مقالات الأعداد السابقة

حوار قناة الجزيرة بمناسبة مرور عام على فتح كابل مع وزير خارجية الإمارة الإسلامية السيد أميرخان متقي حفظه الله

الجزيرة: ضيف حلقتنا معالي وزير خارجية الإمارة الإسلامية الأفغانية السيد المولوي أمير خان متقي حفظه الله، مرحبًا بك معالي الوزير.

قبل نحو عام كان الأمريكيون يهمّون بمغادرة بلادكم، راهن الكثيرون على عدم قدرتكم على تسيير شؤون أفغانستان بعد رحيل الأمريكيين، الآن بعد نحو عام كامل هناك ملفات بدى أنكم مسيطرون فيها وأنجزتم بعض الشيء مثل حالة الأمن في البلاد وهناك بعض الملفات الأخرى مازالت فيها المشكلات العديدة مثل انتشار الفقر والبطالة بنسبة مرتفعة لماذا؟

معالي الوزير: بسم الله الرحمن الرحيم. نحمده ونصلي على رسوله الكريم أما بعد:

هذه حقيقة كما راهن الناس وتوقعوا وكانت هناك ضغوط كبيرة على الإمارة الإسلامية، ولكن ثبت عكس ما كان يتوقع النّاس، وتمكّنا من إعادة الأمن في عموم أفغانستان، وقضينا على عصابات السلطة والقدرة، وأقمنا علاقات مهمة وقوية مع الدول في المنطقة، وقمنا بدمج مقاتلينا ومجاهدينا في صفوف القوات الأمنية والجيش والدفاع والمخابرات، والآن نحن نتقدّم شيئا فشيئا إلى بناء جيش قوي، والأهم من ذلك توقفت رحى الحرب وسيول الدماء، وسابقا كان يسقط كل ٢٤ ساعة من ١٠٠ إلى ٤٠٠ شخص من كلا الطرفين، والآن انخفضت هذه النسبة بصورة ملحوظة.

وهذه أول مرة منذ ٤٤ سنة تسيطر الإمارة الإسلامية على كل شبر من أراضي أفغانستان ونسيطر على كل أفغانستان.

وتمكنا من القضاء على فتنة الدواعش، والحركات الإرهابية الأخرى والجبهات الأخرى ما تسمى بالمقاومة وقد تمكنا على القضاء عليها جميعا، والذين قاموا ضدّنا منذ سنة لم يحصلوا على شيء.

وتمكنا أيضا من دفع الرواتب على جميع لكافة موظفي الحكومة الأفغانية في وقتها، والميزانية الحكومية نحن نوفرها من الضرائب والجمارك. وسابقًا كان هناك الميزانية الحكومية تُدفع 70% من الأجانب ومنح الدولية، والآن نحنُ نوفّر كل هذه النّسبة من مصادرنا.

وبعد 4 عقود الآن تيقّن الأفغان بأنّ لديهم إرادة، وأنّهم أصحاب الإرادة في هذا البلد. وبابنا مفتوح لكل المخالفين والمعارضة السياسية من أجل الرجوع إلى البلاد. وهناك عدد كبير من المسؤولين السابقين يُمارسون وظائفهم الحكومية. وأنا أطالب الجميع العودة إلى البلاد، وهناك نحن وفّرنا الأمن، ونحاول إيجاد فرص العمل. وسياستنا هي سياسة متوازنة في القطاع السياسي والأمني والاقتصادي، ونحنُ نحاول أن نلمّ شمل كل الأطراف الأفغانية، وأقمنا علاقات طيبة وجيّدة مع  16 دولة وهناك علاقات قوية بيننا.

 

الجزيرة: معالي الوزير! عذرًا على المقاطعة، تحدّثتم عن علاقات جيّدة مع عدد من البلدان لكنكم لم تحظوا بالاعتراف الدولي حتى اللحظة الراهنة من الحكومات، لماذا هذا الأمر؟ يعني يُفترض أنّكم حتى مع الولايات المتّحدة أبقيتم قنوات للحوار وقناة التواصل مع الجانب، لكن حتى اللحظة لم تفتح الولايات عن الأرصدة المجمّدة لصالح أفغانستان، هذا الأمر ربما يحدث فارقًا في اقتصاد وتطوير معيشة النّاس في أفغانستان.

