تأملات بفتح قندوز
اتجهت الأنظار مرة أخرى إلى الإمارة الإسلامية بعدما فتح أبطالها مركز ولاية قندوز بتاريخ 28 من سبتمبر، فلم يمضِ سوى يوم على ذلك الفتح حتى رأينا في وسائل الإعلام الداخلية والأجنبية التحليلات والمقالات حيال أوضاع قندوز وانتصارات المجاهدين فيها. ومع تزايد مكتسبات المجاهدين شمالي البلاد، بذل العدو قصارى جهده لتشويه صورة المجاهدين بمساعدة الإعلام، ففبرك الأكاذيب، وأشاع الترهات، وزيف الأخبار صباح مساء؛ لتغطية هزائمه المتكررة، وفشل إدارته العميلة بكابل، ولمواجهة نجاحات الطالبان المتزايدة. غير أن كل تلك المساعي باءت بالفشل، ولله الحمد، على الرغم مما تملكه الإدارة العميلة من قدرات إعلامية هائلة وضخمة، وبإذن الله لن ينجح العدو في تغطية الشمس بالغربال، فلقد اتضحت -وستتضح أكثر- جميع أكاذيبه وترهاته للناس.
ولو أمعنا النظر في فتح قندوز وتأملنا فيه، لوجدنا أن المجاهدين، بالإضافة إلى سيطرتهم على معظم مواقع هذه الولاية، اكتسبوا مكتسبات كبيرة وعظيمة سياسياً وإعلامياً، وبلوروا حتمية هزيمة الأعداء، وسنذكر بعض الأمثلة على ذلك فيما يأتي:
أ – قندوز هي إحدى ولايات أفغانستان الهامة، والتي لها تأثير هائل وحيوي، حيث تعتبر بوابة الشمال ومخزنه الإقتصادي. وهذا ما أثار قلق المحتلين الأجانب والعملاء، ووضع قدرات العملاء الدفاعية على صفيح التحدي أمام المجاهدين الذين انهزموا أمامهم.
ب – فشل العملاء في إعادة احتلال هذه الولاية وإخراجها من قبضة المجاهدين حتى اللحظة مع مجيء المساعدات الجوية والبرية، ومجيء الآلاف من جنود الجيش والشرطة والقوات الخاصة والميليشيات لنصرتهم ومساعدتهم، وهذه المسألة لوحدها تبيّن مدى ضعف الحكومة العميلة من الناحية العسكرية.
ج – أثّر فتح قندوز تأثيراً هائلاً في الأذهان المحلية والعالمية، حيث تيقن الشعب الأفغاني وشعوب العالم أجمع بقدرات المجاهدين -مع قلة إمكانياتهم، وفقرهم الشديد، وقلة التجهيزات العسكرية لديهم- في حين أن الجنود العملاء مدججين بأفتك أنواع الأسلحة، ومساعدات المحتلين في متناولهم مباشرة، واتضح مدى فشلهم الذريع وجبنهم بحيث لو لم يساعدهم الأمريكان والمحتلون لهربوا كالجرذان من الميدان.
د – يعد فتح قندوز فشلاً ذريعاً وهزيمة نكراء لقوات أمريكا وقوات الاحتلال الأخرى؛ لأنهم رأوا بأم أعينهم هزيمة جيش أنفقوا عليه المليارات من الدولارات، وعلى مرأى ومسمع من 10 آلاف من جنودهم المحتلين المتبقين بأفغانستان، ورأوا سقوط ولاية بكاملها، ورأوا أن تفوّق قدراتهم العسكرية والقتالية ومشاركة جنودهم من القوات الخاصة وجنود النيتو وأميركا أيضاً لم يغنهم شيئاً في التصدي لضربات المجاهدين القاصمة، حيث كتب لهم الفشل.
هـ – كان اقتحام السجن وإخراج 800 من السجناء أحد مكتسبات المسلمين خلال فتح قندوز. ولأن فتح قندوز كان أمراً مستبعداً بالنسبة للناس، فقد انشغلوا به ونسوا اقتحام السجن وفتح النقاط الرئيسية والمكتسبات الأخرى .
و – ارتفاع معنويات المجاهدين وانهيار معنويات العدوّ؛ الأمر الذي ساهم في فتوحات أخرى في الولايات الأخرى، ففي نفس الليلة التي فتح المجاهدون فيها قندوز، فتح المجاهدون 14 مديرية مهمة أخرى في قندوز والولايات الأخرى، وسيطروا عليها تماماً. ومن ناحية أخرى تسببت تلك الانتصارات في انهيار معنويات العدو بحيث يهرب العملاء من قواعدهم قبل أن يصل المجاهدون إليهم، أو يسلمون أنفسهم مع معداتهم العسكرية.
ز- غنائم المجاهدين في فتح قندوز: إن أحد أهم مكتسبات فتح قندوز هي الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد التي غنمها المجاهدون ببركة هذا الفتح المبين، حيث غنم المجاهدون المئات من العربات والدبابات والسيارات وأنواع عديدة من الأسلحة المختلفة الثقيلة منها والخفيفة، فكانت هذه الغنائم من كبرى مكتسبات المجاهدين خلال هذا الفتح المبين، وبات بإمكانهم أن يجهزوا الآلاف من المجاهدين الآخرين.
ح – فتح قندوز فتح القلوب؛ فعندما التقى المجاهدون بالناس لأول مرة في مدينة ومركزها بعد احتلال أفغانستان من قبل الصليبيين، أعلنوا في بيان لهم العفو والتكريم رغم ما أشيع عنهم من قبل الأعداء من الشائعات والافتراءات لتشويه صورتهم، وخالقوا الناس بخلق حسن، وهكذا فتحوا مع فتح قندوز قلوب الناس. ومن ذلك أنهم ذهبوا إلى المستشفى المركزي لعيادة المرضى والجرحى وساعدوهم بما تيسر لهم، واحتضنوا الشباب في الشوارع وسلموهم أسلحتهم كي يطلقوا رصاص الفرح في السماء، واجتمع الناس أفواجاً في مركز البلاد للاستماع إلى مواعظ المجاهدين الحسنة، وليتعرفوا على محاسن النظام الشرعي الإسلامي.
وهناك حقيقة ملموسة؛ وهي أن وضوح الإسلام البالغ، وما أمر به من العدل والإحسان قد ساعد بشكل كبير على سرعة انتشاره، كما بيّن لنا أن أمة من الأمم لم ترجع عن الإسلام بعدما اعتنقته، سواء كانت هذه الأمة غالبة أو مغلوبة.
ط – لقد فضح فتح قندوز المحتلين الصليبيين عسكرياً وإعلامياً؛ وكان من المتوقع أن الصليبيين لن يقر قرارهم بعد فتح قندوز حتى يصبّوا جام غضبهم على المدنيين بقنابلهم العشوائية، وهذا ماحصل بالفعل، فقد اقترف الصليبيون المحتلون هذه الجريمة حيث استهدفوا مستشفى أطباء بلا حدود الذي كان فيه عدد لا بأس به من الجرحى المدنيين، كما قصفوا بيوت الناس، وارتكبوا مجازر مروعة. كما اتضحت صورة الدجل والكذب وفبركة الأخبار الكاذبة التي يمارسها العملاء عبر وسائل الإعلام فهم يحرّفون الحقائق عمداً ويحيكون المؤامرات الخسيسة والاتهامات الواهية لإلصاقها بالقلوب الطاهرة.
كانت هذه بعض مكتسبات فتح قندوز التي أحرزها المجاهدون الأبطال حاملوا لواء الإسلام وسالكوا طريق العزة والسيادة. وإلى لقاء نرى فيه بلادنا الحبيبة قد تحررت من نير الاحتلال بالكامل.