
بعد مهزلة الإنتخابات … مهزلة تشكيل الحكومة العميلة
إن المحتل المتغطرس في كل زمان يتلاعب بمصير الشعوب المضطهدة ويجعل نفوسهم ودماءهم حقول تجارب يستلذ ويستمتع بإزهاقها وإراقتها.
ولقد أكدت الإمارة الإسلامية في بياناتها مراراً وتكراراً بأن مشكلة أفغانستان الأساسية هي في استمرار الإحتلال الصليبي وتدخلهم المباشر في قضايا البلد وشؤون الشعب الأفغاني، وكما تم تعيين الرئيس بأوامر مباشرة من واشنطن وإجبار المتنافسين غني وعبدالله من قبل جون كيري على تقاسم السلطة، ها نحن اليوم نرى ونسمع تدخل المحتلين المباشر والسافر بالتشكيلة الوزارية الجديدة.
فبعد نزاعات وخلافات دامت أكثر من 116 يوماً، انكشفت فيها حقيقة الديموقراطية الإحتلالية الدموية، اٌعلن عن تشكيل مجلس وزراء جديد مكوّن من 25 وزيراً، غير أن هذه التشكلية تم رفضها حتى من قبل حلفاء الحكومة الذين أتعبوا أنفسهم في لعبة الديموقراطية ومسرحية الانتخابات، ورضوا بالمذلة، وأعطوا الدنية في دينهم، ووالوا اليهود والنصارى في الحرب على الإسلام والمسلمين، رفضوا هذه التشكيلة واعتبروها مؤامرة على المجاهدين (طبعاً هم يسمون أنفسهم مجاهدين وإن وقفوا تحت راية الصليب) لإبعادهم عن الساحة، متذرّعين بأن الشيوعيين وخاصةً حزب البرشم استحوذوا على النصيب الأكبر والأهم منها خاصةً المناصب الأمنية، حيث أن نائب الرئيس الأول هو الجنرال دوستم، وحنيف أتمار مستشار الأمن القومي، والمرشح لوزارة الدفاع شير محمد كريمي، والمرشح لوزارة الداخلية نور الحق علومي، والمرشح لوزارة النقل والمواصلات فيض الله ذكي، ولوزارة الإقتصاد اوغلي، ولوزارة الثقافة والإعلام آي سلطان خيري، ولوزارة العمل والشؤون الاجتماعية منصور نادري، ولوزارةالاتصالات والتقنيات برنا كريمي، ولوزارة التعليم زلمى يونسي، ولوزارة الزراعة يعقوب حيدري، ولوزارة الحج والأوقاف فيض محمد عثماني، هم جميعاً من الشيوعيين الذين تلطخت أيديهم بدماء ملايين المسلمين الأفغان، والذي احترق الشعب الأفغاني بسببهم بنيران الحروب منذ عقود.
ولا تقتصر فضيحة التشكيلة على هذا، بل تجاوزته إلى فضائح أخرى معلومة على المستويين المحلي والدولي تلبّست بها هذه التشكيلة.
منها: أن معظم الذين تضمنتهم قائمة الوزراء يحملون جنسية مزدوجة، حيث يحمل 12 وزيراً جهاراً الجنسية الأجنبية، بينما ينصّ الدستور الأفغاني على ضرورة أن يحمل الوزراء جنسية أفغانية فقط.
والمرشحين الذين يحملون الجنسية المزدوجة هم:
صلاح الدين رباني، المرشح لمنصب وزارة الخارجية، يحمل الجنسية البريطانية.
نور الحق علومي، المرشح لوزارة الداخلية، يحمل الجنسية الهولندية.
داوود شاه صباح، المرشح لمنصب وزارة المناجم والصناعة، يحمل الجنسية الكندية.
آي سلطان خيري، المرشحة لمنصب وزارة الثقافة والإعلام، تحمل الجنسية التركية.
فيض الله كاكر، المرشح لمنصب وزارة مكافحة المخدرات، يحمل الجنسية الأمريكية.
سعادت نادري، المرشح لمنصب وزارة العمل والشئون الاجتماعية، يحمل الجنسية البريطانية.
شاه زمان ميوندي، المرشح لمنصب وزارة تنمية المدن، يحمل الجنسية الألمانية.
شير محمد كريمي، المرشح لمنصب وزارة الدفاع، يحمل الجنسية البريطانية.
أحمد سير مهجور، المرشح لمنصب وزارة العدل، يحمل الجنسية الفرنسية.
برنا كريمي، المرشح لمنصب وزارة الاتصالات، يحمل الجنسية الكندية.
وتحمل خاطره أفغان المرشحة لمنصب وزارة التعليم العالي الجنسية الأمريكية.
هؤلاء هم الذين أنزلهم المحتلون بمظلات الديموقراطية الإحتلالية تحت حماية طائرات بي 52 الأمريكية، وسيهربون قبل وصول أسيادهم إلى البلاد التي يحملون جنسيتها، فهل نتوقع أنهم سيعملون لصالح الشعب الأفغاني؟ وإن كانوا لا يريدون العيش مستقبلاً في هذا البلد، فهل سنطمع أن يبذلوا قصارى جهدهم لتأسيس البنى التحتية؟
ومن هذه الفضائح أيضاً: انسحاب وزير المالية غلام جيلاني بوبل، ووزير الطاقة والمياه محمود صيقل من الترشح.
ومنها: أن جميع من ترشح من العرقية الشيعية (الهزارة) يحملون الشهادات العالية من المؤسسات التعليمية الإيرانية، وهو ما أثار الشكوك لدى البعض في أنهم سينتهزون الفرصة وسيستغلون مناصبهم الوزارية للعمل للمد الإيراني وتزايد نفوذه السياسي في البلاد.
ومنها: اعتراف المرشح لوزارة الزراعة حسن يعقوب حيدري بأن اسمه على قائمة المطلوبين لدى الشرطة الدولية (الإنتربول) لتهرّبه من دفع الضرائب. على الرغم من أن حيدري مدرج في قائمة المطلوبين للإنتربول منذ سنوات، إلا أن مكتب الرئيس لم يكن على علم بهذا، ولم يتحمل عناء تصفح الإنترنت عن اسم وزير رشّحه لمنصب وزاري.
ومنها: أن وزارة التعليم العالي اعتبرت شهادات مرشحي وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، شير محمد كريمي، ونور الحق علومي، شهادات مزورة، وأنها ليست شهادات جامعية.
ويرى المراقبون الأفغان: أنه كما كان هناك تدخلاً أمريكياً – بريطانياً مباشراً وسافراً في انتخاب التشكيلة الجديدة، فسوف يتكرر نفس التدخل لو لم تتم مصادقة البرلمان عليها.
يقول الكاتب الأفغاني نظر محمد مطمئن: إن النواب قبلوا الرشاوي في قضايا كثيرة، وفي قضية الجنسية المزدوجة أيضاً، وسوف يرضخون لضغوطات الحكومة المشتركة، وسيوافقون على التشكيلة، مفضّلين الحصول على المال على الدستور، وإن لم تنتهِ هذه الأزمة فسوف يكون هناك تدخلاً سافراً ومباشراً من السفارتين الأمريكية والبريطانية.
كان البعض يعللون سبب تأخير الإعلان عن التشكيلة الوزارية أن غني وعبدالله يبحثان عن وزراء مثاليين ذوي كفاءات عالية، لكنهم أصيبوا بصدمة عندما فوجئوا بتشكيلة مليئة بالفضائح على المستويين الدولي والمحلي، والآن اتضح للجميع بأن سبب استغراق التشكيلة الوزارية لهذه الفترة الطويلة هي النزاعات والمساومات الصعبة والمعقدة التي خضع لها كل اسم في القائمة.
فعندما يحتل المناصب المهمة والكثيرة في هذه التشكيلة الشيوعيون، وعندما يحمل الكثير من وزرائها الجنسية الأجنبية، وعندما يواجه بعض وزرائها مشاكل قانونية، وبعضهم لا يملكون شهادات جامعية، وعندما تُرفض هذه التشكيلة حتى من قِبل الذين سعوا في إنشائها، وعندما يشكك المراقبون في جدواها وفاعليتها، فكيف ستنال هذه التشكيلة ثقة الشعب الأفغاني المسلم الأبي؟