بقي من الأسد زئیره
رضوان الكابلي
تقدم أبناء الإمارة الإسلامیة في شمال أفغانستان، وفتح مدینة قندوز وبعض مدیریاتها، هو بشارة للفتوحات القادمة التي سوف يحققها المجاهدون، وطعنة قاصمة في جسد الحكومة العمیلة.
الحقیقة أن الرأي العام في أفغانستان وفي المنطقة منذ ثلاثة عقود علی أن شمال أفغانستان معسكر آمن لـ”جبهة التحالف الشمالي”، وإن حصلت الإمارة الإسلامیة علی فتوحات ونجاحات في المناطق الأخری، فهي لا تحصل علی شيء في منطقة “الشمال”. لأن كراهية أعضاء التحالف الشمالي للإمارة الإسلامیة قدیمة ومعروفة لدی الجمیع. ولكن الله یقدر ما یشاء ویغیر كل شيء. إن تورط الحكومة العميلة في الأزمات والمشاكل، وعدم وفائها بعهودها التي عاهدت بها أهالي الولايات الشمالية؛ غیَّر موقفهم منها. وجنّدهم في معسكر الإمارة الإسلامیة ضد العملاء.
وهذا ما أغاظ المحتلین والعملاء، وجعلهم یبحثون عن رجل یعطونه منصباً كبیراً في الدولة لیدیر الحرب ضد الإمارة الإسلامیة في مناطق الشمال. طبعاً كان “الجنرال دوستم” لصلابته وشدته ضد أبناء الإمارة الإسلامیة، هو الرجل المنشود لتولّي هذا المنصب الخطیر. وللرجل ملفه الضخم في القتل الجماعي لمجاهدي الإمارة الإسلامیة عند بدء الهجوم البربري للأمریكان وحلفائهم قبل خمسة عشر سنة. إن اختیار “دوستم” كمساعد أول لرئاسة الجمهوریة؛ نفخ في العملاء والمحتلین ریاح الأمل للنجاح في المعارك التي يقودها المحتلون. وكان فرح الإعلام العمیل بهذا الاختیار أكثر من الآخرین، فوصفوه بألقاب كبیرة لا یستحقها. وكان كلما اندلعت معارك في الشمال، أرسله “أشرف غني” لإدارة الحرب. وقد ذهب إلی المناطق الشمالية خلال السنوات الماضیة مرات عدیدة. أما الیوم -بعد ثلاث سنوات من تولي دوستم المنصب- اعترف الجمیع بأنه رغم كثرة ملیشیاته وقواته وتسلحه بالمعدات العسكرية وأحدث الأسلحة الثقیلة، لم یحصل علی شيء، بل خسر عدداً كبیراً من رجاله وقواته.
ووفقاً لتقریر نشرته “شبكة إعلام أفغانستان”: خسر دوستم أكثر من ۱۰۰ من رجال شرطته، و۱۵ سیارة في اشتباك قصیر مع أبناء الإمارة الإسلامیة عند ذهابه لمنطقة ” غورماج” في شمال أفغانستان. هذا عدا تدمیر عدة سیارات رینجر في الطریق. وقد زادت مصادرنا: أنه خسر عدداً من قیاداته مثل عبدالصادق قصاب، شاه محمد، مجید قره تركمن ورسول، ومن قادة حراسه “میرویس أحمدي”. وقد قیل أن (قوماندان نظام) -المثل الخاص لدوستم- قد جُرِح في سفره إلی شمال.
هذه هي حصیلة رحلة دوستم إلی الشمال لإدارة الحرب ضد طالبان. هذا وقد أدی الغضب بدوستم -جراء الهزیمة أمام المجاهدین- إلی ضرب وجرح والي فاریاب، في مجلس أمني عُقِد قبیل مغادرته “غور ماج”، وفي المجلس هدد بإقصاء رئیس الأمن الوطني من وظیفته. ومن الواضح أن الهزائم المتكرره لهذا “البطل المصنوع” دفعته لانتهاج جمیع الطرق غیر المشروعة لإثبات جدارته وقیادته أمام الشعب. لذلك كشفت بعض وسائل الإعلام بأن “دوستم” جنّد رجالاً من اتباعه متخفّين بلباس أبناء الإمارة الإسلامیة؛ لإشعال بعض المعارك وإعلان الهزیمة بعد اشتباكات متبادلة (مصطنعة) بینهم وبین دوستم. ومن ثم إعلانها في الإعلام لذرّ الرماد في عیون الشعب.
من جانب آخر، أصبح الإعلام الموالي لدوستم يعترف بهزیمة دوستم ورحلاته الخاسرة إلی شمال. وكان موضوع ضخامة میزانیة رحلاته إلی شمال، حدیث جمع من المحللین والخبراء. على الرغم أن هؤلاء كانوا متفقين -سابقاً- على ضرورة رحلاته إلی الشمال؛ ظناً منهم بأنه سيحقق نجاحات باهرة. إن هزیمة دوستم في رحلاته الحربیة في العام الماضي بدت واضحة للجمیع الآن، بفضل الله ثم ببسالة آساد الإمارة الإسلامیة.
إن هذه الهزائم المتكررة للرجل سبّبت خلافات ومشاجرات لفظیة بینه وبین “أشرف غني”. وقد قیل قدیماً: “لم یبق من الأسد إلا زئیره”، وهذه المقولة تصدق تماماً علی هذا الرجل، الذي كان یُعدّ الأمل الأخیر لتحقیق غایة الغرب والمنافقین الكبری وهي إبادة المجاهدین وإقصائهم من الساحة. ولكن الله یقدر ما یشاء وینصر من جاهد لنصر دینه. (إن الله مع الذین اتقوا).
الفتوحات الأخیرة للمجاهدین في الشمال دفعت بعملاء الغرب إلی الیأس والقنوط. لذلك نشاهد أن كثیرا من الموظفین في الإدارت الحكومیة غادروا البلد، أو ينتظر دوره في صف أخذ التأشیرة. لقد ضاقت الأرض اليوم علی العملاء بما رحبت. والنصر الأخیر قادم بإذن الله تعالی. والقصف العشوائي الأخیر للعدو في شمال ولایة فراه خیر دلیل علی ذلك، ودليل على أن جمیع طرق النجاح في هذه المعركة أغلقت أمام العدو بإذن الله.