
الولاء والبراء
{إنّ الشيخ إبراهيم الرحيمي فك الله أسره من المجاهدين الصادقين كما نحسبه والله حسيبه، حيث حرض مجموعة لا باس بها من الشباب حتى انسلكوا بسلك المجاهدين بفضل دعوته، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
والشيخ كان يقوم بأمر دعوته و جهاده فكان يتجه من بلد إلى بلد وكان آخر سفره عام 1426هـإلى أحد الدول المتعاملة مع الأمريكان فقبضته الخونة هنالك، وسلمته أميركا بما كان مطلوباً لديها ، فانتقلته القوات الأمريكية إلى غوانتانامو ولم يزل الشيخ من ذلك الوقت حتى الآن خلف قضبان الألم.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسني وصفاته العلى أن يفك سراح جميع الأسري سيما عن شيخنا الرحيمي عاجلاً غير آجل. آمين ثم آمين.
فالآن وإن لم نفعل للشيخ شيئاً حتى نفك سراحه وذلك لأننا لانملك شيئا إلا أننا نذكره بشيئين متواضعين الذين نحن في وسعنا الإتيان بهما وهما: الدعاء لفك سراحه وتثبيته وصبره، وثانيهما: مذاكرة بعض كلماته ومقالاته التي لم تزل عندنا نلقي النظر إليها وقتا بعد وقت ونستفيد منها.
وخطر ببالي أن يستفيد منها قراء مجلة الصمود فأردت أن تعم الفائدة من بعض المقالات التي بقيت عندنا من الشيخ؛ فإليكم الآن مقالة الشيخ بعنوان “الولاء والبراء”:}
الحمد لله الذي أمر المؤمنين بموالاة المؤمنين ومناصرتهم وعداوة الكفار والمشركين ومخالفتهم وصلى الله على من أحسن ولاءه وللمؤمنين، وشدّد عداوته بالكفار والمشركين، نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين. أما بعد؛
العصر الذي نعيش فيه قد خفيت فيه كثير من الأمور التي تعتبر من العقائد والإيمان وقلّ بيانها عند العلماء ودعاة المسلمين، ويجب بيانها للأمة ومنها الولاء والبراء والكلام عن هذه الفريضة المهمّة التي قل ذكرها في المجتمع بين المسلمين.
فإنّ الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة وشرط من شروط الإيمان.
معني الولاء:
هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم.
قال الله تبارك وتعالي: « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)» { سورة المائدة}
معني البراء:
هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين من الكفار والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
قال الله تعالي: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ
اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧)» {سورة المائدة}
قال أئمة الدعوة: ليس في كتاب الله تعالى حكم أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد التوحيد، وكثرة ورودها في القرآن تدل على ضرورة الأمر.
ولكن مع الأسف قد خفي هذا الأمر على كثير من المسلمين لقلة التحدث عنه وبيانه أو التساهل فيه أو لضعف الإيمان وكثرة اختلاط المسلمين بالكفار والمشركين وهذا أمر خطير وشر كبير.
يقول الله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) » { سورة الممتحنة}.
إنه سبحانه وتعالى نهانا عن موالاة عدوه وعدونا .
لذا يجب على كل مسلم يدين بدين الإسلام ويعتقد عقيدة التوحيد أن يوالى أهل هذا الدين وأصحاب هذه العقيدة ويحب أهل الإخلاص والتوحيد ويواليهم ويبغض أهل الشرك والكفر والنّفاق ويعاديهم.
قال الله تعالي: «يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِياء بَعْضُهُمْ أَوْلِياء بَعْضٍ وَمَن يتَوَلَّهُم مِّنكمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)» {سورة المائدة}.
إنه تعالى نهى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنّصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ثم تهدد وتوعد من يواليهم من المؤمنين فهو منهم (أي من تولى اليهود فهو يهودي ومن تولى النصارى فهو نصراني ومن تولى المشرك فهو مشرك).
يقول الله تعالى عقب تلك الآية: «فَتَرَي الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يسَارِعُونَ فِيهِمْ يقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يأْتِي بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيصْبِحُواْ على مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)» {سورة المائدة}
أخبرنا الله في هذه الآية أنّ الذين في قلوبهم مرض أي شك في الدين وشبهة يسارعون في الكفر قائلين:{نخشى أن تصيبنا دائرة}.
أي إذا أنكرت عليهم موالاة المشركين قالوا نخشى أن تكون الدولة لهم فيسلطوا علينا فأخذوا أموالنا ويشردونا من بلادنا وهذا هو سوء الظنّ بالله عز وجل.
لذا رد الله على مزاعم وتأويلات هؤلاء… بأنه عسى الله أن يأتي بالفتح والنصر والفصل بين المؤمنين والكافرين كما حدث فتح مكة وغيره.
و«عسى» من الله واجب، وإن شاء الله ينصر الله المؤمنين فيصبح هؤلاء المنافقين الذين والوا الكفار والمشركين نادمين على ما أسروا في نفوسهم من الظنون الفاسدة.
منزلة عقيدة الولاء والبراء من الشرع عظيمة وإنها جزء من الشهادة وهو قول من (لا اله إلا الله) فإنّ معناها البراء من كل ما يعبد من دون الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:«إن تحقيق شهادة «لا إله إلا الله» يقتضي أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ولا يوادّ الا لله ولا يعاد إلا لله وأن يحب ما أحبه الله وأن يبغض ما أبغضه الله …».
ولم نرى إماماً من أئمة الدين أن يوالي الظالم أو الفاسق فضلاً عن الكافر والمشرك، إلا في عصرنا الراهن غابت هذه القضية عن أمة الإسلام.
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: «فهل يتم الدين ويقام على الجهاد وعلم الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر الا بالحبّ في الله والبغض في الله والمعاداة في الله والموالاة في الله ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل ولا بين المؤمن والكافر ولا بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان.
محبة الكفار والمشركين لها علامات ومظاهر تعرف بها:
من مظاهر موالاة الكفار والمشركين: التشبه بهم فيما هو من خصائصهم ومن عاداتهم وأخلاقهم كما ابتلي بها اليوم شباب المسلمين يتشبهون بالكفار بحلق اللحى وإطالة الشوارب وفي الزي واللباس، فإنّ التشبه يدل على محبة متشبه به.
ولهذا قال صلي الله عليه وسلم:«من تشبه بقوم فهو منهم».
وهذا النوع كثر بين المسلمين ولم نرى من يقاطعهم، يعيشون في بيوت المسلمين مكرمين مع أنّ الواجب أن لا يخالطهم لأنهم محادون لله ولرسوله.
من مظاهر موالاة الكفار والمشركين، المشاركة في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها كما ابتلي بهذا النوع أهل الدنيا والهوى.
وهؤلاء مساكين ينتظرون أعياد المشركين بكل قلبهم ويفرحون بالمشاركة في حفلاتهم أكثر من فرحهم إياها.
قال الله تعالي: «وَالَّذِينَ لَا يشْهَدُونَ الزُّورَ ..(72)». {سورة الفرقان}
أي الذين لا يشهدون أعياد المشركين.
من مظاهر موالاة الكفار، إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والثناء عليهم وهذا من نواقص الدين والردة من الإسلام نعوذ بالله ، ابتلي بها بعض حكام المسلمين في البلاد الإسلامية .
هؤلاء الحكام والوزراء يسجنون العلماء والمجاهدين لأنهم يخالفون نظام أمريكا ونظام الكفر والطاغوت حتى امتلأت السجون من المجاهدين.
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: « من مشى مع ظالم ليقويه ويعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام».
لذا لو كان هؤلاء يؤمنون بأركـــــــــان الإيمان والإسلام
(بزعمهم) لا يفيدهم إيمانهم هذا، إذا أعانوا الكفار على
المسلمين.
من مظاهر موالاة الكفار، مخاطبتهم بألفاظ الاحترام وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك فقال: « لا تقولوا للمنافق يا سيد فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل».
أيضاً من مظاهر موالاتهم تشييع جنائزهم أو دفنهم في مقابر المسلمين كبعض خطباء السوء، يملئون خطاباتهم بمدح الحكام الظلمة في أيام الجمعة ويخاطبونهم بالألفاظ المحترمة، فاتقوا الله في الولاء والبراء لأن عقيدة المسلم لا يصح بدونها؛ لأنها شرط من شروط العقيدة ولكن من الأسف اليوم أصبح صاحب الولاء والبراء متهماً بأنه متعصب، بأنه متشدد، بأنه إرهابي…!
لا بل هو ولي من أولياء الله؛ لأن المسلم بتحقيق هذه العقيدة ينال ولاية الله كما روي عن ابن عباس (رضي الله عنهما)… قال: « من أحب في الله وأبغض في الله و والى في الله وعادى في الله فإنما ينال ولاية الله بذلك».
نعم؛ بل صاحب هذه العقيدة ولي وكراماته يعتقد بعقيدة صحيحة، ولكن اليوم قل من يتحدث عن هذه العقيدة.
فأين الحب في الله والبغض في الله يا عباد الله؟ أين الغيرة؟!
وأين العمل بكتاب الله وسنة رسوله؟
اللهم وفقنا للعمل بكتابك وسنة نبيك.
اللهم احفظ أولياءك من شرّ الكافرين وظلم الظالمين ومن فتنة المنافقين واهزم أعداءك وأعداء المسلمين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
—————
الشيخ إبراهيم الرحيمي (فك الله أسره)
تقديم: سعد الله البلوشي