مقالات الأعداد السابقة

تزييف حقائق حرب أفغانستان

أبو صلاح

 

الكذب، الدجل، التزييف، قلب الحقائق، التعتيم والتكتيم كل هذه الأمور جرّبها الأمريكان في أفغانستان كي يسيطروا على الوضع المزري، ولكنهم خابوا وفشلوا، وباءت جميع محاولاتهم بالخيبة والخسران وما حصدوا سوى الخزي والنّدامة.

أصر مسؤولون أمريكيون رفيعوا المستوى على تحقيق تقدم في أفغانستان رغم وضوح الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة “واشنطن بوست” مؤخراً؛ بعدما حصلت على آلاف الوثائق الحكومية الأميركية في هذا الصدد.

وذكرت الصحيفة أنها جمعت أكثر من ألفي صفحة تضم ملاحظات من مقابلات مع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين والدبلوماسيين وعمال الإغاثة والمسؤولين الأفغان وغيرهم ممن لعبوا دورا بارزا خلال الحرب التي استمرت لأكثر من 18 عاما.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق “تناقض بيانات علنية كثيرة صدرت عن رؤساء للولايات المتحدة وقادة عسكريين ودبلوماسيين أكدوا للشعب الأميركي عاما بعد عام أنهم يحققون تقدما في أفغانستان وأن خوض الحرب فيها مجد.”

وقالت واشنطن بوست إن “المقالات توضح أن المسؤولين أصدروا بيانات وردية كانوا يعلمون أنها كاذبة وأخفوا أدلة لا تحتمل الشك بأن الحرب لا يمكن الانتصار فيها”.

وأطلقت الصحيفة على الوثائق اسم “وثائق أفغانستان”، في إشارة إلى وثائق البنتاغون التي فصّلت التاريخ السري للانخراط العسكري الأميركي في فيتنام وساعدت على قلب الرأي العام ضد الحرب.

وأفادت الصحيفة بأن الوثائق جزء من مشروع “العبر المستفادة” الذي يديره “مكتب المدقق العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان” أو باختصار “سيغار”. وتم الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات.

وأقر رئيس الهيئة التي أجرت المقابلات، جون سوبكو، للصحيفة بأن الوثائق تظهر أنه “تم الكذب باستمرار على الشعب الأميركي”.

وذكرت الصحيفة أن الجنرال دوغلاس لوت، الذي كلفه الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش بدور محوري في الحربين بالعراق وأفغانستان، قال عام 2015 “كنا بعيدين عن فهم (الوضع) الحقيقي في أفغانستان، لم نكن نعلم ماذا يفعلون”.

وتساءل “ما الذي كنا نحاول القيام به؟ لم تكن لدينا أدنى فكرة عما كنا مقبلين عليه”.

أما جيفري إيغرز، العنصر المتقاعد في القوات الخاصة لسلاح البحرية (نايفي سيلز) وموظف البيت الأبيض في عهد بوش وأوباما، فتطرق إلى كلفة الانخراط العسكري الأميركي في أفغانستان، وقال: “ما الذي حصلنا عليه مقابل هذه الجهود التي كلّفت ترليون دولار؟ هل كان الأمر يستحق ترليون دولار؟”

وقال فلين في مقابلة سنة 2015: “من السفراء حتى (المسؤولين) الأقل رتبة، (يقول جميعهم) إننا نقوم بعمل رائع. حقا؟ إذا كنا نقوم بعمل رائع فعلا، فلماذا يبدو وكأننا نخسر؟”

وأشار كبار المسؤولين الأميركيين الذين تمت مقابلتهم إلى عدم وجود استراتيجية أو هدف واضحين في أفغانستان بعد اجتثاث القاعدة والإطاحة بطالبان.

واعتبر ريتشارد باوتشر، الذي كان كبير دبلوماسيي وزارة الخارجية المعني بشؤون جنوب آسيا في مقابلة سنة 2015، أن الحرب في أفغانستان “تعد أفضل مثال على عملية خرجت عن نطاقها الأصلي”.

وقال إنه بعد 15 عاما في أفغانستان، “لا نزال نحاول تحقيق ما لا يمكن تحقيقه بدلا من تحقيق ما يمكن تحقيقه”.

وتساءل مسؤول أميركي آخر، لم تكشف هويته، عمل على التنسيق مع حلف شمال الأطلسي، في الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان، وقال: “ما الذي كنا نقوم به في هذا البلد؟ ماذا كانت أهدافنا؟ بناء دولة؟ حقوق المرأة؟… لم تتضح الأهداف والإطار الزمني يوما في أذهاننا”.

وأشارت الصحيفة إلى أن المقابلات تضمنت “العديد من الاعترافات بأن الحكومة روجت لأرقام كان المسؤولون على علم بأنها محرفة وزائفة أو كاذبة تماما”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى