بصيص أمل من السفارة الأفغانية في هولندا
هداية اللّه محمدي
سافر وزير الخارجية معالي المولوي أمير خانْ متقي، بعد الاجتماع الناجح لصيغة موسكو، إلى الصين للمشاركة في قمّة ترنس هيمالايا، وشارك في هذا اللقاء بهدف تطوير العلاقات الودّية، مدافعاً عن القيم الإسلامية والأفغانية والقضايا المهمة.
وأعلنت مؤخراً سفارة أفغانستان (التي كانت تتبع الحكومة السابقة) في هولندا عن رغبتها في التعامل مع وزارة خارجيّة إمارة أفغانستان الإسلامية من أجل توفير الخدمات القنصلية للمواطنين الأفغان في هذا البلد. واتجهت العلاقة مع السفارة الأفغانية هناك نحو الأحسن، ويمكن لمواطنينا الأعزاء الاستفادة من التسهيلات والخدمات القنصلية وتوثيق وثائقهم ومتابعة الإجراءات اللّازمة في تلك السفارة. وإن هذه الخطوة زادت من آمال الشعب الأفغاني، كما سيوفر المجال للمواطنين الأجانب السفر إلى أفغانستان. وإننا نتفائل بهذه الأخبار الطيبة خيرًا ونعتبرها إنجازًا مهما في ساحة السياسة الخارجية.
وقبل أيام تم إغلاق السفارة الأفغانية للحكومة السابقة في الهند، حيث صرح السفير السابق في مقابلة له مع هيئة الإذاعة البريطانية، أنه خلال العامين الماضيين لم تكن لديه أي علاقة مع الحكومة الهندية، ولا الحكومة الهندية رحبت بمطالبه، وكان يبدو محبطًا من الوضع.
ما يجدر بالإشارة هنا هو أن أفغانستان اليوم تتمتع بنظام قوي وسريع الاستجابة، نظام يدافع عن سلامة أراضي هذا الوطن وكرامته، ويمكن لكل مواطن أفغاني أن يرى نفسه في هذا النظام. لذلك كان من الضروري أن يتعامل السفير مع المركز، ويمثل شعبه وبلاده وأرض الوطن، لكن السفير بدل أن يمثل شعبه لجأ إلى الهند حيث طُرد من هناك أيضا.
إن نبأ العلاقات الطيبة مع السفارة الأفغانية في هولندا هو خبر سارّ لأفغانستان بأكملها، ومثل هذه التفاعلات هي خبر يميت أعداء الأفغان، لأن بعض الدول وأعداء الشعب الأفغاني يسعون الآن لتقسيم الأفغان إلى اتجاهات وعرقيات وقبائل. ولكن الحمد لله، لقد فشلت مثل هذه الأهداف الشريرة والدنيئة لأعداء الشعب الأفغاني، وسيلقى الأشخاص والتيارات التي تسعى في هذا الاتجاه؛ العار والذل والخنوع أمام الله تعالى وأمام الشعب.
ينبغي للمسؤولين والأفراد الموجودين في البعثات السياسية وسفارات أفغانستان في الدول الأوروبية والغربية أن يعلموا أن الفرصة الحالية هي فرصة ذهبية وقيمة للتعامل والارتباط مع النظام الحالي وتقديم صورة إيجابية عن النظام الحالي للعالم.
لن ينال أولئك الأفغان المتواجدون في قنصليات وسفارات أفغانستان في الخارج الذين لا يريدون التعامل والتعاون مع النظام الحالي بسبب ميولهم ونزعاتهم الشخصية التي تضرّ بكرامة الشعب وقيمه، لن ينالهم شيء سوى الحسرة والندم.
والأمر الآخر هو أن العالم قد أدرك الآن أن أفغانستان لديها حاليًا مسؤولون وحكام جادون. فعل الأفغان أنفسهم أن يقفوا إلى جانب حكومتهم ويقوموا بدعمه، ويوضحوا أهدافه ومشاريعه للعالم، وإلا فإنهم سوف يواجهون في يوم من الأيام مصير سفير أفغانستان السابق في الهند السيّد فريد ماموندزي!
قبل أيام قليلة حدث نزاع كلاميّ في الجمعية العامّة للأمم المتحدة بين السيّد ناصر أحمد فائق والسيد منير أكرم مبعوث باكستان، وتبادل الرجلان الاتهامات، وفي كلمته لم يقبل منير أكرم فائق كممثل للأفغان، وقال: إن فائق لا يستطيع تمثيل الأفغان لأن الشعب الأفغاني لا يثق به. وفيما يتعلق بمدى أهمية كلمات السيّد منير ضد السيد فائق وإلى أي مدى أضرت بكرامة الأفغان، فإن الخبراء القانونيين سيعلقون على هذا الأمر، وسيكونون قادرين على إصدار حكم عادل في هذا الشأن، لكن السؤال المهم هنا، من يمثله السيد فائق في الأمم المتحدة؟ هو صوت مَن؟ وإلى أي مدى يمكن أن يمثل قيم الحكومة الحالية؟ بينما لا يتبع الحكومة الحالية ويتحدى الحكومة بشكل علني.
كان من الضروري على السيد فائق أن يقول لممثل باكستان بأنني أمثل الإمارة الإسلامية في أفغانستان، فإن النظام الحالي هو نظامي، وهو جزء من دمي ووجودي، ونحن لا ننفصل عن بعضنا البعض، فكان سيحفظ بذلك عرضه وكرامته، ويفحم بهذا الجواب الطرف المقابل، ولكن الأمر لم يحدث هكذا، بل أبدى الرجل في كلامه استياءه من النظام الحالي بما لم يكن يتوقع منه، ولم يكن ينبغي أن يصدر منه!
والأمر المهم الآخر هو أن السفارة في كل دولة هي ممثلة لدولتها وقيمها وقيادتها في الخارج، ومدافعة عن حقوق مواطنيها وداعمة ومتعاونة في حل مشكلاتهم في الدولة المضيفة.
والسؤال هو: ما مدى المسؤولية التي كنّا عليها في التعامل مع مشكلات الإخوة الدبلوماسيين؟ وإلى أي مدى تمّ إنجاز خدمات القنصلية؟ ربما تكون الإجابات على هذه الأسئلة غير مهمة، لكن يجب أن نتحد من أجل خلق شعور بالتعاون والقبول والحفاظ على كرامة هذا الوطن ومواطنيه ورفع الصوت أمام العالم بأننا جميعاً أعضاء جسد واحد، لا ينفصل بعضه عن بعض ولن ينقسم أبدا.
إن الجهات التي تريد تحويل الفرصة الحالية التي تنعم بها أفغانستان إلى ساحة صراع وتنافس لتحقيق أهدافها وتحويل تراب أفغانستان إلى ساحة جدال ونزاع مرة أخرى، عليها أن تعلم أنها لن تحقق أحلامها وأوهامها أبدا.
بالأمس انتهى اجتماع صيغة موسكو بنجاح، واليوم اكتمل اجتماع هيمالايا بنجاح، وغداً سيتم ضمّ جميع الممثلين والدبلوماسيين الأفغان مثل السفارة الأفغانية في هولندا، إلى مظلة الإمارة الإسلامية، وفي ذلك اليوم سيخيب أعداء الشعب الأفغاني أذلة صاغرين بإذن الله تعالى.
لله درّ شاعر البشتو:
بورا به خدای په ګلو موړ کړی
باغوانه ستا نېمګړی نیت مې ژړوینه
(سيشبع الله “بورا” من الزهور، لكن نيتك الناقصة تجعلني أبكي)