحدة، إنه شعب مسلم، شعب غيور على دينه ومبادئه، ولاؤه لأمته ولدينه ولإخوته في الدين، لن يستطيعوا أن يحرفوا الشعب عن جادة الإسلام، لن ينخدع الشعب بهذه النعرات المزخرفة الجوفاء. إن الولاء للدين والأمة قيمة لدى الأفغان ثابتة لاتتغير أبدًا، هو ولاء بلا حدود، مهما حاول الأعداء أن يحرفوهم عن هذا الولاء العظيم، ولن يزيدهم عداء الأعداء إلا تماسكًا وعزمًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى