
مقالات الأعداد السابقة
خلقت طليقا كطيف النسيم
أبو القاسم الشابي
خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ | وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ |
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفعتَ | وتشدو بما شاءَ وَحْيُ الإِلهْ |
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصَّباحِ | وتنعَمُ بالنُّورِ أَنَّى تَرَاهْ |
وتَمْشي كما شِئْتَ بَيْنَ المروجِ | وتَقْطُفُ وَرْدَ الرُّبى في رُبَاهْ |
كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ | وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ |
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ | وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ |
وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ | القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ |
وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجرِ | والفجرُ عَذْبٌ ضيَاهْ |
وتَقْنَعُ بالعيشِ بَيْنَ الكهوفِ | فأَينَ النَّشيدُ وأينَ الإِيَاهْ |
أَتخشى نشيدَ السَّماءِ الجميلَ | أَتَرْهَبُ نورَ الفضَا في ضُحَاهْ |
ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاةِ | فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ |
ولا تخشى ممَّا وراءَ التِّلاعِ | فما ثَمَّ إلاَّ الضُّحى في صِبَاهْ |
وإلاَّ رَبيعُ الوُجُودِ الغريرُ | يطرِّزُ بالوردِ ضافي رِدَاهْ |
وإلاَّ أَريجُ الزُّهُورِ الصُّبَاحِ | ورقصُ الأَشعَّةِ بَيْنَ الميَاهْ |
وإلاَّ حَمَامُ المروجِ الأَنيقُ | يغرِّدُ منطلِقاً في غِنَاهْ |
إلى النُّورِ فالنُّورُ عذْبٌ جميلٌ | إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإِلهْ |