مقالات الأعداد السابقة

الواقع في أفغانستان بين الحقيقة والتحذيرات الأممية المتتالية!

إذاعة الحرية – أفغانستان

 

لا تتوقف منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها عن إطلاق تحذيرات وإصدار تقارير حول الوضع في أفغانستان، فمنذ أن وصلت الإمـارة الإسـلامية إلى سدة الحكم في البلاد بعد التحرير الكامل للأراضي الأفغانية من الاحتـلال الأمريكي؛ بدأت منظمة الأمم المتحدة تطلق إنذارات وتحذيرات بشأن الوضع الأفغاني، ولا تكاد تتوقف عن ذلك. فمنذ سنتين ونصف من عمر الحكومة الجديدة لم يمر أي أسبوع دون إصدار تقرير جديد عن مبعوث أممي أو مفتش أمريكي أو محلل غربي؛ فهذا يُحذِّر من مجاعة تهدد حياة ملايين الأفغان، وذاك ينذر بخطر أمني قادم يستهدف العالم بأكمله، وآخر يُنبئ بأزمة اقتصادية وشيكة ستشل العجلة الاقتصادية الأفغانية!

إلا أن الواقع يُكذّب جميع هذه التنبؤات التي تأتي من جهات غربية ويدحضها. فالمتابع للشأن الأفغاني يُدرك أن الأمور آخذة في التحسن بشكل كبير، وأن الحكومة الأفغانية الجديدة تمكّنت من تجاوز مرحلة الجمود بنجاح -ولله الحمد- على كافة الأصعدة، وأن أفغانستان اليوم هي أكثر أمناً من السابق؛ بعد توقف الصراع ودحر الاحتـلال، ولم تعد تفقد العشرات بل المئات من أرواح أبنائها يومياً، وباتت في مأمن من القصف الأمريكي العشوائي الذي كان يستهدف المدن والقرى والأرياف، ناهيك عن المستشفيات والمدارس والمساجد.

أما على الصعيد الدبلوماسي؛ فقد تمكنت الحكومة الأفغانية الجديدة بعد التحرير من إقامة علاقات طيبة مع الجيران ودول أخرى، واستطاعت إعادة فتح بعض السفارات والقنصليات وإرسال ممثلين إلى تلك السفارات والمقار الدبلوماسية. ولا تزال وزارتها الخارجية تعمل بشكل دؤوب من أجل تفعيل ما تبقى من هذه المقار والقنصليات.

وفي الجانب الاقتصادي تتداول وسائل إعلام أفغانية بشكل يومي أخباراً وتقارير إعلامية حول تدشين مشاريع اقتصادية عديدة؛ منها مشروع قناة قوشتيبه العملاق، وافتتاح مشاريع تنموية جديدة. كما أن الحكومة استطاعت -بفضل الله- الحفاظ على قيمة العملة الأفغانية رغم تلاعب جهات أجنبية عديدة بهذه العملة ومحاولاتهم البائسة لإسقاطها. إضافة إلى ذلك، فهناك انخفاضاً تشهده الأسواق الأفغانية في الأسعار. وبالتالي فأفغانستان تسارع الخُطى نحو الاكتفاء الذاتي من خلال العمل على تطوير البنى التحتية والاعتماد على الموارد الداخلية في إعداد الميزانية السنوية وتطوير القطاع الزراعي والتجاري وغيره.

وأمنياً، تفوقت الحكومة الأفغانية على نظيراتها في المنطقة؛ وذلك من خلال القضاء على تنظيم داعش الإجرامي والجبهة المدعومة أمريكيا وفرنسيا، المسماة بجبهة المقاومة، وغيرها من المشاريع الأجنبية التي حاولت جرّ أفغانستان إلى مستنقع الحروب الأهلية على غرار التسعينات وتوريطها في أزمات ومصائب تُحوّجها إلى الحضن الغربي والدعم الأمريكي. إلا أن كل هذه المؤامرات باءت بالفشل وخرجت أفغانستان حرة أبية بفضل الله ثم بالسياسة الحكيمة للإمارة الإسلامية في هذا المجال.

وفي مجال مكافحة المخدرات كان الأمر مختلفا وخلافا للتوقعات الغربية، فالاحتـلال الأمريكي ترك خلفه دولة غارقة في المخدرات وملايين المدمنين ومئات الآلاف من الأفدنة والحقول المزروعة بالمخدرات؛ فكان الجميع يتوقع أن تفشل الحكومة في احتواء هذه الأزمة التي تفوق كل الأزمات، لكن هاهي بعض المؤسسات الغربية تصدر تقاريراً تعترف فيها بالتراجع الكبير للمخدرات؛ زراعة وبيعاً وتهريباً واستهلاكاً في عموم أفغانستان، لاسيما المعاقل الرئيسية.

فهذا هو الواقع الذي يعيشه الأفغان؛ سلام شامل بعد حرب استمرت عقودا، وترابط والتحام واتحاد بين مختلف أطياف الشعب الأفغاني بعد تناحر استغرق أمدا بعيدا، وتحرك للعجلة الاقتصادية بعد توقف دام سنوات. فالحمد لله الذي أنعم على الأفغان، ونسأله سبحانه أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يكفینا شر الأعداء المتربصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى