مقالات الأعداد السابقة

بشائر النصر والفتح

إنّ نصر الله العزیز هو عامل الغلبة الأساسي في الجهاد في سبیل الله تعالی، وإذا نظرنا إلی التاریخ الإسلامي نری أنّ الأفراد الجماعات المجاهدة خرجت لرفع رایة الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالی بأیدٍ شبه خالیة لمقارعة العدوّ الذي یفوقها في التسلّح الوسائل المادیة أضعافاً مضاعفة، لأن تلك الجماعات المجاهدة المؤمنة أحسنت التوكل علی الله تعالی، وبذلك استطاعت أن تتحّمل في مقارعة العدوّ أكثر مما یمكن للأفراد والجماعات أن تتحمّلها. 
إنّ تحمّلهم لهذه الأعباء ربما تظهر فی میزان العقل تهوّراً، ولكن لو سُئل هؤلاء عمّا شجّعهم للخوض في مثل هذه المغامرات لكسب الغلبة والانتصارات سوف لا تجد منهم إلاّ إجابة: (وما النصر إلا من عند الله). 
إنّ النصر الإلهي لعباده لمن الأمور العظیمة، وهو متكأ المؤمن في خوضه الحروب الطاحنة والمغامرات الخطیرة لأجل إعلاء كلمة الله تعالی، وإذا كانت القلوب معتمدة علی الله تعالی ومطمئنّة إلی نصره فإن الأعاصير والزلازل مهما اشتدت وعظُمَت لا یمكنها أن تزعزع تلك القلوب المؤمنة ،لأنها تستبشر بنصر الله تعالی في كل حین، ولا تطمح إلاّ  في الغلبة ولا ترضی إلاّ بالفتح والوصول إلی الهدف. 
ولكن ما هي علامات النصر الإلهي لعبادة المجاهدین؟ الجواب هو في سورة النصر حیث یقول الله تعالی: (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا 2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا 3) سورة النصر.
ومن مضمون هذه السورة المباركة یظهر جلّیا أنّ من بشائر النصر الإلهي هو دخول الناس في دین الله تعالی أفواجاً بعد تركهم لصفوف الكفر والضلال. 
إنّ جهادنا الآن في أفغانستان قد وصل بفضل الله تعالی إلی هذه المرحلة. كان كثیر من التائهین وأصحاب النفوس الضعیفة في بدایة الغزو الأمریكي ینضمون أفواجاً إلی صفوف الأعداء خوفاً منهم وطمعاً فیما عندهم من متاع الدنیا، ولكنهم الآن بفضل الله تعالی وببركة نصره للمجاهدین یتركون صفوف العدوّ وینضمون أفواجاً إلی المجاهدین ویتوبون عما كانت من مناصرتهم للعدوّ الكافر. 
یقول مسؤول إدارة الدعوة الإشاد للولایات الجنوب غربیة في الإمارة الإسلامیة الحاج عبد الصمد: (إنّ انضمام جنود العدوّ إلی المجاهدین في أفغانستان مستمرّ بقوة وتدفق منذ شهور، وقد انضم إلی المجاهدین عدد كبیر من جنود العدوّ وشرطته وملیشیاته المحلّیة والعاملین في الإدارات الحكومیة، وعددهم فوق ما كنّا نتوقّعه، إنّهم یخرجون من صفوف العدوّ ویحصلون علی ضمان الأمان لأرواحهم وأموالهم من لجنة الدعوة والإرشاد. 
وقد حدث مراراً أن استسلم للمجاهدین في الیوم الواحد أكثرمن مئة شخص مع كامل أسلحتهم ووسائلهم العسكریة، والجدول التالي یوضّح أعداد المنضمین إلی المجاهدین في بعض الوالایات في الأشهر القلیلة الماضیة . 
المسلسل    الولایة    عدد المنضمین
1    غزني    98
2    زابل    69
3    قندهار    205
4    ارزگان    310
5    هلمند    257
6    فراه    116
7    هرات    416
8    بادغیس    485
9    فاریاب    134
10    سرپل    257
11    نورستان    131
12    ننگرهار    184
13    پكتیكا    135

یجدر بالذكر أن هؤلاء المنضمین إلی المجاهدین كانوا بالفعل جنوداً في صفّ العدوّ وكانوا یقومون بوظائفهم العسكریة. وقد حمل معهم هؤلاء الجنود  1127 قطعة من الأسلحة الخفیفة والثقیلة إلی المجاهدین. وبخروج هؤلاء من صفوف العدوّ لم یضعف صفوفه فحسب، بل قویت  بهم وبأسلحتهم صفوف المجاهدین أیضا، حیث أزیحت كثیر من العوائق أمام المجاهدین في القری والأریاف. 
والأعداد المذكورة أعلاه هي للمنضمین الذین انضمّوا إلی المجاهدین قبل شهر(مایو) الجاري فقط ، وقد انضم بتاریخ 14 من شهر (مایو) أكثر من مئة شخص آخرون في عدّة ولایات، حیث انضم في ولایة(بادغیس) لوحدها 78  شخصاً من الملیشیات المحلیة، كان 30 منهم بقیادة القائد (بورجان) من قریة (پیتاوي) و28 منهم بقیادة القائد (موسی بن تورجان) من قریة ( خانان) و20 آخرون بقیادة القائد(عبد الخالق) من قریة (تورجر) . 
لقد استقبل المجاهدون هؤلاء المنضمین بحفاوة وكرم، وبذلوا لهم الأمان، وفتحوا لهم مجال الحیاة الآمنة الكریمة في بیوتهم وقراهم. 
یقول المجاهدون في (بادغیس) إنهم قبضوا قبل الانضمامات الأخیرة علی 25 شخصاً من الملیشیات المحلیة في إحدى المعارك ولكنّهم بعد القبض علیهم أحسنوا إلیهم وأطلقوا سراحهم إحساناً، فكان لهذا الإحسان الأثر الكبیر علی بقیة الملیشیات حیث انضموا إلی المجاهدین بشكل جماعي مع كامل أسلحتهم . 
وقد تزامن مع انضمام الجنود إلی المجاهدین في (بادغیس) انضمام 15 شخص من الملیشیات المحلیة في مدیریة(خان آباد) من ولایة(كندز) بقیادة القائد(رشید بن حسن)، وقد حملت هذه المجموعة معها إلی المجاهدین مدفع عیار 82 م.م ، وقاذف R.P.G ، ورشاش P.K ، و 12 قطعة من رشاشات الكلاشنكوف. 
وكذلك انضم إلی المجاهدین في هذا الشهر عشرات من الملیشیات المحلیة  في كلّ من ولایات (قندهار) و(أرزگان) و(زابل)، وحملوا معهم أسلحتهم إلی المجاهدین. 
وتدلّ هذه الانضمامات المتتالیة إلی المجاهدین بكلّ وضوح أنّ نصر الله تعالی قد نزل علی المجاهدین، لأنّ الله تعالی هو مالك القلوب وهو یحوّل قلوب ألدّ أعدائه من عداء المجاهدین إلی محبّتهم والانضمام إلیهم وتسلیم أسلحتهم إلیهم. فلو أراد المجاهدون أن یقضوا علی هذا العدد الكبیر من أفراد العدوّ عن طریق الحروب واستعمال القوة العسكریة لكانّ علیهم أن یتحمّلوا مشقّات كبیرة، وأن یقدّموا تضحیات عظیمة. ولكن الله تعالی بفضله العظیم لیّن قلوب الأعداء وأمالها إلی جانب المجاهدین من دون أن تكون هناك إراقة الدماء. وهكذا أزال الله تعالی عوائق كثیرة عن طریق المجاهدین بفضله وكرمه. 
یقول الأخ الحاج عبد الصمد مسؤول إدارة الدعوة والإرشاد للولایات الجنوب غربیة:(هناك تقدّم ملحوظ في فعّالیات لجنة الدعوة والإرشاد ومكتسباتها بالمقارنة إلی مكتسباتها للعام الماضي حیث یوجد الآن مندوبون لهذه اللجنة في جمیع الولایات والمدیریات، وهناك آثار مشهودة ومتزائدة لفعّالیات هذه اللجنة، ولها تأثیرات جیّدة علی الحركة الجهادیة في هذا البلد. وقد فتحت هذه الفعّالیات  طرق الانضمام أمام الجنود الذین یریدون الخروج من صفوف العدوّ. 
إنّ المشاكل التي كان یجب أن یتغلّب علیها المجاهدون عن طریق الحرب استطاعوا بفضل الله تعالی أن یتغلّبوا علیها عن طریق الدعوة. 
إنّ الجنود الأمریكیین وحلفائهم الغربیین قد خرجوا الآن من كثیر من مراكزهم إلی المدن والقواعد الكبیرة، وتركوا مواقعهم لجنود الحكومة العمیلة، وكثیراً ما یحدث أن یعلم الجنود الداخلیون بهجوم المجاهدین علیهم فیستسلمون للمجاهدین مع أسلحتهم قبل أن یهجم علیهم المجاهدون، وهذا ما حدث قبل أیّام في مدیریة(چارچینو) من ولایة(أرزگان) حیث استسلم 35 جندیاً مع كامل أسلحتهم للمجاهدین. 
وكذلك یستسلم الجنود المحلّیون للمجاهدین أثناء المعارك، وقد حدث مثل هذا قبل أیّام في مدیریة (غورماچ) من ولایة (بادغیس) حین استسلم 40  جندیاً من جنود العدوّ للمجاهدین أثناء المعركة وسلّموا أسلحتهم للمجاهدین. 
یقول مسؤولوا لجنة الدعوة والإرشاد في الإمارة الإسلامیة أن حُسن تعامل المجاهدین مع المنضمین إلیهم واستقبالهم بحفاوة وإكرام رغّب كثیراً من جنود العدوّ للانضمام إلی المجاهدین وجعلهم یُعیدون النظر في موقفهم  العدائي من الجهاد والمجاهدین. ولم یحدث حتی الآن أن یكون أحد المنضمین قد تضرّر من المجاهدین في نفسه أو ماله بعد تركه صفوف العدوّ. 
إنّ انتهاج المجاهدین لهذه السیاسة أثارت التساؤلات الكثیرة بین جنود العدوّ، وأظهرت لهم دجل المسئولين الحكومیین وكذب إشاعاتهم التي كانوا یخوّفون بها أفرادهم من سوء معاملة المجاهدین لهم إن هم استسلموا لهم. إنّهم الآن لیسوا یطمئنّون إلی حسن تعامل المجاهدین لهم فحسب بل یثقون بأنّ المجاهدین سوف یستقبلونهم بصدور رحبة، وسوف یكرمونهم الإكرام اللائق بهم. 
یعتبر المحلّلون العسكریون فعّالیات لجنة (الدعوة والإرشاد) مبادرة عسكریة قویة  التي ستعضد الفعّالیات العسكریة القتالیة، وقد أقلقت هذه الفعالیات الحكومة العمیلة كثیراً، لأنّ الجنود الذین أنفق علیهم الأمريكيون لعشر سنوات یتحوّلون الآن إلی المجاهدین ویسلّمون أسلحتهم إلیهم . 
ویحدث كل هذا في الوقت الذي ینسحب فيه الأمريكيون من میدان المعركة، ویسعون أن یحمّلّوا الجنود الأفغان مسؤولية مواصلة المعركة، إلاً أن موجات استسلام الجنود الأفغان للمجاهدین أفشلت مشروع الأمریكیین وجَعَلَتهم یواجهون قلقا وارتباكا مُحبِطاً. 
فإذا انظرنا إلی المصاریف الكبیرة للغربیین في إعداد الجنود الأفغان، ونظرنا إلی حربهم الإعلامیة في هذا المجال منذ أكثر من عشر سنوات، ثمّ نظرنا إلی انضمام هؤلاء الجنود إلی المجاهدین أفواجاً نتیقّن أن هذا كله من نصر الله تعالی للمجاهدین، وستتواصل هذه المبشّرات إلی الفتح المبین إن شاء الله تعالی، وما ذلك علی الله بعزیز .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى