بداية النهاية
عرفان بلخی
قلنا تكرارا أنه عند بدء احتلال بلادنا كان المحتلون يحسبون افغانستان لقمة سائغة بل ويزعمون أن كل ما في الأمر انهم يحتاجون الى أشهر لارساء الديمقراطية الغربية واستتباب الأمن والاستقرار في ربوع البلاد كما ظن الكثيرون أن تجربة هذا الاحتلال ستكون على عكس تجربة السوفيات والدليل علي أن المحتل حصل هذه المرة على دعم دولي امتد من الشرق الى الغرب وكذلك اكتسب المساندة الاقليمية ودول الجوار والمسايرة المحلية للعملاء التي تمثلت في (التحالف الشمالي) والتي سخرت كل ما في وسعها للغازي المعتدي لاسقاط نظام الامارة الاسلامية ولكن شاء الله غير ذلك وأصبحت الامارة الاسلامية اليوم بعد مرور أعوام من الفتنة والاختبار مسيطرةعلى معظم أراضي ومحافظات البلد، وهذا دليل على أن امتداد ساحة نفوذ الامارة الاسلامية وسيطرتها السياسية والقضائية والعسكرية نابعة من وجودها الطبيعي بين الشعب فحركة طالبان المتمثلة في الامارة الاسلامية حتي في نظر المحتلين هي التي حسمت الصراع الداخلي بعد هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان عام 1987، وتمكنت بقدراتها الشعبية والاجتماعية ودرايتها السياسية والعسكرية، من تشكيل حكومتها ودولتها، قبل أن تنقض عليها أمريكا بالاحتلال الجائر عام 2001، وبقيادة الرئيس الأمريكي الأحمق جورج بوش الابن وارتكبت خطأ جسيماً لأنها ظنت أن قدرتها العسكرية الهائلة كفيلة أن تضمن لها النصر في الحرب على شعب ضعيف عسكرياً، وهذا بسبب جهلها بشعبنا المسلم، فإنها ما كانت تعلم أن شعوب المسلمة لا تستسلم أمام جيوش الاحتلال، وإن لم تستطع منعها من الاحتلال لحقبة من الزمن، فالخطأ الأكبر الذي ترتكبه الدول الكبرى المتهورة المتغطرسة هو ظلمها للدول الصغيرة، وأكثر ما تخدع به أن تجد متعاونين معها عملاء من أبناء تلك الدول، ولكنهم لا يستطيعون نصرها ولا نصر أنفسهم أيضاً، فدول الاحتلال لبلاد المسلمين ستبقى تدفع ثمن الاحتلال حتى الهزيمة النهائية ولو بعد سنين أو عقود وقرون وإن أمريكا اليوم أمام هذه التجربة الفاشلة باحتلال بلادنا.
وهذه آية من آيات الله أن يمرّغ أنف أطغى دولة في العالم على أرض أفقر دولة مسلمة، وعلى أيدي رجال مستضعفين لاحول لهم ولا قوة لايملكون دبابات ولا طائرات، وإنّما يملكون عقيدة وايمان وعزيمة تهدّ الجبال الراسيات ويقينا بنصر الله تجاوز عنان الأرضين والسّماوات.
إن أمريكا اليوم تكتب تاريخ هزيمتها بانسحاب جيوشها من الأراضي التي توغلت فيها وطالت حربها فيها لعقد ونيف من الزمن في البداية لم يكن من المتصور أن تنهار القوة العسكرية الأولى بالعالم أمام المقاومة الاسلامية وعتادها المتواضع ولكن بمرور الوقت ها هي اضطرت للتحاور على طاولة المفاوضات ومن المعلوم أن ثمة عوامل أسهمت في تغلب قوات الامارة على جحافل القوات الأمريكية والتي بلغت في ذروتها 140 ألف جندي يوما ما شاملة أحدث الطائرات والمعدات العسكرية، ورغم مرور ما يزيد من 18 عاماً، إلا أنه ما زالت الحركة تصمد أمام الوجود الأمريكي وحلف الناتو وكبدتها خسائر البشرية بالآلاف والمادية ما يفوق التريليون دولار حتى الآن.
في الآونة الأخيرة سلطت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الضوء على المحادثات التي استضافتها قطر لإنهاء الصراع الدائر في أفغانستان منذ عام 2001، معتبرة أن نجاح هذه المحادثات يعني هيمنة حركة طالبان على الدولة التي مزقتها الحرب منذعشرات السنين.
وقالت المجلة في تقرير نشرته على موقعها الإليكتروني:” في الوقت الذي تتواصل فيه المحادثات في قطر لإنهاء الحرب في أفغانستان ووسط الفوضى السياسية في كابول، يبدو أن هناك توجهًا واحدًا واضحًا على الأرض وهو أن طالبان تعزز سيطرتها”.
وأضافت:” كلما طال أمد الحرب التي بلغت عامها التاسع عشر، كلما كان التوازن بين طرفي النزاع في صالح حركة طالبان الاسلامية”.
ورأت المجلة أنه:” في حال نجحت محادثات السلام، فإن طالبان سوف تضفي الطابع الرسمي على سيطرتها على مناطق واسعة في البلاد وسوف تتمدد سيطرتها على مناطق أوسع، ولكن في حال فشلت ستكون النتيجة أسوأ، في ظل تجدد القتال ووجود حكومة غير مستقرة في كابول”، لافتة إلى أن الحركة قضت سنوات في الإعداد من أجل العودة للسلطة.
وقد آن الآوان لحكم الامارة الاسلامية واستتباب الأمن والإستقرار في البلاد بإذن الله لأن الامارة الاسلامية كما كانت وقد أسست لاستباب الأمن والاستقرار واصلاح ما افسده الآخرون في البلاد وتطبيق الشريعة الإسلامية فهي لاتريد اهراق الدماء واحراق الارض واهدار الممتلكات وهتك الحرمات ومن اول يوم كانت منجزاتها توحيد الأراضي للبلاد والقضاء على الفساد بكل انواعه وجمع الأسلحة وحصرها في يد الحكومة الاسلامية والقضاء على طبقة المجرمين وامراء الحرب وإنشاء المحاكم وإيجاد نظام إداري لايشوبه فساد والقضاء علي زراعة المخدرات وإنتشارالعدل والامن في كافة أرجاء البلاد وانخفاض نسبه الفقر والبطالة حسب الاستطاعة وايجاد المراكز الخيريه وتأسيس المدارس والمساجد والمستشفيات والمراكز الدينية والتعلميه والأمثل من الجميع إعادة الأمن والاستقرارالى ربوع البلاد.
نعم لقد بدأ نهاية الاحتلال بعقد محادثات سلام للمرة التاسعة بين الامارة الاسلامية وأمريكا وسيمهد ذلك طريق السلام الذي ينشده الجميع فممّا لا شكَّ فيه أنَّ جميع الناس يبحثون عن الأمنِ والأمانِ ليستطيعوا العيش دونِ خوفٍ وفزعٍ؛ حيث يُعتبر الخوف من أكثر الأمراض النفسيّة التي تُهلِك صاحِبها لأنه يمضي حياته في الترقّب وانتظار المجهول. ولقد عانت دوَل العالمَ أجمَعْ من الحُروبِ المدمِّرة التي تعود على الإنسان بالكثيرِ من الدَّمار وإزهاق الكثير من الأرواح العسكريّة والمدنيّة، كما أنَّها تستنزف ميزانيَة الدول وخيرات البِلاد وحثَّ ديننا الحنيف على السَّلام في جميع الأحْوالِ، واعتبرَه الحل الأول في أيّ نِزاعٍ.
نحن نعتقد أن الاسلام هو دينُ سلامٍ، وليس دين استسلام، فهو يسلُكُ سبيله إلى السلام مِن مركز القوة، وبدون القوة يكونُ الطريق إلى السلام طريقًا إلى الاستسلام، الذي به تَضيع الحقوق وتُنتَهك الحُرُمات! في ضوءِ هذه النظرة المتكاملة تحقَّقتْ للإسلام المُرونةُ والحيوية، والقدرة على التلاؤم مع كل زمان ومكان، ومع كل ظروف الحياة المتغيِّرة.
وإذا تتبَّعنا حياةَ الرسول صلى الله عليه وسلم قبلَ الهجرة وبعدها في مكة والمدينة، رأينا بوضوحٍ تلك النظرةَ المتكاملة الواقعية إلى السلام، والمتتبِّعُ لآيات القرآن الكريم يرى بوضوحٍ تعميقَ تلك النظرة في نفوس المسلمين كجزءٍ مِن عقيدة سَمْحةٍ تدعو إلى السلام عن حبٍّ له وثقة به، ولا تدعو إليه عن خوف مِن الحرب وما تجرُّه على المتحاربين من ويلاتٍ.
يسعى الإسلامُ دائمًا في تشريعه إلى أن يعيشَ الإنسانُ مطمئنًا بسلام، لا يُعكِّر صفوَ حياته أيُّ اضطراب أو خلل، باعتباره دينَ الفطرة الذي تُوافِقُ تشريعاتُه النفسَ البشرية السَّوِية التي تميلُ إلى السلم، وتسعى إليه وتعمل على استمراره.
لقد غرَسَ الإسلام بَذرةَ السلام في نفوس الأفراد، السلام الإيجابي الذي يرفع الحياةَ ويرقيها، لا السلام السلبي الذي يرضى بكلِّ شيء ويدع المبادئ العُليا تُهدَم في سبيل العافية والسلامة.
اللهم أنت السلام ومنك السلام، حيينا ربنا بالسلام!