
بيان أمير المؤمنين الشيخ هبة الله آخندزادة (حفظه الله تعالی ورعاه) بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 1441 هـ
بسم الله الرحمن الرحیم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قال الله عزوجل فی محکم کتابه: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (۱) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (۲) وَيَنصُرَكَ اللَّـهُ نَصْرًا عَزِيزًا (۳) الفتح
إلی الشعب الأفغاني المؤمن المجاهد، إلی المجاهدين في خنادق القتال، و إلی جميع المسلمين في العالم!
السلام عليکم ورحمة الله وبرکاته!
أهنّئکم جميعا من صميم الفؤاد بحلول عيد الفطر المبارک، أسأل الله تعالی أن يتقبّل منکم الصِام والقيام و جميع العبادات. ونسأل الله تعالی أن يتقبّل من الشهداء استشهادهم ، و أن يمنّ بالأجر الجزيل علی المجاهدين و علی الشعب المسلم بما تکبّدوه من المشاقّ في سبيل الله تعالی، کما نسأله تعالی أن يتفضّل علی الجرحی بالشفاء العاجل، وعلی المساجين بالنجاة من السجون، و أن يمنّ بالأجر الجزيل والصبر الجميل علی أسَر الشهداء و ذويهم، و أن يحقّق للجميع آمالهم.
استغلالا لهذه المناسبة المبارکة أودّ آن أبيّن لکم مواقف الإمارة الإسلامية و أهدافها فيما يرتبط بالمجريات والظروف الراهنة في البلد في النقاط التالية:
۱- إنّ جهادنا هو لنيل رضا الله تعالی و لتحرير الکامل للبلد و إقامة النظام الإسلامي الخالص فيه. ولا يخفی علی أحد ما قدّمه المجاهدون من التضحيات وما تکبّدوه من المتاعب والمشاقّ، ولکی نحقق أهدافنا و نقف سدّا منيعا أمام الفتن والأخطار الداهمة أرجو من جميع المواطنين و بخاصة من المجاهدين الرابضين في خنادق القتال أن ينتبهوا بکلّ جدية إلی أهدافهم الأصلية، و أن يعملوا لمزيد من تقوية الصفّ والحفاظ علی وحدته و تماسکه و رعاية أصل الطاعة فيه، و أن يجتهدوا لتعضيد و تنظيم بُنيته الإدارية.
۲- بما أنّ الإمارة الإسلامية هي البيت المشترک لجميع المواطنين و هي تواصل جهادها لتحقيق الآمال التي قدّمت لأجلها التضحيات منذ أربعين سنة فهي تهيب بجميع العلماء ، والمصلحين الأفاضل، والأساتذة، و وجهاء القبائل والقوميات، والکُتّاب، والشعراءّ والأدباء، و أصحاب الکلمة المسموعة في البلد أن يزيدوا من التعاون فيما بينهم بهدف إقامة النظام الإسلامي الخالص، و أن يتعاضدوا لأجل إعادة إعمار البلد و تحقيق الوحدة و بناء أفغانستان حرّة عزيزة، و أن يبذلوا قصاری جهدهم في نشر الوعي الواقعي عن الحقائق بين ذويهم وتلامذتهم، و أن يذکّروهم بماضيهم التليد. و أرجو منهم أن يکافحوا ضدّ التباغض، والعصبيات، والخلافات، والفساد الخلقي و کلّ ما يسئ إلی ديننا الحنيف و يتضرّر منه الاستقلال والوحدة في البلد.
و يجب علی هؤلاء الأشخاص المدرکين لمسؤولياتهم أن يزيدوا من الفعالية في سبيل الحفاظ علی هوية أفغانستان الإسلامية و علی المکتسبات الجهادية، و أن يبذلوا قصاری جهدهم في سبيل الدفاع عن الحقّ و إيجاد الصحوة في نفوس الجيل القادم لتکتسب روح التضحية في سبيل الحفاظ علی القيم الدينية والمليّة مزيدا من القوة في هذا البلد.
