
حوار مع المتحدث الرسمي للإمارة الإسلامية فضيلة الأستاذ ذبيح الله المجاهد -حفظه الله تعالی- حول إستراتيجية ترامب والأوضاع الأخيرة في أفغانستان
الصمود: فضيلة الأستاذ ذبيح الله المجاهد! نرحب بكم علی صفحات مجلة الصمود، ونشكركم علی إعطائكم إيانا الفرصة لهذا اللقاء علی الرغم من ضيق الوقت لديكم لأشغالكم الكثيرة.
قبل فترة أعلن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) عن إستراتيجيته الجديدة لأفغانستان. فما هو موقف الإمارة الإسلامية علی العموم حيال تلك الإستراتيجية؟
ذبيح الله المجاهد: نحمده ونصلي علی رسوله الكريم، أما بعد:
إن الإمارة الإسلامية شجبت تلك الإستراتيجية من اللحظات الأولی من إعلانها، واعتبرتها إعلانا من الرئيس الأمريكي لاستمرار الحرب. وأخطرت بأنّ المتضرر الأكبر من تطبيقها ستكون الحكومة الأمريكية نفسها.
الإمارة الإسلامية كانت تصرّ من بداية هذه الحرب علی أنّه يجب علی أمريكا أن تستسلم لقبول الحقائق، وأن تترك سياسة العناد والعنف، لأنّ استعمال القوة وإراقة الدماء لا تحل القضايا، بل يجعلانها أكثر تعقيدا، ويغلقان الطريق أمام الحلّ، ویجعلان الأزمة أكثر عمقا.
ولكن -علی العكس من موقف الإمارة الإسلامية- لازال القادة السياسيون والعسكريّون الأمريكييون علی الرغم من السعي والجهود الضائعة خلال الست عشرة سنة الماضية يصرّون علی استمرار الحرب وعلی عدم الإستسلام لقبول الحقائق.
إنّ الإمارة الإسلامية بصفتها ممثلة للشعب الأفغاني تری من واجبها إفشال إستراتيجية (ترامب) بإذن الله تعالی كما أفشلت استراتيجيتي (بوش) و(أوباما)، وقد اتخذت التدابير اللازمة لتحقيق هذا الغرض.
وعلی الجانب الآخر، أثبتت التجارب أنّ أمريكا لا تقدر علی الخوض في مزيد من المعارك، وأنّ هذا الأمر أصبح خارج نطاق وسعها. فإن كان جنرالاتها العسكريون وآليتها الحربية المصرّة علی القتال تشير عليها بمواصلة الحرب بغية تحقيق المصالح الذاتية، وبهدف استغلال الظروف القتالية لجمع المال والثروات لأنفسهم، فإنّ عامة الشعب الأمريكي صار لا يتحمّل مزيدا من ثقل مصاريف الحرب علی كاهله، ويعتبره خارج نطاق وسعه.
فعلی سبيل المثال: لم يمض حتی الآن شهران علی إعلان إستراتيجية ترامب إلا وقد أظهرت نتائج استطلاعات الرأي في أمريكا مخالفة غالبية الشعب الأمريكي لهذه الإستراتيجية، بل هم مستاؤون منها. وبناءً علی التقارير الواردة في الصحف الغربية فإنّ النسبة المئوية للأمريكيين المؤيّدين هي37% بينما نسبة المخالفين هي 76%، ومع مرور الزمن علی هذه الإستراتيجية سيزداد عدد رافضيها. لأنها من جانبٍ تكلّف أمريكا مزيدا من الإنفاق العسكري في تطبيقها، ومن جانبٍ آخر ليس هناك أيّ جدوی لتلك النفقات الباهظة. فلن يجني الأمريكيون من هذه الإستراتيجية سوی الجعجعة الإعلامية لعدة أيام، وسوی القصف الجوي الأعمی لبيوت الناس في هذا البلد.
