
تعهد الإمارة الإسلامية لحقوق السجناء
إن الشريعة الإسلامية هي ذلك الدين الكامل الذي احتوى واشتمل على أفضل وأحكم التوجيهات والتوصيات لإصلاح الحياة البشرية في جميع جوانبها، ومن الجوانب المتعلقة بالحياة البشرية (حالة الحرب والقتال)، وقبل مجيء الإسلام لم تعرف الجاهلية شيء باسم ضوابط وآداب الحرب، وقد سجل التاريخ أحداثاً مأساوية بشعة ارتكبها المتقاتلون في المعارك في تلك الحقبة، ومن ذلك أن الجهة المغلوبة كانت تُذاق جميع أنواع الظلم، والعنف، والذل، والهوان.
وبعد بزوغ نور الهداية، كان الإسلام هو أول من علم البشرية آداب الحرب والقتال، فوضع رسول الإسلام صلوات الله وسلامه عليه أصول الحرب قائلاً: ¬«اغزوا، ولا تغلو، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً…» الخ رواه مسلم.
ومن أهم أحكام الحرب وأصوله ما يتعلق بحقوق الأسرى، فإن الإسلام يأمر بالمعاملة الحسنة مع الأسرى وجميع من لا وسع لهم ولا طاقة، وينهى عن التعذيب بالجوع والظمأ، ويحث على معالجة المرضى منهم، وحسن الخلق معهم، والإحسان إليهم.
وامتثالاً لهذه التوجيهات الربانية، والأخلاق الإسلامية العالية فإن الإمارة الإسلامية هي تلك الحركة السياسية في هذا العصر التي تحرص أكثر من غيرها على معاملة أسراها بالإحسان والخلق الحسن، فالمقاتلون الذين يتم أسرهم في ساحة المعركة، لا يُقتلون ولا يعذبون ولا يقتص منهم، بل إن مجاهدي الإمارة الإسلامية يقومون بمعالجتهم، ويسعون في توفر وسائل الراحة لهم، والاحتفاظ بهم بطريقة حسنة، فيخصص لهم مجموعة من الخدم يقومون برعايتهم طيلة فترة حبسهم، كما يلقنونهم ويعلمونهم بعض الأحكام الدينية المهمة، حتى يخرجوا عن ضلالهم ويستقيموا على الطريق القويم، ويتحقق لهم السعادة الأبدية.
ومن نماذج حسن التعامل مع الأسرى أن قيادة الإمارة الإسلامية عفت مرات وكرات عن الأسرى الذين تم القبض عليهم في أرض المعركة، وأطلقت سراحهم من باب الإحسان، وأقرب مثال على ذلك ما حصل قبل أيام، حيث وقع ما يقارب (100) جندي في أسر المجاهدين في مديرية بالامرغاب بولاية بادغيس، لكن بعد ثلاثة أيام تم إطلاق سراح (58) منهم بالضمان، وتم إرسالهم إلى منازلهم، وليس هذه هي المرة الأولى، بل حصل ذلك مراراً وتم إطلاق سراح المئات من الأسرى تفضلاً وإحساناً.
لكن المؤسف أنه الجهة المقابلة (المحتلون الأجانب وعملاؤهم الداخليون) لا يلتزمون -إطلاقاً- بأصول الحرب وآدابها ولا بحسن معاملة الأسرى والسجناء، وحالياً يقضي عشرات الآلاف من المعتقلين حياتهم خلف غياهب السجون في شتى معتقلات البلد، والأغلبية الساحقة منهم إنما تم القبض عليهم من دون مسوغ أو تعيين جريمة، وهؤلاء لا يعطى لهم الحقوق الإنسانية، ومعظمهم قد أنهوا فترة حبسهم لكنهم مع ذلك يحتفظ بهم خلف القضبان ظلماً وعدوانا، كما أن جزء كبير من المعتقلين أصيبوا بشتى أنواع الأمراض الجسدية والنفسية، ورغم ذلك كله فلا تتحرك لهم مشاعر المحتلين ولا عملائهم!!
تطلب إمارة أفغانستان الإسلامية من منظمات ومراكز حقوق الإنسان بأن يقوموا بتحقيق وتقييم حقوق الأسرى والمعتقلين في أفغانستان، ثم مقارنة ذلك بين كلا الجانبين، ولتسأل عن أوضاع عشرات الآلاف من أولئك المعتقلين الذين ألقي بهم خلف القضبان في معتقلات بغرام، وبلتشرخي، وغيرهما من المعتقلات والسجون المنتشرة في البلاد، وكما أن الإمارة الإسلامية تلتزم بمراعاة حقوق الأسرى، فلتُذّكر الجهة المقابلة أيضاً بمراعاتها.