بیان أمير المؤمنين الشيخ هبة الله آخندزاده -حفظه الله تعالی ورعاه-بمناسبة حلول عيد الأضحی المبارك لعام 1437هـ
بسم الله الرحمن الرحیم
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمةِ الإيمان والإسلام، حيث أنزل علينا خيرَ كُتبه، وأرسل إلينا أفضلَ رسُلُه، وشرع لنا أفضلَ شرائع دينه. له الحمد كلُّه، وبيده الخير كلُّه، وإليه يُرجع الأمر كلُّه، يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لنا الخِيَرة، سبحانه له الحمدُ في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه تُرجعون. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقّ جهاده، فصلوات ربي وسلامهُ عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فقد قال الله تعالی: (فصلِّ لربّك وانحر). صدق الله العلي العظیم.
أيها المواطنون، وإخوة العقيدة والأخوات في جميع أنحاء العالم، السلام علیكم ورحمة الله وبركاته.
علی أمل أن تكونوا بصحة وعافية وسعادة، نهنّئكم بحلول عيد الأضحی المبارك. تقبّل الله تعالی منا ومنكم جميع العبادات والأضاحي والصدقات، وجميع الأعمال التي تبغون بها رضا الله تعالی. وإلی جانب التهنئة بعيد الأضحى المبارك، أهنّئ جميع الشعب المجاهد، وبخاصة المجاهدين في سبيل الله تعالی، بالانتصارات والفتوحات التي منّ الله تعالی بها مؤخّراً علی الصف الجهادي بمحض فضله وبنصره للمجاهدين، ثمّ بتضحيات المجاهدين ومساندة الشعب المجاهد لهم.
وعلی الرغم من إعمال العدوّ لكامل قواه، وزيادة المحتلين لعدد الجنود في ميدان المعركة، والقصف الجوي بمختلف أنواع الطائرات الحربية، صفيت كثير من المديريات في مختلف الولايات من تواجد العدوّ، ورفرفت عليها -بفضل الله تعالی- راية الإمارة الإسلامية.
أيها الإخوة المجاهدون، إن كانت مسؤوليتنا الأولی في السنوات الأولی من الاحتلال هي القتال ضدّ العدوّ ومقاومته، فإن مسؤولياتنا الآن تعددت، لأنّ معظم ساحات البلد الآن قد خضعت لسيطرة المجاهدين، وقد آن الأوان لأن نجني ثمرة جهادنا خلال الخمسة عشر سنة الماضية، وأن نحقق أهدافنا من الجهاد. وأعظم أهداف الجهاد هي تطبيق شرع الله تعالی في أرضه، وتحقيق العدل، وبسط الأمن والاستقرار، وحفظ الثغور، والحفاظ علی أرواح الناس وحفظ أموالهم وأعراضهم، والدفاع عن حقوقهم التي منحهم الله تعالی.
يجب علی مسئولي اللجنة العسكرية وعلی الولاة والعاملين في المحاكم القضائية وعلی أعضاء لجان الولايات ومدراء المديريات ومسئولي الجماعات وعلی جميع مسئولي اللجان المدنية أن يركزوا اهتمامهم في المناطق المحررة علی تطبيق الشريعة، وتوفير الأمن والعدل، ورشاد الحكم والإدارة، وتنمية التعليم الديني والعصري، وتقديم الخدمات العامة كخدمة الطرق والجسور، وخدمة الحقل الصحّي، ومياه الشرب، وتنمية الزراعة والتجارة وغيرها من الأعمال الضرورية. وعلی المسئولين أن يأخذوا بيد من يريد إلحاق الضرر بهذه الخدمات والمرافق؛ ليحظی الشعب المجاهد في ظلّ حاكمية الشرع بالحياة المشرقة السعيدة في جوّ من الكفاية الذاتية، وأن ينعموا بالحياة الآمنة في جوّ من الأمن والاطمئنان.
وليخرج المجاهدون ناجحين من هذه المحنة، يجب عليهم أن ينتبهوا بشكل خاص إلی النقاط التالية:
أن يخلصوا نيّاتهم لله تعالی، وأن يتحلّوا بتقوی الله تعالی صغاراً وكباراً، وأن يحمدوا الله تعالی علی أن وفّقهم للقيام بأداء فريضة الجهاد. ويجب عليهم أن يتعاملوا بالعدل والإحسان، وأن يتجنّبوا الغرور، والعجب، والظلم، والخيانة. وأن يبتعدوا بشدّة عن التعصبات القومية والإقليمية واللسانية وعن المحسوبية.
ويجب أن يكون الفضل علی أساس التقوی ورعاية الأمانة. وأن يتعايشوا فيما بينهم في جوّ من الثقة والأخوّة، وأن يتجنّبوا كل ما يعكر جوّ الثقة فيما بينهم.
وكذلك يجب علی المجاهدين أن لا يتوانوا عن القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعليهم أن يؤدّوا صلواتهم مع الجماعة، وأن يبتعدوا عن الخيانة في بيت مال المسلمين. وأن يكفلوا أُسَر الشهداء والأسری وأولادهم، وألا يتغافلوا عنهم.
ويجب على المجاهدين أن يواصلوا السير بكلّ قوّة علی النهج الشرعي للقائدين الراحلَين المحبوبَين أميرَيّ المؤمنين الملّا (محمد عمر المجاهد) والملّا (أختر محمد منصور) رحمهما الله تعالی. وأن يعتبروا خدمة المسلمين، وإسعاد الشعب، وتوفير الرفاهية لهم كإحدی الخدمات الدينية ومن مقاصدهم العليا، لأنّ إيصال الخير للناس من أحبّ الأعمال عند الله تعالی؛ كما جاء في الحديث الشريف الذي أخرجه الإمام الطبراني: (عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً).
وعلی الإخوة المجاهدين أن ينتبهوا بشكل خاص إلی تنقية صفوفهم، وألا يمكنوا العناصر المفسدة وأصحاب السمعة السّيئة وعبيد الدنيا وسيّئيّ الأخلاق الذين يسيئون التعامل مع عامة الناس من الدخول في صفوفهم؛ وذلك لكي لا يتسبب هؤلاء في إيذاء الناس والإضرار بهم.
وكذلك على المجاهدين أن يوطّدوا علاقاتهم بعلماء الشرع الأفاضل، وبالمرشدين والمصلحين والوجهاء والمتدينين من أهل الرأي والخبرة، وأن يستشيروهم في الأمور ويستفيدوا من تجاربهم. وعلی المسؤولين أن يقوموا بتربية عامة المجاهدين تربية مدنية في مجالات حسن التعامل مع عامة الناس، وفي مجال منع وقوع الخسائر في صفوف المدنيين، وتوفير العدل وسياسة عامة أفراد الشعب، إلی جانب التربية العسكرية.
ويجب أن تُقدّم للمجاهدين الإرشادات اللازمة في رعاية حقوق الناس وحفظ كرامتهم. ومن يترك صفوف إدارة كابل الفاسدة أو يقعون في أسر المجاهدين، ينبغي أن يعاملهم المجاهدون معاملة حسنة.
وأوصي المجاهدين أن يهتمّوا بشكل جدّي بالتوعية ودعوة الأفراد الواقفين في صفّ العدوّ، فيجب في هذا المجال أن يبذل عامة المجاهدين ومسؤولوا شعبة الدعوة والإرشاد، والعاملون في المجال الإعلامي والثقافي، وأصحاب العلم والقلم والخطاب جميعاً أن يهتمّوا بشكل جدّي بأمرالدعوة وتنوير أذهان الناس، وأن يقوموا -إلی جانب تربية المجاهدين والجيل الناشئ-
بنشر وإبلاغ الرسائل التي تحمل الأفراد الواقفين في صفّ العدوّ علی إدراك عدالة الصف الجهادي وحتمية انتصاره. وإطلاعهم علی تاريخهم الإسلامي الحافل بالنخوة والبطولات، وإخبارهم بأضرار التبعية والمحكومية. وأن يُعرَّف لهم الوقوف في صف العدوّ كخسارة وعمل يجلب عليهم الهلاك.
إننا نشكر جميع أهل الخير في جميع أنحاء العالم الذين ساعدوا الإمارة الإسلامية. ونشكر جميع الذين يُكنّون ودّاً وإخلاصاً للإمارة الإسلامية. كما نشكر العلماء الأفاضل والكتّاب الذين أيّدوا قضيّتنا أو بذلوا لنا مشوراتهم الحسنة، أو تضامنوا معنا، وبخاصة من واسونا في الفترات الأخيرة في وفاة واستشهاد أميرَي المؤمنين الملا (محمد عمر المجاهد) والملا (أختر محمد منصور) رحمهما الله تعالی. إننا نشكر جميع هؤلاء، ولإخلاصهم لنا ولمواساتهم إيانا نسأل الله تعالی لهم الأجر الجزيل والمثوبة الجميلة.
وإنني بهذه المناسبة الميمونة أهيب مرّة أخری بجميع الأفغان الذين يعملون مع المحتلّين في المجالات العسكرية والمدنية، وأدعوهم للتفكير ومحاسبة أنفسهم علی الموقف الذي وقفوه. إنه يجب علی هؤلاء أن يعلموا أنّ هجوم الأمريكيين وحلفائهم علی أفغانستان إنّما هو جزء من الحرب العالمية للكفار ضدّ الأمة الإسلامية، والتي تهدف إلی القضاء علی النظام الإسلامي الحقيقي، وتهدف إلی إيصال عملائهم الذين ربّوهم إلی كرسي الحكم، وفرض قوانينهم المخالفة للإسلام في أرض الإسلام، ونشر أفكارهم وثقافاتهم بين المسلمين.
فيجب علی هؤلاء الواقفين في صفّ العدوّ أن يُمعِنُوا التفكير في موقفهم الخطير هذا وهو الوقوف في صف المحتلين المحاربين. ولا شك في أنّ وقوفهم إلی جانب الكفار المحاربين هو مخالفة صريحة لأوامرالله تعالی وأوامر رسوله صلّی الله عليه وسلّم، يقول الله تعالی: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). النور/۶۳.
ورسالتنا إلی البلاد الإسلامية وإلی الشعوب المحبّة للحريّة هي أنّ كفاحنا ليس حرباً غير شرعية، ولا تمرّداً لتحقيق أهداف محرّمة، ولا هو تعبيرعن انفعالات لا تستند إلی فتوی شرعية. بل إنّ بلدنا قد غُزي من قِبَل قوات أجنبية، وقد فُرِض علی شعبنا -بقوّة الدبّابات والمدافع والطائرات- نظامٌ أجنبي، غير إسلامي، عميل، يخالف ديننا وفكرنا وثقافتنا المحبّة للحرية. إن إقامة النظام الإسلامي وتحرير بلدنا هما من حقوقنا الدينية والإنسانية، ويجب علی البلاد الإسلامية وعلی الشعوب الحرّة -بناءاً علی مسؤوليتها- أن تناصر قضيتنا الحقة، وأن تقوم بأداء المسئولية الملقاة على عاتقها بمناصرة شعبنا المظلوم.
إنّ الإمارة الإسلامية -إلی جانب عملها العسكري لحلّ قضية أفغانستان- تواصل جهودها السياسية أيضاً، وقد أُنشئ المكتب السياسي للارتباط بدول العالم وبالجهات الأخری. إننا نريد أن تكون لنا علاقات مع دول العالم لنزيل التساؤلات والقلاقل الموجودة لديها تجاهنا؛ لكي نحفظ بلدنا في المستقبل من ضرر الآخرين، وألا يتضرّر الآخرون من بلدنا.
إنّ المظالم المتنوّعة التي تقع علی المسلمين في معظم مناطق العالم، وبخاصة القصف المستمرّ علی المسلمين في سوريا تحت هذا الاسم أو ذاك، وتسوية مساجدها ومراكزها الصحية والتعليمية بالتراب؛ عملٌ مرفوضٌ وغير جائز. إننا نشجب وندين جميع هذه المظالم بأشدّ العبارات، ونهيب بأصحاب الضمائر الحية أن يرفعوا أصواتهم لمنع وقوع مثل هذه المظالم. إن هذا الظلم والإجحاف اللامسؤول الذي يحلّ اليوم علی الشعوب المستضعفة إن لم يُمنع وقوعه فإنّ ضرره سينال الجميع؛ لأنّ الظالم يستمرّ في مظالمه وإعماله للقوّة من جانب، ومن جانب آخر يمدّ المظلوم يده بقصد الثأر ودفع الظلم عنه إلی كل وسيلة وعمل، وبالتالي يسوء الوضع الأمني في العالم.
وفي النهاية، أطلب من جميع المُوسرين وأهل الخير والإخوة والأخوات في أيام العيد المباركة هذه أن لا ينسوا أُسَرَ الشهداء والأسری وعائلاتهم، والمعاقين، والأيتام، وأُسَر مجاهديّ خنادق الجهاد وأولادهم من إشراكهم معهم في أفراح العيد، وأن يساعدوهم قدر المستطاع.
وأترككم في رعاية الله تعالی، هو نعم المولی ونعم النصير.
أمير المؤمنين هبة الله آخند زاده
7 ذو الحجة الحرام 1437
9/9/2016 م