تحليل الأسبوع

تعالوا! نتعرف على الصلح أولاً ثم ننفذه


 
احتدم حديث الصلح في الآونة الأخيرة في أوساط مختلفة، وقد أثارت كلمة الصلح ثقيلة الوزن كثيرا من الآمال في قلوب الأفغان، لأن الصلح هو طلب أولي للشعب الأفغاني وضرورة مبرمة لازدهار البلاد العزيزة، والصلح هو ما يهيئ البيئة الحضارية والحياة السعيدة للإنسان، فمن الأفضل أن نتعرف على الصلح أولاً ثم نبذل الجهود لتنفيذه، ويكون الغرض والغاية من ذلك هو أن لا يتعامل ذوو السلطة والساسة معاملة أخرى بالاستفادة من اسم الصلح أو تحريف الحقائق حتى لا نواجه – لا قدر الله- كارثة أو مأساة أخرى.
الصلح كلمة عربية بمعنى القضاء على النزاع والخصومة وفي الشريعة الإسلامية أضيفت إليه شروط وقيود بغرض رعاية المصلحة البشرية وتماشيا مع الكرامة والمدنية وعلى سبيل المثال قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: (الصلح جائز بین المسلمین إلا صلحا حَرَّمَ حلالا أو أَحَلَّ حراما) رواه الترمذي وأبو داود وغیرهما ومعنى الحديث:  أن الصلح لا يجوز إذا كان الغرض منه هو انتهاك حدود الله أو ما يحرم الحلال ويحلل الحرام، فعلى الشعب أن ينتبه لهذا الأمر.
والصلح في الفقه الإسلامي يعني: (عقد وُضِع لرفع المنازعة) رد المحتار: ج ۴- ص ۴۹۳- بمعنى أن الصلح هو التعاقد الذي يسوي الخلافات والنزاع بين الأطراف المتصارعة  ويشير التعريف السالف الذكر للصلح إلى ثلاثة أمور وهي: أولاً: يجب أن يكون هناك طرفان أو أكثر لأن الصلح هو تعاقد وهو لا يكن إلا بين طرفين، ثانياً: أن يكون بين هذه الأطراف المتصارعة خصومة لأن في عدم وجود الخصومة لا ضرورة للصلح ثالثاً: التراضي بمعنى أن طرفي النزاع يجب أن يتراضيا على الصلح فيما بينهما وفي النهاية يتوافق الطرفان على جميع بنود الصلح ومواده، وتعريف الصلح الذي جاء في (مجلة الأحکام) واضح أكثر حيث يقول في تعريف الصلح:(عقدٌ يتّفق فيه المتنازعون في حقّ على ما يَرفع النزاع بينهما) مجلّة الأحكام العدليّة: ج ۱- ص ۵۹۹، المادّة: ۱۵۳۱.
ودور الوسيط في الصلح في ضوء الشريعة الإسلامية مهم ويأمر الله عز وجل المؤمنين ويقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات- ۱۰) ومفهوم هذه الآية هو أنه يجب على المؤمنين التصالح بين المؤمنين وليخافوا الله في فصل الخصومات وجاء أمر الله في الآية التاسعة من سورة  الحجرات بأن يعدل في الحكم.
والأمر الملفت هنا هو أن أحد الطرفين في القضية في أفغانستان مسلمون وهم مجاهدون، ولكن في الطرف الآخر من الصلح محتلون وهم غیر مسلمين، هم متجاوزون و محاربون، ومسألة الصلح مع المحاربين موضوع مستقل آخر.
وقد أشادت آيات وأحاديث كثيرة على دور المصلحين ووعدوا بالفوز والنجاح حالة الإخلاص وإصلاح النية: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (النساء- ۳۵)، وللصلح مجالات مهمة أخرى ويجب البحث عنها في مصادر الشريعة الإسلامية.

ويريد الشعب الأفغاني المسلم في بلده العزيز الصلح الذي يوافق ويتماشى مع أصول الشريعة الإسلامية وأحكامها ، ويقدر وساطة المسلمين والدول الإسلامية ويرحب به، ولكن تحركات المحتلين الأخيرة حول الصلح أثارت شكوك المواطنين، فكيف للشعب أن يعتمد على العدو المحتل وقاتل آلاف الأفغانيين الأبرياء؟، ومن جانب آخر يعلم القريب والبعيد جميعاً أن الشعب الأفغاني لن يقبل حسم القضية بالطريقة التي تكون خلافا للشريعة الإسلامية، ولا شك في أن أي نوع من حسم النزاع الذي يهيئ الأجواء للاحتلال أو يكون عقبة في طريق النظام الإسلامي ويعرقل الصلح ويهيئ الأجواء للحرب والهرج والمرج، فإن الشعب الأفغاني المسلم لن يقبله. والله المستعان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى