
بدأت الأمريكان تستنجي بالتكتيم الإعلامي وتتوسل بتضليل الرأي العام وإخفاء الحقائق
الافتتاحية:
يفرض العدو السرية التامة والكتمان الكامل على الإعلام سعيا منهم في التعمية وعدم كشف القناع عن إخفاق استراتيجية “أوباما” الفاشلة من أول يومها، وبذلا منهم للجهود اليائسة لإخفاء الحقائق وتضليل الرأي العام، وذلك بإعلان التقدم في جبهة القتال، رغم تدهور الأوضاع العسكرية، وانهيار معنويات القوات الغازية، ورغم تصاعد العمليات العسكرية والنشاطات الجهادية للمجاهدين بما جعل هذا العام هو الأسوأ بالنسبة لقواتها بأكثر مما كان فى العام الماضي/2009م.
وما يزيدهم في هذا العام خجلة وعارا وشنارا هو التعتيم الشديد وتقييد حركة الإعلام داخل أفغانستان وخارجها، واستفراد الاحتلال بمساعدة حكومة كابول العميلة بالبث الإخباري عن طريق الإعلام المحلي والخارجي.
إن تصاعد النشاط القتالي الوسيع للمجاهدين يظهر أن العدو الأمريكي وحلفاءهم يعانون حالة من الجمود فى تحركهم العسكري مع التوقف لمبادراتهم العسكرية.
وفي إطار نشاطاتهم المحدودة على الطرقات وبين المواقع يتكبدون خسائر عالية بشكل يجعل ذلك النشاط المحدود كمجازفة كبيرة بأنفسهم.
وأوضح الأمثلة على ذلك هجومهم على قرية (مارجه) التي أثاروا عليها ضجة هائلة في شهر مارس الماضي، ورغم المساحة المحدودة للغاية التي احتلوها إلا أن الخسائر المتصلة بهم أثناء حركة قواتهم من “مارجه” وإليها تجاوزت عن خسائر تلك القوات التي تحملت خلال عملية احتلالها.
ولا شك أن إخفاء تلك الحقيقة عن الرأي العالمي والأمريكي العام له أهمية سياسية كبيرة نظرا للتأثير السيئ الذى يترتب على كشفها من فضاحة الموقف وإخفاق الاستراتيجيات المتكررة, فالفشل الأمريكي والحلفاء من دول الناتو أكبر مما هو متخيل, وسيكون لذلك أثر كبير على السمعة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، وعلى الأحداث السياسية داخل أمريكا، وعلى نتائج الانتخابات في دول أوروبا المتورطة فى حرب أفغانستان، ولذلك يسعون في تعمية الأنباء، وتكتيم الحقائق.
ففي ولاية هلمند وهي المستهدفة الأولى لعمليات جيوش الاحتلال تعتبر خسائرهم غير مقبولة بالنسبة لأي مراقب، وغير معقولة بالنسبة للحلف العسكري (الناتو) وهم يدعون أنها القوة الكبرى في العالم.
فتلك الولاية مازالت تشهد خسائرهم اليومية بما جعلها في المرتبة الأولى والأشد خطرا على جنود الاحتلال على مستوى أفغانستان، ولا يتوقف ذلك على منطقة (مارجه) الصغيرة، بل يشمل هلمند الشاسعة كلها التي تشكل نزفا يوميا دافقا يقود بلا شك إلى سقوط أكيد لقوات الاحتلال، وهلمند تأتي في صدارة الولايات الأخرى ـ وجميعها مناطق نشطة حاليا ـ خاصة فى ظل مواتاة الظروف المناخية في أفغانستان لعمليات المجاهدين.
تعطي تلك الولاية مثالا صارخا على الموقف الدفاعي اليائس لقوات الاحتلال، وعجزها عن تنفيذ عمليات هجومية صغيرة، بل وفشلها عن تأمين مجرد عمليات مداهمة لقرى صغيرة بدون دفع ثمن فادح في الأفراد والمعدات، إن ذلك يقترب في حقيقته من حالة حصار.
ودلالات أخرى لا تخفى على أي عين متفحصة سواء في الشمال حيث تعاني القوات الألمانية من زيادة في الخسائر، وتورط في عمليات أرضية خارج معسكراتها الآمنة التي كانت تلوذ بها منذ سنوات، فنراها تخسر 15 جنديا فى معركة واحدة هناك.
والفرنسيون في شمال كابول يستدرجون أيضا خارج حصونهم إلى حرب استنزاف في “تاجاب” و” نجراب” ويخسرون يوميا أرواح جنودهم، وهم عاجزون عن تأمين الحماية لأفراد طاقمهم الصحفي، حيث ذهبوا أسرى لدى المجاهدين، وتحولوا إلى ورقة ضغط على حكومة فرنسا المتغطرسة.
أما “باكتيا” و”باكتيكا” و”خوست” فمازال الوضع على ماهو عليه من عمليات استشهادية، وكمائن بالمتفجرات، والفدائيين.
أما “قندهار” التي يهدد الجنرالات الأمريكيين باجتياحها مازالت تتحداهم، ويضرب مجاهدوها مراكز الحكومة داخل المدينة، ويجعلون طرق التقرب إليها في غاية الخطورة سواء من الشرق طرف العاصمة “كابول” أو من الغرب طرف هَرات.
ففي الجانب الشرقي من ولاية “قندهار” تقع أمام العدو في “ميدان وردك” وغزني وزابل عقبات هائلة وضرائب عالية تدفعها قوات العدو في العتاد والأرواح عند المرور صوب قندهار، وبالجانب الغربي منها هناك “هلمند” الأسطورية حيث تستقبل القوافل العسكرية للأعداء بإطلاق رصاصات الموت المحتوم، حتى تبدلت نواحي “جرشك” بمقبرة حقيقية للمعتدين.
والإقليم الشرقي للبلاد بولاياتها الأربعة: كونار, نورستان، ننجرهار، ولغمان تتصاعد فيه نشاطات المجاهدين العسكرية بمرور كل يوم مما اضطر الأمريكان إلى سحب قواتهم من مناطق شاسعة وخاصة وادي “كورينجل” التابعة لمديرية “مانوجي” بولاية “كنر” التي قال الكولونيل بالجيش الأمريكي “راندي جور” في بيان أصدره بمناسبة انسحاب القوات الأمريكية عنها: إن المنطقة كانت ذات يوم مهمة جدا على صعيد العمليات العسكرية….
وربما كان مفاجأة مدهشة للكثيرين نبأ صدور العمليات الجهادية عن وادي “بانجشير” معقل أحمد شاه مسعود سابقا, وهي الولاية الوحيدة التي ذكرتها وسائل الإعلام مؤخرا أنه لا يوجد فيها والي (حاكم) آخر من قبل طالبان غير الوالي الموظف من قبل حكومة كرزاي العميلة، فعمليات بانجشير الجهادية تدل على أن مساعدة الأمريكان والوقوف بجانبهم كان من فعل عدد محدود من الشخصيات المنحرفة هناك، أما أهالي بانجشير على الخصوص وأهالي الشمال على العموم فهم في مقدمة الجهاد على طول التاريخ، ومنطقة “بانجشير” مشهورة بمقارعتها للاحتلال السوفيتي تحت قيادة قادة بارزين أبطال الذين لم ينحرفوا ولم يبيعوا أنفسهم لأعداء الدين والوطن.
كل هذه الدلائل والمؤشرات التي تحملها عمليات المجاهدين تشهد بوضوح تام بأن تصريحات العدو بأن عمليات المجاهدين لهذا العام 2010 قد زادت بنسبة 4 أضعاف العام السابق – وهو العام الذى وصفوه بأنه الأكثر دموية للقوات الأجنبية في أفغانستان- جاءت مضللة للرأي العالمي العام؛ بل تحسب تلك التصريحات تعمية وكتمانا للحقائق الأرضية، وتعد اعترافا بالأقل بكثير من الواقع الفعلي على أرض المعارك في أفغانستان.
وإن قول وزير الدفاع الأمريكي “روبرت جيتس” لقواته في قندهار: بأنهم سيواجهون معارك ضارية في الأشهر المقبلة هو في الحقيقة بشارة لتلك القوات بهزيمة مؤكدة. ولو أن لدى “جيتس” أدنى أمل في النصر لسمح للإعلام المحلي والدولي أن يغطي بحرية أجواء المعارك الدائرة في كل زاوية من زوايا البلاد بصفة عامة، وفي هلمند وقندهار بشكل خاص.
فالشواهد كلها تشير إلى حدوث تحول جذري في أفغاستان هذا العام، والأوضاع الراهنة التي تفرضها معارك مظفرة تخوضها قوات الإمارة الإسلامية في كل أرجاء الوطن تؤمي إلى هزيمة الأعداء بأحابيشها وعملائها، وتبشر بنجاة المسلمين ونصرة المجاهدين بإذن الله تعالى، وهو على ذلك قدير، فنعم المولى ونعم النصير.