لقد اعترض علی استراتيجية ترامب أعضاء مهمّون في مجلس الشيوخ الأمريكي، واتّهموا القادة العسكريين الأمريكيين بإخفاء المعلومات والحقائق عن الشعب الأمريكي. فكان هذا الضغط مما ألجأ وزارة الدفاع الأمريكية إلی إصدار بيان كان قد جاء فيه أنّ الإستراتيجية الجديدة ستكلّف أمريكا بشكل إضافي سنويا مليار دولار، لترتفع بذلك مجموع نفقة الحرب السنوية آلأمريكية في أفغانستان إلی 12.5 مليار دولار أمريكي.
و بالإضافة إلی ما سبق فإن أمريكا قد ضربتها مؤخّرا أعاصير وكوارث طبيعية خطيرة ومتتالية، وكانت ضربة قاصمة لمعيشتها واقتصادها. ومع أنّ أمريكا أخفت خسائرها عن الناس، وفرضت الرقابة علی الصحافة في نشر الخسائر الناجمة عن الأعاصير والفيضانات، ولكن الحقيقة هي أنّ حجم الخسائر في ولاية (تكساس) لوحدها فقط فاق حدود 200 مليار دولار أمريكي وهي خسارة تعجز إدارة ترامب عن تعويضها.
وهناك خسائر كبيرة أخری لحقت بالمعيشة الأمريكية في الولايات الأخری أيضا، والتي أربكت الأمريكيين في أمريكا. وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنّ الخسائر الناجمة عن الأعاصير وتبعاتها أوجدت العوائق أمام تطبيق إستراتيجية ترامب. وهذا يعني أنّ الأمريكيين ليسوا موفّقين في تطبيقها، وأنّ مصيرها هو الفشل.
إنّ مخالفة الأمريكيين لإستراتيجية ترامب وندم الموافقين عليها سيأخذان في الازدياد، وبخاصة بعد أن تمرّ عليها شهور أو سنة.
إنّ القادة العسكريين الأمريكيين أنفسهم أيضا لا يشكّون في فشل اشتراتيجية ترامب، ولذلك صرّح رئيس هيئة الأركان الأمريكي أمام مجلس الشيوخ الأمريكي وقال: “مع أننا أعلنّا الإستراتيجية الجديدة، وزدنا من حجم القصف الجوي في أفغانستان، إلا أنّ حربنا في ذلك البلد لازالت تواجه الركود”.
إننا علی يقين من أن إرادة شعبنا لا تتغير بالقصف وبالتدمير وبإعمال الضغوط الخاطئة ضدّه. إنّ الأفغان شعب أبيّ، ولم يرضخ لضغوط الأجانب. وعلی الأمريكيين ألا يقيسوا كامل هذا الشعب بمقياس حفنة من عملائها وعبيدها المنتسبين إلی هذا البلد الذين ينفّذون أوامر سادتهم بعيون مغمضة.
إنّ هذا الشعب ليس رعية بلا راع، بل له راع يرعاه بعينين يقظتين. وإنّ هذا الشعب لازال فيه الرجال، ولازال فيه مجاهدون، ولازالت ساحات النزال والتضحية تمتلؤ فيه بالمجاهدين والفدائيين الذين لن يقدر أحد علی تمييعهم أو القضاء عليهم إن شاء الله تعالی.
الصمود: بعد إعلان إستراتيجية ترامب أصبح الإعلام الأمريكي ينشر علی التوالي أخبار تصعيد الحرب وزيادة الضغوط علی المجاهدين، فهل هناك أيّ مكسب للقوات الأمريكية علی أرض الواقع؟
ذبيح الله المجاهد: إن حديث الإعلام الأمريكي عن اشتداد الحرب وانتصار الأمريكيين فيها وإصدار التهديد والوعيد للمجاهدين، وكذلك النفخ في العملاء الأمريكيين والتهويل من شأنهم مستمرّ منذ 16 سنة، وسيستمرّ في المستقبل أيضاً، إلا أنّ هذه الدعاية الأمريكية والإدّعاءات الجوفاء، وإجراء الحركات التمثيلية للعسكرين الأمريكيين لم يغيّر -بفضل الله تعالی- الوضع علی أرض الواقع لصالح أمريكا وإدارتها العميلة في (كابل)، ولن يقدروا علی ذلك إن شاء الله تعالی.
إن المجاهدين يواصلون انتصاراتهم بروح قتالية عالية. ولعلّكم سمعتم عن أخبار فتوحات المجاهدين وانتصاراتهم في مختلف ساحات أفغانستان بما فيها فتح لمديريات بكاملها من قِبّلِهم، وحدث هذا كلّه بعد إعلان إستراتيجية ترامب.
لقد سيطر المجاهدون علی مديرية (معروف) في قندهار، وعلی مديرية (غورماچ) في ولاية (بادغيس)، وعلی وادي (فندقستان) الإستراتيجي في ولاية (بروان)، وكذلك علی مديرية (بندر) في ولاية (فارياب)، وتضييق طوق الحصار علی مراكز العدوّ وإلحاق الخسائر الجسيمة به في كل من ولايتيّ (هلمند) و(أرزگان). والأهمّ من كل ذلك هو استهداف القادة والجنود المحتلين الأمريكيين عن طريق الهجمات الفدائية المدمِّرة في كل من (بغرام) و(كابل) و(قندهار)، والتي ألحقت خسائر فادحة بالمحتلين. وكذلك الهجمات علی القوات الأمريكية في مطار ولاية (فراه) وطردهم منه، واستهداف قاعدة (شوراب) الأمريكية بصواريخ (صقر20)، والهجوم الشديدعلی القسم العسكري من مطار (كابل) المتزامن مع مجيء وزير الدفاع الأمريكي والأمين العام لحلف (النيتو) وإبطال تأثير سفرهما إلی هذا البلد، كلّ ذلك يُظهر بوضوح أنّ المحتلين وعبيدهم من العملاء لا يمكنهم أن يبنوا سدود الرمال أمام إرادة المجاهدين وأمام سيل عملياتهم الجارف.
إنّ المحتلّين يمكنهم أن يريقوا دماء الشعب الأفغاني بقصفهم وبعملياتهم الظالمة، ولكنهم بأنفسهم وعبيدهم من الجيش العميل سيدفعون قيمة كل هذه الجرائم من دمائهم وأشلائهم.
إنّ العدوّ لا يمكنه أن يفلّ عزم المجاهدين، ولا يمكنه صرف المجاهدين عن مطالبة تحرير بلدهم وإقامة النظام الإسلامي فيه. وإنّ جنود الإمارة الإسلامية وقادتها قد اجتازوا هذا الامتحان بفضل الله تعالی بكلّ نجاح.
الصمود: إنّ إعلام العدوّ ينشر يوميا إدّعاءات عن مقتل عدد كبير من المجاهدين أو إصابتهم بالجروح أو القبض عليهم، فحبّذا لو قلتم لنا عن حجم الخسائر التي لحقت بالمجاهدين في المعارك الأخيرة.
ذبيح الله المجاهد: لقد زاد الأمريكييون من حجم قصفهم الأعمی بعد إعلان إستراتيجيتهم الجديدة، ولا شك في أنهم ألحقوا خسائر بمواطنينا المدنيين في ولايات (كندز) و(لوجر) و(ننجرهار) و(هلمند) و(قندهار) وحتی في العاصمة (كابل). ودمّروا البيوت، وقتلوا وجرحوا المواطنين بمن فيهم النساء والأطفال، وأماطت أمريكا بذلك اللثام عن وجهها الحقيقي البغيض وعن عداوتها اللدودة للإنسانية. إن القصف الجوي للأمريكيين غبيّ وأعمی إلی حدّ أنهم استهدفوا فيه مراكز عملاءهم أكثر من مرّة في (هلمند) وفي غيرها من الساحات.
لم يلحق بالمجاهدين أية خسائر ملفتة للنظر جرّاء القصف العشوائي الأمريكي الأعمی، لأنهم غيّروا من تكتيكاتهم القتالية ومن نوعية تواجدهم في الساحات في جميع مناطق البلد، واتخذوا طرق وتدابير بديلة لمواجهة مداهمات العدوّ الليلية وقصفه وتوحّشه، ولذلك لم يُلحق بالمجاهدين أية خسائر تُذكر. ولكنّ الحرب هي حرب، ولا تخلو أبداً من لحوق الخسائر بالجهات الخائضة فيها. وخسائر المجاهدين هي أيضا من النوع الذي كان يحدث عادة في جهادنا في الأعوام الماضية. أمّا المخططات الأمريكية الجديدة فقد حفظ الله تعالی المجاهدين من شرّها، واختفت الأهداف عن أعين الأمريكيين في ظلّ تدابير المجاهدين الجديدة. فليست هناك أية مصداقية للإدّعاءات الأمريكيية في إلحاقها أضراراً كبيرة بالمجاهدين.
إن عدوّنا يجازف بالكذب وبإطلاق الإدّعاءات الجوفاء إلی حدّ أنه يدّعي أحيانا قتل مئة وعشرين مجاهدا في المنطقة التي لا يتواجد فيها مئة مجاهد. إن مثل هذه الإدعاءات الكاذّبة لم تنفع العدو في الماضي، ولن يصدّقها أحد في المستقبل.
إنّ القوالت الأمريكية تلقي كل سنة آلاف القنابل في أفغانستان، ولكنّ تلك القنابل لم تضعف المجاهدين، بل تسبّبت في تقوية صفوف المجاهدين وفي التحاق مزيد من أفراد الشعب بصفوفهم، وكذلك تسببت بازدياد كره المواطنين للمحتلين لكون تلك القنابل تقع علی قراهم وبيوتهم وتقتل أفراد من ذويهم.
الصمود: تفيد التقارير أنّ القصف الأمريكي يتسبب يوميا في مقتل عدد من عامة المدنيين من أفراد الشعب، فحبّذا لو قدّمتم لقرّائنا معلوماتكم في هذا المجال.
ذبيح الله المجاهد: نعم، إنّ الجزء الأهم وغير المعلن من إستراتيجية الأمريكيين هو قتل المدنيين. لأنهم يريدون أن ينتقموا من عامة الشعب بسسب وقوفهم الصامد إلی جانب المجاهدين. وبذلك يريد الأمريكييون إعمال مزيد من الضغوط علی المجاهدين. ولكنهم لا يعلمون أن الاتحاد السوفياتي البائد كان قد قتل المدنيين من عامة الشعب لمدة خمس عشرة سنة، ودمّروا القری والبيوت، وألجأووا الملايين للنزوح وللعيش في المهجر بلا مأوی، ولكنهم لم يقدروا أن يفلّوا إرادة هذا الشعب، ولم يكن لهم من وراء كل تلك الجرائم أيّ مكسب.
إنني أسلفت لكم أن الأمريكيين استهدفوا المدنيين من عامة أفراد الشعب في ولايات (لوگر) و(هلمند) و(كندز) وغيرها من الولايات، وقتلوا وجرحوا فيها النساء والأطفال، ولكنني أقولها مرّة أخری أنّ هذه الجرائم لا تنفعهم، بل هي تؤجّج نار الغضب في صدور عامة أفراد الشعب ضد الأمريكيين وضدّ عملائهم، وستتسبب في مزيد من قوة صفوف المجاهدين.
الصمود: أجری المجاهدون مؤخّرا عمليات عسكرية موفقة في ولايتي (كابل) و(بروان) وغيرهما من الساحات، وكذلك سيطروا علی مديرية (معروف) في ولاية قندهار، فحبّذا لو قدّمتم معلومات عن هذه وغيرها من انتصارات المجاهدين الأخيرة.
ذبيح الله المجاهد: تزامنت أيام عيد الأضحی المبارك مع أيام إعلان استراتيجية ترامب، وكان المجاهدون قد خفّفوا من شدّة عملياتهم بمناسبة العيد المبارك، وحين انقضت أيام العيد استعد المجاهدون مرّة أخری لمواصلة الهجمات، فاستغلّ الأمريكييون وعسكريو إدارة (كابل) أيام تخفيف العمليات المؤقت هذا ليدّعوا فيه أنّ استراتيجية ترامب أثّرت علی المجاهدين، وأنّ هجماتهم علی العدوّ قد انخفضت. أما الآن وقد كثّف المجاهدون من عملياتهم مرّة أخری، وسيطروا علی مناطق كثيرة، وألحقوا خسائر كبيرة بالعدوّ، وأفشلوا هجماته في (هلمند) و(كندز)، واستولوا علی المديريات وعلی مراكز العدوّ في (أرزگان) و(قندهار) و(بروان) و(فارياب) و(بادغيس) و(فراه) وغيرها من الولايات، فإنّ هذا كله يدل علی أنّه ليست هناك أية تأثيرات سلبية لإستراتيجية ترامب علی عمليات المجاهدين وتقدّماتهم، بل علی العكس من ذلك فقد قوي عزم المجاهدين، واستحكم موقفهم ضدّ الأمريكيين.
إنّ الإمارة الإسلامية قد اتخذت تدابير وابتكارات جديدة في ميادين القتال، وبتطبيقها ستشاهدون -إن شاء الله تعالی- انتصارات جيدة.
الصمود: اكتملت السنة السادسة عشر للجهاد ضد الاحتلال الأمريكي في أفغانستان، ويقول الأمريكيون أنّ هذه الحرب هي أطول حرب في تاريخهم، فكيف تقيّمون روح المقاومة لدی المجاهدين في هذه الحرب الطويلة والتي ستطول في المستقبل أيضا، وإلی متی يمكن للمجاهدين أن يقاوموا أمريكا؟
ذبيح الله المجاهد: أما عن روح المقاومة لدی المجاهدين فسأحكي لك عن موقف غريب للمجاهدين وهو: قبل فترة حين كانت استراتيجية ترامب لازالت لم تعلن، كان كثير من المجاهدين الذين كنت أعرفهم شخصيا وبخاصة الفدائين منهم حزنين جدا، وكانوا يقولون إنّ الأمريكيين إن أعلنوا في الإسترتيجية الجديدة عن سحب قواهم من أفغانستان فإنّ مواقع الهجوم عليهم ستقلّ، وسنُحرم من الاستشهاد. ولكن حين أُعلنت الإسترتيجية الجديدة وتحدّثت عن استمرار الحرب، فكان أولئك المجاهدون يبشّر بعضهم البعض بخبر بقاء الأمريكيين، وكانوا يقولون لن نُحرم إن شاء الله تعالی من الاستشهاد ومن النكاية فيهم، وإننا إمّا سنُستشهد أو سنكون من الفاتحين المنتصرين. فمقاومة أمثال هولاء المجاهدين ليس أمر سهل لا للأمريكيين ولا لجنود إدارة (كابل) المنهزمين.
إنني علی ثقة من أنّ روح المقاومة لدی مجاهدي الإمارة الإسلامية لن يضعفها القتل ولا جرائم العدوّ الوحشية وقصفه الجوي. وإنّ السنوات الست عشرة الماضية لدليل عملي علی ما أقوله. إنّ المحتلين وعملائهم قد أفرغوا في السنوات الماضية جميع ما في جعبتهم من الضغوط وإعمال القوة العسكرية.
إنّ المجاهدين يعتبرون الجهاد فريضة من الله تعالی، ويعتبرون تحرير البلد وإقامة النظام الإسلامي فيه أهمّ وأثمن من أنفسهم، وما لم يحققوا أهدافهم لن يتعبوا من الجهاد ومقاومة العدوّ، ولن يصيبهم الخوف من تهديدات العدوّ ووعيده وإعماله مختلف أنواع الضغوط. إنّ الشعب الذي يستعذب الموت والتضحية في سبيل الله تعالی لا يصيبه اليأس من تهديات الكفار ومن أكاذيب عملائهم، ولا تضعف روح المقاومة لديه.
الصمود: يقال عن حكومة أشرف غني أنّها بدأت مؤخّرا محاربة القيم الدينية بحجة محاربة الطالبان كإغلاقها للمدارس الدينية، واعتقال العلماء والأشخاص المتديّنين. وفي مقابل ذلك فتحت الأبواب أمام إشاعة الفحشاء والفساد. فما هي معلوماتكم في هذا المجال؟ وما هو هدف العدوّ من مثل هذه التصرفات؟
ذبيح الله المجاهد: هناك مثل أفغاني يقول (أن النمل إذا حان وقت فنائها ظهرت لها الأجنحة). يشهد التاريخ أنّ الساسة والحكام الذين كان لهم مساس بعقائد المسلمين وبمقدساتهم وقيَمهم الإسلامية قد واجهوا عمّا قريب غضب الشعوب وردّ فعلها تجاههم، وكان مصيرهم إلی الهاوية. وأوضح مثال لما نقول هي الفترة الشيوعية التي كان فيها للشيوعيين مساس بالمدارس والمساجد، وبالأشخاص المتديّنين. وقد كان في ذلك الزمن كلّ همّ الشيوعيين وغمّهم هو قتل المتديّنين أو الزج بهم في زنازين السجون، وإغلاق المدارس والدروس الدينية ولكننا رأينا عاقبة أمرهم. إنّ المدارس الدينية والمساجد عادت بفضل الله تعالی عامرة بالدين وبالمتديّنين، ولكن لا يوجد الآن أيّ شيوعي ليدافع عن عقيدته وفكره. ولن يختلف مصير العَلمانيين أيضاً عن الشيوعيين.
إنّ (أشرف غني) لنشأته في المحاضن اللادينية ولخلفيته الدراسية شخص عَلماني وغير معتقد بالدين الإسلامي، ولعله مثل سلفه الشيوعيين السابقين لا يدرك عاقبة تصرّفاته المحاربة للدين. إلا أن الشعب المسلم يراقب أعماله وتصرّفاته في تقوية العَلمانيين، وفي استهزائه بالقيم الدينية، وفتحه الطرق والأبواب أمام انتشار الفحشاء واللادينية، واعتقاله المتدينين، والعلماء، وحفّاظ القرآن الكريم، وإيجاده العوائق والعراقيل المختلفة أمام المدارس الدينية، ومداهمة قواته الأمنية لمساكن الطلاب في المدارس والجامعات، وترويعهم الطلاب بالسجون وبالتهديدات الأخری، ونشره روح اللادينية في عامة أفراد الشعب، واتّخاذه المواقف المعادية للدين عن طريق الإعلام وعن الطرق الأخری. وسيأتي اليوم الذي سيحاسبه الشعب علی كلّ هذه الجرائم إن شاء الله تعالی. وإنّ ارتكاب إدارة أشرف غني لهذه الجرائم لكفيلة بزوال هؤلاء الناس. إنهم أناس لم يفهموا الدروس والعبر من التاريخ، ولا تعلّموا من تجارب من سبقوهم، ولم يفهموا ميزات هذا الشعب وعاداته وتقاليده، ولم يدركوا حتی الآن رمز انتصار الحق علی الباطل.
إنّ لا مبالاة إدارة أشرف غني وتصرّفاتها الداعمة للكفر ستشكل أهم عامل لزوالهم، وستزيد من تضامن الشعب مع المجاهدين. وبسبب ظهور مثل هذه التصرفات المعادية للدين من قِبَل هذه الإدارة أصبح أولئك الذين كانت لهم بعض المشاكل في الماضي مع الإمارة الإسلامية يدركون الآن الحقائق وصاروا يقفون إلی جانب المجاهدين.
الصمود: بالنظر إلی الظروف والأوضاع الراهنة فيم ترون سبب انتصار المجاهدين؟ ومالذي ينبغي أن يفعله المجاهدون بشكل فردي وجمعي ليصل الجهاد ضدّ الكفر إلی منزلة الانتصار؟
ذبيح الله المجاهد: إنّ العامل الأهمّ لانتصار المجاهدين -بعد نصر الله تعالی لهم- هو عدالة قضيتهم. فلو لم تكن قضيتهم قضية حقّ لما شهدنا مثل هذه الانتصارات الظاهرة. والعامل الثاني هو الطاعة والوفاء القويين للقيادة والقضية، وهذه الصفة تستجلب النصرة الإلهية. والعامل الآخر هو وحدة صف المجاهدين والتي حافظوا عليها بفضل الله تعالی في أحسن الأشكال. ولا ننسی أن روح التضحية والتفاني بين المجاهدين صغارا وكبارا، والتعامل الحسن مع الشعب أيضاً له أثر كبير في الحفاظ علی تماسك الصف وفي الانتصار عی العدوّ.
أمّا ما يجب أن يفعله المجاهدون بشكل فردي فنوصيهم بأن يتحلّوا بمزيد من التقوی والتدين وبأداء الأمانة، وأن يزيدوا من اهتمامهم بالالتزام بأوامر الله تعالی، ونوصيهم بالإحسان وبالأخلاق الحميدة والتعامل الحسن مع الشعب.
وأما ينبغي أن يفعله المجاهدون بشكل جماعي فهو الالتزام القوي بالطاعة، والحفاظ علی وحدة الصف، والتحلي بالعفو وضبط النفس، وإعداد الخطط الجيدة وتطبيقها ضد العدوّ، والاستفادة من نقاط الضعف لدی العدوّ، والحفاظ علی سلامة عامة المجاهدين وقادتهم. لأن كل هذه الأعمال والتدابير هي من عوامل القوة والانتصار للجيش الإسلامي. وفوق كلّ ذلك فإنّ الاستقامة، والصبر، وسعة الصدر، وطلب النصرة من الله تعالی وتجديد العهد معه، جميعها تمثل أسباب النصر علی العدو إن شاء الله تعالی.
الصمود: بصفتكم المتحدّث الرسمي للإمارة الإسلامية ما هي رسالتكم لقرّاء مجلة (الصمود) في نهاية هذا الحوار؟
ذبيح الله المجاهد: رجائي من القرّاء الكرام هو أن يدعموا المجاهدين بشكل عملي بقدر المستطاع، وأن يدعوا لهم بالنصر والتمكين، وأن يكفّوا عن إساءة القول فيهم. وكذلك ينبغي ألا يتأثّروا بإشاعات العدوّ ضدّ المجاهدين، وألا يُسيؤوا الظنّ في قادة الإمارة الإسلامية.
إنّ الجهاد هو فريضة شرعية في حق الشعب كله، وهو ليس عملا خاصا بالعالم أو الطالب. ومن مسؤولية جميع أفراد الشعب أن يشتركوا في مهمّة إعادة النظام الإسلامي وفي تحرير البلد وتحقيق الاستقلال. وكذلك من مسؤوليتهم أن يدعموا المجاهدين في مجال الفكر والإعلام، وأن يقوموا بأداء مسؤوليّتهم في الدفاع عن دين الله تعالی.
إنّ تضحيات الإمارة الإسلامية هي للدفاع عن الشعب كله، لأن جميع الشعب مشترك معنا في الدين والوطن، فلنساهم جميعا في انقاذهما والدفاع عنهما.
وإنّ الذين انخدعوا بدعايات العدوّ، ووقفوا في صفّ العدوّ، أو يدعمون نوعاً ما من مخططات العدوّ ومشاريعه وينظرون إليها بعين الأمل، أو يقفون مع العدوّ طمعا في المال ومتاع الدنيا، فهؤلاء يجب عليهم أن يتوبوا لله تعالی عن أعمالهم، وأن يستغفروا الله تعالی. إنّ هؤلاء يجب أن يغيّروا فكرهم، وألا يقفوا في صفّ أعداء الله تعالی. وما علينا إلا البلاغ.