۳- إنّ العلاقات السياسية للإمارة الإسلامية قد توسّعت مع الدول في المنطقة والعالم أکثر مما کانت عليها سابقا، و قد شُرحت لها مواقف و سياسات الإمارة الإسلامية مما نتجت عنها الثقة بين الأطراف. و من سياستنا أننا نعمل لتوطيد مزيد من علاقات الأخوّة مع الدول الإسلامية، و علاقات حسن الجوار مع الدول المجاورة، کما نريد أن تکون لنا علاقات نافعة مع دول المنطقة والعالم أجمع ليتم القيام بأداء المسؤوليات اللازمة في تحقيق الرفاه الاقتصادي الإقليمي والعالمي و کذلک في مجال الأمن والتعايش، و هذا ما نرجوه من بقية الدول أيضا.
۴- إن الأشخاص والجهات التي لديها تخوّفات من النظام القادم بعد إنهاء الاحتلال فإنّ لإماره الإسلامية تطمئن الجميع مرّة أخری بأنّ الإمارة لا تنتهج سياسة حکر السلطة، وأنّ الحقوق ستعطی إلی أصحابها رجالا کانو أو نساء ، ولن يشعر أحد بالمحکومية والحرمان ، وسيتمّ الاعتناء بجميع المجالات التي تُتعتبر ضرورية لتقوية المجتمع وتوفير الرفاه له. و ستسيّر جميع الأمور في ضوء الشريعة الإسلامية إن شاء الله تعالی.
۵- إنّ بعض الجهات التي تعمل وفق مخططات الحلقات الاستخباراتية الأجنبية بهدف تحقيق أهدافها الخبيثة و بهدف الوصول إلی سدات الحکم وتسعی في البلد لتأجيج نيران الخلافات والعصبيات اللسانية، والقومية والمذهبية و غيرها و تهدد وحدة البلد، فلتعلم تلک الجهات بأنّ الشعب الأفغاني والإمارة الإسلامية لاتسمح لها بذلک. و کما أنّ الإمارة الإسلامية کانت قد أنقذت البلد من مثل هذه الأخطار فيما سبق فإنّها قادرة بإذن الله تعالی علی الوقوف أمامها لمنعها مرة آخری. فينبغي لمسعري مثل هذه الفتن أن يرجعوا إلی التعقل، و ألّا يتسبّبوا بانشغالهم بمثل هذه الأعمال والأفکار السيّئة في إيجاد المشاکل والعراقيل أمام هذا الشعب.
۶- إن التوصل إلی توقيع الاتفاق التاريخي مع الولايات المتحدة و إنهاء الاحتلال يعتبر انتصارا عظيما للإمارة الإسلامية و للشعب الأفغاني المجاهد کلّه، فإن تمّ تنفيذ الاتفاق بشکل صادق فإنه سيعود بالنفع علی جميع الجهات. الإمارة الإسلامية ملتزمة بتطبيق الاتفاق، و تطالب الجهة المقابلة أيضا بأن تلتزم الالتزام االتامّ في تطبيقه، وألا تسمح لهذه الفرصة الثمينة أن تضيع. إن تطبيق الاتفاق المذکور يمکنه أن يکون وسيلة لإنهاء الحرب لبلدنا و لأمريکا، و يمکنه أن يکون وسيلة لإحلال السلام و إقامة النظام الإسلامي في هذا البلد.
و أقول للمسؤولين الأمريکيين! لا تسمحوا لأحد بعرقلة و إفشال تطبيق الاتفاق المبرم بيننا وبينکم والمتفق عليه عالميا. إنّ بنود الاتفاق المبرم واضحة وضوحا تامّا، و يشکّل إطارا جيّدا لحل المشاکل لصالح الشعبين، فيجب أن يطبّق بشکل کامل. تعالوا لنسير قُدُما في تطبيق هذا الاتفاق ليستوي الطريق لخروج قواتکم من هذا البلد، و ليحل الأمن والسلام في أفغانستان والمنطقة.
۷- إنّ السجناء يعيشون في ظروف سيّئة جدا في سجون إدارة کابول، فيجب علی الأشخاص و المؤسسات الإنسانية والخيرية أن تستشعر مسؤوليتها في هذا المجال، و أن تُتخذ الخطوات والتدابير اللازمة لتحسين أوضاع المسجونين و لإطلاق سراحهم.
۸- إنّ الأشخاص الواقفين في الصف المخالف يُبذل لهم العفو العام من جانبنا إن استنکفوا عن المخالفة. إننا نريد من جميعهم أن يستغلّوا هذا العفو استغلالا سالما، و أن يتوقّفوا عن المخالفة، و ألا يخلقوا العوائق والعراقيل في طريق السلام وإقامة النظام الإسلامي الذي هو أمل ملايين الشهداء، والجرحی، والمعاقين، والأرامل والمضطهدين.
۹- الإمارة الإسلامية مهتمّة بشأن الخسائر في صفوف المدنيين، ولذلک وظّفت لجنة خاصة للعمل في مجال الحفاظ علی أرواح الناس و منع وقوع الخسائر في المدنيين من قِبَل المجاهدين في المعارک. و في حال وقوع حادثة من هذا النوع فإنّ الأمر يتابع متابعة جادّة، و تتمّ معاقبة الأشخاص المقصّرين.
ولکن يُشاهد بشکل متکرّر أنّ المدنيين و بيوتهم تُستهدف في القصف الجوّي والمدفعي من قِبل الجهة المخالفة وهو عمل محزن للغاية، فنرجو في هذا المجال من جميع الجهات الإنسانية الداخلية والخارجيةأن تتّخذ خطوات جادّة للحدّ من وقوع الخسائر في صفوف المدنيين.
۱۰- إنّ وباء کرونا جائحة عالمية، و إنّ الله تعالی يبتلي البشر بمثل هذه الأوبئة حين يُعرِضون عن دين الله تعالی و تصل فيهم المخالفة عن الفطرة والمعايير الإنسانية إلی ذروتها. إننا يجب علينا جميعا أن نستغفرالله تعالی لذنوبنا، و نعيد النظر إلی أعمالنا، وألا نعصي الله تعالی فيما أمرنا به من الأحکام، و أن نجعل حياتنا وفق الشريعة الإسلامية، عسی أن ينجينا الله تعالی من هذه البلية والعذاب المهلک.
إنّ الإمارة الإسلامية قد کلّفت اللجنة الصحية بالعمل للحد من تفشّي هذا الوباء في البلد بقدر ما تستطيع، و أن توفّر للناس الخدمات الصحية و تبذل کل ما في وسعها. و وصيتنا لعامة أفراد الشعب في هذا المجال أن يتّخذوا جميع التدابير الشرعية والصحية الوقائية کی لايتضرّروا من هذه الجائحة -لا سمح الله-.
إننا نهيب بالجمعيات والمؤسسات العالمية أن تزيد من مساعداتها لمواطنينا في مجال مواجهة کورونا والحد من تفشي هذا الوباء، و أن تمدّهم بمزيد من الوسائل والمعدات اللازمة. و إنّ الإمارة الإسلامية تبدي استعدادها لجميع أنواع المساعدة للمؤسسات في نقل المساعدات و توزيعها بکل شفافية.
۱۱- إنني آمر جميع المجاهدين في هذه الظروف الحساسة بالشفقة والرحمة وحسن التعامل مع عامة الشعب، و ألا يتسبّبوا في إلحاق الأذی بأحد من الناس، و أن يبتعدوا عن الظلم والتکبر و من استغلال ما مکّنهم الله تعالی به من القوّة والوسائل في إيذاء الشعب، وکذلک يجب عليهم أن يبتعدوا کلّ الابتعاد من الأثرة وطلب الجاه والتعالي علی الناس، و أن يعتبروا کلّ أفغاني أخا لهم و أن يحترموه.
و في النهاية أهيب بکلّ المتموّلين من التجار والموسرين في أيام عيد الفطر المبارکة والتي يواجه فيها جميع المواطنين المشاکل بسبب جائحة کورونا و قد فقد فيها معظم المعسرين والمساکين الأعمال التي کانوا يقتاتون منها أن يهبّوا لنجدة أسر الشهداء، والأيتام، والأرامل، والفقراء من أقربائهم، والمساکين بما يتيسّر لهم من المساعدة، و ألا يقبضوا عنهم يد العون والمواساة في هذه الأيام العصيبة. والسلام
زعيم الإمارة الإسلامية أمير المؤمنين المولوي هبة الله آخندزادة
۲۷/۹/۱۴۴۱هـ ق
۳۱/۲/۱۳۹۹هـ ش ــ 2020/5/20م