
اليوم العالمي للمرأة
بقلم الاستاذ خليل
يتم الاحتفال بالثامن من مارس/آذار كل عام في عدد من الدول كيوم عالمي للمرأة، لأن الأمم المتحدة أصدرت عام 1975 قرارا تحت مسمى “يوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام العالمي”.
وفي عدد من الدول تخرج مسيرات نسائية يرفعن لافتات وشعارات يطالبن بحقوقهن، إلا أن الحال مختلف تماما في أفغانستان.
ولكن على الرغم من البرامج التوعوية وتسخير الهالة الإعلامية لدعوة النساء إلى تبني هذا اليوم والاحتفال به، إلا أن السيدات الأفغانيات لا يولينه اهتماما يليق به.
وقبل محاولة الإجابة على هذا الاستفهام، أرى من اللازم تسليط الضوء على أوضاع حقوق المرأة الأفغانية في ظل الاحتلال.
حقوق النساء الأفغانيات في ظل الاحتلال:
يتغنى الغربيون بأن أكبر مكاسبهم وأهدافهم من الحرب في أفغانستان هو حماية حقوق المرأة واستعادة كثير من حقوقهن، ولكن على عكس ما يدعيه الأمريكيون تدهورت أوضاع المرأة الأفغانية في ظل الاحتلال الأمريكي.
إن المرأة الأفغانية مقهورة مظلومة، حقوقها تغتصب، وحرمتها تنتهك، وكرامتها تستباح.
إن المرأة الأفغانية لم تشم إلا عبق البارود، ولم تسمع إلا دوي القنابل، ولا تشاهد في سمائها إلا طائرات بدون طيار، ولا توقظها من النوم إلا رشقات الصواريخ، ولا تجمعهن إلا مجالس العزاء لضحايا القصف الأمريكي.
إن العرائس الأفغانيات تتخضب صدورهن وأيديهن بالدماء بدل الخضاب، وقد شهدنا عدة مرات قصفا همجيا أمريكيا لحفلات الأعراس.
النساء الأفغانيات يتم مطاردتهن قتلا وتشريدا، وتداهم منازلهن، ويوقظن من النوم في ليلة ظلماء، وينهشن بالكلاب ويخطف آباءهن أو أزواجهن، أو أبناءهن أو إخوانهن من المنزل أو يتم تصفيتهم أمام عينيها.
السيدات الأفغانيات أرامل، وثكالى، ومهجرات، ويواجهن الأزمات تلو الأزمات.
لم يكن الانتحار وقتل النفس رائجا بين السيدات، وبعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان؛ باتت حالات الانتحار بصفة شبه يومية للسيدات في أفغانستان.
انتشار تعاطي المخدرات بين أوساط نساء الأفغان مصيبة أخرى نزلت على السيدات الأفغانيات بعد الاحتلال الأمريكي، وتجدر الإشارة إلى أن تجارة المخدرات انتعشت في ظل الاحتلال وازدهرت مرة أخرى بعد أن قضت عليها الإمارة الإسلامية إبان حكمها.
ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان فقد ازدادت وتيرة العنف ضد النساء في الأعوام الأخيرة، وأن ربع المعتقلين في سجون أفغانستان تشكلهم النساء، وهن اللائي قبض عليهن في قضايا جنائية أو جرائم أخلاقية.
كما انتشرت ظاهرة خطف النساء والتزويج القسري خاصة من جانب عصابات المليشيات التي تدعمها أمريكا وترعاها.
وذلك بالإضافة إلى التحرش الجنسي، والاغتصاب، والعنف والتمييز الذي يهدد النساء في المكاتب الحكومية وأماكن العمل.
إن المرأة الأفغانية مهانة ذليلة في ظل الديموقراطية التي يتبجح أصحابها بحماية حقوق المرأة، ويقتلون أزواجهن ومعيلوهن مما يُلجئهن إلى الافتراش والتسول في الطرقات.
والاعتداءات المتكررة والانتهاكات المتواصلة من قبل الغزاة المحتلين هي التي تُلجئ المرأة الأفغانية للفرار خارج البلاد.
فبالله عليكم رغم كل هذه المعاناة هل يحق للمرأة الأفغانية أن تحتفل بهذا اليوم؟
نعم إن المرأة الأفغانية لا تجد وقتا للاحتفال بهذه المناسبة، فهي تنافس الرجال وتشارك الأبطال في ساحات الوغى، وتحرض زوجها وإخوانهن ضد العدو المعتدي، دفاعا عن الدين والوطن.
هن حفيدات خديجة، وعائشة، وأسماء، وفاطمة، وأم سلمة وزينب وأم عمارة وأم سليط والخنساء… رضي الله عنهن.
لقد سطرت السيدات الأفغانيات أروع الأمثلة في البطولات، وثبتن في مواقف تاريخية عجز عن الثبات فيها كثير من الرجال.
إن لنا أسوة في أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها التي شقت نطاقها نصفين وربطت بأحدهما السفرة وبالآخر السقاء.
إن لنا أسوة في”مالالا الميوندية” التي كانت تحرض زوجها ورجالات قبيلتها في ميدان المعركة على مقارعة المحتلين الإنجليز والجهاد المقدس، فخلدت بذلك اسمها في صفحات التاريخ، وصارت رمزا للحرية والنخوة.
لقد ساعدت المرأة الأفغانية وستساعد آباءها وأبناءها وأزواجها وإخوانها المجاهدين في الجهاد المقدس ضد المحتلين الأجانب. وللسيدات الأفغانيات أهازيج تحريضية على الجهاد جارية على ألسن الناس تستنهض هممهم، وتوقظ ضمائرهم، وتشحذ عزائمهم، وتُثبت أقدامهم.
كما أن الكثير من السيدات المسلمات يعتقدن بأن الغربيين ليسوا بصادقين في المطالبة بحقوق النساء، بل هم يتاجرون بقضيتهن ويربحون أموالا طائلة ويستغلونها أسوأ استغلال.
ليست لدى الغربيين حقوقاً للمرأة سوى التبرج، والسفور، والاختلاط، والوقاحة والرقص أمام الرجال ونشر الرذائل والفواحش.
لكن المرأة الأفغانية لا تتطلع إلى التجمل أمام الرجال والظهور عبر شاشات الفضائيات، ولا المشاركة في مسابقات الجمال والهرولة، إنهن يرفض الحرية المزعومة التي يريدها الغربيون لهن.
فحقوق المرأة الحقيقية هي النخوة والحشمة، والحياء والحجاب، والعفاف.
ورسالتي إلى أخواتي في أنحاء العالم الإسلامي: حسبنا الحقوق التي منحها إيانا دين الإسلام، فقد كن النساء قبل الإسلام مهانات ذليلات، لا يُعترف لهن بحق كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا. صحيح البخاري.
أخواتي، لا تغترن بشعارات هؤلاء القتلة السفاكين، فهم الذين يقتلون أزواجكن، وأبناءكن ويدمرون بلادنا ويهدمون منازلنا، فلا يحق للذئاب أن تطالب بحقوق الغنم.
أخواتي لقد كنتن كريمات عزيزات في بلادنا فجاءت أمريكا وسعرت الحروب التي لا زلنا نكتوي بلظاها منذ ما يقارب عقدين من الزمن.
واعلموا أيها المحتلون، أن العفاف شعار نساءنا والحجاب دثارهن، فلن ينجررن وراء شعارات براقة خداعة تطلقونها، ولن يلهثن وراء السراب التي تظهرونه لهن.
النساء الأفغانيات لا يردن أن يتلقين في هذا اليوم الهدايا والورود، ولا يطلبن التدليل داخل المنازل، بإعفائهن من الأشغال اليومية الروتينية.
فلا تطمعوا أنهن سوف يخرجن في مثل هذا اليوم إلى الشوارع ويرفعن لافتات وشعارات تطالب بالمساواة بين الجنسين.
عفوا أيها الغربيون، إن الأفغانيات يعتبرن هذا اليوم مناسبة مرتبطاً بعادات وتقاليد غربية دخيلة، ويعتقدن أن الإسلام جاء بالعدل المبين بين الذكر والأنثى، ومنحهن حقوقا لم يعطهن أحد من قبل ولن يعطيهن من بعد.
إن أهمتكم حقوق المرأة الأفغانية أو أقلقتكم معاناتها؛ فحقوقها هي في إنهاء الحرب الجائرة على بلادها، التي جعلتها عرضة للكثير من الفتن والانتهاكات.
واهتموا بحقوق المرأة في بلادكم فالغرب يحطم أرقاما قياسية في حوادث الاغتصاب والتحرش الجنسي، والإدمان والإجهاض، وأبناء السفاح والطلاق والشذوذ الجنسي وزنا المحارم، والتفكك الأسري والأمراض النفسية والقتل والانتحار.