المسيرات الأخيرة للسيدات الأفغانيات ورسالتها
صارم محمود
المسيرات الأخيرة التي قامت بها الحشود المحتشمة من الفتيات المحجبات والنساء العفيفات المؤمنات في طول أفغانستان وعرضها كانت فريدة من نوعها في تاريخ أفغانستان، فريدة في تتظيمها وتنسيقها، فريدة في حجما وكثافتها، فريدة في كيفها وكمّها، وفريدة في حماس أولئك الفتيات المؤمنات العفيفات المحجبات اللاتي غرْنَ على الإسلام السمح مما يتعرض له من هجمات من قبل الساقطات بما هو نزيه عنه نزاهة الذئب عن دم سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام. فقمنَ دفاعا عن الحجاب، ودفاعا عن العفة، ودفاعا عن الإمارة الإسلامية المتعرضة للهجمات والتّهم من قبل العلمانيين والعلمانيات الآكلين والآكلات من فتات مائدة المحتلين. وأعلنّ مقتهن واستياءهن من هذه الديموقراطية الكافرة الفاجرة، السافلة الساقطة، التي جنت على النساء وأهانتهن، ومسّت شرفهن بذريعة الحرّية وحقوق المرأة المزيفة الكاذبة.
إن مثل هذه المسيرات لم تحظَ -مع الأسف- بتغطية واسعة من قبل الإعلام المحلي والخارجي كما هو الشأن في تغطية النشاطات الدينية، ولو كانت هذه المسيرات من قبل حفنة من الليبراليات لغُطيت إلى أوسع مدى ولأحدثت ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي وللقيت تفاعلا وتناغما من قبل القاصي والداني. وإلى الله المشتكى!
ثمّ إنّ هذه المسيرات تحمل رسائل واضحة لنساء المسلمين ولغيرهن في العالم ومن هذه الرسائل:
١- إنفاق المحتلّ يكون حسرة عليه:
مهما أنفق المحتلّ من الأموال ليصدّ الناس عن سبيل الله، فسينفقها ثمّ تكون حسرة عليه، قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ). فكم أنفق المحتلّ من الأموال ليفسد فتيات الأفغان المؤمنات وينزع الحجاب عنهن، لكنّه أنفقها ولم يجنِ في نهاية المطاف إلا الحسرة والندامة ولله الحمد.
٢- جهود علماء الأفغان المكثفة:
فكما أنّ المفسدين لم يجلسوا مكتوفي الأيدي لترويج الفحشاء والمنكر وتربية الأجيال على الفساد والضلال؛ فكذلك علماء الأفغان لم يستسلموا لهذا التيّار الجارف، بل قاموا وردّوا الصاع بصيعان، وقابلوا الريح بالإعصار. إنّ هذا الجيل من الفتيات المحجبات المؤمنات، وهذه المسيرات المنظمة، تخبر عن المساعي الكبيرة التي بذلت في هذا الجانب الهام، جزاهم الله خيرا.
٣- لا يوقف الإعصار إلّا الإعصار:
إنّ ما رأينا من المسيرات التي كان هدفها تقوية جانب الاحتلال، وفتّ عضد الإمارة، وإفساد المرأة بحجج مختلفة؛ كانت تؤلمنا وكنّا ننتظر انطلاق إعصار مثل هذا، فانطلق هذا الإعصار وغابت ريح الساقطات الهابطات في هبوب هذا الإعصار. وهكذا لا بدّ لكل ريح من إعصار ولكل موج ما هو أشدّ منه وأكبر.
٤- جهاد المرأة:
إن هذه المسيرات -وإن كانت لم تأخذ من كلّ إمرأة سوى نصف ساعة- إلا أنها تركت تأثيرا كبيرا كان من الممكن أن يأخذ جهود سنوات طويلة من العلماء والمصلحين. وهكذا هي المرأة إن أرادت أن تنصر أخاها وتحمي جانبه فبإمكانها نصرته بأشكال مختلفة.