مقالات الأعداد السابقة

ثم تكون عليهم حسرة ثمّ يُغلبون

أمين الله

 

قال الله سبحانه وتعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون}.

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله ينفقون أموالهم، فيعطونها أمثالهم من المشركين ليتقووا بها على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، ليصدوا المؤمنين بالله ورسوله عن الإيمان بالله ورسوله، فسينفقون أموالهم في ذلك، ثم تكون نفقتهم تلك عليهم “حسرة “، يقول: تصير ندامة عليهم، لأن أموالهم تذهب، ولا يظفرون بما يأملون ويطمعون فيه من إطفاء نور الله، وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله، لأن الله معلي كلمته، وجاعل كلمة الكفر السفلى، ثم يغلبهم المؤمنون، ويحشر الله الذين كفروا به وبرسوله إلى جهنم، فيعذبون فيها، فأعظم بها حسرة وندامة لمن عاش منهم ومن هلك! أما الحي، فحرب ماله وذهب باطلا في غير درك نفع، ورجع مغلوبا مقهورا محروبا مسلوبا. وأما الهالك، فقتل وسلب، وعجل به إلى نار الله يخلد فيها، نعوذ بالله من غضبه.

وذكر ابن كثير أيضًا في تفسير الآية أنها: (نزلت في أهل بدر، وعلى كل تقدير، فهي عامة، وإن كان سبب نزولها خاصًّا).

وهذا هو دأب المشركين دائمًا، لقد أنفقوا الأموال الطائلة الهائلة في حرب الإسلام والمسلمين، وهم كذلك يُنفِقون الآن، وسيُنفِقون أيضًا في الأيام القادمة، وسيَخِيب رجاؤهم، وسيجنون الحسرة، ولن يستطيعوا أن ينالوا من هذا الدين، ولن يتمكنوا من إطفاء نور الله عز وجل، وسيجعل الله تعالى عملَهم وسعيَهم وإنفاقهم حسرةً عليهم، ولن يحصدوا إلا الندامةَ والخزي والخسران، وسيُلاقون الهزيمةَ، وستسقط دولة الكفر وزعامة الباطل، فقد استعرَتِ الحرب على الإسلام والمسلمين، في صورة قتل وتدمير، واحتلال ونهب لثروات المسلمين.

وكم تثلج صدور المؤمنين عندما يرى هزيمة الكفار نفسياً ومالياً وروحياً، هم ينفقون الغالي والنفيس ليطفئوا نور الله بأموالهم، ولكن لا يدرون بأنهم عليهم حسرة في الدنيا قبل الآخرة.

وحديثاً ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) أن تكلفة الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في أفغانستان تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين سنويًا 45 مليار دولار حيث أكد راندال شرايفر، كبير مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية في الشأن الآسيوي، القول إن ذلك المبلغ يتضمن 5 مليارات دولار للقوات الأفغانية و13 مليار دولار للقوات الأمريكية داخل أفغانستان.

وأضاف أن جزءًا كبيرًا من المبلغ المتبقي يذهب لتكاليف الدعم اللوجيستي وأوضح أن هناك 780 مليون دولار تذهب إلى المساعدات التنموية في أفغانستان.

وكان أعضاء بمجلس الشيوخ، من المتشككين في إمكانية فوز الولايات المتحدة في تلك الحرب، قد استجوبوا مسؤولين بالإدارة الأمريكية اليوم، بشأن تلك الحرب التي تعتبر الأطول في تاريخ واشنطن.

وبحسب أسوشيد برس، فإن تلك التكلفة السنوية للحرب في أفغانسان خلال الفترة من 2010 حتى 2012 عندما كان هناك 100 ألف جندي أمريكي في البلاد قد تجاوزت 100 مليار دولار.

وبعدما أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن بلاده ستعزز وجودها العسكري في أفغانستان وستزيد المبلغ المخصص لهذا الغرض.

وحسب تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية الذي يترأسه أنطوني كوردسمان إن الكلفة المباشرة للحرب في أفغانستان بما في ذلك المبلغ المخصص لها للعام المقبل قد بلغت 841 مليار دولار.

بينما تقول تقديرات أخرى إن هذه الحرب التي دخلت عامها السادس عشر قد تجاوزت تريليون دولار إذا أخذنا بعين الاعتبار كلفتها غير المباشرة، دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى نهاية قريبة لهذه الحرب.

فعلى سبيل المثال ترى نيتا كراوفورد، منسقة مشروع كلفة الحروب في جامعة براون الأمريكية أن كلفة الحروب الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان وباكستان منذ عام 2001 قد قاربت 5 تريليون دولار من بينها 2 تريليون كلفة الحرب الأفغانية بما في ذلك الكلفة المتوقعة مستقبلا.

إي والله إنّ هذه التكاليف الباهظة وما ينفقونها في حروبهم الصليبية في أفغانستان، كلها تصير هباءً منثوراً، وستذهب جميع جهودهم أدراج الرّياح، هذا وعدٌ من الله سبحانه وتعالى في قرآنه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى