حوارات وتقارير

حوار صحيفة “الشرق الأوسط” مع المتحدث باسم إمارة أفغانستان الإسلامية ذبيح الله مجاهد

أجرت صحيفة “الشرق الأوسط” حواراً مع المتحدث الرسمي باسم إمارة أفغانستان الإسلامية الأخ ذبيح الله مجاهد حول عدد من القضايا والملفات على الساحة الأفغانية، وفيما يلي نص الحوار:

 

الشرق الأوسط: ما موقف الحركة من عملية السلام بعد مقتل أختر منصور؟

ذبيح الله مجاهد: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.

أولاً إن تعامل الإمارة الإسلامية مع قضايا المصالحة والمفاوضات يكون بموجب رؤية الإمارة، ولا علاقة لذلك بوجود شخص أو عدم وجوده.

وإن موقفنا تجاه المفاوضات واضح جداً، وهو أن الإمارة الإسلامية تقود الجهاد ممثِلة لشعبها المسلم، وبصفتها جهة مسؤولة فإنها تتعهد بالوفاء بمسؤولياتها والتزاماتها في الميادين العسكرية والسياسية، وهي تحرير أراضيها من المحتلين وإقامة الحكومة الإسلامية فيها والتي يرتضيها المواطنون المسلمون ويضحون لأجل قيامها. وإن أي طريق يحقق ذلك فإن الإمارة الإسلامية تمتلك له خططاً محكمة.

 

الشرق الأوسط: هل استهداف الملا منصور (يرحمه الله) جاء بتعاون أمني بين إيران وأمريكا، خصوصاً بعدما تردد أنه كان قادماً من إيران؟ 

ذبيح الله مجاهد: إن تحقيقاتنا لا زالت جارية حول الأمر، واستنتاجنا حتى الآن هو أن الأمريكان -إلى جانب تواجدهم العسكري في المنطقة- لهم حضور استخباراتي مكثف فيها.

إن الإمارة الإسلامية وبالتحديد الشهيد منصور -رحمه الله- لم يكن له أي مشكلة مع دول المنطقة بما فيها الدول المجاورة، بل كان يتمنى إيجاد موقف موحد في المنطقة تجاه الاحتلال، فلا نستطيع أن نتهم أحداً بالتعاون مع أمريكا في استهداف الأمير منصور -رحمه الله- بدون شواهد موثقة.

 

الشرق الأوسط: ماهي طبيعة العلاقة بين إيران وطالبان؟ 

ذبيح الله مجاهد: إن الحقيقة الواضحة أن خطر استمرار الاحتلال الأمريكي لأفغانستان هو تهديد أكبر لجميع المنطقة، تتضرر منه الصين وروسيا وإيران وباكستان وسائر دول المنطقة، وتبقى المنطقة تحترق في أتون الحرب المدمرة. ونحن نعتقد أنه لو ساد في المنطقة فكر يتسبب بهزيمة أمريكا وفضيحتها في أفغانستان، لكانت هذه خطوة جيدة، ولكن حتى الآن ليس لنا بشكل رسمي أي اتفاقية لا مع إيران ولا مع أي أحد.

 

الشرق الأوسط: هل الحركة تنسق مع طهران لمحاربة داعش في أفغانستان؟ 

ذبيح الله مجاهد: خلال مقاومة الإمارة الإسلامية الجهادية والتي استمرت لخمسة عشر عاماً لم يوجد أي تنسيق استخباراتي ولاعسكري بين الإمارة الإسلامية والدول المجاورة أو غيرها، لكننا نتوافق مع التعاون أو الفكر الذي يؤدي دوراً إيجابياً في مواجهة الإحتلال الأمريكي وإحباط مخططاته الإستخباراتية، ما دام ذلك لا يصادم ثوابتنا الإسلامية العليا ومصالحنا الوطنية.

 

الشرق الأوسط: ماهو حجم البيعة للملا هبة الله من قبل  قادة طالبان؟ وهل المُلا رسول المعارض لاختر منصور بايع الزعيم الجديد؟ 

ذبيح الله مجاهد: لعلكم تعلمون أن الإمارة الإسلامية هي تيار عقائدي وأديولوجي، وأيما جماعة هذا شأنها فلن تكون هناك مشكلة بينهم على القيادة، ولذلك لم يقع أي خلاف بين مجاهدي الإمارة الإسلامية في تعيين الزعيم الجديد ومبايعته، وقد سارع العلماء، والقادة الميدانيون، والمجاهدون، وعوام المسلمين إلى مبايعة الأمير الجديد، فحجم البيعة للأمير الجديد هو المائة في المائة.

وأما الملا محمد رسول فلا يُدرى حاله هل هو على قيد الحياة أم هو ميت؟ لم يره أحد، ولم يتحدث لوسائل الإعلام، فمن الممكن إما أن يكون أسيراً أو ميتاً.

