جهاد شعب مسلم: استشهاد الزوج على لسان العروس الجديدة
الكاتب: حمزة حقاني
تحكي عروس أحد المجاهدين قصة عجيبة عن زواجها وكيف استشهد زوجها، فتقول: تزوجتُ من رجل لا يمكن العثور على مثله في العالم، لقد أحببته كثيراً، وكان رجلاً تقياً ومخلصاً، أخبرني بعد شهرين من زواجنا أنه يحب شخصًا آخر، ويريد الذهاب إليه، فقلتُ له هل تحبه أكثر منّي؟ قال: نعم، أكثر منك، فقلتُ في نفسي إنه لكي لا يقع زوجي في المعصية، فمن الأفضل أن أقوم بتأدية حقوقه الزوجية، فقلت له: اذهب وتزوّج بمن تحب، لأن سعادتك هي سعادتي، فقال: ولكن ليست لدي التكاليف الكافية، فقلت: خذ ما عندي من ذهب وبعه، وأنفقْ على عُرسك، فقال: إنه سيأتي يوم تحتاجين فيه إليه، وهو من حقك.
مضتْ الأيام، لكنه لم يستطع توفير المال، وأخيراً ومع إصراري، أخذ ذهبي وباعه وذهب إلى المكان الذي كان يتحدث عنه.
كنت أتحدّث معه عبر الهاتف في بعض الأحيان، وقال: إنه متزوّج وفي صحة جيدة. مضى شهر أو شهران أو ثلاثة أو أربعة أشهر ولم يزرنْي، إلا أنه كان يتصل بي في بعض الأحيان فقط، وأخبرتُه أنني حامل وأحتاج إلى حضوره، وخاصة عندما كانت مدينتنا تتعرض للقصف من قبل الأعداء، وكنت أتحمّل الآلام التي أصابتني بسبب الحمل، وكنت بحاجة إلى الرعاية والحب مثل كل المتزوجين حديثاً، ولا سيما أنه بقي أقل من شهرين لولادة طفلي، ولما اتصلتُ به قال: إنني مشغول جدًّا ولا أستطيع القدوم لرؤيتك. لقد تركني بكل دموعي واحتياجاتي، لقد ندمتُ على بساطتي، لماذا تركته يغادرني، لكن عندما كان يتحدث معي، كنتُ لا أُشعِره ببكائي، وأتظاهر بالشجاعة، أي نوع من الأزواج هو الذي يترك زوجته ويبحث عن أخرى؟
وأي عروس كنتُ أنا حينما بِعتُ ذهبي ليتزوج غيري.
ذات يوم رنّ جرس الهاتف، فرفعتُ سمّاعة الهاتف، وسمعتُ صوت والدي الضعيف والمؤلم يقول: يا ابنتي! استعدي، أنا وأمك قادمان من أجلك.
أجبت: لماذا يا أبي! أنا آمنة هنا، ليست لدي أي مشكلة، وزوجي في طريقه إن شاء الله سيأتي. كنتُ معكم ليلة الجمعة.
قال: استعدي، وأغلق الهاتف.
شعرتُ أن شيئًا مّا قد حدث، فاتصلتُ بأخ زوجي الذي كان يعيش في بلدتنا وأخبرته بما قاله والدي، فقال: اجمعي أمتعتك واذهبي مع والدك، ثم أجهش بالبكاء. قلتُ: ماذا حدث، هل طلقني زوجي؟
لكنه قطع الاتصال أيضًا. بدأت بجمع أمتعتي ودموعي لا تتوقف، وأفكر فيما حدث لي، إلی أن جرس الباب ودخل والديّ، فألقيت بنفسي في حضن والدتي، فقلتُ هل رأيتِ يا أمي ماذا فعل بي زوجي الذي كنت أحبه؟
وأخيراً طلقني هذا الخائن بعد كل الحب الذي أُكِنّه له!
احتضنتني أمي بشدة دون أن تتمكن من قول أي شيء، وكانت دموعها الدافئة تتساقط، لكن فجأة قال والدي شيئًا لم أكن أتوقعه على الإطلاق، فقال: يا بنية، اعلمي أن زوجك عند الله، وقد استشهد، ولم يتزوج غيرك، وكان يحب الجهاد والاستشهاد.
لقد اشترى لنفسه بذهبك دراجة نارية وأسلحة، وبدأ الجهاد والكفاح ضد القوات المحتلة حتى وصل إلى درجة الاستشهاد. ظهرت ابتسامة دامعة على وجهي، فقلت إنه لم يطلقني، وهذا يعني أن زوجي غير متزوج ولم يذهب إلى فتاة أخرى.
قال: لا، لقد خرج زوجك حباً للجهاد والاستشهاد، وقد ذهب إلى الآخرة وجنة الله.
أقسم بالله لقد شممتُ منه رائحة طيبة لم أشم مثلها في حياتي، وشعرت بابتساماته الجميلة التي كانت لون حياتي على شفتيه، ثم عدت إلى صوابي قليلاً، وشكرت الله على هذه الخاتمة. ذهبتُ إلى غرفتي وجلست أبكي وأضحك في آنٍ واحد.
زوجي وصل أخيراً إلى حبيبته وتجرع كأس الاستشهاد، كان قد سلك خطوات نحو طريق رضوان الله، حيث تعرض للقصف أثناء الحراسة، في البرد والثلج.
مبارك عليك يا زوجي!
فليكن هذا الشرف لك في جنة الخلد.
في أمان الله يا زوجي!
ليكن الله معك!
لقد تركت ذكرى لنفسك هنا، إذا كان ما في بطني ذكرًا فسيكون اسمه محمّد، وإذا كانت فتاة فسيكون اسمها شهادة.
بهذه التضحيات ودماء هؤلاء الشباب تحقق نظام الإمارة الإسلامية، وإن الخيانة في هذا النظام هي خيانة لدماء الشباب المؤمنين، والخيانة لمثل هذا النظام الرشيد حرام، والعصبية والقومية في مثل هذا النظام عداوة للقرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ودماء الشهداء وتضحياتهم.