حوار الشرق الأوسط مع المتحدث باسم الإمارة الإسلامية ذبيح الله مجاهد
أجرت صحيفة الشرق الأوسط حواراً مع المتحدث الرسمي باسم إمارة أفغاستان الإسلامية (ذبيح الله مجاهد) حول عدد من المواضيع والقضايا الأخيرة على الساحة الأفغانية، وفيما يلي نص الحوار:
■ ماتعليقكم على دعوة الرئيس الأفغانى طالبان لبدء “محادثات جدية” مع كابل؟ وهل هناك من أمل من الجلوس على طاولة المفاوضات مع حكومة الرئيس أشرف غنى مستقبلا؟ وما تعليقكم على جلوس طالبان للتفاوض مع المبعوث الأمريكى زلماى خليل زادة ورفضكم ذلك مع أشرف غنى وهو بشتونى وسنى مثلكم؟
الجواب: أكدنا مرارا اننا لانعترف بإدارة كابول كنظام رسمي ممثل لارادة الشعب الأفغاني ولا نريد أن نتفاوض معها فيما لايملك صلاحيتها، لذلك اجرينا المفاوضات مع الأمريكان بشان انهاء الاحتلال.
كما أن العبرة هى بالإنتماء الحقيقى إلى الإسلام وليس بالإنتماء لمذهب أو عرقية معينة. فالإنتماء الحقيقى للدين يترتب عليه عدم مظاهرة الكافرين المحتلين فى إحتلال بلاد المسلمين لسفك دمائهم وسرقة ثرواتهم ونشرالرذيلة بين الناس وفتح المجال لتنصير الفقراء بدعوى مساعدتهم. فالإسلام هو إقرار باللسان يصدقه العمل بالجوارح.
أما عن جلوس مندوبي الامارة مع المبعوث الأمريكى زلماى خليل زاد فهو جلوس مع ممثل أصيل عن الإحتلال. أما أشرف غنى فهو ظهير محلى لذلك الإحتلال وحاكماً وضعه المحتل فوق رقاب الشعب ليحكمه نيابة عنه. لذلك فهو ونظامه مشكلة فرعية أفغانية يأتى حلها بعد رحيل المشكلة الأصلية التى هى الإحتلال، وسنعمل على حلها بأيسر ما هو متاح من وسائل متعارف عليها بين الأفغان.
■ شاهدنا صور جنود الإمارة فى عيد الأضحى فى حالة إنسجام وسعادة بالغة مع جنود الحكومة وأبناء الشعب..هل يمكن أن يتكرر ذلك بين مسئولى طالبان والحكومة يوما ما؟
الجواب: الجنود هم من أبناء الشعب الفقراء، دفعهم الجهل والفقر إلى الإنخراط فى الجيش سعيا وراء الرزق. وملأ المستعمر وعملاؤه أذهان هؤلاء بشتى الأكاذيب والدعايات المغلوطة حول طالبان. وكانت هدنة العيد فرصة لهؤلاء الجنود للتعرف المباشر على أخوانهم المجاهدين من طالبان. وقد كانت تجربة مفيدة للغاية حيث أكتسبنا تعاطف معظمهم، وتعاون الكثيرين منهم فيما بعد.
أما مسئولى الحكومة العميلة فهم من المثقفين الذين تأثروا بالفكرالغربي، وقد إنضموا إلى المستعمر ووضعوا أنفسهم فى خدمته طمعا فى الأموال والمناصب العالية.
وقد كان ذلك عن علم تام بحقائق الأمور، لذا ينتفى عنهم العذر بالجهل.
ولكن إذا رجعوا عن غيهم وتابوا عن جرائمهم فمن الطبيعى أن تتغير معاملتنا معهم. فتزول الخلافات تلقائيا، وتكون أحكام الشريعة الإسلامية هى التى نخضع لها جميعاً.
■ قال المبعوث الأمريكى خليل زاد فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز فى كابل الإثنين: “لدينا مسودة إطار عمل يجب أن إتمام العمل على تفاصيلها قبل أن تصبح إتفاقا”، مضيفا: “طالبان تعهدت، وهو ما يرضينا، بأن تفعل ما هو لازم للحيلولة دون أن تصبح أفغانستان منصة لجماعات أو أفراد منخرطين فى الإرهاب الدولى”
الجواب: مفاوضاتنا جارية مع الأمريكان، الجانب الأمريكي ابدى استعداده لإنهاء الاحتلال، ونحن من جانبنا طمئناهم ان بلدنا لم يكن تهديدا لأحد يهدد أمنه.
■ هل هناك نقاط شائكة بين الطرفين تتعلق بوقف إطلاق النار وجدول زمنى لإنسحاب القوات الأجنبية إضافة إلى تبادل المعتقلين وضمان عدم السماح بملاجئ آمنة للمتمردين فى أفغانستان
الجواب: لدينا مطلب أساسى وهو رحيل قوات الإحتلال عن بلادنا. وكذلك الأسرى الذين سجنتهم القوات الأجنبية ظلما وعدوانا نريد اطلاق سراحهم.
افغانستان ليست تهديدا لأحد ولايسمح الأفغان لأحد أن يجعل أفغانستان تهديد للاخرين، من جانبنا لم يبق شيئا لم يحل، لكن على الأمريكان ايضا مسؤلية انهاء الاحتلال، وعدم حماية داعش التي تضر بأمن بلدنا وأمن المنطقة..
■ المراقبون فى الغرب يسألون عن سبب زيادة زخم عمليات حركة طالبان وهجماتها على القوات الحكومية فى الأشهر الأخيرة؟
الجواب: سبب زيادة زخم عمليات الامارة الاسلامية هو ممارسة المزيد من الضغط على الإحتلال حتى يرحل.
والقوات المحلية العميلة هى القوة الضاربة الأساسية فى يد الإحتلال، وهى رأس الرمح فى جميع عملياته العدوانية على المدنيين فى القرى والمدن، ولهذا ينالها النصيب الأكبر من ضربات المجاهدين.
ومع ذلك فخسائر الإحتلال فى الأرواح والمعدات تعتبر عالية قياسا إلى عدد قواته المنخفض، وتجنبه للمواجهات الأرضية المفتوحة مع قواتنا.
وهناك أيضا الميليشيات العميلة، ومجموعات داعش الملحقة بجيش الإحتلال، وهناك جيش كامل من المرتزقة الأجانب يفوق تعداده ضعف تعداد القوات الأمريكية نفسها. وجميعها تتعرض لهجمات المجاهدين بإستمرار.
■ هل تلقيتم مساعدات من الدول المجاورة وسط أنباء أن علاقاتكم مع إيران قد تحسنت بصورة كبيرة؟
الجواب: نحن ندعو جميع الجيران وجميع المسلمين أن يدعموا جهاد شعب أفغانستان ضد الإحتلال الأمريكى الغاشم، كما دعموا جهاده ضد الغزو السوفيتى سابقا.
ولا شك أن هناك تقصيرا شديدا فى هذا الجانب. ونحن ندعو الجميع إلى مراجعة مواقفهم، وتغييرها بما فيه مصلحة المسلمين ومصلحة سكان المنطقة جميعا. نعم لقد تحسنت علاقاتنا مع جميع دول الجوار ودول المنطقة، ضمن تقدم غير مسبوق فى علاقاتنا الخارجية.
■ على الأرض تقريبا.. كم مساحة الأراضى والولايات التى تسيطرون عليها من مجموع أراضى أفغغانستان؟
الجواب: نحن نسیطر على معظم أراضى أفغانستان، ومجاهدينا فى كل مكان بما فى ذلك العاصمة وداخل مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة. بالنسبة للأرقام فإن العدو يزيع أرقاما ثم يتراجع عنها طبقا لإحتياجات حربه النفسية ضد شعبنا ومصالح عملائه فى الداخل وجنوده فى الميدان. ونحن لن نخوض فى صراع أرقام. بل نقر حقيقة واقعة تبرهن عليها عملياتنا العسكرية التى لا تستثنى مكانا على أرض أفغانستان.
■ هل تلقيتم مزيدا من الدعم من باكستان أو أطراف أخرى خلال الشهور الماضية؟
الجواب: دعمنا واجب على جميع المسلمين لأننا نخوض معركة الإسلام فى أفغانستان ضد أعتى عدو للمسلمين، الذى يحتل أفغانستان وعدة دول إسلامية أخرى، ويدعم إحتلال اليهود لفلسطين ويقيم سفارته فى القدس الشريف فى تحدى سافر لمليار مسلم.
وخارج الأرقام.. أين هم المسلمون من دعم إخوانهم فى أفغانستان وفلسطين؟. فما قدموه لهم هو أقل القليل. وعليهم أن يقدموا دعما هو لمصلحتهم أولا وأخيرا، فى الدنيا والآخرة.
■ لماذا أخترتم قطر لعقد اللقاءات مع الجانب الأمريكى وليس السعودية أو الإمارات؟
الجواب: عقدنا إجتماعاً فى الإمارات. ولكن مكتبنا السياسى موجود فى قطر وهذا ما يجعل أكثر اللقاءات تتم هناك.
■ أرض الحرمين الشريفين هل هى مرشحة للتوقيع النهائى على صفقة إنهاء الحرب فى أفغانستان؟
الجواب: أرض الحرمين هى شرف كل مسلم لو دعت الحاجة إلى ذلك وتم اتفاق الجانبين به يمكن الجلوس في السعودية ايضا، لكن متى يكون ذلك؟ لا نعلم منه شيئا…
■ هل الأمر يستدعى مزيدا من التفاوض بشأن مسألة توقيت وقف إطلاق النار التى تبدو كحجر عثرة فى جولة المحادثات القادمة فى 25 فبراير. وهل فعلا كما يتردد تطالبون بإنسحاب بإنسحاب كامل قبل وقف إطلاق النار؟
الجواب: طالما هناك جندى محتل واحد فوق أرض أفغانستان فجهادنا مستمر. أما بالنسبة لوقف إطلاق النار فإن المسألة ليست حول التوقيت، بل حول المبدأ. فإذا توقف إطلاق النار فإن العدو لن يخرج أبدا من أفغانستان، وسوف يصبح التفاوض عملية لا نهائية حتى تخمد جذوة الجهاد.. ولاجل هذا نحن نصر علی انسحاب القوات المحتلة قبل کل شیئ.
■ هل الشيخ ذبيح الله يشعر بالتفاؤل لقرب إنتهاء الحرب المستمرة من منذ 17 عاما فى أفغانستان؟
الجواب: نعم نحن نشعر بالتفاؤل والثقة فى وعد الله لعباده المجاهدين بالنصر على أعداء الدين. وذلك جزء من الإيمان وحسن الظن بالله. وفى بداية العدوان الأمريكى على شعبنا قال الملا محمد عمر، رَحْمَة الله عليه: ( إن أمريكا وعدتنا بالهزيمة والله تعالى وعدنا بالنصر فلنرى من يكون أوفى بوعده ). وقد صَدَقَنا الله وعده فى جهادنا ضد السوفييت، وهو الآن سبحانه وتعالى ينجز لنا وعده فى جهادنا ضد الأمريكيين.
■ هل تقبلون بوساطة إيرانية مع الحكومة الأفغانية؟
الجواب: بعد خروج الإحتلال فإن المشاكل الداخلية، بما فيها مشكلتنا مع الحكومة الحالية لأفغانستان، ستكون شأنا داخليا بحتا، لا يحتاج إلى وساطة من أحد. فللشعب الأفغانى آليات تقليدية لحل مشاكله الداخلية وهى دائما فعالة بشرط أن يتوقف التدخل الخارجى.
■ ماذا سيكون موقفكم اذا ما قررت إيران نقل مليشيا فاطميون إلى أفغانستان؟
الجواب: اولا لم نلمس شيئا من هذا القبيل الى الان، ثانيا الإمارة الإسلامية لا تقبل بوجود تنظيمات داخلية مسلحة تكون خارج المنظومة الشرعية للدفاع، والتابعة للإمارة الإسلامية. ولا تسمح بوجودها فی افغانستان.
■ الاوساط المقربة من الحكومة الأفغانية تقول أن إيران لا تمانع من حضوركم فى مناطق غرب أفغانستان بهدف الحصول على مطلبها من مياه نهر هلمند؟
الجواب: الحكومة العميلة لا تتوقف عن إطلاق الأكاذيب والشائعات، فذلك هو الشئ الوحيد الذى يمكنها فعله. فجميع جيران أفغانستان يرحبون بوجود قوات الامارة على الحدود أو قريبا منها. فنحن نعمل فوق أراضينا ولا نهدد سلامة الجيران.
■ الرئيس الإيرانى السابق قال أن طهران قدمت خدمات لوجستية لقوات التحالف للقضاء على حكم طالبان، أنتم كيف ترون دور إيران طيلة السنوات الماضية؟
الجواب: كثيرا من الدول من فتحت أراضيها وموانئها ومطاراتها لقوات الإحتلال يستخدمها فى حربنا.
بل هناك دول شاركت على الأرض إلى جانب قوات الإحتلال لقمع جهاد شعب أفغانستان وقتل اخوانهم من المسلمين الافغان.
لكننا نتمنى أن نفتح صفحة جديدة مع الجميع، وأن تثبت الأفعال وليس الأقوال أن ذلك الماضى المظلم قد طويت صفحته، وأن صفحة جديدة مشرقة بدأت بين أفغانستان وجميع الجيران ودول العالم.
■ طهران تقول أن الخارجية الإيرانية أجرت مفاوضات مع وفد طالبان، كيف كانت طبيعة تلك المفاوضات؟
الجواب: الامارة الاسلامیة هى واقع أفغانى يستحيل تجاهله، كما أن أحدا لا يمكنه إختيار جيرانه أو إستبدالهم. ولجميع دول المنطقة مصالح واحدة يجب العمل على رعايتها وتنميتها..
وتلك كانت طبيعة المفاوضات فى طهران وفى غيرها.
■ فى ايران هناك من يعتقد أن الإنسحاب الأمريكى يمكن أن يزيد خطر الحرب على إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التى تعمل على إعادة نشر قواتها فى الخليج. كيف تنظرون إلى شبح الحرب بين إيران وأمريكا؟
الجواب: وجود الإحتلال الأمريكى فى أفغانستان کما هو خطر لافغانستان فی نفس الوقت خطر لجميع دول المنطقة. وبالتالى فإن خروج الإحتلال يرفع ذلك الخطر ويجعل الوجهة الأفغانية آمنة بالنسبة للکل.
ونعتقد أن نشوب حرب بين أمريكا وإيران هو أمر مستبعد فى المستقبل القريب أو حتى المتوسط. فالمجهود الأمريكى الحقيقى هو لإسقاط النظام فى إيران من الداخل بمساعدة ضغوط خارجية وليس بالحرب المباشرة التى لن يستطيع أحد السيطرة على مجراها إذا إندلعت.
■ بنسبة كم في المائة أنتم واثقون من جدية العروض الأميركية في الإنسحاب من أفغانستان؟
الجواب: نحن على ثقة بنسبة ألف فى المئة من أن الله سبحانه وتعالى سينصرنا على هؤلاء الكافرين الطغاة. فالله سبحانه لا يخلف وعده أبدا، وهو وعدنا بالنصر وتوعدهم بالهزيمة.أما ثقتنا فيهم فهى معدومة. وكيف يكون لنا ثقة فيمن قتل مئات الألوف من أبناء شعبنا ودمر قرانا وشرد عائلاتنا، وأذاق الآلاف من أسرنا كأس الهوان والذل والتعذيب؟
سيخرجون منهزمين رغما عن أنوفهم. فهم أعلنوا حربا على الله قبل أن يعلنوها على شعب أفغانستان وغيره من شعوب المسلمين والعالم.