معالي الوزير: الاعتراف الرسمي من حقّ الأفغان وعلى الآخرين أن يعترفوا بهذا الحق، وهناك علاقات جيدة بيننا وبين الولايات المتحدة، و16 دولة كما قلت، ولدينا علاقات رسمية مع هذه الدول، وزار حتى الآن 50 وفدا عالي المستوى وبصورة متوسطة زاروا العاصمة الأفغانية كابل، والتقوا هنا بالمسؤولين، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وشاركنا في منتدى أنطاليا في تركيا، وشاركنا أيضًا في مؤتمر أزبكستان، وأيضًا شاركنا مؤتمر طاشقند، والتقينا هناك بعدد كبير من الوزراء الخارجية، وأينما ذهبنا عُوملنا كأننا جهة رسمية، والحمدلله أنّ الاقتصاد الأفغاني يمشي بصورة جيدة، وهناك تجارة، وهناك تبادل تجاري مع دول الجوار، لا نواجه معاناة القحط وقلة الغذاء، والحكومية شغالة وتقدم خدماتها، وهناك عدد كبير من سفاراتنا تمارس دورها في بناء العلاقات، كل هذه كأننا دولة رسمية وهناك اعتراف، وكما تعرفون كان هنا خمسين دولة حاربت الإمارة الإسلامية والآن تطبيع العلاقات يحتاج إلى وقت كبير.

 

الجزيرة: معالي الوزير كيف تفسر إذا ارتفاع نسبة الفقر والبطالة حتى اللحظة الراهنة في أفغانستان بهذه الصورة، عندما تترافق هذه المؤشرات الاقتصادية وحياة المواطن يلقى فيها الصعوبات فيما يتعلق بالوظائف وما إلى ذلك، مع سيطرتكم في المقابل وبناء جيش قوي وسلطات أمنية قوية فإن هذه المعادلة عادة تؤدي إلى الاستبداد والقمع؟

معالي الوزير: كل الإحصائيات والأرقام التي تقدم حول الفقر لا نتفق معها. لا شك أن هناك فقر، وهناك معاناة، وهناك مشاكل اقتصادية ، وأفغانستان تعاني منذ 4 عقود من الحرب، ومنذ 20 سنة كانت دول الجوار تتقدم نحو الرفاهية، وأفغانستان كانت تعاني من الحرب والدمار، ولم يطبّق خلال عشرين سنة مشروع كبير حتى يدر الأموال على الشعب الأفغاني ويُقدّم فرص العمل، ولم يقوموا ببناء شركة توفّر فرص العمل للشعب الأفغاني، يعني لم يعملوا في البنية التحتية كما يجب.

والحمدلله نحن بدأنا الأعمال في البنية التحتية، والوضع ليس كما يصوّره الإعلام الأجنبي، ولم نرَ أيّ حادثة مؤلمة، والأسعار ارتفعت بصورة عامة في العالم، وليس في أفغانستان لوحدها، هناك أزمات على مستوى العالم بعد أزمة أوكرانيا، وهذا أثّر على الاقتصاد العالمي بصورة سلبية جدًا، وكثير من الناس خسروا وظائفهم. والذين تركوا وظائفهم في أفغانستان، الآن جاء آخرون وشغلوا الوظائف، وفي الحكومة السابقة كان هناك مئات الآلاف من الناس كانوا يعملون، ولكنهم تركوا وذهبوا، والآن جاء مكانهم أناس آخرون، ونحن ندفع رواتب 500 ألف موظف بصورة شهرية، ولديهم عمل.

وإضافة على ذلك في المنطقة الصناعية شركات بدأت بالعمل والإنتاج. حتى أننا تمكّنا أن ندفع إلى دول في آسيا الوسطى فواتير الكهرباء التي بقيت من الحكومة السابقة. وأيضًا قمنا ببدء مشاريع كبيرة في أفغانستان، مثل خط السكة من أزبكستان الذي يربط أفغانستان بباكستان. وهناك حركة نقل بين أفغانستان ودول في المنطقة، حتى أن هناك دول الآن تستخدم الأراضي الأفغانية كترانزيت لآسيا الوسطى. وقُمنا باستثمار في الحقول، وفي المناجم، وشق قنوات الري. ولحسن الحظّ أننا تمكّنا من التسويق لبضائعنا مقارنة بالسنوات السابقة وكمية الإنتاج زادت بنسبة ملحوظة. وحاليًا إنتاج أفغانستان من الفواكه الموسمية قمنا بتسهيل عملية التصدير إلى باكستان وإلى دول في المنطقة، هذه كلها مكاسب تُحسب لنا، ونحن نتقدم شيئًا فشيئًا نحو الأمام.

 

الجزيرة: معالي الوزير! هناك انتقادات وُجّهت لكم بأنكم وعدتم فأخلفتم، وعدتم في أن تكون الحكومة التي تشكّلونها متنوعة وتشمل كل أطياف الشعب الأفغاني، لكنها على خلاف ذلك كانت مشكّلة من قيادات الإمارة في كل المجالات، حتى في المجالات التي تحتاج إلى التقنوقراط؟

معالي الوزير: لا نقبل أننا نعد ثم نخلف، ونحن وعدنا بأننا لا نسمح بأن تستخدم الأراضي الأفغانية ضدّ الآخرين، ووعدنا بأننا سنوفّر الأمن في كافة الأراضي الأفغانية، ووعدنا بأن تكون أفغانستان أرض ذات سيادة ودولة مستقلة، وتُدار من قبل الأفغان، نحن كنا أوفياء في كل هذه الوعود التي عاهدنا العالم والمجتمع الدولي، ونحن أصدرنا العفو العام لكافّة الذين كانوا يعملون في الحكومة السابقة ورفعوا الأسلحة ضدّنا، والآن يعيشون هنا بسلام وأمنٍ. ومادام تقولون بأنّ الشعب ليس له دور في ممارسة السلطة السياسية، الطالبان والإمارة الإسلامية أليسوا من الشعب الأفغاني؟ وهؤلاء هم ممثلون الشعب الأفغاني، وهم الذين قاموا بإلحاق الهزيمة بالحكومة السابقة والولايات المتحدة.

والحكومة السابقة لو كانت عادلة وشاملة فمعظم موظفيها يعملون معنا الآن، وسابقا لم تكن هناك ممثلين عن الإمارة الإسلامية والآن هؤلاء جاؤوا إلى الحكومة، فالحكومة واسعة بكل ما تعني هذه الكلمة، ونحن لا نقبل أناس أو شخصيات يتم فرضها علينا من الخارج، والآخرون يقومون بالوصاية عليها، إذا تقصدون هذا فهذا أمر آخر.

 

الجزيرة: معالي الوزير! هناك انتقادات وُجهت للإمارة الإسلامية بأنها لم تنفّذ ما قالت إنها ستفعله بشأن المرأة في أفغانستان، لأنكم لم تسمحوا أو لا تسمحون للمرأة بالعمل والتعليم على النّحو الذي كان متوقعا أو الذي كان ينتظره كثيرون منكم، حتى إنّ رجل الدين السيد نصر الله الواعظي من ولاية باميان في اجتماع علماء الدين والزعامة القبلية في يونيو ويوليو الماضيين طالب الإمارة الإسلامية بفتح مدارس الفتيات وتحسين حالة المرأة في المجتمع الأفغاني وإشاعة روح الأخوّة.

معالي الوزير: حاليًا في القطاع الصحي هناك 14 ألف امرأة تعمل كممرضة وكطبيبة، وفي وزارة التربية والتعليم هناك 92 ألف معلمة ومدرّسة، وهكذا في القطاعات الأخرى المرأة تعمل، وكما ترى أنّ أبواب معظم المؤسسات التعليمية والتربوية مفتوحة، وهناك بعض التحذيرات والقيود، ويجب علينا أن نفكر بصورة عميقة حتى نجد حلا لهذه الأزمة، وأنّ دور المرأة في القطاع الخاص أمر يلفت النّظر، لدينا في أفغانستان 140 جامعة خاصة وأبوابها مفتوحة أمام المرأة الأفغانية.

 

الجزيرة: هناك أنباء عن وجود خلافات وانقسامات داخل حكومة الإمارة الإسلامية في أفغانستان بين مَنْ يُسمّون القندهاريين وشبكة سراج الدّين حقاني أو ما يُطلق عليه شبكة حقاني، ما مدى صحة هذه الأنباء؟

معالي الوزير: هذه دعاية ونحن نسمعها منذ عشرين سنة، وعندما نطالبهم بأدلّة وشواهد فلا أحد يستطيع أن يقدّم لنا ما يُثبت هذه الدعاية، وهذه سلسلة من الادعاءات السابقة التي نسمعها من حينٍ وآخر أنّ هناك اختلاف وأنّ هناك خلافات بين قيادة الإمارة الإسلامية، إنّ مبدأ الطاعة والولاء والبراء من أهمّ المبادئ في الإمارة الإسلامية وأنّ رجال الإمارة يتعاملون كالإخوة، ولا يوجد هناك أيّ دليل على الاختلاف بين قيادة الإمارة الإسلامية.

 

الجزيرة: معالي الوزير! بخصوص ملف الأموال الأفغانية والأرصدة الأفغانية المجمّدة لدى الولايات المتّحدة ولدى الغرب عمومًا، إلى ما وصلتم في هذا الملف؟

معالي الوزير: هذه حقيقة أنّ هذه الأموال للشعب الأفغاني، هذه الأموال للبنك الوطني، وأنّ الولايات المتّحدة قامت بتجميد هذه الأموال، ونحن قمنا بمرّات وكراتٍ من أجل أن يُرفع هذا الحظر عن الأموال، ونحنُ نتوقّع أن تراجع الولايات المتحدة موقفها تجاه هذه الأموال، ويوقفوا تجميد هذه الأموال، ونحن تحدّثنا كثيرا مع ممثل الولايات إلى أفغانستان، ويجب أن تقبل الولايات المتّحدة حقوق الشعب الأفغاني، وترفع لحظر عن هذه الأموال؛ لأنّ الشعب الأفغاني عانى منذ 4 عقود من ويلات الحرب والدمار، وكان هناك قصف مستمر من قبل الولايات المتحدة، ووضع الشعب الأفغاني في السجن، وأعتقد يكفي ما عانى الشعب الأفغاني طيلة عشرين سنة من ويلات الحرب والقصف والدمار، وأعتقد أنّه قد حان الوقت بأن يكون هناك علاقة بين الطرفين، وأنّ الضغوط لا تنفع كما رأينا منذ 20 سنة، وعلينا أن نجلس إلى طاولة المفاوضات، ويكون هناك بناء علاقات بيننا وبين الولايات المتّحدة.

 

الجزيرة: ذكرتم أنّ صدوركم مفتوحة للمعارضين، وأنّكم دعوتم الشخصيات السياسية الأفغانية في الخارج للعودة إلى داخل البلاد، لماذا ليس هناك إذا نشاط حزبي ملحوظ في أفغانستان حتى الآن؟ وملامح لتداول السلطة واستمرار العمل السياسي في البلاد.

معالي الوزير: أهم شيء أن أفغانستان تنعم الآن بالأمن والسلام، وانتهت مرحلة الحرب والعداء بيننا وبين هؤلاء الذين ذهبوا أوغادروا أفغانستان، وأعلنت الإمارة الإسلامية العفو الشامل لكل من وقف ضدّها، وكل الذين خرجوا من أفغانستان أن لا يقلقوا ويعودوا إلى حضن البلاد، وهناك المئات من المسؤولين السابقين رجعوا إلى البلاد، ويعيشون تحت كنف الإمارة الإسلامية، وأنا أطالبهم بأن يعودوا إلى البلاد ويعيشوا هنا، وقد شكّلنا لجنة خاصة للتواصل مع هؤلاء، ووظيفتها الأساسية تشجيع الأفغان للعودة إلى بلادهم، ويستطيعون العيش هنا والعمل هنا وممارسة دورهم السياسي، والذي يكون ماضيه صافيا وليس عليه سجل أمني أو جنائي يمكن أن نفكّر أن يكون له دور في الحكومة مستقبلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى