خطوة جريئة لهيومن رايتس ووتش
أ. خليل وصيل
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن مجموعات شبه عسكرية أفغانية مدعومة من الولايات المتحدة تقتل المدنيين بشكل تعسفي في هجمات ليلية، وتقوم بعمليات إخفاء قسري.
وبحسب المنظمة، فإن تلك المجموعات الأفغانية المدعومة من (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: سي آي أي) نفّذت إعدامات من دون إجراءات قانونية، وعلى أساس المعطيات الخاطئة أو الضغائن والعداوات المحلية، وارتكبت انتهاكات أخرى دون محاسبة، وقتلت الأبرياء بلا مبالاة كاملة، ونفذت الغارات الجوية بشكل عشوائي.
واتهمت المنظمة “القوات الضاربة” بشن هجمات على منشآت صحية على خلفية مزاعم بعلاجها لمتمردين.
وعبرت مُعدّة التقرير ومديرة المنظمة غير الحكومية في آسيا “باتريسا غوسمان” عن أسفها لأن وكالة الاستخبارات المركزية وعبر تكثيف عملياتها ضد طالبان، سمحت للقوات الأفغانية بارتكاب فظائع بما في ذلك إعدامات خارج إطار القضاء وعمليات إخفاء قسري.
ويوثق التقرير الصادر في 50 صفحة 14 حالة بين أواخر 2017 ومنتصف 2019 ارتكبت فيها القوات الأفغانية الضاربة انتهاكات خطيرة يرقى بعضها إلى مستوى جرائم حرب.
وفي إحدى هذه الهجمات التي وقعت في ولاية بكتيا في أغسطس/آب، قام أحد عناصر هذه القوات شبه العسكرية بقتل 11 رجلا في قرية واحدة، حسب المنظمة.
وتابعت “هيومن رايتس ووتش” أن “شهودا يؤكدون أنه لم يبدِ أي من هؤلاء الرجال مقاومة”، وأن “زعيما قبليا قتل برصاصة في عينه، وابن أخيه -وكان في العشرين من العمر- قتل برصاصة في الفم”.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش: إن هذه القوات تشن العمليات غير مسؤولين عن تصرفاتهم ويتم إعفاءهم من الجريمة، لأنها متمتعة بالحصانة.
ودعت المنظمة الولايات المتحدة إلى أن تعمل مع الحكومة الأفغانية على حل جميع القوات شبه العسكرية التي تعمل خارج سلسلة القيادة العسكرية المعتادة ونزع سلاحها، وأن تتعاون مع محققين مستقلين للتحقيق في جميع مزاعم جرائم الحرب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان.
نعم! إن هذه القوات الغاشمة لا تفرق بين الأخضر واليابس، فتستهدف المدنيين الأبرياء أكثر من المجاهدين، لأنه هدف سهل ولقمة سائغة يسهل عليهم استهدافهم، بل ربّما داهمت منازل المؤيدين المتحمسين للحكومة العميلة وقامت بتصفيتهم أمام أطفالهم كما حدث قبل مدة في “نانجرهار” حيث قتل أربعة أشقاء من مؤيدي العميل “أشرف غاني”في عملية هؤلاء الوحوش واضطر على خلفيتها رئيس المخابرات الأفغانية العميل “معصوم ستانكزاى” إلى تقديم الاستقالة.
يقول الجنرال عتيق الله أمرخيل في حديثه مع قناة طلوع: “إن هذه القوات لا تستهدف الأعداء بل تستهدف الناس الأبرياء، ويستفيد منها الطالبان في حربهم الدعائية ولذلك فقدت هذه العمليات تأثيرها”.
و تتولى وكالة المخابرات الأمريكية السي آي إيه شؤون تجنيد هذه القوات وتدريبها وتجهيزها، وتمارس هذه القوات عملياتها العسكرية تحت الأوامر الأمريكية المباشرة، لكن الأمن الأفغاني يدعي زورا وبهتانا بأنها تنشط تحت إشرافهم.
نقلت إذاعة “بي بي سي” عن شاهد عيان “وحيد الله” قوله: “في منتصف الليل بدأت الهجمات على القرية، وبعد قليل فجروا باب منزلنا، ودخل المسلحون إليه، ويضيف قائلا: كان معهم الأفغان ولكن الأوامر كانت بيد الأمريكيين، وقال لي أحد الأفغان: إن الأمريكيين أمرونا أنكم إن تحركتم عن مكانكم لنقتلنكم”.
وكتبت الصحيفة الأفغانية الصادرة في العاصمة كابول “ويسا”: إن هذه القوات ارتكبت مجازر في كثير من الولايات، وهذه ليست هي المرة الأولى لرفع الأصوات ضد همجية ووحشية هذه القوات فقد سبق أن رفعت عوائل الضحايا وعوام الناس أصواتهم ضدها وأخرجوا مظاهرات، وانتقدت “يوناما” وعدد من المنظمات والشخصيات الدولية والأفغانية فعالها، ولكن هذه هي المرة الأولى لرد فعل منظمة “هيومن رايتس ووتش” عالميا حيث نشرت تقريرا مفصلا وطالبت بحلها ونزع الأسلحة عنها.
وأضافت الصحيفة: أن الحكومة وعدت بفتح التحقيق حول الجرائم المرتكبة، إلا أنها ارتكبت وترتكب من الجرائم ما سيستغرق تحقيقها عدة سنوات.
إن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش حول وجود عصابات مؤيدة أمريكيا تمارس عمليات القتل خارج إطار القانون يؤيد موقف الشعب الأفغاني من النظام العميل ويضرب مزاعم شرعيته عرض الحائط.
كتبت صحيفة “ويسا” الأفغانية: “على الرغم من أن هؤلاء المسلحين أفغانيون لكن منظمة هيومن رايتس ووتش صرحت بارتباط هؤلاء المسلحين بوكالة المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” فهم يتمتعون بعضوية السي آي إيه، ولا سيطرة للحكومة الأفغانية عليها، مما يثير تساؤلات حول شرعية الحكومة وينتقص سيادة الدولة.
وأضافت: على الرغم من أن القوات الأمريكية وقوات النيتو متورطة في الحرب بشكل عملي، ولكن تورط العصابات الأفغانية المرتبطة بالسي آي إيه تعمق المشكلة إلى حد الخطورة.
كما يؤيد موقف الإمارة الإسلامية من أن جذور المشكلة تصل إلى الاحتلال ويكمن حلها في إنهاء الاحتلال الذي يجلب الشرور والويلات على الشعب الأفغاني المسكين ويسعّر في بلادهم نيران الحروب، ويمتص دماءهم ويحرّمهم من حياة آمنة كريمة.
ويشكر الأفغان منظمة هيومن رايتس ووتش باتخاذهم خطوة جريئة وصدعهم بكلمة حق أمام المعتدين ورفع صوتهم أمام الجرائم ووقوفهم ضد الظلم ويأملون من المنظمات الدولية الأخرى بأن يحذوا حذوها ويأخذوا موضوع جرائم الحرب بجدية وينددوا الجرائم والمجازر التي ترتكبها بحق الأبرياء العزل أمريكا وعصاباتها التي دربتها وسلّطتها على رقاب الشعب الأفغاني.