مقالات الأعداد السابقة

الهجمات من الداخل لن تنتهي ما لم ينتهِ الإحتلال

B4xF3uNCcAAGzSF 599x330

يراقب فريسته بحذر، ويرصد تحركاتها كالأسد، ويعلب معها قليلاً ليغفلها ويشعرها بالأمان كالنمر، وينتظر بلهفة وشوق لحظة الانقضاض، حتى إذا جاءت ساعة الصفر، وصارت الفريسة سهلة المنال، انتهز الفرصة وانقض عليها كالبازي.

وهذا هو حال المجاهد الأفغاني المتسلل في صفوف العدو، يتدرب على أيديهم، ويتسلم الأسلحة منهم، يتحبب إليهم ويتقرب، لكنه يخفي العداء لهم، ويتربص بهم الدوائر، يراوغهم ويبحث عن الفريسة السمينة والثمينة، وما إن تتاح له الفرصة حتى يصوب فوهة رشاشه نحو صيده الثمين، يهاجمه ويرديه على الأرض صريعاً.

وبما أن هذا النوع من الهجمات كان يشكل تهديداً خطيراً للتجمّعات العسكرية الغربية، حاول العدو الحدّ من نشاطات المحتلين وتعاملهم مع قوات الأمن الأفغانية، وبذل المحتلون وأذنابهم كل ما بوسعهم لدراسة هذه الظاهرة المرعبة بالنسبة لهم، واتخذوا تدابير صارمة وإجراءات مشدّدة لمنع وقوع مثل هذه الهجمات، منها على سبيل المثال:

– فرض المراقبة على كل شخص يريد أن يعمل لصالح قوات الأمن الافغانية.

– المئات من الجنود الأفغان المشتبه بضلوعهم في هذه الهجمات تم توقيفهم أو طردهم من الجيش، ولازالت حملة الاعتقالات مستمرة في صفوف قوات الأمن حتى الآن.

– علّقت القوات الأميركية تدريب الشرطة الأفغانية مؤقتاً، وقرّرت قوات حلف الأطلسي (الناتو) تقليص عملياتها وتعطيل دورياتها المشتركة مع القوات الأفغانية.

– تم نزع السلاح من أيدي القوات الأفغانية في المراكز التي يقطن فيها معهم المحتلون الأجانب، وسلّمت لهم البنادق البلاستيكية والخشبية ليتدربوا عليها.

وعلى الرغم من المحاولات المذكورة، إلا أنهم فشلوا في القضاء على العمليات التي تستهدفهم من الداخل، ولا زالت هذه الهجمات المباركة تؤرقهم وتقلقهم وتقض مضاجهم.

وقبل أيام وقع هجوم من هذا النوع داخل مطار العاصمة كابول، ويذكر لنا الشيخ ذبيح الله المجاهد تفاصيل الهجوم كالتالي:

في 29 من شهر يناير صوّب المجاهد السرّي (إحسان الله بن الملا رحمت الله)، من ساكن ولاية لغمان، فوهة بندقيته نحو القوات المحتلة الصليبة داخل مطار كابل، مما أدى إلى مقتل وإصابة سبعة من الجنود الأمريكيين. لقد تمكّن الأخ المجاهد (إحسان الله) من التسلل إلى صفوف العدو منذ مدة، وهو ينتظر -بفارغ الصبر- هذه اللحظة؛ إلى أن تمكن ليلة الجمعة من الوصول إلى هدفه، ففتح نيران رشاشه على مجموعة عسكرية من الأمريكيين المحتلين.

ويرى الشيخ ذبيح الله مجاهد أن عمل هذا الأخ نصراً له؛ لأنه ضحى بحياته دفاعاً عن دينه وأرضه، وأنكى في العدو أيما نكاية، حيث ألقى بعدد من المحتلين الكفار في هاوية الجحيم، كما صار هذا الشاب مثالاً للاحتذاء بالنسبة لغيره ممن يعملون مع المحتلين، وسبباً لتحريضهم على القيام بمثل ما قام به هذا الشاب، ويقول: لقد لقّن هذا البطل المجاهد جميع العملاء درسا في الشهامة والغيرة، ومهّد وأنار لهم الطريق بصفته مسلم حقيقي وشاب أفغاني.

وبسبب هذه الهجمات، عمّت أجواء فقدان الثقة العلاقة بين المحتلين وبين الجنود الأفغان، إلى حد أن النائب السابق لحامد كرزاي (محمد قسيم فهيم) علّل عدم تزويد القوت الدولية للقوات الأفغانية بالقوة الجوية في اجتماع للولاة، بأنه عائد إلى أن الأجانب لايريدون أن يجهزوا القوات الأفغانية بالسلاح الجوي، فإنه لا أحد يضمن بأن طياراً أفغانياً لن يقصف قاعدة بغرام التي تقطنها القوات الأجنبية.

وقد بذل الغربيون جهودهم للكشف عن الحافز الدافع لتنفيذ مثل هذه الهجمات، ولكنهم إلى الآن عاجزون حتى عن تحديد السبب الحقيقي من وراء تنفيذ هذه العمليات المباركة، فأحياناً يعزون هذه الظاهرة إلى نفوذ الطالبان، وأحيانا أخرى يرجعونها إلى الصدامات الثقافية والمظالم.

إلا أنهم يغضون الطرف عن السبب الحقيقي والمنطقي وهو استمرار الاحتلال، وقد بات واضحاً لكل ذي عينين أن الأفغان يرفضون الاحتلال رفضاً قاطعاً. فمادام الاحتلال جاثماً على أرضهم، لن تنتهِ الهجمات من الداخل، وستستمر إن شاء الله إلى أن تخرج جميع الجيوش الكافرة من أرض الأفغان الأبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى