حانت لحظة الحقيقة.. وحان وقت الانتصار
تقترب ساعة الحقيقة بسرعة، وتتهيأ أفغانستان لاستقبال أبنائها المنتصرين، وعودتهم مرة أخرى لتولى زمام القيادة فى مرحلة البناء الجديد لأفغانستان، بعد حروب استمرت عدة عقود ضد إمبراطوريات عدوانية عظمى.
جيوش الاحتلال تتسرب هاربة بالخزي والعار، وتتدافع نحو أبواب الخروج، ومن لم يتمكن حزم أمتعته تقوقع خلف أسوار القواعد العسكرية الكبيرة، التي تصوروها محصنة ومستعصية على المجاهدين. ولكنهم فى كل يوم يجدون هؤلاء الأبطال من أبناء أفغانستان، وهم بين صفوفهم داخل القواعد، مرتدين نفس ملابسهم ويحملون نفس أسلحتهم، ويدمرون مثل الإعصار كل ما يعترض طريقهم من جنود ومعدات وطائرات الاحتلال. فالقواعد العسكرية الحصينة لم تعد توفر الأمن لجنود الاحتلال، والمجاهدون يتسربون مثل الهواء إلى كل مكان حاملين معهم الموت للأعداء، زارعين الرعب واليأس والجنون في نفوسهم. فيعود جندي الاحتلال إلى بلاده إما داخل تابوت، أو حاملا معه أمراضه وانحرافاته النفسية كى يوزعها دماراً على مواطنيه فى بلاده البعيدة وراء البحار.
عملاء الاحتلال الذين باعوا أنفسهم انقسموا إلى طرائق شتى، منهم من استفاق وندم على ما فعل فالتحق بالمجاهدين، عاملا لأجل دينه، إما في صفوف المجاهدين مباشرة، أو من داخل صفوف العدو موجها أقسى الضربات للاحتلال وجنوده. وكبراء الفتنة الذين استدعوا جيوش الاحتلال وحاربوا تحت رايتها، واضعين ما تحت أيديهم من مال ورجال، وما كانوا يتمتعون به من وجاهة وسمعة، كى يمهدوا للمحتل ويتقاسموا معه الغنائم، هؤلاء يتصرفون الآن بعصبية تقترب من الجنون، ويطالبون المحتل بالبقاء الأبدى أو تسليح مليشياتهم الإجرامية كي يقاتلوا بها شعبهم مرة أخرى. وهم على يقين أنهم أعجز من أن يحققوا نصرا، ولكنهم يخشون يوم الحساب فى الدنيا قبل الآخرة. فهناك أنهار الدماء التي سفكت وتلطخت بها أيديهم، وهناك ثروات واسعة من الأرض والعقارات لا يمكنهم حملها والفرار بها خارج البلاد كما يفعلون كل يوم بتهريب أموالهم عبر المطارات تحت أعين المحتلين.
الجيش الأمريكى يخوض معركة تبدو أنها الأخيرة في زمن الإمبراطورية. فالمكانة الأمريكية تهبط باضطراد ساحبة خلفها أوروبا. وبعد خروجها من أفغانستان لن تعود أمريكا هي “القوة العظمى الوحيدة” فى العالم، بل لن تصبح عظمى بالمرة، وعليها قبل كل شئ أن تتدبر أمر خروجها المشكوك فيه من (الهاوية المالية) التي تهدد وجودها بل وتهدد الكيان الحضاري للغرب المتوحش كله.
خروج الولايات المتحدة من أفغانستان أمر حتمي لا يناقشه أحد. وبعد خسارتها العسكرية الكبرى فإنها ترتب لنفسها انسحابا “مشرفا” بعيدا عن صورة الفرار والهزيمة، حفاظا لنفسها على شيء من الهيبة الدولية. وهى أيضا تبذل قصارى جهدها للإمساك بما يمكن الحفاظ عليه من مكاسب فى أفغانستان، بحيث يخرج الجيش الأمريكى وتبقى المصالح الأمريكية مصانة ومستمرة، تحت سيطرة نظام أجير موالى لها.
العقبة الكبرى أمام الولايات المتحدة تتمثل فى حركة طالبان التي تصر على انسحاب كامل وحقيقي لجيوش الاحتلال، بدون أية مكاسب يحتفظ بها فوق أرض أفغانستان. هذا بينما يستر الأمريكان عار هزيمتهم بإدعاءات الانتصار وأنهم ينسحبون بعد إنجاز المهمة كما فعلوا قبلا فى فيتنام. وقبل هروبهم الكبير من أفغانستان يعلن جنرالاتهم أنهم حققوا نصرا في مغامرتهم الفاشلة، وذلك في تطبيق جديد لنفس قاعدتهم الشهيرة: ” أعلن أنك انتصرت.. ثم انسحب “.
وبعد فشل الطائرات الأمريكية وشتى أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وشتى جرائم الحرب التى سودت وجه أمريكا في العالم أجمع، لا تجد أمريكا بين يديها أمضى من الحرب النفسية. وفى مقدمة أدواتها تأتى الإشاعة التى تفرق الصفوف الداخلية للمجاهدين، وتفكك صفوف الشعب، وتضرب العلاقات والثقة بين الجميع. فعلى مدار الساعة تطلق الإشاعات ويعاد تكرارها من مصادر شتى حتى تبدو وكأنها حقيقية لا تقبل الجدل.
وكثيراً هى الاشاعات الأمريكية التي تعلقت بموضوع ” المفاوضات”. فأمريكا تحت وطأة ضربات المجاهدين وتحت وطأة وضعها الداخلى المتأزم ليس أمامها غير طريق الانسحاب. والإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارها بالفعل، والبحث الجاري هو حول جدول تنفيذ ذلك الانسحاب. ومعنى إتمام الانسحاب بدون مفاوضات أو اتفاق سياسي مع المقاومة الجهاد…
الثلاثاء، ۰٤ ربيعالأول ۱٤۳٤
الثلاثاء, 15 يناير 2013 23:13
تقترب ساعة الحقيقة بسرعة، وتتهيأ أفغانستان لاستقبال أبنائها المنتصرين، وعودتهم مرة أخرى لتولى زمام القيادة فى مرحلة البناء الجديد لأفغانستان، بعد حروب استمرت عدة عقود ضد إمبراطوريات عدوانية عظمى.
جيوش الاحتلال تتسرب هاربة بالخزي والعار، وتتدافع نحو أبواب الخروج، ومن لم يتمكن حزم أمتعته تقوقع خلف أسوار القواعد العسكرية الكبيرة، التي تصوروها محصنة ومستعصية على المجاهدين. ولكنهم فى كل يوم يجدون هؤلاء الأبطال من أبناء أفغانستان، وهم بين صفوفهم داخل القواعد، مرتدين نفس ملابسهم ويحملون نفس أسلحتهم، ويدمرون مثل الإعصار كل ما يعترض طريقهم من جنود ومعدات وطائرات الاحتلال. فالقواعد العسكرية الحصينة لم تعد توفر الأمن لجنود الاحتلال، والمجاهدون يتسربون مثل الهواء إلى كل مكان حاملين معهم الموت للأعداء، زارعين الرعب واليأس والجنون في نفوسهم. فيعود جندي الاحتلال إلى بلاده إما داخل تابوت، أو حاملا معه أمراضه وانحرافاته النفسية كى يوزعها دماراً على مواطنيه فى بلاده البعيدة وراء البحار.
عملاء الاحتلال الذين باعوا أنفسهم انقسموا إلى طرائق شتى، منهم من استفاق وندم على ما فعل فالتحق بالمجاهدين، عاملا لأجل دينه، إما في صفوف المجاهدين مباشرة، أو من داخل صفوف العدو موجها أقسى الضربات للاحتلال وجنوده. وكبراء الفتنة الذين استدعوا جيوش الاحتلال وحاربوا تحت رايتها، واضعين ما تحت أيديهم من مال ورجال، وما كانوا يتمتعون به من وجاهة وسمعة، كى يمهدوا للمحتل ويتقاسموا معه الغنائم، هؤلاء يتصرفون الآن بعصبية تقترب من الجنون، ويطالبون المحتل بالبقاء الأبدى أو تسليح مليشياتهم الإجرامية كي يقاتلوا بها شعبهم مرة أخرى. وهم على يقين أنهم أعجز من أن يحققوا نصرا، ولكنهم يخشون يوم الحساب فى الدنيا قبل الآخرة. فهناك أنهار الدماء التي سفكت وتلطخت بها أيديهم، وهناك ثروات واسعة من الأرض والعقارات لا يمكنهم حملها والفرار بها خارج البلاد كما يفعلون كل يوم بتهريب أموالهم عبر المطارات تحت أعين المحتلين.
الجيش الأمريكى يخوض معركة تبدو أنها الأخيرة في زمن الإمبراطورية. فالمكانة الأمريكية تهبط باضطراد ساحبة خلفها أوروبا. وبعد خروجها من أفغانستان لن تعود أمريكا هي “القوة العظمى الوحيدة” فى العالم، بل لن تصبح عظمى بالمرة، وعليها قبل كل شئ أن تتدبر أمر خروجها المشكوك فيه من (الهاوية المالية) التي تهدد وجودها بل وتهدد الكيان الحضاري للغرب المتوحش كله.
خروج الولايات المتحدة من أفغانستان أمر حتمي لا يناقشه أحد. وبعد خسارتها العسكرية الكبرى فإنها ترتب لنفسها انسحابا “مشرفا” بعيدا عن صورة الفرار والهزيمة، حفاظا لنفسها على شيء من الهيبة الدولية. وهى أيضا تبذل قصارى جهدها للإمساك بما يمكن الحفاظ عليه من مكاسب فى أفغانستان، بحيث يخرج الجيش الأمريكى وتبقى المصالح الأمريكية مصانة ومستمرة، تحت سيطرة نظام أجير موالى لها.
العقبة الكبرى أمام الولايات المتحدة تتمثل فى حركة طالبان التي تصر على انسحاب كامل وحقيقي لجيوش الاحتلال، بدون أية مكاسب يحتفظ بها فوق أرض أفغانستان. هذا بينما يستر الأمريكان عار هزيمتهم بإدعاءات الانتصار وأنهم ينسحبون بعد إنجاز المهمة كما فعلوا قبلا فى فيتنام. وقبل هروبهم الكبير من أفغانستان يعلن جنرالاتهم أنهم حققوا نصرا في مغامرتهم الفاشلة، وذلك في تطبيق جديد لنفس قاعدتهم الشهيرة: ” أعلن أنك انتصرت.. ثم انسحب “.
وبعد فشل الطائرات الأمريكية وشتى أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وشتى جرائم الحرب التى سودت وجه أمريكا في العالم أجمع، لا تجد أمريكا بين يديها أمضى من الحرب النفسية. وفى مقدمة أدواتها تأتى الإشاعة التى تفرق الصفوف الداخلية للمجاهدين، وتفكك صفوف الشعب، وتضرب العلاقات والثقة بين الجميع. فعلى مدار الساعة تطلق الإشاعات ويعاد تكرارها من مصادر شتى حتى تبدو وكأنها حقيقية لا تقبل الجدل.
وكثيراً هى الاشاعات الأمريكية التي تعلقت بموضوع ” المفاوضات”. فأمريكا تحت وطأة ضربات المجاهدين وتحت وطأة وضعها الداخلى المتأزم ليس أمامها غير طريق الانسحاب. والإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارها بالفعل، والبحث الجاري هو حول جدول تنفيذ ذلك الانسحاب. ومعنى إتمام الانسحاب بدون مفاوضات أو اتفاق سياسي مع المقاومة الجهادية يعنى أنه انسحاب غير مشروط ناتج عن فشل عسكرى كامل وهزيمة في الحرب.
حركة طالبان التى تتولى قيادة الحرب الجهادية الظافرة تصر على نفس شرطها المبدئي وهو (الانسحاب أولاً) بدون قيد ولا شرط، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث. فالعلاقات بين الإمارة الإسلامية وباقى دول العالم سوف يتم تنظيمها طبقا لرؤية سياسة متماسكة ترسم مستقبل البلاد في المرحلة القادمة، بما يتناسب مع القيمة العظمى لأفغانستان كقوة معنوية ومادية تمكنت بالفعل من تغيير الموازين الدولية بشكل كامل لمرتين متتاليين فى أقل من نصف قرن.
تلك حقيقة ساطعة لن تتمكن الولايات المتحدة من حجبها أو عرقلتها بأي وسيلة مهما كانت: عسكرية أو سياسية أو حرب نفسية أو إشاعات تافهة.
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم…. ولن يستطيعوا.