تكلفة الحرب الأفغانية أرغمت الأمريكان على الهروب
أبو صلاح
لا غرو بأنّ الأمريكان مارسوا خلال الـ19 سنة الماضية أقصى أنواع التعتيم الإعلامي الذي عرف على مستوى العالم والتاريخ على النتائج الحقيقية لهذه الحرب الصليبية التي شنوها على الأراضي الأفغانية؛ وذلك لأهداف لا تخفى على أحد، ولتمرير رأيهم ونقله للعالم.
وقد جنّدوا لذلك كل آلتهم الإعلامية، وقاموا بإرهاب كل قناة إعلامية تحاول أن تكون محايدة، ومن هنالك لم يكونوا يعترفون بالعدد الحقيقي لقتلاهم في الميادين الطاحنة التي كانت تطحن جنودهم.
وفي المقابل فإن الوسيلة الوحيدة التي بقيت بأيدي المجاهدين هي ما كان يُنشر على الشبكة العنكبوتية من أخبار معظمها ترجع مصادرها لأخبار فردية على شكل اتصالات هاتفية كان يقوم بها الشيخ ذبيح الله مجاهد حفظه الله، أو ما كان ينشر في الموقع الرسمي، ولكن كم فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
بلغ عدد الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في الحرب الأمريكية الأخيرة ضد حركة طالبان على مدار الـ19 عاماً الماضية حوالي 600 ألف جندي، ولا يزال منهم نحو 13 ألف حتى اليوم.
وهذا الرقم هو أقل من ربع العدد الذي شارك في حرب فيتنام، وحوالي نصف العدد الذي ذهب إلى العراق، وعدد ضحايا الحربين أكبر من العدد الذي وقع في أفغانستان لوحدها.
وقد اعتبر الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون في بداية الحملة الأمريكية ضد حركة طالبان بأنها صراع بين الفيلة والنملة إلى أن تغلبت النملة على الفيلة، وقد أقرت الأخيرة بفشلها حيث بدأت تبحث عن سبل الخروج والهروب من المستنقع الذي وقعت فيه عندما أعلن الرئيس بوش بأنها حرب صليبية جديدة.
وبقيت تكلفة الحرب -التي استمرت 18 عاما- سؤالا بلا إجابة واضحة في العاصمة الأمريكية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكلفة المادية. وتنقسم تكلفة الحرب إلى شق يتعلق بالخسائر البشرية، وآخر يرتبط بالتكلفة المادية.
وتشير دراسة صدرت عن مبادرة “تكلفة الحرب”، وهي مشروع بحثي مشترك بين جامعتي براون وبوسطن الأميركيتين؛ إلى وصول تكلفة الحروب الأميركية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وحتى نهاية العام المالي 2020، إلى 6.4 تريليونات دولار.
ويتضمن هذا المبلغ تكلفة حربي العراق وأفغانستان، إضافة إلى العمليات العسكرية في باكستان واليمن وليبيا وسوريا وليبيا ودول أفريقية.
وأشارت تقارير نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” إلى وصول تكلفة الحرب في أفغانستان إلى تريلوني دولار، في حين أشارت تقارير أخرى، حكومية وغير حكومية، إلى أن التكلفة المادية للحرب لم تتخط حاجز التريليون دولار. ويبرز التناقض لاختلاف طرق الحساب، وتضمين بعض العناصر وتجاهل أخرى.
واعتبر مشروع “تكلفة الحرب” أن تكلفة الحرب في أفغانستان تخطت التريليون دولار، إضافة إلى مقتل أكثر من 6300 أميركي، وإصابة أكثر من أربعين ألفا آخرين منذ 2001 وحتى توقيع اتفاق السلام بين الإمارة الإسلامية وإدارة ترامب في الدوحة هذا الأسبوع.
وأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” أن عدد الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في حرب أفغانستان على مدار 18 عاما الماضية بلغ ستمئة ألف جندي على فترات مختلفة. ولا يوجد منهم في أفغانستان حاليا إلا 12 ألف جندي.
وأحصت دراسة “تكلفة الحروب” مقتل 2401 مقاتل أميركي، إضافة إلى ما يقرب من 3943 متعاقدا حكوميا أميركيا. كما أشارت إلى مقتل 1150 شخصا بين عسكريين ومتعاقدين من دول التحالف الدولي.