خطوة في طريق الألف ميل
في خطوة جادة ضمن خُطى الإرتقاء بأفغانستان الحرة والنهوض بها من جديد بعد اندحار الاحتلال الأمريكي وحلفائه الذين جثموا -طغياناً وعدواناً- على صدور الأفغان عشرين عاماً؛ افتتحت إمارة أفغانستان الإسلامية شركة (أفغان إنفست)، يوم الأحد 19 يونيو من العام الجاري، في حفل أقيم بفندق (إنتركونتيننتال) في العاصمة كابول، بحضور كبار مسؤولي إمارة أفغانستان الإسلامية، وأعضاء المجلس الوزاري، والممثلين الدبلوماسيين، وسفراء الدول المقيمين في أفغانستان، وعدد من أعضاء القطاع الخاص.
شركة (أفغان إنفست) هي شركة ذات مسؤولية محدودة برأس مال مبدئي بقيمة 250 مليون دولار، بمشاركة 13 مستثمراً أفغانياً، تعمل في أربعة قطاعات رئيسية في البلاد (المعادن، والطاقة، والبناء، والزراعة).
وجاء في كلمة الملا عبد الغني برادر، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، التي ألقاها خلال حفل افتتاح الشركة: “بلادنا غنية بالثروات والمعادن، وعلى المواطنين الأثرياء أن ينقلوا ثرواتهم إلى أفغانستان ويستثمروا هنا، ونحن سنتولى حمايتهم”. وأضاف: “هذه الشركة ستكبر وتتسع أكثر -إن شاء الله- وسندعمها بكل قوة، ونرجو أن تحتضن الشركة تجار كل قبيلة وولاية”.
كما أكّد نور الدين عزيزي، وزير الصناعة والتجارة، أن “الحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية في البلاد، أن يتحد الأفغان ويتكاتفوا فيما بينهم، ويبذلوا مساعي حثيثة في رفع الاقتصاد”.
إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة هي خيط الأمل الرفيع والباعث والمحفز على الاستمرار والجدّ في المسير بعد معونة الله وتوفيقه. وما جهود حكومة إمارة أفغانستان الإسلامية المبذولة اليوم في شتى المجالات -السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، وغيرها من المجالات- إلا قطرة من غيث أو حرف من كتاب. وإن أولئك الذين يتربّصون بهذه الحكومة وليدة الانتصار وابنة التحرير، ويصغّرون كل مساعيها وإنجازاتها، ولا يرون في مجهوداتها إلا الجانب الناقص ويتركون جوانب النضج والاكتمال؛ نوعان: إما جهلة لا يَعون ولا يقدّرون أن لله عز وجل سنناً في التغيير وأن الانتقال من حال الشدة إلى حال الرخاء في حياة الأمم، لا سيما أفغانستان، يحتاج لزاماً إلى وقتٍ كافٍ لحدوثه. وإما حاقدون لا يهمهم أمر أفغانستان ولا شعب أفغانستان بقدر ما يهمهم تبغيض وتنفير الشعوب من صورة الإسلام عندما يحكم، والتي تمثله هنا حكومة الإمارة الإسلامية.
فللنوع الأول من هؤلاء نقول: لقد ظلت أفغانستان لعشرات السنين تكابد وتقارع الاحتلال وما جرّه عليها من آثار مدمرة على كافة الأصعدة، (عشرة أعوام من الاحتلال السوفييتي ثم عشرون عاماً من الاحتلال الأمريكي وحلفائه وعملائه)، وحتى في السنين القليلة التي حكمت فيها الإمارة الإسلامية البلاد (من عام 1996م وحتى عام 2001م) كانت البلاد تعاني حصاراً إقتصادياً وسياسياً فُرضا عليها ظلماً وجوراً، لا يد ولا إرادة لها فيه. فمن غير المقبول عقلاً ولا واقعاً ولا منطقاً أن ننتظر من حكومة الإمارة الإسلامية، وهي التي لم تكمل عامها الأول بعد في حكم البلاد، أن تحل -في غضون أشهر قليلة- كل هذه التركة الضخمة من المشاكل الاقتصادية والإدارية والإجتماعية المركبة والمتراكمة! وهي التي لتوها نفضت غبار معارك التحرير التي خاضتها على مدى عشرين عاماً مع ألد الأعداء وأشرسهم.
وأما للنوع الثاني من هؤلاء فنقول لهم ما قاله الله عز وجل: (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ) [التوبة:52]. امكروا واختلقوا الأكاذيب بقدر ما تشاؤون فلن تستطيعوا إطفاء نور الحق بباطلكم، ومهما نفختم بأفواهكم لإطفاء شعاع الشمس الوهّاج، فلن تنطفئ يوماً ولن يخبو ضوءها ونورها.
أما أنتم أيها الجنود الأخفياء، أبطال الظل، وفرسان معركة إدارة البلاد؛ فسيروا على بركة من الله وتوفيق، لا تلتفتوا لنعيق ناعق أو همز هامز، فوالله ما خرجت هذه الأصوات إلا لتحرفكم عن غايتكم الأسمى في إقامة شريعة ربكم على أرضكم، كما حاولوا من قبل في حرف سلاحكم عن نحور عدوكم المحتل إلى معارك جانبية عبثية، ولتكن أعينكم مصوبة نحو هدفكم الغالي الكبير حتى تنالوه وتتفيأوا ظلال عزه الوارفة بإذن الله تعالى.