غير مصنف

المعايير الأجنبية | الحلقة الأولى |

عبد الوهاب الكابلي
على الرغم أن المسلمين يدينون بدين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ديناً كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام ) (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ).
وعلى الرغم من أن الدول الإسلامية تقع في وسط العالم المعمور الذي يكسبه الأهمية البالغة في مجالات السياسة والاقتصاد، وعلى الرغم من ازدياد عدد المسلمين يوماً بعد يوم وتحسن حالتهم المعيشة ووفرة وسائل الحياة عندهم، إلا أننا نرى دول العالم الإسلامي منذ خمسة قرون ماضية عرضة للاحتلال والحروب التي تقوم بها دول الغرب تارة ودول الشرق تارة أخرى بهدف إقصاء الإسلام الحقيقي والمسلمين الحقيقيين عن الحكم والسيادة في دول العالم الإسلامي، وإخضاع البلاد الإسلامية للسيطرة الأجنبية التي جعلت الأمة الإسلامية أمة متخلفة محكومة، ليس لها من الأمر والنهي شيء .
إن هذا الوضع السيئ لواقع الأمة له أسباب كثيرة تاريخياً وعقدياً وحضارياً، ولكن هناك سببان مهمان هما:
أولا:عدم معرفة المسلمين في العصور الأخيرة طبيعة دينهم.
ثانياً: تخلّي المسلمين عن المعايير الإسلامية، واتخاذهم المعايير الأجنبية للحياة في جميع مجالاتها.
وحين كان المسلمون يعرفون طبيعة دينهم، وكانوا ينظرون إلى شؤون الإنسان والعالم من منظار فكرهم الإسلامي، ويحكمون بالخطأ والصواب على الأمور والأشياء في ضوء تعاليم شريعتهم السمحة، وكانوا يحددون لأنفسهم الأهداف وطرق الوصول إليها بأنفسهم، كانوا من أقوى الأمم وأعلاها شأناً، وكانت رايتهم ترفرف على مساحة شاسعة من المعمورة تمتد من الأندلس غرباً إلى بلاد الصين شرقاً، وكانت الدول والشعوب آنذاك تسعى للتزلف إليهم، وتتعلم الدين والحضارة منهم.
ولكن حين تنكّر المسلمون لمعاييرهم، وتغير منهج التفكير عندهم، وصاروا يفكّرون بعقول الأجانب، وأخذوا يحكمون على الأشياء والأفعال بالخطأ والصواب من منطلق المعايير الأجنبية، تغيرت النتائج أيضاً، فخسر المسلمون زمام القيادة لأعدائهم، وسقطت الدول الإسلامية واحدة تلو الأخرى تحت سيطرة الكفار، وقد حرمت هذه السيطرة الأجنبية الكافرة المسلمين بالحيل المختلفة عن حرّيتهم وإرادتهم ودينهم وحضارتهم ولغاتهم وثقافتهم وصبغتهم الإسلامية للحياة.
ولقد ظهرت لتلك السيطرة الأجنبية آثار سيئة جداً في حياة الأمة الإسلامية والتي نشاهد أمثلتها الواقعية في المجالات التالية من واقع الأمة:
أولا- مجال الحكم والسياسة: إن الذين ينظمون شؤون الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها للشعوب والدول، وتعيين كيفية التعامل المتبادل مع الشعوب والدول الأخرى هم حكام البلاد وأنظمتهم الحاكمة. ونظراً لهذه الأهمية جعل الدين الإسلامي أمر الحاكم والحكم من أهم الأمور الشرعية والعقدية.
وقد أمرت الشريعة الإسلامية المسلمين في أمر الحكم والحكام باتخاذ السبل التي تضمن لهم الحصول على حكم عادل، وحاكم صالح. وقد وضع فقهاء الإسلام في ضوء التعاليم الشرعية لنصب الحكام وعزلهم المعايير والقيود التي إن التزم بها المسلمون أمِنوا من الاضطراب السياسي والاجتماعي في مجال الحكم والحاكم.
البقية في العدد القادم إن شاءا لله  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى