مقالات الأعداد السابقة

النص الكامل لحوار موقع الإمارة الإسلامية مع الشيخ ذبيح الله مجاهد حفظه الله حول التطورات الأخيرة وتصريحات أحمد الريسوني رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

الإمارة: هناك الكثير من الناس يظهرون القلق بعد مفاوضات الدوحة، وبعد وقف إطلاق النار مع المحتلين، ويقولون: لماذا وبأي مبرر شرعي تقاتلون قوات إدارة كابول الذين هم مسلمون وأفغان؟

ذبيح الله مجاهد: بسم الله الرحمن الرحيم، لقد واجهنا حالتين منذ الغزو الأمريكي عام 2001، الأولى احتلال أرضنا الإسلامية من قبل القوى الكفرية، والثانية الإطاحة بالنظام الإسلامي الحاكم الذي أنشئ بموافقة علماء البلاد وفتواهم،

ولقد نجح ذلك النظام في إقامة الشريعة الإسلامية وإرساء دعائم الأمن في البلاد، لذلك كان علينا تحمل مسؤوليتين، وهما الحفاظ على استقلال البلاد مع إزالة الاحتلال، واستعادة السيادة الإسلامية. وبتوقيع اتفاق الدوحة،

تم حل المشكلة الأولى التي كانت هي قضية الاحتلال وإعادة الاستقلال، لكن الهدف الثاني لجهادنا وهو سيادة النظام الإسلامي وما يسمى حسب الاصطلاح الشرعي والفقهي بإعلاء كلمة الله، لم يتحقق بعد،

وما لم نصل إلى هذا الهدف سيبقى جهادنا مشروعاً ومستمراً، ثمّ الأسئلة والاعتراضات التي أثيرت في هذا الصدد هي من دائرة معينة لا معرفة لها بمصطلحات الشريعة ولا علومها، واعتراضاتهم لا أساس لها كما أن لديهم أغراض خاصة من دونها، فالجهاد ماضٍ ومستمرٌ إلى إعلاء كلمة الله التي يكمن في حاكمية نظام إسلامي.

الإمارة: العديد من وسائل الإعلام تثير التساؤلات عما إذا كان النظام في كابول إسلامي أو غير إسلامي؟

ذبيح الله مجاهد: النظام الإداري الراهن في كابول ليس إسلامياً، والجميع متفقون أن النظام الراهن صناعةٌ أمريكيةٌ، وحتى الطفل الأفغاني يعلم أن احتلال أفغانستان من قبل الأمريكيين لم يكن لإنشاء نظام إسلامي، فهل يعقل أن يصنع الأمريكيون لنا نظاماً إسلامياً؟

يجب أن أقول بصراحة: إن النظام الموجود في كابول قد تم إنشاؤه لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، وقد صرح مسئولون في هذا النظام مراراً قائلين:

إننا نضحي لأمن نيويورك وواشنطن، فلا يمكن تسمية نظام تم إنشاؤه لحماية نيويورك وواشنطن بأنه إسلامي، أيضاً لو نظرت إلى هيكل النظام من الحاكم إلى الموظفين والمسؤولين تراهم جاهلين بالدين، متورطين في الفساد الأخلاقي والإداري والسياسي،

وإن وصف نظام مثل هذا بالإسلامي إهانة للإسلام والمسلمين، فلا يصح أبداً أن يكون النظام الإسلامي في الدرجة الأولى من الفساد على العالم.

يعترض البعض على أن الحرب الراهنة في أفغانستان قتل للمسلمين، والجنود الذين يقتلون في إدارة كابول مسلمون، يجب أن أقول: إنه في زمن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) كان فريقٌ قد منعوا إعطاء الزكاة للدولة الراشدة، لكنهم رغم كونهم مسلمين واعتقادهم بالزكاة، أعلن الصديق الحرب عليهم،

فقال الصحابة ومنهم عمر الفاروق رضي الله عنه: كيف تقاتلون قوماً ينطقون بالشهادتين ويصلون، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أقاتلهم من أجل الكلمة، فمقتضى الكلمة أن تُقبل جميع أحكامها، لأقاتلن من فرّق بين الزكاة والصلاة. والمسلم يُقتل بسبب الجرائم، فمسلم قتل دماً حراماً يُقتَص منه، أو المسلم المُحصِن إذا زنا يُرجم.

نحن نعلم أن جنود إدارة كابول مسلمين، ولدوا من أبوين مسلمين، ويصلون، ويصومون، لكنهم كانوا قد خدموا المحتلين خلال هذه السنوات العشرين، وفي الحديث الشريف من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام.

أليس الأمريكيون ظالمين؟ ألم يمشِ هؤلاء عشرين سنة مع الأمريكيين، ظاهر الحديث يخرجهم من الإسلام، لكن نظراً إلى حذر الإمام أبي حنيفة رحمه الله في حكم الردّة، لا نعتبرهم مرتدين، لكن نبيح الحرب ضدّهم ونراها من الحسنات.

ولدينا في ذلك فتوى صريحة من كتاب فقهي معتبر كالفتاوى الهندية: “وجميع الظلمة والأعوان والسعاة يباح قتل الكلّ ويثاب قاتلهم.”

وأي ظلم أكبر من أن يعين المرء المحتلين على قتل المسلمين، لذلك فهؤلاء الجنود يُقتلون بسبب أعمالهم وليس على إيمانهم، لأن الفساد في الأرض جريمة كبرى.

ورد في الفتاوى الكاملية الصفحة 252/ 251: سُئِلت عن بلدة استولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إلیهم بعض القبائل و العشائر و صاروا یقاتلون المسلمين معهم فما الحکم فیهم و هذا حالهم…و الظاهر أن حکم هؤلاء حکم أهل دار الحرب في قتلهم وأخذ مالهم.

لقد ذكرت كتبنا الفقهية المعتبرة، أن الذين كانوا في معية الكفار المحاربين يُقتلون وتصادر ممتلكاتهم، فإذا تابوا، فللمسلمين أن يعطوهم أماناً، لأنهم مسلمون، وليس لنا أن نسلب إيمانهم، لكنهم يُقتلون بسبب جرائمهم، وجنود إدارة كابول ظلوا يقاتلون طوال عشرين سنة ضد المسلمين، فهؤلاء ليسوا أناسًا عاديين، فهم مجرمون، ولا بأس في قتلهم ما لم يتوبوا ولم يستسلموا للنظام الإسلامي ويتوقفوا عن عرقلة النظام الإسلامي.

الإمارة: البعض يحتجون بأقوال بعض العلماء من خارج أفغانستان، لقد صرح أخيرا الشيخ أحمد الريسوني ردا على أسئلة بعض وسائل الإعلام إن الحرب الجارية في أفغانستان ليست جهاداً، فماذا تقولون في هذا المجال؟

ذبيح الله مجاهد: العلماء خارج أفغانستان ليسوا على معرفة جيدة بالأوضاع في بلادنا، إنهم بحاجة إلى المجيء إلى أفغانستان ورؤية الوضع عن كثب، فالعلامة أحمد الريسوني ومؤسسته (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) يؤيدان جهادنا ضد الأمريكان، وجهادنا الآن هو نفس الجهاد الذي بدأ ضد الأمريكيين، لكنه لما ينته بعد، فما زال الأمريكيون موجودين في أفغانستان وإدارة كابول تدعم من جانبهم، ثم لم تتحقق نتيجة جهادنا الذي هو إقامة النظام الإسلامي بعد.

الجهاد مشروع بالهدف، والجهاد لا يكون مشروعاً من البدء إذا لم يكن الهدف هو نظام حكم إسلامي، ولأننا لم نحقق هذا الهدف لن نترك جهدنا وجهادنا وسط الطريق، وأوضاع أفغانستان غير معلومة للكثير من هؤلاء العلماء مع الأسف، فلو علموا بها لما صرحوا بمثل هذه المواقف، والمشكلة الثانية أن بعض وسائل الإعلام التي تقابلهم وتسألهم تطرح الأسئلة بطريقة منحازة ومضللة،

فعلى سبيل المثال يسألونهم ما حكم قتل المسلمين؟ لكن لو سألتهم هذه الوسائل الإعلامية، هناك جماعة من المسلمين ظلت واقفة بجانب الولايات المتحدة تقاتل المسلمين عشرين سنة، ولا تزال قائمة، فما حكم قتل المسلمين في هذه الجماعة؟ لردوا عليهم إن قتلهم جائز، والمهم هناك أن السؤال لم يعرض بشكل صحيح.

نحن نحترم العلماء، ونحترم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لكننا نرفض موقف الشيخ الريسوني تجاه ما يجري في أفغانستان، ونعتقد أن فضيلته ليست لديه المعرفة المطلوبة بواقع أفغانستان، والأصل الفقهي يقول: إن الذي يفتي في قضية يجب أن يكون على دراية تامة بها وإحاطة بكافة جوانبها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى