المفاوضات … وأعذارٌ أخرى!
ربما كانت هذه هي المرة الأولي في تاريخ الإمارة الإسلامية والتي فَضَّلَتْ في موقفها الليونة على الشدة، لأنها تعتبرها وسيلة لتحقيق المصالح العليا للبلد الغالي وإنهاء المأساة الطويلة للشعب الأفغاني، وإذا ما تحول هذا الأمل إلى يأس، فعندئذً يبقى الموقف السابق الذي اختاره المجاهدون من قبل كخيارٍ وحيدٍ.
لقد أكدت الإمارة الإسلامية على عملية المفاوضات مع الجانب المحتل دائماً، واعتبرتها الخيار الأفضل، ولحسن الحظ فقد توصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه النتيجة بعد مضي ثمانية عشر (18) عاماً، وتوجهت إلى طريق التفاهم والمحادثات وهي مترددة.
لكن من المؤسف أن تعامل الولايات المتحدة مع عملية المفاوضات يُظهر عدم رغبتها فيها، وتغريدةُ “ترامب” خير دليل على انعدام ميلهم ورغبتهم تجاه هذه العملية.
ومع استئناف عملية التفاوض مرة أخرة تقدم الجانب الأمريكي بمطالبةٍ جديدةٍ، حيث طلبت من الإمارة الإسلامية تخفيف الحرب، وقد قبلت الإمارة الإسلامية هذا الطلب، وعليه فقد أصبحت الكرة الآن في ملعبهم كيف يوجهونها؟ هل يريدون حقاً حل المعضلة أم أنهم يبحثون عن أهدافٍ أخرى تحت هذا الغطاء ومماطلتهم في الموضوع؟
تشير الدلائل أن الجانب الأمريكي جعل قضية تحديد مفهوم –تخفيف الحرب والعنف- وسيلة لإضاعة المزيد من الوقت، مع أن هذه المطالبة إنما هي في الحقيقة صادرة عن شرذمة قليلة في إدارة كابل، ويستعملونها كوسيلةٍ لمنع تحقيق السلام فقط.
لقد تقدمت الإمارة الإسلامية بكل إخلاصٍ وصدقٍ إلى ميدان المعركة وعملية السلام لإنهاء الاحتلال وتأمين الحياة الآمنة للشعب الأفغاني، وطالما تتعرض استقلالية أفغانستان للخطر؛ فإنها لن تتنازل ولا بقدر أنملة عن مبادئها، ولن تساوم عليها نتيجةَ أية ضغوطٍ، ولن تستهين بالتضحيات الغالية التي قدمها الشعب الأفغاني الباسل في سبيل الجهاد ضد الاحتلال وتحرير البلد واستقلاله.
ينبغي للجانب الأمريكي أيضاً أن يدرك واقع القضية الأفغانية ومطالب الشعب الأفغاني، وفي ضوء ذلك عليه أن يتراجع عن التصرفات الهامشية وغير المطلوبة، وأن يكف عن مطالبات إضافيةٍ، وأن يركز على الحل الأساسي للقضية، حتى لا تضيع هذه الفرصة الثمينة، فإنها لصالح كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأفغانستان.