
الوجه الآخر
لما كانت الحرب بلاء الانسانية وفيها تسيل الدماء وتزهق النفوس وتواجه الشدائد والمكاره فعلى المؤمن أن يدرب نفسه على الصبر في الشدائد والمحن والصبر هو الارادة القوية والعزم الصادق والحزم المتين الذي لاتدبر الأمور الشاقة الابه ، الصبر أهم الأسباب الذي اخذ بها اولياءالله من اتباع الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم متمسكين بدينهم معتصمين بحبل الله المتين والذين صبروا بقوة الايمان احبهم الله في صراعهم ضد الكفار والمنافقين.
حقا إن المؤمنون المجاهدون لا ينفد صبرهم على طول المجاهدة وإن حاول الأعداء أن يفنوا صبرهم بل يظلون اصبر من أعدائهم وأقوى منهم في تحمل المصائب والمشاق وقد أثنى الله تعالى على الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس فجعلهم من الصديقين والمتقين ولذلك أرشد المؤمنين الى طريق السلامة من شر الكفار وكيد الأشرار بالصبر والتقوى وقال عز من قائل {وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط }(آل عمران :120) .
فالجهاد في سبيل الله ليس اندفاعا الى القتال ولا حماسة في موقف الشدة ولا اقدام في المعركة فحسب ولكنه الكفاح الدائم الذي لا ينقطع ، إنه البذل المتواصل الذي يستنفد النفس والمال في سبيل الدفاع عن حوزة الاسلام وحرية أهله .
ومعنى الجهاد بذل كل ما في وسع المسلم في سبيل الله ، ان الجهاد لا يعرف الكلل ولا الملل وليس المجاهد من يمشي في ركاب أعداء الاسلام لأنه تعب من طول المجاهدة ، الانسان يتعجب من موقف اولئك الذين كانوا بالأمس يسمون أنفسهم من المجاهدين واليوم اوصلتهم الاحتلال
الى سدة الحكم واصبحوا من العملاء انهم كانوا يوما يصرخون لتحرير البلاد ولكن اليوم ليس في وسعهم حتى الاستنكار لأبشع اعمال الكفرة والمجرمين ففي الأمس كانوا يقولون :
” دوطن دخرڅونكومرګروا دي!
كه پلورلي يي په روبل كه په ډالردي”
“دافغان په پاك وطن كښي يي ځاي نشته
كه دسره دي كه د تور ښكيلاك لښكردي”
يعني الذين يبيعون البلاد بالعملة الروسية اوالأمريكية مهدور دمهم وليس ههنا شبرمكان لجنود الروس والأمريكان.
هذا الشاعر البارع في خدمة الاحتلال اليوم وكذلك آلاف من امثاله أصحاب العلم والقلم.
عشنا الاحتلال السوفياتي ونعرف اشخاصا مجاهدين ابان الغزو السوفياتي واليوم باعوا دينهم بدنياهم ووقفوا الى جانب الأمريكان وحلفائهم وأيدوا الهجوم الصليبي الوحشي كما أصدروا الفتاوى بأن الجهاد ضد الأمريكان غير جائز وأن هذا يعتبر البغي والفساد وعلى رأس هؤلاء كان رئيس القضاة الأسبق والذي لقي ربه تعالى كان هذا وكثير من أعوانه وقفوا الى جانب الغزاة والقوات المعتدية الغاشمة وساعدوها في كل الميادين العسكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها ولازال الأحياء منهم واقفين جنبا الى جنب المحتلين ويصدرون الفتاوى وقتا للآخر بعدم جوازالقتال ضد الأمريكان والصليبيين .
ونعرف اشخاصا كانوا وقت الاحتلال السوفياتي ائمة الرشد والهداية واليوم للأسف يقبّلون ايادي لورابوش الأثمة ومنهم من كانوا في السابق اعضاء بارزين في المنظمات الجهادية واليوم أصبحوا عملاء الأوفياء للاحتلال جبّارين في الأرض غلاظا على ابناء جلدتهم المجاهدين الأحرار اشدّاء عليهم يتطوعون للتنكيل بهم ويتلذذون بإيذائهم وتعذيبهم، انهم اليوم يحسبون التحرير تمردا والعزة والكرامة جريمة والجهاد المقدس ارهابا ولذلك يتسابقون الى ابتكار وسائل التنكيل بالمؤمنين لإرضاء سادتهم الصليبيين انهم يبتغون العزة فيظل الاحتلال ونسوا اوتناسوا ماقاله تعالى : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
اليس اجدر بهئولاء الناس أن يقتدوا أسوة جعفر بن ابيطالب رضي الله عنه الذي دخل على النجاشي في وفد فابتدرهم من عنده من القسيس والرهبان ان اسجدوا للملك! فقال جعفر: “نحن قوم لا نسجد الالله” اليس اليق بهؤلاء الناس تقصي مصلحة الاسلام والمسلمين وكما قال صلى الله عليه وسلم :”دوروا في رحى الاسلام حيثما دار” وقال صلى الله عليه وسلم:لأحد من المسلمين :”أنت على ثغرة من ثغور الاسلام فلايأتيّن من قبلك” اوكما قال عليه الصلاة والسلام .
للأسف والأسى هؤلاء القوم كانوا في الأمس قادة الجهاد والمجاهدين وكان الناس يسمّون مواليدهم بأسمائهم لمكانتهم واخلاص جهادهم في سبيل الله ولكن ابتلاهم الله اليوم واصبحوا من الذين يتاجرون بالدين والجهاد ويجلسون اليوم على موائد المحتلين فرحين بما اوتوا من المال والمنصب الضئيل ، اننا نقصد بهؤلاء الناس الذين يمنحون ابهى الألقاب وافخر الأوسمة وسام الاستقلال الى اعتى الأعداء وابشع المجرمين ويتمسحون بأعتابهم يطلبون اطالة الاحتلال بحيلة او اخرى لتكون حياتهم في مأمن ومفاداتهم في نمو ومعيشتهم في ثبات والذين يفكرون ان انسحاب القوى الغازية سيكون خطاء فادحا وعند الانسحاب سنعود الى الوراء وستعم الكارثة وتكون جميع عمليات الاحتلال سدى .
منهم من يتزاحم على ابواب سادتهم ويتهافت على خدمتهم صباح مساء, اعرف عالما من العلماء صاحب العمامة واللحية اصبح اليوم عميل الاحتلال ، انهم لا يدركون دواعي الجهاد والمجاهدين الذين يجاهدون لتحرير البلاد من براثن الصليبيين فيعتبرون هذا الجهاد ارهابا ، انهم تحالفوا مع الغزاة والمعتدين وسخرت قواتها العسكرية في خدمتهم، انهم يقومون بدور الجواسيس والمليشيات المحلية فهم الذين اسآءوا الى سمعة الجهاد والمجاهدين انهم لعبوا دور العمالة والعبودية للغزاة والمعتدين بمعنى الكلمة، انهم ارتكبوا انتهاكات ثابتة وموثقة لحقوق عشرات الألاف ان لم تكن مئات الألاف من ابناء جلدتهم وسجلوا في التاريخ بهذا الاسم ، انهم اتخذوا الكفار اولياء والله ينادي للمسلمين بقوله : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين . أتريدون أنتجعلوالله عليكم سلطانا مبينا ?.
يقول السيد الشهيد في تفسيرهذه الآية:”إنهاالعودة إلى نداء الذين آمنوا , بالصفة التي تفرقهم وتميزهم ممن حولهم والتيبها يتميز منهجهم وسلوكهم وواقعهم والتي بها يستجيبون للنداء كذلك ويطيعونالتوجيهات .
نداءلهم بهذه الصفة أن يحذروا سلوك طريق المنافقين, ويحذروا أن يتولوا الكفارمندون المؤمنين . . وهو نداء لا بد كانت حاجة إليه في المجتمع المسلم …
ولايفرق قلب المؤمن ويرتجف أكثر من فرقة وارتجافه من التعرض لبطش الله ونقمته . . ومن ثم جاء التعبير في صورة الاستفهام . . ومجرد التلويح بالاستفهام يكفي في خطابقلوبالمؤمنين ! وطرقةأخرى عالية على هذه القلوب . غير موجهة إليها مباشرة . ولكن عن طريقالتلويح . . طرقة تقرر المصير الرعيب المفزع المهين للمنافقين: إنالمنافقين في الدرك الأسفل من النار . ولن تجد لهم نصيرًا .
فيالدرك الأسفل . . إنه مصير يتفق مع ثقلة الأرض التي تلصقهم بالتراب , فلاينطلقونولا يرتفعون . ثقلة المطامع والرغائب , والحرص والحذر , والضعف والخور !فهمكانوا في الحياة الدنيا يزاولون تهيئة أنفسهم وإعدادها لذلك المصير المهين (في الدرك الأسفل من النار). . بلا أعوان هنالك ولا أنصار . . وهم كانوا يوالونالكفارفي الدنيا . فأنى ينصرهم الكفار ?”.
لاحول ولا قوة الابالله .