انسحاب القوات المحتلة وأثره على عملية السلام
الِافتتاحية:
لقد أخذت القوات الأمريكية المحتلة تنسحب من أفغانستان بموجب إتفاقية الدوحة التي تمت بين الإمارة الإسلامية والولايات المتحدة، وانتشرت في الآونة الأخيرة في صفحات التواصل الاجتماعي صور للأرتال الأمريكية المغادرة بلاد الأفغان والعائدة إلى بلادها.
كما غرّد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بأنه سيعيد القوات الأمريكية من أفغانستان إلى أمريكا قبل حلول “الكريسماس”.
لقد حظيت هذه التغريدة بترحيب واسع من الأفغان في شبكات التواصل الاجتماعي، كما رحّب الناطق الرسمي باسم الإمارة الإسلامية ذبيح الله مجاهد بهذه التغريدة واعتبرها خطوة هامة في سبيل السلام الأفغاني.
وعلى الرغم من أن القوات الأجنبية غزت أفغانستان رافعة شعارات السلام وإعادة الإعمار والحرية؛ إلا أنها قلبت حال أفغانستان رأسا على عقب، فسلبت أمن الشعب الأفغاني ودمرت دياره وبلاده، وقتلت مئات الآلاف، وشردت الآلاف، واعتقلت الآلاف وأذاقتهم أبشع أنواع التنكيل والتعذيب.
إن من أهم إنجازات الإمارة الإسلامية إبان حكمها هو استتباب الأمن وتحقيق السلام والاستقرار في ربوع أفغانستان، حيث كان الأفغان يحترقون في أتون حروب داخلية، فأنعم الله عليهم بإمارة إسلامية حكّمت شرع الله وعمّ الأمن والرخاء في بلاد الأفغان، وصاروا يعيشون حياة آمنة مطمئنة لا يخافون إلا الله.
إن أمريكا لم تجنِ من حربها ضد الأفغان المستضعفين سوى الأضرار، فإن هذه الحرب والجرائم التي ارتكبتها شوّهت سمعتها وفقدت بسببها هيمنتها وضعفت سيطرتها على العالم، وآهات الثكالى واليتامى ستشكل كابوساً وهاجساً يؤرق مضاجع الأمريكيين ويضفي على حياتهم جواً من الرعب والفزع، إذ لا شك في قبول دعاء الأيتام والمظلومين كما نطقت به نصوص من الكتب السماوية.
فالإنجليون الذين يقومون بدعم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إن كانوا يؤمنون بكتابهم فعليهم أن يشجّعوه على رفع الظلم عن الشعب الأفغاني المضطهد، ليبادر بانسحاب قواته من أفغانستان ويفي بوعوده التي كررها مرارا.
إن دعوات بقاء القوات المحتلة تزيد أوار المشكلة ولا تقوم بحلها لأن فطرة الأفغان تأبى أن تقبل الاحتلال أو تخضع أمامه، بل سيقاومونه بجميع السبل المتاحة، كما أثبتوا ذلك خلال تاريخهم القريب، حيث لم يرضوا بالاحتلال الإنجليزي ثم بالسوفييتي ثم بالأمريكي، مهما احتال كل واحد منها لاستمراره ودوامه.
ولا يرضى بالاحتلال إلا شرذمة قليلة من العملاء الذين جاءوا على متن الطائرات والدبابات الأمريكية والتي مسخت عقولُهم، وانتكست فطرُهم ولا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية على حساب حياة الأفغان.
إذن فتسريع عملية انسحاب القوات الأجنبية تؤدي إلى تسريع عملية السلام وتؤثر إيجابيا عليها وتدفع عجلة المفاوضات نحو الأمام والعكس بالعكس. فعلى المسؤولين الأمريكيين أن يلبّوا نداء الشعب الأفغاني ويلتزموا بالاتفاق الذي أبرموه مع الإمارة الإسلامية ويعجّلوا بإنهاء احتلالهم ليعود السلام والاستقرار إلى بلاد الأفغان مرة أخرى.