 

الشرق الأوسط: هل يمكن ان تكشفوا للقارئ العربي عن شخصية الأمير الجديد الملا هيبة الله أخندزاده، هل هو المرجع الديني والفقيه الشرعي في حركة طالبان على مدى أكثر من عقد من الزمان؟

ذبيح الله مجاهد: إن زعيم الإمارة الإسلامية الجديد الشيخ هبة الله أخند زاده كما هو معروف بين المجاهدين بالعالم النحرير والأستاذ المشفق، كذلك له مكانة في قلوبهم بكونه شخصية قوية، وأميراً نبيلاً ومجاهداً صبوراً، ماضي العزيمة، ووفياً لثوابت الإمارة الإسلامية ومصالحنا الوطنية، ومنذ بداية الإمارة الإسلامية عاش حياة اختبارية محفوفة بالانجازات والنجاحات كشخصية فعالة في طريق هذه القافلة الجهادية.

 

الشرق الأوسط: ماهو موقف طالبان من تقارب حكمتيار مع الحكومة في كابل؟ 

ذبيح الله مجاهد: الإمارة الإسلامية منشغلة الآن بالمقاومة الجهادية ضد الاحتلال الأمريكي، وتعتبرها فريضة دينية ووطنية للشعب الأفغاني المسلم، وترحب بكل من يقف في وجه المحتلين ويؤدي مسؤوليته الدينية والوطنية. وعلى العكس من يلقي سلاحه أمام المحتلين وعملائهم تحت شعار السلام والمصالحة، ويسعى لإضفاء الشرعية على احتلالهم وعدوانهم تعدها الإمارة الإسلامية مبادرة مؤسفة ومحزنة.

 

الشرق الأوسط: هل المُلا هبة الله قادر على لم شمل طالبان المتشتتين من صفوف الحركة؟ 

ذبيح الله مجاهد: كما أسلفتُ أنه لا توجد أية خلافات وانقسامات في صفوف الإمارة الإسلامية، وقد التف جميع مجاهدي الإمارة الإسلامية حول الأمير الجديد وكلمتهم واحدة ولله الحمد.

أما بعض أولئك الأشخاص حادوا الطريق عن الإمارة الإسلامية ويشنون حربا دعائية ضد المجاهدين بمساندة من مخابرات إدارة كابول العميلة، فلا يُعتبرون أفراداً في الإمارة الإسلامية، وبالطبع لا يعتبر خلافهم خلافاً بين مجاهدي طالبان.

 

 الشرق الأوسط: يبدو أن عملية الربيع التي أطلقتها طالبان فشلت، ما الجديد عن هذه العملية؟ 

ذبيح الله مجاهد: إن العمليات العمرية التي أطلقتها الإمارة الإسلامية العام الجاري لم تفشل، بل إنها زلزلت العدو وأربكته أكثر من السنوات الماضية، وإن قادة الإمارة الإسلامية العسكريين يراقبون العمليات عن كثب، وهم على يقين أن الاستراتيجة العسكرية تتقدم بنجاح نحو الأمام وأنها أوصلت العدو إلى حالة سيئة، ولو دعت الضرورة إلى تغيير الخطط والتكتيكات الحربية، فستأتي التغييرات والتطورات الجديدة.

وستستمر هذه العمليات إلى عام، ولم يمض عليها الآن إلا شهران فقط، فوصفها بالفشل مع بداية انطلاقها ناتج عن فهم خاطئ، وإن شاء الله ستكونون شاهدين على إنجازات كثيرة خلال الفترة الباقية من وقتها.

 

الشرق الأوسط: هل لازال مكتب قطر الممثل الوحيد لطالبان؟ 

ذبيح الله مجاهد: نعم! إن كل إدارة انتخبت من قبل قيادة الإمارة الإسلامية تمثل الإمارة الإسلامية ما لم تتخذ القيادة أو الشورى القيادي قرار عزلها أو تقليص صلاحياتها. ومكتب قطر هو المكتب الممثل للإمارة الإسلامية في الشؤون السياسية بأوامر من القيادة، ويمثل الإمارة الإسلامية بناء على الصلاحيات التي منحت له.

 

الشرق الأوسط: ما موقف طالبان من قتل المدنيين، خصوصاً ماحصل مؤخراً من عمليات قتل وخطف للمسافرين في كندز؟ 

ذبيح الله مجاهد: إن الإمارة الإسلامية قامت بتشكيل لجنة مستقلة لمنع خسائر المدنيين تسعى إلى منع وقوع الخسائر في صفوف المدنيين وإلى دفع الأذى عنهم.

إن الإمارة الإسلامية تعتبر إضرار الأبرياء المدنيين جريمة إنسانية لا تقرّها الشريعة الإسلامية، وللأسف أن المحتلين ارتكبوا أمثال هذه الجرائم بشكل مكرر ولا زالوا يرتكبونها.

وأما الذين اُلقي القبض عليهم في كندز، فقد كانوا من جنود إدارة كابول، حيث قام المجاهدون بأسرهم بعد معلومات استخباراتية دقيقة وشواهد موثوقة، وقد أُفرج عن المدنيين بعد التعرف عليهم فوراً.

 

الشرق الأوسط: ماهي علاقة طالبان بروسيا؟    

ذبيح الله مجاهد: إن الإمارة الإسلامية تطمح إلى إقامة علاقات طبيعية مع دول المنطقة والمجاورة بما فيها روسيا، وخاصة مع الدول التي تعارض الإحتلال والتواجد الأمريكي في أفغانستان والمنطقة في الأوضاع الحالية، ففي العلاقات الطيبة واتخاذ موقف موحد حول مسألة ما، خير للجميع، ولكن لحد الآن ليس لنا أي اتفاقية مع أحد بشكل رسمي.

 

الشرق الأوسط: ما موقف طالبان من ظاهرة داعش التي تتوسع في أفغانستان؟ 

ذبيح الله مجاهد: إن طالبان كما هم منهمكون ليلاً ونهاراً بالجهاد في سبيل الله لتطهير البلاد من رجس الاحتلال الكفري الأمريكي، كذلك لا يسمحون لأحد أن يحدث الفوضى والبلبلة والفتن داخل البلاد، وبما أن وسائل الإعلام الغربية تضخم داعش وتطبل لها وما هي إلا جزء من حربهم الدعائية المخيفة، نحن نعتقد أن المجاهدين أحبطوا مخطط داعش مسبقاً والذي قامت مخابرات العدو بنسجه، فهي لا توجد بهذا الكم الذي تروج لها وسائل الإعلام الغربية.

 

الشرق الأوسط: أين تعيش قيادات طالبان؟ هل مازالت في باكستان؟ ومامدى التأثير الباكستاني على الحركة؟ 

ذبيح الله مجاهد: تعيش قيادات الإمارة الإسلامية في أفغانستان، لأن إدارة مثل هذه الحرب الكبيرة المعقدة لا يمكن بدون حضور القيادة، ولكن لا يمكن تجاهل أن طالبان حركة نابعة من المجتمع الأفغاني وأن الملايين من الشعب الأفغاني ومئات الآلاف من العوائل تعيش في باكستان وإيران وغيرهما من الدول، فمن الممكن أن تكون ضمنها عائلة قائد ميداني أو مجاهد عادي، وأما القول عن وجود تأثير باكستاني على طالبان فما هي إلا مجرد دعايات لا حقيقة لها، وقد أثبتت طالبان مراراً وتكراراً أنهم أحرار مستقلون، أوفياء لثوابتهم الإسلامية ومصالحهم الوطنية.

 

الشرق الأوسط: يتردد في العواصم الغربية أن طالبان ضعفت بعد وفاة المُلا عمر هل هذا صحيح؟ 

ذبيح الله مجاهد: لو كان هذا صحيحاً، لما كان المجاهدون في حالة هجومية ضد العدو في مختلف أنحاء البلاد، ولما كانت مراكز الولايات مهددة بالسقوط، ولما كانت المديريات تسقط واحدة تلو الأخرى بأيدي المجاهدين، ولما نُسفت قواعد العدو وثكناته في أرجاء البلد، ولما كان قتلى العدو من عناصر حكومية وجنوده العسكرية كل يوم بين ثلاثين إلى خمسين، ولما تقدم عشرات منهم إلى الإستسلام أمام المجاهدين، ولما هربوا من صفوف الجيش والشرطة.

والحقيقة أن طالبان لم تضعف بل تقوّت واشتدّت، وهذه حقيقة اضطر الأعداء إلى الإعتراف بها.

 

الشرق الأوسط: ماتعليقكم على ما يتردد في الاعلام الغربي عن الزعيم الجديد الملا هبة الله أن خبرته في مجال القضاء؛ تفوق خبرته في مجال الحرب، وأن الملا هبة الله له شخصية مستقلة ولا تؤثر فيه أبداً المشاعر والعواطف، كما أن عمله في المحاكم أكسبه القدرة على ضبط النفس بشكل جيد؟

ذبيح الله مجاهد: لا شك أن الزعيم الجديد الشيخ هبة الله أخند زاده -حفظه الله- عالِم محدِّث، وفقيه ذو خبرة عالية في الأمور القضائية، وبما أنه قضى كثيراً من عمره في ميادين الجهاد، أولاً ضد الروس والشيوعيين، ثم ضد عصابات الشر والفساد، وها هو الآن يقارع الاحتلال الأمريكي منذ عقد ونصف بلا كلل ولا ملل، نستطيع أن نقول أن الشيخ -حفظه الله- يمتلك خبرة جيدة في جميع الأمور الجهادية، وليس في مجال القضاء فحسب، وهذه حقيقة واقعية أنه ذو شخصية قوية، وعزيمة صلبة، لا تزعزعه التأثيرات السلبية أثناء اتخاذ القرارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى