مقالات الأعداد السابقة

جهاد شعب مسلم: بطولاتُ الشهداء ووصاياهم

بقلم: المولوي شاه محمود هدايت

 

اليوم ونحن نحتفي بمرور عامين على تحرير البلاد من دنس المحتلين وحلفائهم، وتغمرنا الفرحة ويسكننا الأمل بمستقبل واعد لبلادنا بين النجوم؛ لا ننسى أبطالنا الأشاوس الذين مرغوا وجوه المحتلين في التراب وأرغموهم على الرحيل من عرين الأسود، وكانوا سبباً -بعد توفيق الله ومعيته- في هذا النصر المؤزر، فهيا بنا في هذه السطور القليلة نستذكر شيئاً من تضحيات أبناء هذا الشعب الأبي الغيور..

 

– يحكي الشيخ أمين الله وقار؛ المسؤول الحاليّ لعلماء أفغانستان في دائرة المخابرات، والمسؤول السابق عن العمليّات الاستشهادية في كابول قبل تحرير البلاد، والذي قضى ثماني سنوات في سجن بغرام سيئ السمعة؛ أنّ سجيناً مجاهداً في ذات السجن كان يرقد في حالة احتضار، فيقول: ذهبتُ إليه ببطءٍ واستفسرتُ عن حالته، فتكلّم ببضع كلمات بصعوبة. سألتُه عن اسمه، فقال: اسمي صابر. قلت له بم توصي؟ فقال: أنا أرحلُ شهيداً ولكن أوصيكم أن لا تخونوا دمي.

يقول الشيخ أمين الله: خرجت آه من كبدي، وبعد لحظات استشهد صابر. وإنّا لله وإنا إليه راجعون.

 

– ويحكي الشيخ قصّة أخرى يقول فيها: كنتُ خارج السجن، وقد درّبتُ مجاهداً يُدعى (محبّ الله) لمدّة ثلاثة أشهر في منزلي الشخصي على الاستشهاد، إلى أن جاء اليوم الموعود،  فأخبر أنصارُنا أنّ الوقت قد حان. فكان محبّ الله يبكي عندما كنتُ أغطّيه بالسترة الانفجارية. فاقتربتُ منه ببطء ووضعتُ فمي بالقرب من أذنه وقلت: “إنْ كنتَ خائفاً، اخلعْ سترتَك واذهبْ إلى أيّ مكان تريده”. وبمجرد أن سمع هذا، بكى أكثر وقال: «لست أبكي لنفسي»، أنا أبكي لأنّ لديّ ست أخوات وأنا الابن الوحيد، وقد وعدت عائلتي أنه في يوم العملية سأتصل بهم بالتأكيد. فناولتُه الجوّال، فهدأ وبدأ يتحدّث مع والدته بابتسامة، فكانت والدتُه تظلّ تقول له بالبشتو: يا ولدي! كن ثابتا. كن قوياً! أنت ذاهب إلى الجنة، وشجعتْه بهذه الكلمات، وأخيراً أغلق الجوال. فطلبتُ منه طلبه الأخير ؛ ماذا تقول لأقرانك؟ فقال كلمته الوحيدة وهي: أن لا تخونوا دمي. ثم ذهب واستشهد وتقطعت أشلاؤه وأوصل العديد من الأمريكيين إلى الجحيم إن شاء الله.

 

– وهناك قصّة أخرى يحكيها الشيخ أمين الله وقار أيضا يقول فيها: ذات يوم وقع طالب مدرسة شرعية وطالبة مدرسة حكومية في باكستان في حبّ بعضهما البعض، وأخيراً طلبوا الزواج من بعضهما البعض، وكلاهما قبلا الزواج، ورضيا بأن يكون المهر هو الاستشهاد في سبيل الله، واتفقا على ذلك. وبعد مرور شهر على زفافهما أصبحا مستعدين للعمليات وجاءا إلى أفغانستان، وعندما أتيا إلى كابول، احتفظتُ بهما في منزلين منفصلين لبضعة أيام، وكان طلب العروس الجديدة والمرأة المخلصة والعفيفة مني دائماً أن تكون المواد التي تنقلها في سيارتها من المواد القوية بحيث لا  يترك أي أثر لها، ولا حتى شعرة واحدة تقع في أيدي الكفار القذرين.

أخيراً جاء اليوم الموعود، فملأتُ سيارة كورولا وأعطيتُها لها، وقمت أيضاً بإعداد سترة منفصلة لزوجها. تحرك هذا الزوج الشاب وزوجته البطلان نحو الهدف، وكلاهما يتحدثان الإنجليزية بطلاقة، ووصلا إلى مركز الأمريكيين، فقام العريس الشاب بتفجير نفسه وأوصل عدداً من الأمريكيين إلى النار بإذن الله، وعند ذلك خرج كل الأمريكيين من ثكنتهم ليتحققوا في الأمر ، وفي هذا الموقف أتى دور لبؤة الإسلام السيدة البطلة والأخت المتديّنة، تنادي بالكلمات الإنجليزية، ماذا حدث لزوجي! ماذا حدث لزوجي! في هذه الأثناء لاحظ كل الأمريكيين السيدة البطلة بعد تجمّع الكفار، فقامت الأخت العفيفة بالضغط على الزرّ  لتُفجر السيارةَ التي كانت فيها. الله أكبر كبيرا.

وهكذا أوصلا أكثر من 30 من جنود المحتلين الكفار إلى الجحيم، وشربا من كأس الاستشهاد الحلوة، وكان آخر مطلب لهذين الزوجين البطلين أيضا هو عدم خيانة دمائهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى