حوارات وتقارير

حوار حول حقيقة الصراع الفكري والثقافي في افغانستان

قرائنا الأكارم! 
(حقيقة الصراع الفكري والثقافي في افغانستان) عنوان حوار أجریناه مع الشیخ أبي محمد أمین البلوشي حفظه الله، أحد شخصیات البارزة في مجال الدعوة والتعليم، والذي زار مؤخرا بعض الجبهات القتالية في أفغانستان وبعد تطلعه للشعب الأفغاني عن كثب لا عن كتب یبیّن إنطباعته عن النظام التعلیمي الحالي، والموجة اللادینیة التي تجتاح هذا البلد المنكوب، وش

قرائنا الأكارم! 
(حقيقة الصراع الفكري والثقافي في افغانستان) عنوان حوار أجریناه مع الشیخ أبي محمد أمین البلوشي حفظه الله، أحد شخصیات البارزة في مجال الدعوة والتعليم، والذي زار مؤخرا بعض الجبهات القتالية في أفغانستان وبعد تطلعه للشعب الأفغاني عن كثب لا عن كتب یبیّن إنطباعته عن النظام التعلیمي الحالي، والموجة اللادینیة التي تجتاح هذا البلد المنكوب، وشاهد أنّ هنالك صراع فكري بین الفكرة الإسلامیة والقیم الإسلامیة، والفكرة الغربیة والقیم الغربیة. فإلیكم الآن نصّ هذا الحوار المفرغ من الشریط:
عطاءالله البلوشي


الصمود: بدایة نشكركم علی اتاحتكم لنا هذه الفرصة حتی نتحدث عن موضوع هام في غایة الأهمیة وهو أفغانستان والوضع العلمي والدراسي فيها تحت حكم الاحتلال، فنرجو من سماحتكم استعراض أهمیة الموضوع والتعلیق علی ما قلت!
الشيخ ابو محمد: الحمد لله رب العالمین، والعاقبة للمتقین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد وآله وصحبه أجمعین. وبعد؛
انا أشكركم كذلك علی اتاحتكم هذه الفرصه الذهبیة حتی نتحاور حول أحد البلاد الإسلامیة النابضة غیرة وإیماناً وحناناً أعني أفغانستان التي یعبر عنها العلامة اقبال لاهوری رحمه الله بالقلب النابض للعالم الإسلامي في شعرٍ له.
كما تعلمون إننا نواجه معارك عدیدة من قبل الأعداء لا سیماً الغرب وأذنابه الذین یتآمرون علی الإسلام ومبادئ الإیمان، ویسعون لتجفیف جذور الإیمان من قلوب الفحال؛ أبرزها وأظهرها هي المعركة العسكریة التي تقودها الأمریكان مع حلفاءها وأذنابها علی ثری أفغانستان الحبيبة.
كما لا یخفی أنّ المجاهدین الأفذاذ قاموا في وجههم قیام الأبطال، لكنّ هنالك صراعاً فكریاً؛ بل معركة فكریة في عبارة أصح في جمیع أقطار أفغانستان في هذا الوقت، نحن نستطیع أن نسمیه صراعاً ومعركة بین الأفكار والقیم الإسلامیة، والأفكار والقیم الغربیة، فهي المعركة الحامیة الحاسمة الحقیقیة التي تخوضها أفغانستان الیوم، وهي التي ستقرر مصیرها في الغد القریب.
وهذا الجانب جانب خطیر علی مستقبل أفغانستان لایحتمل التغافل والتغاضي والتقاعس، وأنّ من الحقائق المحققة أنّ أي أرض وقطر إندلعت فیها هذه المعركة الشعواء لا تجد فیها مكاناً للأفكار الإسلامیة والقیم الدینیة إلا أنّ تزدهر فیها القیم الغربیة وأنّ تتبع هذه البلاد الدول الغربیة شراً بشبرٍ وذراعٍ بذراع.
قبل أن ندخل في صمیم مواجهة لهذا الغزو الخبیث یجب أن تعلم أنّ العالم الإسلامي قد واجه الغرب وخبرته
وتقنيته بمواقف ثلاثة كما تلي:
الأول منها وقعت صدام شدید بین البلاد الإسلامية والغرب وزعموا أنّ الغرب نجس فلا تقربوا بعد بهم.
والثاني منها زعموا بأن نقبل الغرب بجمیع ما فیها من الیابس والرطب والحلو والمُرّ والخبیث والطیب، وهؤلاء اتخذوا الغرب كإلهٍ یجب أن یعبد كـ “طه حسین” بمصر، و”كمال آتاترك” في تركیا، وبعض من الزعماء الأفغان من العلمانيين السابقين. 
الثالث: هؤلاء الذین قالوا نحن ملّة وسطیة نأخذ من الغرب ما صفی وندع ما كدر، وبعیون تبصر وآذان صاغیة، ولسان قائل. 
فنقاتل معاییرهم التي تخالف معاییر الإسلام ومبادئ القرآن بالسیف والقلم، وبالنار والحدید.
والحال في أفغانستان الیوم واضح للجمیع خصوصاً لمن ألقی السمع وهو شهید.
إنّ الإعلام، والتعلیم، والسیاسة كلها بید رجالٍ هم نشئوا في أحضان الغرب ورضعوا بلبان حبّ الغرب حتی أشربت في قلوبهم. 
إنهم یقبلون الغرب وتعالیمه حتی یفضلون الغرب علی الإسلام، صمٌّ بكمٌ عميٌ لا یعقلون، إنهم كالدوابّ بل هم أضلّ، إنهم فئة جاء بهم الغرب علی منصّة الزعامة في أفغانستان، وبیدهم الإعلام والسیاسة والإقتصاد وإدارة التعلیم.
الصمود: كیف ترون الشعب الأفغاني المسلم الأبي الذي لم یزل كان من دیدنه والی الآن أن یكافح المعاندین شرقاً وغرباً الذین أرادوا أن یغیروا علیهم دینهم وعقیدتهم السمحاء؛ فهل تقبل أفكار ساستها المسمومة النتنة حالیاً؟ أم كیف؟؟
الشيخ أبو محمد: من الواضح لكل شخص أنّ الشعب الأفغاني مازال متمسكا بالإسلام رغم محاولات الأعداء بتحريف افكارهم ورغم دعایاتهم بتحرر الأفغان من قیود الدین، والعقيدة وحبهم للغرب وتقاليده الباطلة إلا أن الشعب الأفغاني مازال بفضل الله وعونه متمسكا بعقيدته ووفيا لتقاليده الاسلامية الأصيلة .
والآن نذكر هنا جملة من أسالیب الغزو الفكري التعلیمي في أفغانستان؛ 
یقول الأستاذ عبدالرحمن حسن حبنّكة المیداني في كتابه الجلیل “غزوٌ في الصمیم” « إنّ الغرب في مسار الغزو التعلیمي إمّا یغیّر فحوی الكتب ومحتویاته وإمّا یغیّر أسلوب إلقاء الدروس».
وأما في أفغانستان حتی الآن ما غیّروا محتویات الكتب لكن قد غیّروا أسلوب إلقاء الدروس، فنقول أسلوب إلقاء الدروس في أفغانستان، أسلوب غربي بحت؛ تأتي الفتاة المعلمة بزینة فاخرة وتجمیل شدید والتأنق في الملابس الضیقة، حيث تقوم بتربية الطلاب تربية غير اسلامية بحركاتها ونشاطاتها الدراسي.
وحقیقة أخری في هذا المضمار أنّ كثیراً من المعلمین والذین یعملون في إدارة التعلیم هم أولئك الذین ربّاهم الإتحاد السوفیاتي فهم العدوّ فاحذرهم، ولايستحقون ابدا أن يقفوا امام الطلاب بصفة الاساتذة.
الصمود: ما دور الإعلام في تثقیف الشعب الأفغاني ثقافة غربیة لا دینیة؟
الشيخ ابو محمد: هذا الجانب جانب لا یحتمل التغافل والإهمال؛ فإنّ وسائل الإعلام كثیرة لا تعد ولا تحصی .. التلفاز في جمیع البیوت، الجرائد والمجلات الماجنة، والأفلام الخليعة تخاطب الصغار والكبار بید أنّ هدف الأفلام الوحید نشر الإباحیة، واللادینیة في الشعب الأفغاني.
أضرب لكم مثلاً: إنّ قناة “طلوع” تبث برنامجاً بإسم “ستاره أفغان” (أي نجم الأفغان) في طي هذا البرنامج تعرض الفنان والفنانات الأشعار التافهة، والفنانات الأفغانیات لابسات أحدث الزي الغربي والموضة الغربیة الحدیثة، ضغثاً علی إبّالة یكتسبن جوائز ملیونیة تجاه شعر تافه.
وهذه البرامج تساعد من قبل أكبر شركات المخابراتیة كشركة “روشن”.
ومن یشاهد هذه الأفلام والبرامج یتیقن بأنّها برامج هادفة هدّامة مخرّبة ومروجة الفكرة الغربیة التي تسوق الشعب
الأفغاني نحو اللادینیة والدمار.
وبصرف النظر عن هذه التفاصیل والشواهد یسعی الفنانون والفنانات الأفغانیة إصالةً والغربیة فكرةً واللادینیة عقیدةً من خلال برامجهم وأشعارهم بإشارة زعمائهم الغربیین فصل الدین عن السیاسة وجعل الدین بمعزلٍ عن العالم وأحداثه، ویزعمون أنّ الدین أمر شخصي من شاء فلیؤمن ومن شاء فلیكفر – معاذ الله – 
وخیر شاهد علی قولنا حضور الفنانات في المسجد وأدائهن بعض الركعات أمام عدسة الكامیرا علی شاشة التلفاز!
الصمود: كیف یمكن مكافحة هذا التیّار الغربي الفكري الجارف؟
الشيخ ابو محمد: الأول: بالإتحاد بین علماء أفغانستان.
الثاني: إحداث القنوات الفضائیة والتلفاز لعرض القیم الإسلامیة مع مراعات الحقوق الإسلامیة، والآداب الدینیة دون أيّ مجون وفجور بكل نزاهة والوئام.
الثالث: الإستفادة من خبرة الإعلامیین الإسلامیین في هذا المجال.
الرابع: تثقیف الشعب الأفغاني عبر المنابر والمساجد.
الخامس: بیان مضار التلفاز الأفغاني الحالي التي تنفث السموم في العقیدة وقلوب الشباب الأفغاني.
السادس: إعداد المجلات الإسلامیة برئاسة العلماء بلغات الحیّة علی صعید أفغانستان.
الصمود: في هذه المدة التي زرتم أفغانستان كیف رأیتم مكانة العلم لدی الأفغان؟
الشيخ ابو محمد: حقیقة إنّ الشعب الأفغاني أبصر العالم الجدید من جدید، وأبصر العلم والتكنولوجیا من جدید، ینظر الی الشریعة الإسلامیة بكل ظمإ وعطش بالغین، والعلة في هجرة كثیر من أبناء هذا الشعب هو طلب العلم بغض النظر عن طلب المادیة.
الصمود: كیف السبیل لإشاعة العلم بین الشعب الأفغاني؟ هل من طریق إحداث الجامعات أم الإعلام أم ماذا؟؟
الشيخ ابو محمد: كلّ هذا مطلوب بدوره وفي مكانته وفي عصره ووقته ویجب أن نشیر في هذه العجالة أنّ الشعب الأفغاني عریق في الدین عریق في العلم لایستبدل بدینه أي شئ آخر. 
نری كثیرا من الشباب یساهمون في حلقات تحفیظ القرآن وتعلیم الفقه وتعلیم الحدیث.
الصمود: أخیرا؛ ماهي رسالتكم الی الشعب الأفغاني؟
الشيخ ابو محمد: قبل كل شيء أسدي بالشكر والثناء لإخواننا المجاهدین الذین قاموا في وجه الأعداء خیر قیام ممّا یبعث علی الأمل لمستقبل أفغانستان حیث ضحّوا بأهلهم وبنیهم وأموالهم ونفوسهم الكریمة في هذه الساحة المباركة الحاسمة.
نعم؛ أیها الشعب الأفغاني الغالي تعرّفوا علی أنفسكم ومكانتكم وتعرّفوا علی العدوّ وفكرته ومكیدته، ولاتغتروا بهاء الغرب الزائف وبهرجته.
واعلموا أنّ الغرب لا یأمل بإسعاد البشریة أبداً أبداً أبداً.
إنّ الغرب عدوّ لعقیدتنا، وللإنسانیة فلنبلغ هذا كابراً عن كابر، أباً عن جدّ.
نحن أمّة ذات رسالة سماویة وكتاب سماوي ونبینا خاتم الأنبیاء. 
وأمّا رسالتي الی إخواني المجاهدین: إن أمریكا ستغادر أفغانستان فالشعب الأفغاني ناظرٌ كیف نعمل في المستقبل القریب، فمهمّتنا الأولی تكوین الرجال في جمیع المیادین، ونأمل بلداً راقیاً جدّاً ؛ لأنّ دیننا لا یخالف التقدّم بل یدعو الی تقدّمٍ هادفٍ كما یقول سبحانه وتعالی: « وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60)» {سورة الأنفال}.
فیكون لنا رجال اذكياء في شتی المجالات.
وسبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لاإله إلا انت استغفرك واتوب إليك .
والسلام عليكم ورحمت الله وبركاته .

Read more http://www.shahamat-arabic.com/index.php?option=com_content&view=article&id=23137:2012-11-23-16-09-43&catid=5:interweivs&Itemid=8

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى